يشتري مكيلة من زيت أو سمن أو شيرج أو غير ذلك من الادهان ثم يمزجه بمكيلة وكذا جميع ذوات الأمثال إذا امتزجت بحيث لا يمكن تخليص بعضها من بعض فاقسامه ثلاثة آ ان يكون الممتزجان متماثلين ليس أحدهما أجود من الأخر لم يسقط حقه من العين وبه قال الشافعي ومالك ويكون له المطالبة بالقسمة لان عين ماله موجودة فيه ويمكنه التوصل إلى حقه بالقسمة لان الزيت كله سواء فيأخذ حقه بالكيل أو الوزن وقال احمد يسقط حقه من العين لأنه لم يجد عين ماله فلم يكن له الرجوع كما لو تلف ولان ما يأخذه من عين ماله ممتزجا بغير ماله انما يأخذه عوضا عن ماله فلم يختص به إذن الغرماء كما لو تلف ماله ويمنع عدمه وجد أنه لعين ماله بل وجدها ممتزجة بغيرها والفرق بينه وبين التلف ظاهر لأنه نقيضه وما لم يأخذ من عين ماله وإن كان عوضا عن ماله الا انه يدخل بواسطته في حق المفلس مالا فكان مقدما به على باقي الغرماء وان لم يجز القسمة فطالب بالبيع فالأقرب انه يجاب إلى ذلك لان بالقسمة لا يصل إلى عين ماله وربما كان له غرض في أن لا يأخذ من زيت المشتري شيئا وهو أحد قولي الشافعي والثاني انه لا يجاب إليه لأنه يصل إلى جميع حقه بالقسمة فهو كجماعة ورثوا زيتا لا يكون لبعضهم ان يطالب بعضا بالبيع والفرق ان الوراث ملكوا الزيت ممزوجا والمفلس كان قد ملك متميزا عن ملك البايع وكذا البايع ملك متميزا عن ملك المفلس فافترقا ب ان يمزجه المشتري بأردأ منه وللبايع هنا أيضا الخيار بين الفسخ فيرجع في عينه بالكيل أو الوزن وبه قال الشافعي ومالك لما تقدم في المساوي فإذا رضي بالارداء كان أولى وقال احمد يسقط حقه من العين بمجرد المزج سواء بالأجود والأردى أو المساوي وقد تقدم بطلانه لان عين ماله موجودة من طريق الحكم فكان له الرجوع كما لو وجد عين ماله منفردة لأنه ليس فيها أكثر من اختلاطها وهو لا يخرج الحقيقة عن حقيقتها فأشبهت صبغ الثوب وبل السويق بالزيت وفي كيفية أخذ حقه للشافعي طريقان أحدهما وهو الأصح عنده وعندي انه يقسم بالمكيال أو الوزن فان تساويا قدرا أخذ النصف وان تفاوتا أخذ مقدار الذي له وان شاء ضارب مع الغرماء والثاني ان المكيلين يباعان معا ويقسم الثمن بينهما على قدر القيمتين لأنه ان أخذ مكيله من الممتزج نقص حقه ولا يجب عليه المسامحة وان أخذ أكثر من مكيله لزم الربا فعلى هذا لو كان المبيع يساوي درهمين والممتزج به يساوي درهما قسم الثمن بينهما أثلاثا وهو خطأ لان هذا نقصان حصل في المبيع فأشبه تعيب العبد والثوب ج ان يمزج بالأجود فالأصح انه يسقط حقه من العين وليس له الا المضاربة بالثمن قال الشافعي بهذا أقول وهو أصح الوجهين ولان عين زيته تالفة من طريق المشاهدة والحكم إما من طريق المشاهدة والحقيقة فللاختلاط واما من طريق الحكم فلانه لا يمكنه الرجوع إلى عينه بالقسمة وأخذ المكيل بالممتزج لما فيه من الاضرار بصاحب الأجود ولا المطالبة بقيمته بخلاف المساوي فإنه يمكنه المطالبة بقسمته فيه وبخلاف الثوب المصبوغ فان عينه موجودة محسوسة وكذا السويق فان عينه لم يفقد وهي مشاهدة وقال المزني له الفسخ والرجوع إلى حقه من المخلوط كالخلط بالمثل والأردأ كما لو صبغ الثوب ولت السويق لا يقطع حق الرجوع فكذا هنا و الفرق ان الزيت إذا اختلط لم يمكن الإشارة إلى شئ من المخلوط بأنه المبيع فكأنه هلك بخلاف الثوب والسويق ومن هذا الفرق خرج بعضهم في المزج بالمثل والأردأ قولا اخر انه ينقطع به حق الرجوع وأيد ذلك بان الحنطة المبيعة لو انثالت عليها أخرى قبل القبض ينفسخ المبيع على قول تنزيلا له منزلة التلف والمعتمد عندنا وعندهم ان الخلط بالمثل والارداء لا يمنع الرجوع على ما سبق ويفارق اختلاط المبيع قبل القبض لان الملك غير مستقر فلا يبعد تأثره بما لا يتأثر به الملك المستقر وعلى قول المزني بالرجوع في صورة المزج بالأجود فيه قولان للشافعي في كيفية الرجوع أصحهما عندهم أنه يكون شريكا مع المفلس بقدر قيمة مكيله فيباع المكيلتان ويقسم بينهما على قدر القيمتين كما في صبغ الثوب والثاني ان نفس المكيلتين يقسم بينهما باعتبار القيمة فإذا كانت المكيلة المبيعة تساوي درهما والمخلوطة درهمين أخذ من المكيلتين ثلثي مكيله وقد خرج بعضهم هذا الخلاف على أن القسمة بيع أو افراز حق ان قلنا إنها بيع لم يقسم عين الزيت لما في القسمة من مقابلة مكيله بثلثي مكيله وان قلنا بالثاني فيجوز وكأنه أخذ بعض حقه وترك البعض وقال بعضهم ان هذا ليس بصحيح لان ذلك إن كان بيعا كان ربا وإن أخذ ثلثه وأبرأه عما بقي من مكيله (ويتبرء)؟
لم يكن البراءة واجبة عليه فيكون له ان لا يفعل ويطالب بالباقي ولا يجوز ذلك أنه لا يأخذ حينئذ أكثر مما له فلم يبق الا البيع لهما تذنيبان آ إذا قلنا الخلط يلحق المبيع بالمفقود كما هو قول بعض الشافعية وقول احمد لو كان أحد الخليطين كثيرا والاخر قليلا ولا يظهر به زيادة في الحس ويقع مثله بين المثلين فإن كان الكثير للبايع فهو واجد عين ماله وإن كان الكثير للمشتري فهو فاقد وقال بعض الشافعية الحكم الأول قطعي والثاني ظاهر ب لو كان المخلوط من غير جنس المبيع كالزيت والشيرج فهو فاقد عين ماله وليس له الفسخ حينئذ ويكون بمثابة ما لو تلف المبيع فيضارب بالثمن قاله الجويني وفيه احتمال سيما على قوله ببيع المخلوط وقسمة الثمن مسألة قد ذكرنا من أقسام النوع الثاني من الزيادات قسما واحدا وهو ان يكون الزيادة عينا محضة وبقي قسمان ما يكون صفة محضة وما يتركب منهما فنبدأ بالصفة المحضة فنقول إذا اشترى عينا وعمل فيها ما يزيد في صفتها مثل ان يشتري حنطة فيطحنها أو يزرعها أو رقيقا فيخبزه أو ثوبا فيقصره أو يخيطه قميصا بخيوط من الثوب أو غزلا فينسجه أو خشبا فينشره ألواحا أو ألواحا فينجرها بابا وبالجملة ان يعمل شيئا يزيل اسمه فإنه لا يسقط حق الرجوع بذلك عندنا إذا أفلس وبه قال الشافعي لأن العين لم يخرج عن حقيقتها بتوارد هذه الصفات عليها فكان واجدا عين ماله فله الرجوع فيها وقال احمد يسقط حق البايع من الرجوع لأنه لم يجد عين ماله بعينه فلم يكن له الرجوع كما لو أتلفه ولأنه غير اسمه وصفته فلم يكن له الرجوع كما لو كان نوى فنبت شجرا وليس بصحيح لأنا قد بينا ان العين لم يخرج عن حقيقتها والا لكان الغاصب يملك المغصوب إذا فعل به هذه الصفات وكان ينتقل حق المغصوب منه إلى المثل أو القيمة وليس كذلك وتغيير الوصف لا ينافي بقاء العين ويخالف النوى لان الحقيقة قد زالت ووجدت أخرى إذا عرفت هذا فنقول ان لم يزد قيمة المبيع بهذه الصفات لم يكن للمفلس شركة فيه بل يأخذه البايع موصوفا بهذه الصفة سواء غرم عليها المفلس شيئا أو لا وان نقصت قيمة فلا شئ للبايع معه وان زادت صار المفلس شريكا فيها كما في زيادات الأعيان قال الشافعي وبه أقول وهو أصح القولين لأنها زيادة حصلت بفعل متقوم محترم فوجب ان لا يضيع عليه كما لو صبغ الثوب ولان الطحن والقصارة أجريت مجرى الأعيان ولهذا كان للطحان ان يمسك الدقيق على الأجرة وكذا القصار والقول الثاني للشافعي وبه قال المزني ان الزيادة في هذه الأعمال يجري مجرى الآثار ولا شركة للمفلس فيها لأنها صفات تابعة وليس للمفلس فيها عين مال بل اثر صنعة فهي كسمن الدابة بالعلف وكبر الودي بالسقي والتعهد وكتعلم الغلام صنعة وكما لو اشترى لوزا فقشره أو غنما فرعاها ولان القصارة تزيل الوسخ وتكشف عما فيه من البياض فلا يقتضي الشركة كما لو كان المبيع لوزا فكسره وكشف اللب وزادت به القيمة ويدل عليه ان الغاصب لو قصر الثوب أو طحن الحنطة لم يستحق شيئا والفرق ظاهر بين المتنازع وسمن الدابة بالعلف وكبر الودي بالسقي لان القصار إذا قصر الثوب صار الثوب مقصورا بالضرورة وأما السقي والعلف فقد يوجد ان كثيرا من غير سمن ولا كبر لان الأثر فيه غير منسوب إلى فعله بل هو محض صنع الله تعالى ولهذا لا يجوز الاستيجار على قسمين الدابة وكبر الودي ويجوز الاستيجار على القصارة ويخالف المشتري الغاصب فان