في اشتراط الاعلام مسألة يشترط في المناضلة العلم بأمور يختلف الغرض باختلافها فالمال الذي عقد المناضلة عليه يجب العلم بمقداره كغيره من الأغراض فان أغفل ذكر العوض كان باطلا وفي استحقاقه لأجرة مثله قولان وقد تقدم مثله في المسابقة مسألة يشترط أيضا في صحة العقد عدد الإصابة كخمس اصابات من عشرين رمية لان الاستحقاق بالإصابة وبها يتبين حذق الرامي وجودة رميه ولان صفة الإصابة من القرع والحزق والخسق وغيرها مبنية عليه لا يمكن حصولها بدونه ولان معرفة الناضل من المنضول انما تحصل به واكثر ما يجوز اشتراطه من الإصابة ما نقص عن عدد الرشق المشروط شئ وان قل ليكون تلافيا للخطأ الذي يتعذر ان يسلم منه المتناضلون وأحذق الرماة في العرف من أصاب من العشرة تسعة فلو شرطا إصابة تسعة من عشرة فالأقرب الجواز لبقاء سهم للخطاء وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لا يجوز لان اصابتها نادرة فاما أقل ما يشترطا من الإصابة ما يحصل به التناضل وهو ما زاد على الواحد ولو شرطا ان يكون الإصابة محتسبة من تسعة وعدد الرشق عشرة بطل ولو عقدا على أن يكون التفاضل منهما أكثرهما إصابة ففيه للشافعية وجهان أحدهما البطلان كما بطل ذلك في عقد المسابقة بالخيل إذا عقدا على السياق إلى غير غاية لان من الرماة من يكثر اصابته في الابتداء ويقل في الانتهاء ومنهم من هو بالضد من ذلك فبطل كما في سياق الخيل والثاني الصحة للأصل والفرق ظاهر بين النضال والسياق لان اجزاء الخيل إلى غير غاية مفض إلى انقطاعها وكثرة الإصابة غير مفض إلى انقطاع الرماة مسألة يشترط الاعلام بعدد الرمي فيجب ان يكون عدده معلوما لأنه العمل المقصود المعقود عليها لتكون غاية رميهما فيه معلومة منتهية إليه وعرف الرماة في الرشق ان يكون من عشرين إلى ثلاثين فان عقداه على أقل منهما أو أكثر جاز مسألة ولا يشترط الاعلام بصفات الإصابة من النزع (قرع) الحزق والخرق والخسق وغيرها وهو قول بعض الشافعية وعند الأكثر منهم انه يشترط الا الخرم والمرق فإنهم لا يشترطوا التعرض لهما والوجه عندهم الأول وهو عدم الاشتراط كما لا يشترط في الخرم والمرق وإصابة أعلى الغرض وأسفله وإذا اطلقا العقد حمل على النزع وهو مجرد الإصابة لأنه المتعارف ولأنه المطلق معنى فيحمل المطلق لفظا عليه مسألة يشترط اعلام المسافة التي يرميان فيهما وهو ما بين موقف الرامي والهدف وانما وجب أن تكون معلومة لان الإصابة تكثر معه ثلاثمائة ذراع وأقلها ما يحتمل ان يصاب وان لا يصاب وانما وجب الاعلام بالمسافة لان الاغراص يختلف باختلاف المسافة في الطول والقصر والاعلام يرفع النزاع ويكشف الحال ويحصل الاعلام بأمرين المشاهدة وذكر الذرعان وللشافعية قولان هذا أحدهما والثاني انه لا يجب اعلام المسافة وينزل الاطلاق على العادة الغالبة للرماة في ذلك الموضع كما تحمل للعاليق في استيجار البعير مواضع النزول على المعتاد والقولان مبنيان على أنه لم يكن هناك عادة غالبة يجب الاعلام وإن كان هناك عادة معروفة بين الرماة حمل الاطلاق عليه عملا بقرينة الحال كما في غيره من النظاير ولو ذكرا غاية لا يصيبها السهم بطل العقد ولو كانت الإصابة فيها نادرة فللشافعية قولان كالقولين في الشروط النادرة وقدر بعض الفقهاء المسافة التي يقرب موقع الإصابة منها بمأتين وخمسين ذراعا وقد روى عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله انه قيل له كيف كنتم تقاتلون العدو فقال إذا كانوا على مأتين وخمسين ذراعا قاتلناهم بالنبل وإذا كانوا على أقل من ذلك قاتلناهم بالحجارة وإذا كانوا على أقل من ذلك قاتلناهم بالرماح وإذا كانوا على أقل من ذلك قاتلناهم بالسيف فقال رسول الله صلى الله عليه وآله هذا هو الحرب وقدروا المسافة التي تبعد فيها لإصابة بما زاد على ثلاثمائة وخمسين وروي انه لم يرم إلى أربعمائة الا عقبة بن عامر الجهني وقال بعض الشافعية لا يجوز الزيادة على مائتي ذراع ولو تناضلا على أن يكون السبق لأبعدهما رميا ولم يقصدا غرضا فالأقرب الجواز لان الإصابة وإن كانت مقصودة في النضال فكذا البعد وزيادته مطلوب فيه أيضا وهو أصح وجهي الشافعية والثاني المنع لتطرق الجهالة فيه ولانتفاء المقصود بالذات وهو الإصابة وهو غلط فانا قد بينا ان الزيادة في البعد غير إصابة مقصودة في مقابلة من بعد من العدو وفي ايقاع السهم في القلاع ليرهب العدو وتعرف به شدة الصاعد وضعفه فعلى هذا يجب تساوي القوسين في الشدة وتراعي خفة السهم ورزانته فان لهما تأثيرا عظيما في القرب والبعد مسألة الهدف تراب بجمع أو حايط يبنى لينصب فيه الغرض والغرض هو جلد أو شن وهو الجلد البالي أو قرطاس يدور عليه شنين وقيل ما ينصب في الهدف يقال له القرطاس سوء أكان من كاغذ أو غيره وما تعلق في الهواء فهو الغرض والرقعة عظم ونحوه في وسط الغرض وقد يجعل في الشن نقش كالهلال يقال له الدايرة وفي وسطها نقش يقال له الخاتم وهذه الدايرة هي الغاية في المقصود من حذق الرماة إذا عرفت هذا فينبغي ان يرتبا موضعا للإصابة أهو الهدف أو الغرض المصوب في الهدف أو الشن في الغرض أو الدايرة في الشن أو الخاتم في الدايرة وقد يقال له الحلقة والرفعة وفي شرط اصابته ما تقدم من الخلاف في شرط الاصابات النادرة وقد تجعل العرب مكان الهدف ترسا وتعلق فيه الشن إذا تقرر هذا فإنه يجب ان يكون الغرض من الهدف معلوما لأنه المقصود بالإصابة والعلم به يحصل بأمور ثلاثة موضعه من الهدف في ارتفاعه وانخفاضه لان الإصابة في المنخفض أكثر منها في المرتفع والثاني قدر الغرض في ضيقة وسعته لان الإصابة في الواسع أكثر منها في الضيق وأوسع الأغراض في عرف الرماة ذراع وأقله أربع أصابع والثالث قدر الدايرة من الغرض ان شرطت الإصابة فيها ويجب ان يكون محل الإصابة معلوما هل هو في الهدف أو في الغرض أو في الدايرة لان الإصابة في الهدف أوسع وفي الغرض أوسط وفي الدايرة أضيق فان أهمل ذكره كان جميع الغرض محل الإصابة لأنه ما دونه تخصيص فإن كان الشرط إصابة الهدف سقط اعتبار الغرض ولزم وصف الهدف في طوله وعرضه مسألة يجب الاعلام بعدد الأرشاق وهي جمع رشق وهي النوية من الرمي تجرى بين الراميين سهما سهما أو خمسة خمسة أو عشرة عشرة أو ما يتفقان عليه ويجوز ان يتفقا على أن يرمى أحدهما جميع العدد ثم يرمي الأخر بعده الجميع أو يرمي عدة من العدد ثم يرمي الأخر مثل تلك العدة ثم الأول كمال العدد أو بعضه ثم الثاني فان اطلقا حمل على رمي سهم سهم والمحاطة هي ان يشترط الاستحقاق لمن خلص له من الإصابة عدد معلوم بعد مقابلة اصابات أحدهما بإصابات الأخر وطرح ما يشتركان فيه فإذا شرطا عشرين رشقا وخلوص خمس اصابات فرميا عشرين فأصاب أحدهما عشرة والاخر خمسة فالأول هو السابق وان أصاب كل واحد منهما خمسه أو عشرة فلا سبق هنا والمبادرة هي ان يشترطا الاستحقاق لمن بدر إلى إصابة خمسة من عشرين فإذا رميا عشرين وأصاب أحدهما خمسة والاخر أربعة فالأول ناضل ولو رمى أحدهما عشرين فأصاب خمسة ورمي الأخر تسعة عشر فأصاب أربعة لم يكن الأول ناضلا حتى يرمي الثاني سهما فان أصاب فقد استويا والا كان ناضلا وبهذا يظهر ان الاستحقاق غير منوط بمجرد المبادرة إلى العود المذكور إذا عرفت هذا فالأقرب انه يشترط في عقد المسابقة التعرض للمبادرة والمحاطة لان حكم كل واحد منهما مخالف بحكم الأخر فان أهمل بطل العقد لتفاوت الأغراض فان من الرماة من يكثر اصابته في الابتداء وتقل في الانتهاء ومنهم من هو على عكس ذلك وهو أحد وجهي الشافعية والأصح عندهم انه لا يشترط ذكر أحدهما فان اطلقا حمل العقد على المبادرة لأنها الغالب في المناضلة إذا عرفت هذا فاعلم أن للشافعي أقوالا ثلاثة أحدهما انه يشترط ذكر الارشاق وبيان عددها في العقد في المحاطة والمبادرة جميعا ليكون العمل مضبوطا فان الارشاق
(٣٦٢)