قال أبو يوسف وقال بعضهم يجوز للأب ان يرهن مال ولده بدين عن نفسه استحسانا ولو رهن الأب أو الوصي مال اليتيم بدينيهما (بدينهما) وقيمته أكثر من الدين فهلك الرهن عند المرتهن ضمناه بقيمته عندنا وفرق الحنفية مما وراء النهرين بين الأب والوصي فقالوا يضمن الأب مقدار الدين خاصة والوصي يضمن جميع القيمة وقال بعض الحنفية بما قلناه أو لا وهل لاحد الوصيين ان يبيع على الأخر مال اليتيم الأقوى عندنا ذلك لان الولاية لهما وقال أبو حنيفة لا يجوز لان أحد الوصيين إذا باع من الأجنبي لم يجز عنده فكذا إذا باع من الوصي الأخر مسألة إذا كانت التركة في يد الوارث وظهر دين طولب الوارث ولو قضى الوارث الدين من مال نفسه بنية الرجوع إذا كان هناك وارث اخر كان له الرجوع في التركة فيصير التركة مشغولة بدينه وان لم يقل وقت القضاء اني اقضي لأرجع في التركة وكان متبرعا لم يكن له الرجوع وقال أبو حنيفة له الرجوع ويجوز للوصي ان يبيع مال الطفل نسيئة مع خوف التلف وبدونه مع الغبطة ولو باع بتأجيل فاحش بان لا يباع هذا المال بهذا الاجل لم يجز وكذا ان خاف جحود المشتري عند حلول الأجل أو هلاك الثمن عليه لم يجز لانتفاء مصلحة اليتيم في ذلك ولو طلب الملي والاملى البيع ودفع الآملي أقل مما دفع الملي وكان بثمن المثل استحب له ان يبيع الآملي وكذا المتواجران لو تفاوتا في الأجرة وصاحب الأقل املى من الأخر مسألة قال الشيخ إن كان لليتيم على انسان مال جاز لوليه ان يصالحه على شئ يراه صلاحا في الحال ويأخذ الباقي وتبرء بذلك ذمته من كان عليه المال والوجه أن يقول إن كان ما في ذمة الغريم أكثر وعلم بذلك لم تبرأ ذمته إذ لا مصلحة لليتيم في اسقاط ماله ولا تبرء ذمة الوصي أيضا أما إذا كان المدعي عليه منكرا للمال ولا بينة عليه فصالح الوصي برئت ذمته دون ذمة من عليه المال ولو كان من عليه المال لا يعلم قدره فصالح على قدر لا يعلم ثبوته في ذمته أو ثبوت ما هو أو أزيد أو أقل صح الصلح وبرئت ذمته وينبغي له الاحتياط وتغليب الأكثر في ظنه وللوصي ان يصالح من يدعي على الميت إن كان للمدعي بينة أو علم القاضي بدعواه والا لم يجز ولو احتال الوصي بمال اليتيم فإن كان المحال عليه أملي من الأول أو مساويا له في المال والعدالة جاز وقال أبو حنيفة إذا كان مثله لم يجز وليس بجيد ولو كان أدون منه مالا وعدالة لم يجز قطعا تم الجزء التاسع من كتاب تذكرة الفقهاء بحمد الله تعالى وحسن توفيقه بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي المقصد الخامس في الضمان وفصوله ثلاثة الأول في ضمان المال وفيه مباحث الأول في مهية الضمان ومشروعيته وأركانه الضمان عقد شرع للتعهد بمال أو نفس ويسمى الأول ضمانا بقول مطلق ويخص الثاني باسم الكفالة وقد تطلق الكفالة على ضمان المال لكن بقيد فيقال كفالة بالمال والضمان عندنا مشتق من التضمن (الضمن) لان ذمة الضامن تتضمن الحق وقال بعضهم انه مشتق من الضم فان الضامن قد ضم ذمته إلى ذمة المضمون عنه في التزام الحق فيثبت في ذمتهما جميعا ولصاحب الحق مطالبة من شاء منهما ونحن نخالف في ذلك على ما سيأتي إن شاء الله تعالى ويقال ضامن وضمين وكفيل وزعيم وحميل وصبير وقبيل بمعنى واحد مسألة والضمان ثابت بالكتاب والسنة والاجماع قال الله تعالى ولمن جاء به حمل بعير وانا به زعيم قال ابن عباس الزعيم الكفيل لا يقال هذه الآية لا يصح لكم الاستدلال بها لان حمل البعير مجهول ولأنها جعالة ولأنه حكاية عن منادي يوسف (ع) ولا يلزمنا شرعه لأنا نقول حمل البعير ومعروف عندهم ولهذا سموه وسقا وعلق عليه النبي صلى الله عليه وآله نصاب الغلات فقال ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة وأما الجعالة فنمنع بطلان الكفالة بها لأنها تؤل إلى اللزوم سلمنا عدم جواز الضمان فيها لكن اللفظ اقتضى جواز الكفالة وجوازها بالجعالة ثم قام دليل على أن الجعالة لا يتكفل بها وهذا الدليل لا ينفي مقتضى اللفظ عن ظاهره وأما شرع من قبلنا فقد قيل إنه يلزمنا إذا لم يدل دليل على انكاره وليس هنا ما يدل على انكار الكفالة فيكون ثابتا في حقنا وأيضا قوله تعالى سلهم أيهم بذلك زعيم وأما السنة فقد روي العامة ان النبي صلى الله عليه وآله خطب يوم فتح مكة فقال في خطبته العارية مؤدات والمنحة مردودة والدين مقضي والزعيم غارم وعن أبي سعيد قال كنا مع النبي صلى الله عليه وآله في جنازة فلما وضعت قال هل على صاحبكم من دين قالوا نعم درهمان قال صلوا على صاحبكم فقال علي (ع) هما علي يا رسول الله وانا لهما ضامن فقام رسول الله صلى الله عليه وآله فصلى عليه ثم أقبل على علي (ع) فقال جزاك الله عن الاسلام خيرا فك الله رهانك كما فككت رهان أخيك وعن جابر بن عبد الله ان النبي صلى الله عليه وآله كان لا يصلي على رجل عليه دين فاتى بجنازة فقال هل على صاحبكم دين فقالوا نعم ديناران فقال صلوا على صاحبكم فقال أبو قتادة هما علي يا رسول الله صلى الله عليه وآله قال فصلى عليه قال فلما فتح الله على رسوله صلى الله عليه وآله قال أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم من ترك مالا فلورثته ومن ترك دينا فعلي وعن سلمة بن الأكوع ان النبي (ص اتى برجل ليصلي عليه فقال هل عليه دين قالوا نعم ديناران فقال هل ترك لهما وفاء قالوا لا قالوا فتأخر فقيل لم لا تصلى عليه فقال ما تنفعه صلاتي وذمته مرهونة الا قام أحدكم فضمنه فقال أبو قتادة هما علي يا رسول الله صلى الله عليه وآله فصلى النبي صلى الله عليه وآله ومن طريق الخاصة ما رواه عيسى بن عبد الله قال احتضر عبد الله بن الحسن فاجتمع عليه غرماؤه فطالبوه بدين لهم فقال ما عندي ما أعطيكم ولكن ارضوا بمن شئتم من بنى عمى علي بن الحسين عليهما السلام و عبد الله بن جعفر رحمه الله فقال الغرماء أما عبد الله بن جعفر فملئ مطول وعلي بن الحسين رجل لا مال له صدوق وهو أحبهما إلينا فأرسل إليه فأخبره الخبر فقال اضمن لكم المال ولى غلة ولم يكن له غلة كملا فقال القوم قد رضينا وضمنوه فلما أتت الغلة أباح الله له بالمال فأداه وعن عطا عن الباقر (ع) قال قلت له جعلت فداك ان علي دينا إذا ذكرته فسد علي ما انا فيه فقال سبحان الله أو ما بلغك ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول في خطبته من ترك ضياعا فعلى ضياعه ومن ترك دينا فعلي دينه ومن ترك مالا فلله وكفالة رسول الله صلى الله عليه وآله ميتا ككفالته حيا وكفالته حيا ككفالته ميتا فقال الرجل نفست عني جعلني الله فداك وقد أجمع المسلمون كافة على جوازه وان اختلفوا في فروعه إذا عرفت هذا فقد نقل العلماء ان امتناع النبي صلى الله عليه وآله من الصلاة على المديونين في ابتداء الاسلام ولم يكن صلى الله عليه وآله يصلي على من لا يخلف وفاء عن ديونه لان صلاته عليه شفاعة موجبة للمغفرة ولم يكن حينئذ في الأموال سعة فلما فتح الله تعالى الفتوح قال صلى الله عليه وآله أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم وقال صلى الله عليه وآله في خطبته من خلف مالا أو حقا فلورثته ومن خلف كلا أو دينا فكله إلي ودينه علي قيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى كل إمام بعدك قال وعلى كل إمام بعدي إذا عرفت هذا فاركان الضمان خمسة البحث الثاني في أركان الضمان وأركان الضمان خمسة آ المضمون عنه ب المضمون له ج الضامن د المال المضمون ه الصيغة فالنظر هنا يتعلق بأمور خمسة النظر الأول في صيغة الضمان مسألة لابد في الضمان من صيغة تدل على الالتزام مثل ضمنت لك مالك على فلان أو تكفلت به أو تحملته أو تقلدته أو التزمته أو انا بهذا المال ضمين أو كفيل أو ضامن أو زعيم أو حميل أو قبيل وقال بعض الشافعية لفظ القبيل ليس بصريح في الضمان وقال أبو حنيفة كما قلناه من أنه صريح فيه ولو قال دين فلان علي فهو ضامن ولو قال دين فلان إلي ففيه للشافعية وجهان ولو قال أؤدي المال أو احضره فهذا ليس بالتزام وانما هو وعد مسألة لا يكفي في الضمان الكتابة مع القدرة ولا بد من النطق صريحا فان عجز كتب وفعل من الإشارة ما يدل على الرضا بالضمان ثبت والا فلا لامكان العبث ولا فرق بين ان يكون الكاتب غايبا أو حاضرا ولو عجز عن النطق والكتابة وأشار بما يدل عليه صح عليه كالأخرس ولو قيل له ضمنت عن فلان أو تحملت عنه دينه فقال نعم كفى في الايجاب لان نعم في تقدير إعادة المسؤول عنه مسألة يشترط في الضمان
(٨٥)