قال سمعت رسول الله يقول من اخذ شبرا من الأرض ظلما طوقه الله تعالى من سبع أرضين وعن عمرو بن زيد عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لا يحل مال امرء مسلم إلا بطيب نفس منه وعن أبي بكر ان النبي صلى الله عليه وآله قال في خطبة يوم النحر ان دماؤكم وأموالكم واعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) أربعة لا تجوز في أربعة الخيانة والغلول والسرقة والربا لا تجوز في حج ولا عمرة ولا جهاد ولا صدقة وقال (ع) إذا اكتسب الرجل مالا من غير حلة ثم حج فلبى نودي لا لبيك ولا سعديك وإن كان من حله فلبى نودي لبيك وسعديك وكتب محمد بن الحسن الصافر إلى أبي محمد العسكري (ع) رجل اشترى ضيعة أو خادما اخذه من قطع الطريق أو من سرقة هل يحل له ما يدخل عليه من ثمرة هذه الضيعة أو يحل له ان يطأ هذا الفرج الذي اشتراه من هذه السرقة أو قطع الطريق فوقع (ع) لا خير في شئ أصله حرام ولا يحل استعماله وقال الصادق (ع) من اشترى سرقة وهو يعلم فقد شرك في عارها واثمها وعن عبد العزيز بن محمد قال سمعت الصادق عليه السلام يقول من اخذ أرضا بغير حقها أو بنى فيها قال يرفع بناؤه وتسلم السرقة؟ إلى صاحبها ليس لعرق ظالم حق ثم قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من اخذ أرضا بغير حقها كلف ان يحمل ترابها إلى المحشر والاخبار في ذلك أكثر من أن تحصى واما الاجماع فلا خلاف بين أحد من المسلمين في تحريم الغصب وتعلق الضمان به الفصل الثاني في الضمان وأسبابه وهي ثلاثة يشتمل عليها مباحث الأول في اثبات الضمان بالمباشرة مسألة الغصب وإن كان موجبا للضمان لكنه غير منحصر فيه بل قد يجب الضمان بغير الغصب فان الاتلاف (والغصب بمجرده لا يوجبه وانما توجب دخول المغصوب في ضمانه حتى إذا تلف اشتغلت الذمة بضمانه والاتلاف)؟ سبب موجب للضمان بل هو أقوى من الغصب فإنه بمجرده يوجب اشتغال الذمة بالضمان فقد يكون بالمباشرة وقد يكون بالتسبيب فانحصرت الأسباب في ثلاثة التفويت بالمباشرة والتفويت بالتسبيب واثبات اليد العادية وهو الغصب وهنا أسباب اخر غير مقصودة بالذات في هذا الباب كالاستيام والاستعارة لبعض الأشياء عندنا ومطلقا عند العامة وغيرهما مسألة كل ما له مدخل في هلاك الشئ أو اتلافه إما ان يكون بحيث يضاف إليه الهلاك في العادة إضافة حقيقة أو لا يكون كذلك وما لا يكون كذلك فاما ان يكون بحيث المقصود بتحصيله حصول ما يضاف إليه الهلاك أو لا يكون كذلك فالذي يضاف إليه الهلاك يسمى علة والاتيان به مباشر وما لا يضاف إليه الهلاك ويقصد بتحصيله ما يضاف إليه يسمى سببا والاتيان به تسبيبا وهذا القصد والتوقع قد يكون لتأثيره بمجرده فيه وهو عليه العلة وقد يكون بانضمام أمور إليه هي غير بعيدة الحصول وقد يتحقق اسم السبب بالنوع الأول وقد يفسر السبب بمطلق ما يقصد به حصول العلة وقد يفسر بأعم فيقال السبب ما يحصل الهلاك عنده بعلة سواء ولكن لولاه لما اثرت العلة فلا يعتبر فيه الا انه لا بد منه وحينئذ يكون كل شرط سببا فالحفر مع التردي يسمى سببا تارة وشرطا أخرى مسألة المباشر للاتلاف ضامن بلا خلاف سواء كان المتلف عينا كقتل الحيوان المملوك وتحريق الثياب واكل الطعام والاحراق للمتاع أو منفعة كسكني الدار وركوب الدابة سواء كان هناك غصب أو لم يكن وبالجملة كل متلف عينا بالمباشرة فإنه ضامن لها يجب عليه رد مثلها إن كانت من ذوات الأمثال وإن كانت من ذوات القيم وجب عليه القيمة لقوله تعالى فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم وكل من يثبت يده على مال الغير ولا حق له في امساكه وكان المال باقيا وجب عليه رده على مالكه بلا خلاف لقول النبي صلى الله عليه وآله على اليد ما أخذت حتى تؤديه ولا حق المالك متعلق بماليته وماليته لا يتحقق إلا برده إليه وان تلفت وجب رد ما يقوم مقامها لأنه لما تعذر رد العين وجب ان يرد ما يقوم مقامها في المالية قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يأخذن أحدكم مال أخيه جادا ولا لاعبا من اخذ غاصبا إليه فليردها البحث الثاني التسبيب مسألة من أتلف مال غيره على جهة التسبيب وجب عليه ضمانه وذلك من يحفر بئرا في محل عدوان فيتردى فيها انسان أو حيوان فان ضمان التالف على الحافر وكذا لو طرح المعاثر في المسالك كمن وضع حجرا في طريق المسلمين فيعثر به انسان فوقع فمات أو حيوان ضمنه طارحه ولو أكره غيره على اتلاف مال انسان كانت الحوالة بالضمان على المكره لان الاكراه مما يقصد لتحصيل الاتلاف ولا خلاف في ذلك كله مسألة لو اجتمع المباشر والسبب فالحوالة في الضمان على المباشر إلا مع ضعف المباشرة فالحوالة حينئذ على السبب فمن حفر بئرا في محل عدوان فرمى انسان غيره فيها فالضامن على الرامي لأنه المباشر للرمي المتلف ولا ضمان هنا على الحافر واما مع ضعف المباشرة فكما إذا أكره انسان غيره على اتلاف مال ثالث فان الضمان هنا على المكره على ما تقدم لا على المباشر لضعف المباشرة بالاكراه فكان السبب أقوى ولو تعدد السبب فالضمان على المتقدم منهما ان ترتبا كما لو حفر شخص بئرا في محل عدوان ووضع اخر حجرا فيه فتعثر انسان بالحجر فوقع في البئر فالضمان على واضع الحجر لأنه السبب المؤدي إلى الاتلاف فكان أولي بالضمان لان المسبب يجب مع حصول سببه فوضع الحجر يوجب التردي إما لو انتفى الترتيب فالضمان عليهما كما لو حفر ووضع الحجر معا فان الضمان عليهما مسألة السبب قد يكون حقيقة وهو ما ذكرناه وقد يطلق بالمجاز على غير ما ذكرناه ولا يتعلق به الضمان كما يقال تلف مال فلان بسبب سعاية فلان فيه إلى ظالم وهذا لا يوجب الضمان عندنا بل الضمان يتعلق بمن اخذ المال وهو الظالم ولا شئ على الساعي من المال بل عليه الاثم خاصة والضمان يتعلق بالقابض وكذا الامر بالقتل يتعلق الضمان بالقاتل لكن يحبس الامر به دايما حتى يموت مسألة من الأسباب الموجبة للضمان ما لو فسخ رأس ذق مشدود أو فتح رأس قربة أو راوية فاندفق ما فيه فإن كان ما يعا فإن كان مطروحا على الأرض فاندفق ما فيه بالفتح ضمن لتحقق السببية فيه والذي فيه لا اختيار له فكان الدفق مستندا إلى الحل لا غير وإن كان الذق منتصبا لا يضيع ما فيه بالفتح لو بقى كذلك لكنه سقط فإن كان السقوط بفعله كما إذا كان يحرك الوكاء ويجذبه حتى افضى إلى السقوط ضمن أيضا لأنه فتح رأسه واسقطه وكذا يضمن ما يقصد تحصيله بفعله كما لو فتح رأسه فاخذ ما فيه في التقاطر شيئا فشيئا حتى ابتل أسفله فسقط لان السقوط بالميلان الناشئ من الابتلال الناشئ من التقاطر الناشي من الفتح وهو مما يقصد تحصيله بالفتح وكذا لو نقل أحد جانبيه فلم يزل يميل قليلا حتى سقط وخرج ما فيه فان يضمنه لان ذلك كسراية فعله كما لو خرج حيوانا فسرت الجراحة إلى نفسه ضمنها إما لو لم يمل بالحل وبقى بحاله ثم سقط بعد ذلك بتحريك انسان له فان الضمان على الانسان المحرك له لأنه كالمباشر والأول كالسبب فلا ضمان على الأول لان السقوط حصل بفعل غيره وانما كان من جهة سبب غير ملجئ فلم يتعلق به الضمان ولو سقط بأمر عارض من زلزلة أو هبوب ريح أو وقوع طاير أو سقوط حجر ففي الضمان اشكال ينشأ من أن فعله سبب تلفه ولم يتخلل بينهما ما يمكن إحالة الحكم عليه فوجب عليه الضمان كما لو خرج عقيب فعله أو مال قليلا قليلا وكما لو جرح انسانا فأصابه الحر أو البرد فسرت الجراحة فإنه يضمن كذا هنا ومن أن الهلاك لم يحصل بفعله ولا فعله مما يقصد به تحصيل ذلك العارض وفعله غير ملجي فالمعنى الحادث مباشر فلم يتعلق الضمان بفعله كما لو دفعه انسان ونحن فيه من المترددين ومالك ذهب إلى الضمان لأنه لولا الفتح لما ضاع ما فيه بالسقوط وقال أصحاب الشافعي لا ضمان لان الضياع بالريح ولا يقصد بفتح الزق تحصيل الهبوب فهو كما لو فتح الحرز فسرق غيره أو دل سارقا فسرق ولو أنه لما فتح رأسه أخذ ما فيه في الخروج ثم جاء اخر ونكسه مستعجلا فضمان الخارج بعد النكس على الثاني خاصة كما لو جرحه انسان وقتله اخر وهو أصح وجهي الشافعية والثاني ان الخارج بعد النكس عليهما كالجارحين وليس بشئ هذا إذا كان باقي الزق مايعا واما إذا
(٣٧٤)