بقوله ان ترك خيرا لئن تلك ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة ولان أعطا القريب المحتاج خير من اعطاء الأجنبي فمتى لم يبلغ الميراث غناهم كان تركه لهم كعطيتهم فيكون ذلك أفضل من الوصية لغيرهم فحينئذ يختلف الحال باختلاف الورثة في كثرتهم وقلتهم وغناهم وحاجتهم فلا يتقدر بقدر من المال مسألة والأولى ان لا يستوعب الثلث بالوصية وإن كان الموصي غنيا لقول النبي والثلث كثير رواه العامة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) من اوصى بالثلث فقد أضر بالورثة وهذا عام في الغنى والفقير خصوصا قوله في حديث سعد والثلث كثير مع اخبار سعد بكثرة ماله وقلة عياله حيث قال في الحديث ان لي مالا كثيرا ولا يرثني الا ان (بتي) عن سعد بن مالك فقال مرضت مرضا فعادني رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لي أوصيت فقلت نعم أوصيت بما لي كله للفقراء والمساكين وفي سبيل الله فقال رسول الله (ع) أوص بالعشر فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله ان مالي كثير وورثتي أغنياء فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وآله (يناقضني) واناقصه حتى قال أوص بالثلث والثلث كثير إذا عرفت هذا فالأفضل للغني الوصية بالخمس وهو قول علي (ع) وأبي بكر وهو ظاهر قول السلف وعلماء أهل البصرة وروي عن عمر انه جاءه شيخ فقال له انا شيخ كبير ومالي كثير ويرثني اعراب موالي كل يروح بسهم أفأوصي بمالي كله قال لا فلم يزل يحطه حتى بلغ العشر وقال اسحق السنة الربع الا ان يكون رجلا يعرف بماله (مزنه) شبهات أو غيرهما فله استيعاب الثلث والأولى الخمس لان عليا (ع) قال لان أوصي بالخمس أحب إلي من أن أوصي الربع وأوصي أبو بكر بالخمس وقال وصيت بما أوصي به لنفسه يعني قوله تعالى واعملوا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه مسألة لو اوصى بأكثر من ثلث ماله فان أجاز الورثة بأسرهم بعد موت الموصي صحت الوصية فما اوصى به باجماع العلماء وان ردوا لزايد أو الوصية بطلت في الزايد على الثلث اجماعا والأصل فيه قول النبي صلى الله عليه وآله لسعد حين أوصي بما له كله قال لا قال فالثلثين قال لا قال فبالنصف قال لا قال فبالثلث قال الثلث والثلث كثير وقال (ع) ان الله تعالى تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة في حسناتكم رواهما العامة ومن طريق الخاصة ما تقدم من رده (ع) وصيته من اوصى بماله كله أو أكثره إلى المعروف وهو الثلث وعن محمد بن مسلم في الموثق انه سال الصادق عن رجل حضره الموت فأعتق غلامه وأوصي بوصيته وكان أكثر من الثلث قال يمضي العتق في الغلام ويكون النقصان فيما بقى وعن الصادق (ع) في رجل حضره الموت فأعتق مملوكا له ليس له غيره فابى الورثة ان يجيروا ذلك كيف القضاء فيه قال ما يعتق منه الا ثلثه وساير ذلك الورثة أحق بذلك ولهم ما بقى ولا نعلم في هذين الحكمين خلافا ولو أجازوا حصت الوصية بأسرها اجماعا لان الحق لهم ولو لم يجيزوا مضت في الثلث خاصة وبطلت في الزايد ولا فرق في ذلك عندنا بين الوارث وغيره خلافا للعامة فإنهم شرطوا في الوصية للوارث اجازة الورثة وإن كانت با الثلث فما دون وقد تقدم البحث معهم واعلم (؟) قلناه لا ينافي قول الشيخ علي بن بابويه ره من أنه لو اوصى بثلث فهو الغاية في الوصية فان اوصى بماله كله فهو علم وما فعله ويلزم الوصي انفاذ وصيته على ما اوصى لرواية عمار الساباطي عن الصادق قال الرجل أحق بماله ما دام فيه الروح ان اوصى به كله فهو جايز له قول ابن بابويه لا دلالة فيه على مخالفته ما قلناه فانا نسلم ان الموصي اعلم بما فعل واما انفاذ الوصية فنحن نقول بموجبه لأنا نوجب على الوصي انفاذ وصيته بمقتضي الشرع وهو ان الورثة ان أجازوا الوصية أخرجت بأسرها وان ردوا مضت من الثلث فهذا تنفيذ الوصية وقول الصادق (ع) أجل أحق بماله ما دام فيه الروح لا يدل على مخالفته ما تقدم فان المريض أحق بماله يصنع به مهما شاء من البيع وغيره فإنه اوصى به كله جاز فان أجاز الورثة نفذ ما اوصى به والا فسخت الوصية في الثلثين ويؤيد ذلك قول ابن بابويه فان اوصى بالثلث فهو الغاية في الوصية مسألة إذا زادت الوصية على الثلث فاجازه الورثة لزمت الوصية وهل الإجازة تنفيذ وامضاء لتصرف الموصى أم ابتداء عطية من الورثة الحق عندنا الأول وهو أصح قولي الشافعي لان الملك باق على المريض لم يخرج عنه بمرضه فتصرفه فيه صحيح لأنه تصرف مصادف للملك وحق الوارث انما ثبت في ثاني الحال فأشبه بيع الشقص المشفوع وأيضا لو براء من مرضه نفذت تصرفاته المنجزة ولم يفتقر إلى الاستيناف والقول الثاني للشافعي ان الإجازة ابتداء عطية من الورثة وتصرف الموصي لاغ في الزيادة على الثلث لأنه متنهى عنه والنهي يقتضي الفاسد ولان الزيادة متعلق حق الورثة فيلغوا تصرفه فيها كتصرف الراهن في المرتهن ونمنع النهي مطلقا بل انما يثبت لحق الوارث فإذا رضي به زال سبب النهي ونمنع اقتضاء النهي الفساد ونمنع تعلق حق الورثة بالزيادة حالة حياة الموصي سلمنا لكن نمنع بطلان تصرف الموصي اقصى ما في الباب أنه يكون تصرف المتبرع الفضولي ونمنع تصرف الراهن أيضا مسألة لو لم يكن للميت وارث خاص فأوصى بجميع ماله أو بما زاد على الثلث اختلف علماؤنا فيه على قولين أحدهما انها كالأولى لا تمضي الا في الثلث وبه قال الشافعي لقوله (ع) ان الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في حسناتكم ولم يفرق بين ان يكون له وارث أولا ولأنه لا يجيز والمال للمسلمين عند العامة وعندنا للامام فيعتبر اجازته و الثاني انها صحيحة وبه قال أبو حنيفة واحمد في أصح الروايتين وللشافعي وجه اخر مثله لما رواه السكوني عن الصادق (ع) وعن الباقر (ع) انه سئل عن الرجل يموت ولا وارث له ولا عصبته قال يوصي بما له حيث شاء في المسلمين والمساكين وابن السبيل والجواب ضعف السند سلمنا لكن الوارث هنا متحقق وهو الامام فاعتبر اجازته سلمنا لكن الامر بالوصية لا يستلزم النفوذ وقال بعض الشافعية للامام رد مثل هذا الوصية وهل له اجازتها يبني على أن الامام هل يعطي حكم الوارث الخاص مسألة قد عرفت ان مذهبنا يقتضي جواز الوصية للوارث فإنه لا فرق بين الوصية له وللأجنبي بل للوارث أولي والعامة منعوا من ذلك الا ان يجيز باقي الورثة فحينئذ لو اوصى للوارث بالثلث فما دون صحت عندنا من غير اعتبار اجازة الورثة وعند العامة يجب اعتبار اجازتهم وللشافعية طريقان أصحهما عندهم ان الحكم كما لو اوصى لأجنبي بالزيادة على الثلث حتى يرتد برد ساير الورثة وان أجازوا فعلى القولين وقد ذكرهما الشافعي في الام أحدهما ان اجازتهم ابتداء عطية والوصية باطلة والأصح وبه قال أبو حنيفة ومالك واحد انها لتنفيذ لما فعله والموصي والذي فعله انعقاد اعتبار والطريق الثاني للشافعية انها باطلة وان أجاز الورثة بخلاف الوصية للأجنبي بما زاد على الثلث والفرق ان المنع من الزيادة لحق الورثة فإذا رضوا جوزنا والمنع هنا لتغيير الفروض التي قدر ها الله تعالى للورثة فلا تأثير لرضاهم مسألة قد ذكرنا ان الحق عندنا ان الإجازة تنفيذ وامضاء لفعل الموصي وليس ابتداء عطية فيكفي فيه لفظ الإجازة والانفاذ والامضاء وأشباه ذلك ولا حاجة إلى هبة وتجديد قبول ا وقبض من الموصي له وليس للمجيز الرجوع وان لم يحصل القبض بعد وبه قال الشافعي على تقدير انها تنفيذ واحمد كذلك وقال تقدير على انها ابتداء عطية من الورثة لا يكفي قبول الوصية أو لا بل لابد من القبول اخر في المجلس ومن القبض و للمجيز الرجوع قبل القبض وهل يعتبر لفظ التمليك ولفظ الاعتاق إذا كان الموصي به العتق وجهان للشافعية أحدهما لا يعتبر بل يكفي لفظ الإجازة وأظهرهما عندهم نعم ولا يكفي لفظ الإجازة كما لو تصرف فاسدا من بيع أو هبة ثم اجازه وينسب هذا الوجه إلى مالك وهو اختيار المزني مسألة قد بينا ان الإجازة تنفيذ وبينا في كتاب الهبة انه إذا كانت الهبة الذي الرحم أبا كان أو ولدا وغيرهما تلزم بالاقباض والعامة نازعوا في الحكمين ولهم فيهما قولان فعلى ما اخترناه لو خلف زوجة وهي بنت عمه وأباها وكان (؟) قد اوصى لها وأجاز أبوها الوصية فلا رجوع له عندنا وعند من قال إنها تنفيذ من العامة وما على قول من قال إنها ابتداء عطية فله الرجوع لان هبة الابن يجوز للأب الرجوع فيها عندهم مسألة لو أعتق عبدا في مرضه ولا مال له سواه أو زادت قيمته على الثلث أو اوصى بعتقه فأجازوا عتقه أو وصيته بالعتق صح العتق ويكون الولاء باسره للميت يرثه من يرث الولاء عنه وهو قول من جعل الإجازة تنفيذا من العامة ومن جعلها ابتداء عطية قال انما زاد على الثلث يكون ولاؤه للمجيزين ذكورهم واناثهم بحسب استحقاقهم لانهم باشره بالاعتاق وقال بعض
(٤٨١)