على المقبرة ليصرف الغلة إلى عمارة القبور قال بعض الشافعية لا يصح لان الموتى صايرون إلى البلاء فالعمارة لا تلايم حالهم مسألة إذا وقف على الكفار والفساق فإن كان ذلك لإعانتهم على كفرهم وفسقهم بطل الوقف قطعا وإن كان لنفعهم في بقائهم فقد بينا الخلاف فيه والشافعية ذكروا خلافا في الوقف على الكفار والفساق ولم يذكروه في الوقف لنفقة قطاع الطريق بل اطلقوا الحكم بالبطلان ولا يمكن ان يقدر بينهما الفرق فان قطاع الطريق ضرب من الفساق نعم لو أراد الواقف بالوقف لنفقة قطاع الطريق ان يشترط الصرف إلى ما يتهيؤوا به القطع من صلاح وغيره لم يجز وكان كالوقف لعمارة البيع والكنايس ولو وقف لالات ساير المعاصي بطل الوقف لا محالة ولو وقف ليصرف الغلات إلى القطاع وساير الفساق لا إلى جهة الفسق فقولان للشافعية مسألة إذا شرط عود نفع الوقف في سبيل الله قال الشيخ ره في خلاف يجعل بعضه للغزاة المطوعة دون العسكر العامل على باب السلطان وبعضه في الحج والعمرة لأنهما من سبيل الله وقال في المبسوط إذا وقف وشرط ان يصرف في سبيل الله وسبيل الثواب وسبيل الخير صرف ثلثه إلى الغزاة والحج والعمرة وثلثه إلى الفقراء والمساكين ويبدء بأقاربه هو سبيل الثواب وثلثه إلى خمسة أصناف ممن ذكرهم الله في أية الصدقة وهم الفقراء والمساكين وابن السبيل والغارمون الذين استدانوا لمصلحة أنفسهم وفي الرقاب وهم المكاتبون فهؤلاء سبيل الخير ثم قال ولو قيل إن هذه الثلاثة متداخلة كان قويا لان سبيل الله وسبيل الثواب وسبيل الخير يشترط الجميع فيه وقال بعض علمائنا سبيل الله المجاهدون وقال آخرون إذا وقف على سبيل الله انصرف إلى ما يكون وصلة إلى الثواب كالغزاة والحج والعمرة وبناء القناطر والمساجد وكذا لو قال في سبيل الله وسبيل الثواب وسبيل الخير كان واحدا ولا يجب قسمة الفائدة أثلاثا وهو الوجه لان المفهوم من سبيل الله ذلك وقال الشافعي إذا وقف على سبيل الله فإنه يكون للغزاة الذين لهم معايش يغزون إذا نشطوا دون أهل الفئ الذين المرتبون للغزو وحكى عن أحمد أنه قال الحج من سبيل الله لحديث أم معقل فإنها قالت يا رسول الله صلى الله عليه وآله ان أبا معقل جعل بعيره في سبيل الله واني أريد الحج فقال اركبيه فان الحج من سبيل الله واحتج الشافعي لأن المطلق من كلام الآدميين محمول على المعهود في الشرع وقد ثبت ان سهم سبيل الله من الصدقات ينصرف إلى الغزاة فكذا الوقف المطلق وحملوا خبر أم معقل على أن يكون في كلام الواقف أو كلاهما الذي حكته عنه ما دل على أنه قصد سبيل الخير والثواب فإذا احتمل ذلك لم يعدل به عما تقرر في عرف الشرع مسألة إذا وقف على سبيل البر أو الخير أو الثواب كان كما لو وقف على سبيل الله يصرف في كل قربة إلى الله تعالى كبناء القناطر وعمارة المساجد والمشاهد وإعانة الحج والزائرين وأكفان الموتى والحج وغير ذلك من المثوبات وقال الشافعي في سبيل الله هم المعينون في أية الزكاة وقال احمد الحج من سبيل الله وعلى سبيل البر والخير والثواب يصرف إلى أقارب الواقف فإن لم يوجد قال أهل الزكاة وقال بعض الشافعية الموقوف على سبيل البر يجوز صرفه إلى ما فيه صلاح المسلمين من أهل الزكاة واصلاح القناطر وسد الثغور ودفن الموتى وغيرها وفرق بعضهم فقال إذا وقف على جهة الخير صرف إلى مصارف الزكاة ولا يبنى به مسجد ولا رباط وإذا وقف جهة الثواب صرف إلى أقاربه ولو جمع في سبيل الله وسبيل الثواب وسبيل الخير قالوا صرف الثلث إلى الغزاة وصرف الثلث إلى أقاربه والثلث إلى الفقراء والمساكين والغارمين وابن السبيل وفي الرقاب المطلب الرابع الموقوف مسألة يشترط في العين الموقوفة أمور خمسة آ ان يكون عينا معينة مملوكة ينتفع بها انتفاعا محللا مع بقائها ويصح اقباضها فلا يصح وقف ما ليس بعين كالدين سواء كان حالا أو مؤجلا وسواء كان المديون موسرا أو معسرا وكذا لا يصح ما ليس بعين من الأعيان كما لو وقف عبدا مطلقا أو دارا كذلك أو فرسا وما أشبه ذلك وكذا لا يصح وقف ما ليس بمملوك من الأعيان كالخمر والانبزة وكلب الهراش والخنزير والسرجين وغير ذلك مما تقدم من الأعيان التي لا يقع عليها الملك ولا يصح وقف الحر نفسه لان رقبته غير مملوكة وان قدر ان منافعه ملحقة بالأموال لان الوقف يستدعي أصلا يحبس ليستوفي الموقوف عليه منفعته على ممر الزمان ويصح وقف الكلب المعلم وكلب الحائط والماشية والسنور لجواز الانتفاع بها وصحة بيعا على الأقوى وللشافعية في وقف الكلب المعلم وجهان بناهما قوم منهم على الخلاف في اجارته وآخرون على الخلاف في هبته وآخرون على أن الوقف يزيل ملك الرقبة أو لا يزيل فعلى قول عدم الإزالة فليست قضية؟ سوى نقل المنافع ومنافعها مستحقة وجاز ان ينتقل وكيف ما قدر فالأصح عندهم المنع وقطع به بعضهم مع القول بجواز الإجارة لان رقبته غير مملوكة وقد نص الشافعي على المنع من وقف الكلب لأنه غير مملوك ولا بد ان يكون مملوكا للواقف ولو وقف مال غيره لم يصح وإن كان شريكا صح في قدر نصيبه خاصة ولو أجاز المالك قيل يصح لأنه كالوقف المستأنف ولا يصح وقف ما لا ينتفع به الا بالاتلاف كالمطعومات والمشروبات والشموع وأشباهها لان منفعتها في استهلاكها وكالرياحين المشمومة فإنها سريعة الفساد وانما سوق الوقف ليكون صدقة مخلدة جارية على مرور الزمان وبه قال الشافعي وحكى الشافعية عن مالك والأوزاعي؟ انهما قالا يجوز وقف الطعام ولم يحكه أصحاب مالك وليس بصحيح لأنه لا يمكن معنى الوقف فيه وهو تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة وما لا ينتفع به الا بالاتلاف لا يصح فيه ذلك فلا يصح وقفه فلا يصح وقف آلات الملاهي كالنرد والشطرنج والأربعة عشر وآلات الرمز وغير ذلك من الأعيان التي تحرم منفعتها وإن كانت مملوكة ولا يصح وقف ما لا يمكن اقباضه كالعبد الآبق والجمل الشارد لتعذر التسليم وهو شرط في الوقف عندنا مسألة يجوز وقف العقار والأراضي وجميع ما لا ينقل ولا يحول مما جمع الشرايط السابقة اجماعا واما ما ينقل ويحول مما جمع الشرايط السابقة فهل يصح وقفه أم لا قال علماؤنا يصح وبه قال الشافعي واحمد وذلك كالحيوان والسلاح والأثاث والثياب والمصاحف والكتب وأشباه ذلك لان النبي صلى الله عليه وآله قال إما خالد فإنه قد احبس ادراعه واعبده في سبيل الله وجائت أم معقل إلى النبي فقالت يا رسول الله ان أبا معقل وجعل ناضحة في سبيل الله واني أريد الحج افاركبه فقال رسول الله اركبي فان الحج والعمرة من سبيل الله ولان معنى الوقف متحقق فيه وهو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة فصح وقفه وحده كالعقار وقال أبو حنيفة لا مدخل للوقف في الحيوانات وفي الكتب وعن مالك ان المنقول مطلقا لا يجوز وقفه وقال أبو يوسف لا يجوز وقف الحيوانات ولا الرقيق ولا العروض الا الكراع والسلاح والغلمان والسفن والغرس في الأرض الموقوفة تبعا لها لان هذا حيوان لا يقاتل عليه فلم يجز وقفه كما لو كان الوقف إلى مدة وعن مالك في السلاح والكراع روايتان اجماع الناس حاصل على وقف الحصر والقناديل والزلالي في جميع الأعصار مسألة يصح وقف المشاع عند علمائنا أجمع كما يصح وقف المقسوم فيصح وقف نصف دار ونصف عبد وبه قال مالك والشافعي واحمد وأبو يوسف للأصل ولأنه عقد يجوز على بعض الجملة مفرزا فجاز عليه مشاعا كالبيع ولأنه عرصته؟ يجوز بيعا فجاز وقفها كالمفرزة ولان الوقف تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة وهذا يحصل في المشاع لحصوله في المفرد وقال محمد بن الحسن لا يصح وقف المتاع وبناه على أصله من أن القبض لا يصح في المشاع واصله ممنوع فان المشاع يصح قبضه كما يصح قبض المقسوم لان القبض في مثل ذلك انما هو التخلية ولان بيعه صحيح والقبض في البيع جايز وإذا جاز في البيع جاز في الوقف إذا ثبت هذا فان الوقف لا يسرى من النصف الموقوف إلى النصف الآخر وانما يسري العتق خاصة مسألة لو وقف نصف عبد صح الوقف على ما اخترناه سواء كان الباقي له أو لغيره فإن كان له واعتق الواقف النصف الآخر لم يعتق النصف الموقوف ولا يقوم عليه لان الوقف مؤبد في جهته ولو أعتق الواقف
(٤٣١)