تفاوت القيمة وقد يكون لزيادة ونقصان كما إذا كان العبد ذا صنعة فنسيها وقد يكون لارتفاع السوق وانخفاضه فلو كانت قيمته مائة فبلغت مأتين ثم عادت بتراجع الأسواق إلى مائة وخمسين ثم هلك لزمه مأتين ولا عبرة بتفاوت السوق بعد التلف ولو تكرر ارتفاع السوق وانخفاضه لم يضمن كل زيادة وانما يضمن الأكثر ولو أتلف متقوما من غير غصب ضمن قيمته يوم الاتلاف فان حصل التلف بتدريج وسراية واختلف القيمة في تلك المدة كما إذا جنى على بهيمة قيمة مثلها يومئذ مائة ثم هلكت وقيمة المثل خمسون لزمه مائة لأنا إذا اعتبرنا الأقصى في اليد العادية فلان نعتبرها في نفس الاتلاف أولي وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة تعتبر قيمته يوم الغصب بناء على أن الزوايد غير مضمونة وقال احمد تعتبر قيمته يوم التلف إذا كان التفاوت لاضطراب الأسواق مسألة لو غصب عبدا فابق أو دابة فشردت أو ضلت أو غيبها؟ الغاصب أو غصب ثوبا فضاع فللمالك ان يضمنه القيمة في الحال للحيلولة ولزوم الضرر والاعتبار بأقصى القيم من يوم الغصب إلى يوم المطالبة وليس للغاصب ان يلزمه فنزل؟ القيمة لان قيمة الحيلولة ليست حقا ثابتا في الذمة حتى يجبر على قبوله والابراء عنه بل لو أبراه المالك عنها لم ينفذ وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم انها منزلة منزلة الحقوق المستقرة ثم القيمة المأخوذة يملكها المالك كما يملك عند التلف وينفذ تصرفه فيها ولا يملك الغاصب المغصوب كما لا يملك نصف العبد إذا قطع إحدى يديه وغرم فإذا ظفر بالمغصوب فللمالك استرداده ويرد القيمة وللغاصب رده واسترداد القيمة وهل له حبس المغصوب إلى أن يسترد القيمة قال الشافعي نعم كما أنه يثبت الحبس للمشتري في الشراء الفاسد لاسترداد الثمن والأقرب عند أصحابه المنع من حبس المشتري والأقرب المنع في الغاصب مسألة قد بينا ان الغاصب إذا دفع القيمة إلى المالك لأجل الحيلولة ملك المغصوب منه القيمة فله التصرف فيه كيف شاء واخراجه عن يده بالبيع والهبة وغير ذلك فلا يملك الغاصب العين المغصوبة فإذا قدر الغاصب عليها بعد ذلك وجب عليه ردها وبه قال الشافعي لأن الغصب ليس سبب الملك ودفع القيمة لا يوجب التملك لأنه غرم ما تعذر عليه رده بخروجه عن يده فلا يملكه بذلك كما لو كان المغصوب مدبرا وقال أبو حنيفة ان الغاصب يملك العين المقومة فإذا قدر عليها لا يلزمه ردها الا ان يكون دفع قيمتها بقوله مع يمينه فيكون للمغصوب منه رد القيمة واسترجاعها نقل عن أبي حنيفة ومالك انهما قالا يتخير المالك بين المصير إلى امكان ردها فيستردها وبين تضمينه إياها فيزول ملكه عنها وتصير ملكا للغاصب لا يلزمه ردها الا ان يكون دفع قيمتها بقوله مع يمينه لان المالك تلك البدل فلا يبقى ملكه على المبدل كالبيع ولأنه يضمن فيما تنفذ الملك فيه فوجب ان ينتقل الملك به كما لو خلط زيته بزيته والفرق ان الزيت يجوز بيعه ولان حق صاحبه انقطع عنه فإنه لا يمكنه تمييزه بحال وليس هذا جمعا بين البدل والمبدل لأنه ملك القيمة لأجل الحيلولة لا على سبيل العوض ولذا لو رد الغاصب المغصوب إليه رد القيمة عليه فلم يحصل معنى الملك الا في أحدهما ويجب على الغاصب رد العين ونماؤها إن كانت ذات نماء ورد الأجرة واما القيمة المدفوعة فإن كانت باقية بحالها عند المالك فالأقرب انه يجب عليه ردها على الغاصب بعينها لا بدلها لأنه انما ملكها ملكا مراعى بسبب الحيلولة وقد انتفت الحيلولة فيزول ملكه عن العين وقال بعض الشافعية يمكن ان يجوز للمالك امساكها وغرامة مثلها وان اتفقا على ترك التراد فلا بد من بيع ليصير المغصوب للغاصب ولو زادت القيمة فإن كانت متصلة ردها مع الزيادة وإن كانت منفصلة كاللبن والولد لا يجب ردها لأنها نمت على ملك المالك وانفصلت في ملكه واعلم أن أبا حنيفة وافقنا على ما قلناه من أن الغاصب لا يملك الغصب في المدبر وفيما إذا اختلفا في القيمة وغرمناه ما اعترف به ثم تبين عند الظفر بالمغصوب انها أكثر واعلم أن ضمان الحيلولة ثابت في كل مغصوب خرج من يد المالك وتعذر رده واعلم انا قد بينا ان منافع المغصوب مضمونة فلو كانت الأجرة في مدة الغصب متفاوتة ضمن في كل زمان المدة بأجرة المثل فيه فلو كانت أجرة المثل حال الغصب تساوى عشرة مدة شهر ثم في شهر اخر هو تساوى خمسة عشرة ثم صارت في الثالث تساوى عشرين ضمن اجرة الشهر الأول عشرة وفي الثاني خمسة عشر وفي الثالث عشرين وهو أظهر وجوه الشافعية ولهم وجهان آخران أحدهما انه يضمن بالأكثر في جميع المدة والثاني انها تضمن في كل وقت من أوقات المدة بأجرة مثلها إن كانت الأجرة في أول المدة أقل وإن كان في الأول أكثر ضمنها بالأكثر في جميع المدة لأنه لو كان المال في يده لأمكن ان يكريه بها في جميع المدة والمعتمد الأول الفصل الخامس في الطوارى ومباحثه اثنان الأول في النقصان والنظر فيه يتعلق بأمور الأول نقص القيمة السوقية إذا غصب عينا وقيمتها يوم الغصب عشرة مثلا فردها بحالها من غير نقص في ذاتها ولا في صفاتها لكن صارت قيمتها يوم الرد خمسة فلا شئ عليه وهو قول جمهور العلماء لان الفايت انما هو رغبات الناس لا شئ من المغصوب بخلاف ما إذا تلف فان الواجب هناك البدل فوجب الأكثر لكونه مأمورا بالرد في تلك الحالة وإذا كانت العين باقية فالواجب ردها وقد اتى به ولأنه رد العين ولم ينقص منها عين فوجب تقويمها بخلاف ما إذا تلفت فإنه يجب تقويمها فلهذا ضمن أكثر ما كانت القيمة وهنا لا يجب تقويمها وقال أبو ثور ان المالك يرجع بنقص القيمة السوقية وتفاوت الأسعار لان كل ما يضمنه إذا تلفت العين يضمنه إذا ردها كالسمن والفرق ان في السمن قد تلفت عين منها يجب تقويمها بخلاف مسئلتنا وبعض الشافعية وافق أبا ثور في ذلك وأبو ثور وإن كان داخلا في صنفه؟ أصحاب الشافعي فله مذهب برأسه ولا يعد تفرده وجها لأصحاب الشافعي لكن بعضهم وافقه بسبب ان الغاصب فوت تلك الزيادة بإدامة اليد العادية النظر الثاني نقصان الأجزاء مسألة إذا غصب عينا وحصل فيها نقص عين منها وجب على الغاصب أرش النقص ورد العين سواء كان الأرش قدر القيمة أو أقل كما لو قطع يدي العبد أو قلع اذنيه على الأقوى لما تقدم خلافا للشيخ ره حيث سوى بين الغاصب والجاني في أنه يتخير المالك بين دفع العين والمطالبة بقيمتها وبين اخذها مجانا من غير أرش وهو قول أبي حنيفة وما اخترناه ذهب إليه الشافعي وقد سبق ولافرق أيضا بين ان يفوت معظم منافعه أو لا يفوت وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة إذا كان الواجب قدر القيمة أو فوت الغاصب معظم منافعه بجنايته كما لو فرق الثوب المغصوب خرقا أو شقه طولا أو كسر قوايم الدابة أو بعضها لم يكن للمالك ان يغرمه شيئا الا ان يترك المغصوب إليه وكذا لو ذبح الشاة أو صبغ الثوب بما لا يقبل بعده لونا اخر وهو السواد وليس بجيد لان الأصل بقاء ملك المالك على العين واحتجاجه بأنه قد أتلف بجنايته معظم منفعته فكان له المطالبة بالقيمة كما لو قتل شاة له وهو غلط لان الشاة قد أتلفها بأسرها بالقتل فوجب قيمة جميعها والمتنازع فيه ليس كذلك لأنه جنى على مال أرشه دون قيمته فلم تكن له المطالبة بجميع قيمته كما لو كان الخرق يسيرا مسألة إذا غصب أرضا ونقل التراب عن وجهها كما للمالك اجباره برده ومطالبته بنقله إلى الأرض كما كان مبسوطا على الأرض إن كان التراب باقيا فان تلف أو انمحق بهبوب الرياح أو السيول الجارية أجبر على رد مثله إليه ويجب عليه إعادة وصفه وهيئته كما كانت في انبساط أو ارتفاع وان لم يطالبه المغصوب منه بالرد نظر إن كان له فيه غرض بان دخل الأرض نقص وكان ذلك النقص يرتفع بالرد ويندفع منه الأرش أو كان قد نقل التراب إلى ملكه فأراد تفريقه أو إلى ملك غيره أو شارع يحذر من التعسير الضمان فله الاستقلال بالرد ان لم يكن شئ من ذلك بل نقله إلى موات أو من أحد طرفي الأرض المغصوبة إلى الأخر فان منعه المالك من الرد لم يرده وان لم يمنعه فالأقرب ان الغاصب يفتقر إلى اذن المالك وللشافعية وجهان بنى على الوجهين في أنه إذا منعه المالك من الرد فرد فهل للمالك مطالبته بالنقل ثانيا ان قلنا لا فلا رد من غير
(٣٨٥)