الشافعية يحتمل ان يكون الولاء للميت على القولين جميعا لأنا وان جعلنا اجازتهم ابتداء عطية فاجازتهم اعتاق الميت كاعتاقهم عن الميت باذنه ومن أعتق عبد غيره باذنه والتماسه كان الولاء للاذن الا ان اعتبار الاذن بعد موت الاذن كالمستبعد وكذا لو تبرع بثلث ماله ثم أعتق أو اوصى بالاعتاق فالحكم فيه كما تقدم ولو اوصى لابن وارثه بعد تبرعه بثلث ماله أو أعطاه عطية في مرضه فأجاز أبوه عطيته ووصيته ثم أراد الرجوع فيما اجازه فله ذلك ان قلنا إنه عطية مبتدأة وليس له ذلك على القول بأنها اجازة مجردة ولو تزوج ابنة عمه فأوصت له بوصية أو أعطية في مرض موته عطية ثم ماتت وخلفته وأباه فأجاز أبوه وصيته وعطيته فالحكم فيه عندهم على ما ذكرنا ولو وقف على ورثته في مرضه فأجازوا الوقف صح عندنا مطلقا وعند العامة كذلك ان قلنا إن اجازتهم تنفيذ ولم يصح على تقدير ان يكون عطية متبدأءه لانهم يكونون واقفين على أنفسهم ولا فرق في الوصية بين الصحة والمرض في أنها تخرج من الثلث وروي حنبل عن أبيه احمد أنه قال إذا اوصى في المرض فهو من الثلث وإن كان صحيحا فله ان يوصي بما شاء قال بعض أصحابه يعني به العطية إما الوصية فإنها عطية بعد الموت فلا يجوز منها الا الثلث على كل حال مسألة الهبة في مرض الموت من الوارث والوقف عليه وابراؤه عما عليه من الدين كالوصية له وقد بينا جوازها وللعامة قولان تقدما ولو اوصى لامرأة أجنبية وأوصت له ثم تزوجها جازت وصيته له وصيتها له عندنا وعند العامة لا يجوز الا مع اجازة الورثة ولو اوصى أحدهما للاخر ثم طلقها جازت الوصية عندهم لخروجه عن كونه وارثا الا انه إذا طلقها في مرض موته فقياس مذهب العامة انها لا تعطي أكثر من ميراثها لأنه متهم في أنه طلقها ليوصل إليها ماله بالوصية فلم ينفذ ذلك لها كما لو طلقها في مرض موته واوصى لها بأكثر مما كانت ترث مسألة اختلف علماؤنا في أن الإجازة والرد هل يشترط فيهما موت الموصي بحيث لو أجاز الورثة الوصية بالجميع أو بالزايد على الثلث في حياة الموصي لم يكن بإجازتهم اعتبار بل لهم الرجوع في الإجازة وكذا في الرد لو رد الورثة الوصية ثم مات الموصي فأجازوا صحت الإجازة وبطل الرد أولا يشترط موت الموصي فيهما بل متى أجازوا لم يكن للورثة الرد بعد موت الموصي فقال المفيد وسلار وابن إدريس من علمائنا بالأول وبه قال ابن مسعود وشريح وطاوس والحكم والثوري والحسن بن صالح بن حي والشافعي وأبو ثور وابن المنذر وأبو حنيفة وأصحابه لانهم أسقطوا حقوقهم فيما لم يكلموه فلم يلزمهم كالمرأة إذا سقطت صداقها قبل النكاح أو أسقط الشفيع حقه من الشفعة قبل البيع ولأنها حالة لا يصح فيها ردها للوصية فلم تصح فيها اجازته كما قبل الوصية والجواب لولا تعلق حق الوارث لم يمنع المريض والإجازة انما هي تنفيذ فعل قد حصل فلا يتحقق قبل الوصية والفرق بين الرد والإجازة ظاهر فان الرد انما لم يعتبر حال حياة الموصي لان استمرار الوصية يجري مجرى تجددها حالا فحالا بخلاف الرد بعد الموت والإجازة حلا الحياة وقال الشيخ ره ولا يشترط في الإجازة موت الموصي فليس لهم الرجوع بعد موت الموصي فيما اجازة (؟) حياته وبه قال ابن حمزة وابن الجنيد والصدوق من علمائنا وهو المعتمد عندي وهو أيضا قول الحسن البصري وعطا وحماد بن سليمان و عبد الملك بن يعلي والزهري وربيعة والأوزاعي وابن أبي ليلى لعموم قوله تعالى من بعد وصية يوصي بها أو دين ولان الرد حق للورثة فإذا رضوا بالوصية سقط حقهم كما لو رضي المشتري بالعيب ولان الأصل عدم اعتبار اجازة الوارث لأنه تصرف من المالك في ملكه لكن منع من الزيادة على الثلث ارفاقا للوارث فإذا رضي الوارث زال المانع ولان المال الموصي به لا يخرج عن ملك الموصي والورثة لأنه ان براء كان المال له وان مات كان للورثة فإن كان للموصي فقد أوصي به وإن كان للورثة فقد اجازة وما رواه الخاصة في الصحيح عن منصور بن حازم عن الصادق (ع) في رجل اوصى بوصيته وورثته شهود فأجازوا ذلك فلما مات الرجل نقضوا الوصية هل لهم ان (يردوه أقروا به) قال ليس لهم ذلك وصية جايزة عليهم إذا أقروا بها في حياته قالوا لم يتحقق استحقاق الورثة قبل الموت لجواز ان يبرء المريض أو يموتوا قبل موته قلنا قد بينا ان لهم تعلقا ما ولهذا منع المريض من التصرف فيه وقال مالك ان الإجازة قبل الموت تلزم الا ان يكون الوارث في نفقته تذنيب لو اذن الورثة للموصي في أن يوصي بأكثر من الثلث كان حكم اذنهم كحكم اجازتهم قبل الموت تمضي عندنا والقائلون ببطلان الإجازة قالوا لهم الرجوع في الاذن بعد الموت وقال مالك إذا أذنوا له في الوصية وهو صحيح فلهم الرجوع وان أذنوا وهو مريض فلا رجوع لهم لأنه حالة المريض حالة الحجر عليه فإذا (إذا لوا) حجره باذنهم لهم لزمهم حكم الاذن اخر إذا أجازوا بعد الموت وقبل القسمة لزمت الوصية وللشافعي في تنزيلها منزلة الإجازة قبل الموت قولان مخرجان والظاهر لزومها مسألة لا يشترط في الإجازة علم الورثة بالقدر الزايد على الثلث ولا قدر التركة لو لم يعرف الورثة قدر الزايد ولا قدر التركة صحت الإجازة عند علمائنا وهو قول أكثر الشافعية لان الإجازة تنفيذ فتجري مجري الابراء عن المجهول وعلى قولهم الأخر بأنها عطية مبتدأة يشترط علم الورثة بقدر الزايد على الثلث وقدر التركة ولو اوصى بجزء الزايد على الثلث كنصف تركته مثلا فأجاز الوارث ثم قال كنت اعتقد ان التركة قليلة فبانت أكثر مما كنت اعتقد فالأقرب الرجوع إليه وقبول قوله مع اليمين وتنفذ الوصية في القدر الذي كان يعتقده وهو قول الشافعي في كتاب الام قال أصحابه وانما يحتاج إلى اليمين إذا حصل المال في يد الموصي له إما إذا لم يحصل فلا حاجة إلى اليمين إذا جعلناها ابتداء هبة فان الهبة قبل القبض لا تلزم وقال بعضهم ان التنفيذ في القدر الذي يتحققه مبني على أن الإجازة تنفيذ فينزل منزلة الابراء إما إذا جعلناها ابتداء هبة فإذا حلف بطل في الجميع هذا إذا لم يكن بينة فان أقام الموصي له بينة على أن الوارث كان عالما بقدر التركة عند الإجازة لزمت ان جعلناها تنفيذا فان جعلناها ابتداء هبة لم يلزم إذا لم يوجد القبض إما لو كانت الوصية بمعين من التركة كعبد أو دارا أو ثوب فأجاز الوارث قال كنت أظن أن التركة كثيرة وان العبد خارج من ثلثها فظهر لي خلافه أو ظهر دين لم اعلمه أو تبين لي انه تلف بعضها لم يتلفت إليه وصحت الوصية لان العبد معلوم لا جهالة فيه والجهالة في غيره بخلاف ما إذا كانت الوصية بالجزء المشاع وقال بعضهم يحتمل ان يملك الفسخ لأنه قد يسمح بذلك ظنا منه انه يبقى له من المال ما يكفيه فإذا بان خلاف ذلك لحقه الضرر في الإجازة فملك الرجوع كالمشاع وقالت الشافعية ان جعلنا الإجازة ابتداء عطية صحت الوصية للعلم بقدر الذي وقعت الإجازة فيه وان جعلناها تنفيذا وامضاء فقولان أحدهما الصحة للعلم بالعبد والثاني انه يحلف ولا يلزم الا الثلث كما في المشاع مسألة انما تعتبر الإجازة من وارث جايز التصرف فلو أجاز الأجنبي أو الصبى أو المجنون أو المحجور عليه لسفه لم تصح الإجازة لأنها تبرع بالمال فلم تصح منه كالهبة واما المحجور عليه للفلس فان قلنا الإجارة تنفيذ صحت الوصية وان قلنا إنها هبة لم تصح لأنه ليس له هبة ماله إذا عرفت هذا فالعبرة في اجازة من هو وارث يوم الموت حتى لو اوصى لأجنبي ولا ابن له بل كان له أخ أو عم ثم تجدد بعد الموت له ابن اعتبر في تنفيذ الوصية اجازة الابن المتجدد لأنه الوارث يوم الموت وقد ظهر ان الأخ أو العم لا ارث له فلا اعتبار بإجازتهما لو كانا قد أجازوا لو كان للموصي ابن وأخ فالوارث هو الابن فلو أجاز الوصية ثم مات قبل موت الموصي بطلت اجازته واعتبر اجازة لأنه الوارث يوم الموت الباب الثاني في الوصية بالأعيان المعينة وفيه بحثان الأول في الأعيان المحرمة مسألة قد بينا انه يشترط في الوصية بالأعيان ان يكون محللة يجوز الانتفاع بها فلو اوصى بالأعيان المحرمة فإن لم يفرض لها منفعة محترمة بطلت الوصية اجماعا كما لو اوصى بما في اعانة الظالم على ظلمه والفاسق على فسقه والزناة على زناهم لأنها وصية بغير المعروف و
(٤٨٢)