وقال في الخلاف إذا وقف على من لا يصح الوقف عليه مثل عبد أو حمل أو لم يوجد أو رجل مجهول وما أشبهه ثم بعد ذلك على أولاده الموجودين في الحال وبعدهم على الفقراء والمساكين بطل الوقف فيما بدا بذكره فإنه لا يصح الوقف عليهم والاخر يصح فإذا بطل في حق من لا يصح الوقف عليه صح فيمن يصح الوقف عليه لأنه لا دليل على ابطاله ولا مانع يمنع منه وللشافعي في منقطع الأول اختلاف قول فقال في موضع الوقف جميعه باطل وقال في مؤبده قولين أحدهما انه باطل والثاني انه يصح فيما يجوز فيه دون ابتداء قال أصحابه هذان القولان مبنيان على تفريق الصفقة إذا باع ما يملك وما لا يملك وقال بعضهم فيه طريقان أحدهما انه على القولين في منقطع الأخر قال بعضهم وهما مبنيان على أن البطن الثاني ممن يتلقون ان قلنا من البطن الأول لم يصح لان الأول إذا لم يثبت له شئ استحال التلقي منه وان قلنا من الواقف فهو على الخلاف في تفريق الصفقة والثاني القطع بالبطلان والفرق بينه وبين منقطع الأخر ان منقطع الأول وجد مستحقا وابتداء صحيحا يبني الأخر عليه بخلاف العكس ولهذا يقال في منقطع الأول قولان مترتبان على القولين في منقطع الأخر وهو إلى؟ بالبطلان لان وضع الوقف على أن يدوم وليس في منقطع الأول الا ان مصرفه منتظر وسواء أثبتوا الخلاف في المسألة أو لم يثبتوا فالظاهر عندهم البطلان وهو منصوص الشافعي والثاني يقال إنه مخرج من منقطع الأخر ويقال انه منصوص أيضا والأقوى عندي البطلان والا لزم صحة الوقف مع انتفاء موقوف عليه أو وقوع الوقف المعلق على شرط أو صفة أو عدم جريان الوقف على حسب ما شرطه الواقف واللازم باقسامه باطل وهو ظاهر وبيان الشرطية انه حالة الوقف إما ان يكون هناك موقوف عليه أو لا والثاني أحد الأقسام والأول إما ان يحكم بأنه وقف على من لا يصح الوقف عليه وهو باطل بالاجماع أو على من يصح الوقف عليه فاما ان يحكم بالوقف عليه من حين العقد وذلك يخالف لما شرطه الواقف لأنه انما جعله وقفا على البطن الثاني في حال انقراض العبد أو بعد انقراض العبد وهو قول بصحة الوقف المعلق على الشرط مسألة إذا قلنا ببطلان الوقف المنقطع في الابتداء كما اخترناه فلا بحث ويكون باقيا على ملك الواقف وان قلنا بصحة كما هو اختيار الشيخ ره فهل تصرف منفعة الوقف إلى من صح في حقهم في الحال أم لا قال الشيخ في المبسوط ينظر فإن كان الذي بطل الوقف في حقه لا يصح انقراضه مثل ان يقف أولا على مجهول أو ميت فإنه يكون في الحال لمن يصح الوقف في حقهم ويكون الأول بمنزلة المعدوم الذي لم يذكر في الوقف لان وجود المجهول كعدمه لأنا إذا صححنا الوقف مع ذكره فقد ألغيناه وإن كان الموقوف عليه أولا يمكن اعتبار انقراضه كالعبد قال بعضهم يصرف إليهم في الحال لأنه لا مستحق غيرهم وهو الصحيح ومنهم من قال لا يصرف إليهم في الحال لأنه انما جعل منفعة الوقف لهم بشرط انقراض من قبلهم والشرط لم يوجد فيصرف إلى الفقراء والمساكين مدة بقاء الموقوف عليه أولا ثم إذا انقرض رجعت إليهم وقالت الشافعية على تقدير القول بصحة الوقف ينظر فإن كان الموقوف عليه أولا يصح اعتبار انقراضه فلا يمكن انتظار ما ذكره مثل ان يوقفه أولا على مجهول أو ميت أو على ولده ولا ولد له ثم على الفقراء فإنه يكون في الحال للبطن الثاني لان وجود المجهول كعدمه لأنا إذا صححنا الوقف مع ذكره فقد ألغيناه واما إن كان ممن يمكن انتظار ما ذكره إما انقراضا يمكن اعتبار انقراضه كأم ولده ثم على الفقراء واما حصولا كما لو قال وقفت على من سيولد لي فلمن تكون غلة الوقف قبل انقراضه وقبل الولادة فيه ثلاثة أوجه أحدهما انه يرجع إلى الواقف أو إلى وارثه ثم البطن الثاني لأنه لا يمكن ان يكون للثاني لأنه جعله لهم بعد انقراض الأول ولا يكون للأول لأنه لم يصح له فلم يكن أولي من الواقف وعلى هذا ففي ثبوت الوقف وجهان أحدهما يثبت لأنه نجره؟ لكن يتأخر الاستحقاق والثاني لا يثبت بل هو ملك وسبيله سبيل المعلق عتقه على صفة والوجه الثاني أنه يكون للبطن الثاني في الحال لان البطن الأول لم يصح الوقف عليه فيسقط ذكرهم كما لو كان الموقوف عليه أولا مجهولا والثالث انه يرجع إلى قرابة الواقف كما قلنا في منقطع الانتهاء وهل يعتبر فيه الفقر قولان ويقدم الأقرب فالأقرب على ما مضى ولهم وجه رابع أنه يكون للمصالح العامة والأول بعيد عندهم لأنا إذا جعلناه وقفا وجعلنا غلته للواقف فقد جعلنا له ان يقف على نفسه وان عاد إليه طلقا فقد أفسدنا وان قلنا يصير وقفا في الثاني فقد جعلنا ابتداء الوقف متعلق بالشرط وهذا كله ممتنع قالوا والأقيس هو الثالث وكذا الحكم لو وقف على معين ثم على الفقراء فرده على ذلك المعين فإنه يصير منقطع الابتداء مسألة الوقف الذي لا خلاف في صحته ما كان معلوم الابتداء والانتهاء غير منقطع فيهما ولا في الوسط مثل ان يقف على الفقراء والمساكين أو على طائفة لا يجوز بحكم العادة انقراضهم واما إن كان غير معلوم الانتهاء مثل ان يقف على قوم يجوز انقراضهم بحكم العادة ولم يجعل آخره للمساكين ولا جهة غير منقطعة فان الوقف يصح عند بعضهم دون بعض على ما تقدم من الخلاف وإن كان معلوم الانتهاء غير معلوم الابتداء فقد تقدم الخلاف فيه أيضا وإن كان منقطع الابتداء مثل ان يقفه على من لا يجوز الوقف عليه كنفسه أو أم ولده أو عبده أو كنيسة أو مجهول فإن لم يذكر له ما لا يجوز الوقف عليه فالوقف باطل وكذا ان جعل ماله مما لا يجوز الوقف عليه لأنه أخل بأحد شرطي الوقف فيبطل كما لو وقف مالا يجوز وقفه وان جعل له مالا يجوز الوقف عليه مثل ان يقفه على عبده ثم على المساكين فقولان تقدما ولو كان الوقف صحيح الطرفين ومنقطع الوسط مثل ان يقف على ولده ثم على عبيدهم ثم على الفقراء خرج في صحة الوقف وجهان كمنقطع الانتهاء ثم ينظر فيمن لا يجوز الوقف عليه فإن لم يمكن اعتبار انقراضه ألغيناه إذا قلنا بالصحة وان أمكن اعتبار انقراضه فهل يعتبر أو يلقى وجهان سبقا مرتبان على منقطع الأخر ان صححناه فهذا أولي والا فوجهان ويصرف عند توسط الانقطاع إلى أقرب الناس إلى الواقف أو إلى المساكين أو إلى المصالح أو إلى الجهة العامة على الخلاف السابق وإن كان منقطع الطرفين صحيح الوسط كرجل وقف على عبده ثم على أولاده ثم على الكنيسة خرج في صحته أيضا وجهان ومصرفه بعد من يجوز مصرف الوقف المنقطع ولا خلاف في أن الوقف إذا كان منقطع الابتداء والانتهاء والوسط يكون باطلا كما أنه لا خلاف في صحته مع اتصال الثلاثة مسألة لو قال هذا وقف على ولدي سنة ثم على المساكين صح اجماعا وكذا لو قال هذا وقف على ولدي مدة حياتي ثم هو بعد موتى للمساكين صح اجماعا لأنه وقف متصل الابتداء والانتهاء والوسط ولو وقف على من لم ينقرض غالبا ثم على من ينقرض واقتصر فان وقت الأول كان حكمه حكم منقطع الانتهاء وفي صحته قولان سبقا مثل أن يقول هذا وقف على المساكين سنة أو عشر سنين ثم هو وقف على أولادي ولم يذكر المصرف بعد أولاده ففيه ما تقدم من الخلاف في منقطع الانتهاء أو لا ينصرف بعد أولاده إلى الفقراء كما كان وان لم يكن موقتا مثل أن يقول هذا وقف على المساكين ثم من بعد انقراضهم يكون وقفا على ولدي كان وقفا على المساكين ولغا قوله على أولادي لان المساكين لا يمكن انقراضهم فان فرض صح الوقف على أولاده بعد انقراضهم ولو علق انتهاء وقفه على شرط نحو قوله داري هذه وقف إلى سنة أو إلى أن يقدم الحاج في صحته وجهان تقدما المطلب الثالث في الالزام مسألة يشترط في الوقف الالزام فلا يقع لو شرط الخيار فيه لنفسه ويكون الوقف باطلا كالعتق والصدقة وكذا لو قال وقفت بشرط ان أبيعه أو ارجع فيه متى شئت لان الوقف إزالة ملك إلى الله تعالى كالعتق أو الموقوف عليه كالبيع والهبة وعلى التقديرين فهذا الشرط مفسد وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم ان العتق لا يفسد ويفسد الوقف وفرق بينهما بان العتق مبني على الغلبة والسراية ولو شرط عودة إليه عند حاجة صح الشرط وبطل الوقف وصار حبسا يعود فيه مع الحاجة ويورث وقال ابن إدريس يبطل الوقف وقال بعض الشافعية يحتمل ان يبطل الشرط ويصح أصل الوقف ولو وقف على
(٤٣٤)