في العمد القصاص والدية انما ثبت بالصلح والتراضي والقصاص ليس مالا فلا يمنع من التصرف فيه بالاسقاط لان ذلك ليس تضييعا للمال ومن قال الواجب أحد الشيئين لم يصح عفوه عن المال ووجب المال كما لو سقط القصاص بعفو أحد الشريكين عندهم مسألة حكم السفيه في العبادات حكم الرشيد إلا أنه لا يفرق الحقوق المالية بنفسه كالزكاة والخمس لأنه تصرف في المال وهو ممنوع منه على الاستقلال ولو أحرم بالحج أو بالعمرة صح احرامه بغير اذن الولي ثم إن كان قد أحرم بحجة الاسلام أو بعمرته لم يكن للولي عليه الاعتراض سواء زادت نفقة السفر أو لا وينفق عليه الولي وكذا لو أحرم بحج أو عمرة واجبتين بنذر أو شبهه كان قد أوجبه قبل الحجر عليه وإن كان الحج أو العمرة مندوبين فان تساوت نفقته سفرا وحضرا انعقد احرامه وصح نسكه وكان على الولي الانفاق عليه أو يدفع النفقة إلى ثقة لأنه لا ضرر على المال في هذا الاحرام وإن كان نفقة السفر أكثر فان قال انا اكتسب الزيادة فكالأول يدفع إليه نفقته الأصلية في الحضر ويتكسب هو في الطريق الزيادة لانتفاء الضرر عن ماله وان لم يكن له كسب أو كان ولا يفي بتلك الزيادة فللولي منعه وتحلله بالصوم كالمحصور إذا جعلنا لدم الاحصار بدلا لأنه محجور عليه في المال وهو أصح وجهي الشافعية والثاني ان عجزه عن النفقة لا يلحقه بالمحصر بل هو كالمفلس الفاقد للزاد والراحلة لا يتحلل الا بلقاء البيت وهو مشتمل على الضرر فالأول أولى ولو نذر الحج بعد الحجر عليه فالأقوى انعقاده لكن لا يمكن منه ان زادت نفقته في السفر ولم يكن له كسب يفي بها بل إذا رفع الحجر عنه حج وقال بعض الشافعية الحجة المنذورة بعد الحجر كالمنذورة قبله ان سلكنا بالمنذور مسلك واجب الشرع والا فهي بحجة التطوع ولو نذر التصدق بعين ماله لم ينعقد ولو نذر في الذمة انعقد ولو حلف انعقد يمينه فان حنث كفر بالصوم كالعبد لو فك الحجر عنه قبل تكفيره بالصوم في اليمين وخلف النذر والظهار والافطار وغير ذلك لزمه العتق ان قدر عليه لأنه الان متمكن ولو فك بعد صومه للكفارة لم يلزمه شئ الفصل الرابع في المتولي لمال الطفل والمجنون والسفيه مسألة قد بينا انه ليس للصغير التصرف في شئ ما من الأشياء قبل بلوغه خمس عشرة سنة في الذكر وتسع سنين في الأنثى سواء كان مميزا أو لا مدركا لما يضره وينفعه أو لا حافظا لماله أو لا وقد روى أنه إذا بلغ الطفل عشر سنين بصيرا جازت وصيته بالمعروف وصدقته وأقيمت عليه الحدود التامة وفي رواية أخرى إذا بلغ خمسة أشبار والمعتمد ما تقدم ولو اذن له الولي لم يصح الا في صورة الاختبار ان قلنا بأنه قبل البلوغ على ما تقدم ولو قلنا بالرواية نفذ تصرفه في الوصية بالمعروف والصدقة وقبل اقراره بهما لان من ملك شيئا ملك الاقرار به وهل يصح بيع المميز وشراؤه بإذن الولي الوجه عندي انه لا يصح ولا ينفذ وهو إحدى الروايتين عن أحمد وبه قال الشافعي لقوله تعالى ولا تؤتوا السفهاء أموالكم وانما يعرف زوال السفه بالبلوغ والرشد ولأنه غير مكلف فأشبه غير المميز ولان العقل لا يمكن الوقوف عليه على الحد الذي يصلح به التصرف والذي لا يصلح لخفائه وتزايده إلى وقت البلوغ على التدريج والمراتب خفية في الغاية فجعل الشارع له ضابطا وهو البلوغ فلا يثبت له احكام العقلاء قبل وجود المظنة وقال أبو حنيفة واحمد في الرواية الأخرى يجوز بيع المميز وشراؤه وتصرفه بإذن الولي لقوله تعالى وابتلوا اليتامى اي اختبروهم ليعلم رشدهم وانما يتحقق اختبارهم بتفويض التصرف إليهم من البيع والشراء وغيرهما ليعلم هل بلغ حد الرشد أم لا ولأنه عاقل مميز محجور عليه فصح تصرفه بإذن الولي بخلاف غير المميز فإنه لا يصلح تحصيل المصلحة بتصرفه لعدم تميزه وعدم معرفته ولا حاجة إلى اختباره لأنه قد علم حاله وقد بينا الخلاف في أن الاختبار هل هو قبل البلوغ أو بعده فان قلنا إنه بعد البلوغ فلا بحث وان قلنا إنه قبله قلنا المراد المساومة والمماكسة فإذا وقف الحال على شئ باع الولي وباشر العقد بيعا وشراء دون الصبي وبهذا يحصل الاختبار والعقل غير معلوم السمة له وانما يعلم بما ضبطه الشارع علامة عليه وهو البلوغ كالمشقة المنوطة بالمسافة تذنيب قال أبو حنيفة لو تصرف الصبي المميز بالبيع والشراء وشبههما صح تصرفه ويكون موقوفا على اجازة الولي وأما غير المميز فلا يصح تصرفه سواء اذن له الولي أو لا لسلب أهليته عن مباشرة التصرفات ولا فرق بين الشئ اليسير والكثير في المنع من تصرف غير المميز وقال احمد يصح تصرف غير المميز في الشئ اليسير لان أبا الدرداء اشترى عصفورا من صبي وأرسله وفعله ليس حجة وجاز ان يكون قد عرف انه ليس ملكا للصبي فاستنقذه منه مسألة يثبت الرشد عند الحاكم بشهادة رجلين عدلين في الرجال وفي النساء أيضا لان شهادة الاثنين مناط الاحكام ويثبت في النساء بشهادة أربع أيضا لأنه مما يطلع عليه النساء ولا يطلع عليه الرجال غالبا فلو اقتصرنا في ثبوت رشدهن على شهادة الرجال لزم الحرج والضيق وهو منفي بالاجماع وكذا يثبت بشهادة رجل وامرأتين وبشهادة أربع خناثى لجواز أن يكون نساء ولا يثبت بتصديق الغريم سواء كان ممن يؤخذ منه الحق أو يدفع إليه لما فيه من التهمة مسألة الولاية في مال المجنون والطفل للأب والجد له وأن علاء ولا ولاية للام اجماعا إلا من بعض الشافعية بل إذا فقد الأب والجد وان علاء كانت الولاية لوصي أحدهما ان وجد فإن لم يوجد كانت الولاية للحاكم يتولاها بنفسه أو يوليها أمينا ولا ولاية لجد الام كما لا ولاية للام ولا لغير الأب والجد له من الأعمام والأخوال أو غيرهما من الأنساب قربوا أم بعدوا وقد روى أن للام ولاية الاحرام بالصبي والمعتمد ما قلناه وقال أبو سعيد الإصطخري من الشافعية ان للام ولاية المال بعد الأب والجد ويقدم على وصيهما لزيادة شفقتها وهو خارق للاجماع مسألة الولاية في مال السفيه للحاكم سواء تجدد السفه عليه بعد بلوغه أو بلغ سفيها لان الحجر يفتقر إلى حكم الحاكم وزواله أيضا يفتقر إليه فكان النظر في ماله إليه ولا ولاية للأب ولا للجد ولا لوصيهما على السفيه وقال احمد ان بلغ الصبي سفيها كانت الولاية للأب أو الجد له أو الوصي لهما مع عدمهما وإلا فالحاكم ولا بأس به إذا عرفت هذا فإن كان الأب للصبي والجد موجودين اشتركا في الولاية وكان حكم الجد أولى لو عارضه حكم الأب الفصل الخامس في كيفية التصرف مسألة الضابط في تصرف المتولي لأموال اليتامى والمجانين اعتبار الغبطة وكون التصرف على وجه النظر والمصلحة فللولي أن يتجر بمال اليتيم ويضارب به ويدفعه إلى من يضارب له به ويجعل له نصيبا من الربح ويستحب له ذلك سواء كان الولي أبا أو جدا له أو وصيا أو حاكما أو أمين حاكم وبه قال علي (ع) وعمر وعايشة والضحاك ولا نعلم فيه خلافا إلا ما روى عن الحسن البصري كراهة ذلك لان خزنه احفظ وابعد له من التلف والأصح ما ذكرناه لما رواه العامة عن عبد الله بن عمرو بن العاص ان النبي صلى الله عليه وآله قال من ولي يتيما له مال فليتجر له ولا يتركه حتى يأكله الصدقة ومن طريق الخاصة ما رواه أسباط بن سالم أنه قال للصادق (ع) كان لي أخ هلك فأوصى إلى أخ أكبر مني وأدخلني معه في الوصية وترك ابنا صغيرا وله مال أفيضرب به للابن فما كان من فضل سلمه لليتيم وضمن له ماله فقال إن كان لأخيك مال يحيط بمال اليتيم ان تلف فلا بأس به وان لم يكن له مال فلا يعرض لمال اليتيم ولان ذلك أنفع لليتيم وأكثر حظا له لأنه ينفق من ربحه ويستدرك من فايدته ما يعلمه الانفاق كما يفعله البالغون في أموالهم وأموال من يغر عليهم من أولادهم مسألة وإذا أتجر لهم ينبغي ان يتجر في المواضع (الامنة ولا يدفعه إلا لأمين ولا يغرر بماله وقد روى أن عايشة أبضعت مال محمد بن أبي بكر في البحر ويحتمل ان يكون في موضع مأمون قريب من الساحل أو أنها ضمنته ان هلك غرمته هي أو انها أخطأت في ذلك فليس فعلها حجة إذا عرفت هذا فان للوصي ان يتجر بنفسه ويجعل الربح بينه وبين اليتيم على جاري العادة لأنه جاز ان يدفعه كذلك إلى غيره فجاز ان يأخذ ذلك لنفسه وقال بعض العامة لا يجوز أن يعمل به بنفسه لان الربح
(٨٠)