صرف منه إلى من ظهر بقسط ما أخذه الأولان فان فضل شئ قسم على الثلاثة وانما يشارك الغريم والظاهر لو كان حقه سابقا على الحجر إما لو كان حادثا بعد الحجر فلا يشارك الأولين في المال القديم وان ظهر مال قديم وحدث مال اتهاب أو احتطاب أو شبهه فالقديم للقدماء خاصة والحادث للجميع. مسألة: إذا باع المفلس شيئا من ماله قبل الحجر و تلف الثمن في يده باتلافه أو بغير اتلافه ثم حجر عليه الحاكم كان ذلك كدين ظهر على المفلس الحكم ما تقدم ولو باع الحاكم ماله وظهر الاستحقاق بعد قبض الثمن وتلفه رجع المشتري مال المفلس ولا يطالب الحاكم به ولو نصب الحاكم أمينا حتى باعه ففي كونه طريقا اشكال كما في العدل الذي نصبه القاضي لبيع الرهن ثم رجوع المشتري في مال المفلس ورجوع الأمين ان قلنا إنه طريق للضمان وغرم للشافعي فيه قولان أحدهما انه يضارب مع الغرماء لأنه دين في ذمة المفلس كساير الديون والثاني انه يقدم على الغرماء لأنا لو قلنا بالضمان به لرغب الناس عن شراء مال المفلس فكان التقديم من مصالح الحجر كأجرة الكيال ونحوها من المؤن والثاني عندي أقوى. مسألة: يجب على الحاكم ان ينفق على المفلس إلى يوم الفراغ من بيع ماله وقسمته فيعطيه نفقة ذلك اليوم له ولعياله الواجبي النفقة من الزوجات والأقارب لأنه موسر ما لم يزل ملكه وكذا يكسوهم بالمعروف وكل هذا إذا لم يكن له كسب يصرف إلى هذه الجهات وهل ينفق على الزوجات نفقة المعسرين أو الموسرين الأقرب عندي الأول ويحتمل الثاني لأنه لو أنفق نفقة المعسر لما لزمه نفقة الأقارب وللشافعي قولان. مسألة: لا يباع على المفلس مسكنه ولا خادمه ولا فرس ركوبه وقد تقدم ذلك في باب الدين وقد وافقنا على عدم بيع المسكن أبو حنيفة واحمد وإسحاق لأنه مما لا غنا للمفلس عنه ولا يمكن حياته بدونه فلم يصرف في دينه كقوته وكسوته وقال الشافعي يبيع جميع ذلك وبه قال شريح ومالك ويستأجر له بدلها واختاره ابن المنذر لقوله (ع) في المفلس خذوا ما وجدتم وقد وجد عقاره وهو قضية شخصية جاز ان يقع فيمن لا عقار له مع أن الشافعي قال إنه يعدل في الكفارات المرتبة إلى الصيام وإن كان له مسكن وخادم ولا يلزمه صرفهما إلى الاعتاق فبعض أصحابه خرج منه قولين في الديون وبعضهم قرر القولين وفرقوا من وجهين أحدهما ان الكفارة لها بدل ينتقل إليه والدين بخلافه وثانيهما ان حقوق الله تعالى مبنية على المساهلة وحقوق الآدميين على الشح والمضايقة ثم قالوا المسكن أولي بالابقاء من الخادم فينتظم ان يرتب الخلاف فيقال فيهما ثلاثة أوجه في الثالث يبقى المسكن دون الخادم فان قلنا بالابقاء فذاك إذا كان لايقا بالحال دون النفيس الذي لا يليق به ويشبه ان يكون المراد ذلك أنه إن كان ثمينا بيع والا فلا. مسألة:
يجب على الحاكم ان يترك له دست ثوب يليق بحاله وقميص وسراويل ومنديل ومكعب ويزيد في الشتاء حبة ويترك له العمامة والطيلسان والخف ودراعة يلبسها فوق القميص إن كان لبسها يليق بحاله لان حطها عنه يزري بحاله وفي الطيلسان والخف نظر والأولى الاعتبار بما يليق بحاله في افلاسه لا في حال ثروته ولو كان يلبس قبل الافلاس أزيد مما يليق بحاله رد إلى اللايق وإن كان يلبس دون اللايق تقييرا لم يزد عليه في الافلاس ويترك لعياله من الثياب ما يترك له ولا يترك الفروش والبسط بل يسامح باللبد والحصير القليل القيمة. مسألة: يجوز ان يترك له نفقة يوم القسمة وكذا نفقة من عليه نفقته لأنه موسر في أول ذلك اليوم ولا يزيد على نفقة ذلك اليوم فإنه لا ضبط بعده وكل ما يترك له إذا لم يوجد في ماله اشترى له لقوله ابدا بنفسك ثم بمن تعول ومعلوم ان فيمن يعوله من يجب نفقته ويكون دينا عليه وهي الزوجة فإذا قدم نفقة نفسه على نفقة الزوجة فكذا على حق الغرماء لان حرمة الحي اكد من حرمة الميت لأنه مضمون بالاتلاف ويتقدم تجهيز الميت ومؤنته على دينه فكذا نفقة الحي وتقدم أيضا نفقة أقاربه كالوالدين والولد لانهم يجرون مجرى نفسه لان النفقة لاحيائهم ولأنهم يعتقون عليه إذا ملكهم كما يعتق إذا ملك نفسه فكانت نفقتهم كنفقته وكذا زوجته تقدم نفقتها لان نفقتها اكد من نفقة الأقارب لأنها يجب على طريق المعاوضة ويجب قضاؤها بخلاف نفقة الأقارب وفيها معنى الاحياء كما في الأقارب ويجب كسوتهم أيضا لان البقاء لا يتم بدونه فإن كان ممن عادته الثياب الخشنة دفع إليه من الخشن وإن كانت عادته الناعم دفع إليه أوسط الناعم وإن كان لباسه من فاخر الثياب الجيدة اشترى له من ثمنها أقل ما يلبس اقصد من هو في مثل حاله ولو كان ذا كسب جعلت نفقته في كسبه فان فضل الكسب فالفاضل للغرماء وان أعوز اخذ من ماله. مسألة: ولو مات كفن من ماله لان نفقته كانت واجبة في ماله حالة الحياة فوجب تجهيزه إذا مات كأقاربه وهو أحد قولي الشافعي وقال في الأخر لا يلزمه كفنها وبه قال احمد لان النفقة وجبت في مقابلة الاستمتاع وقد فات بالموت فسقطت النفقة بخلاف الأقارب فان قرابتهم باقية وينتقض بالعبد فان النفقة وجبت بالملك وقد زال بموته ومع هذا يجب تجهيز العبد إذا ثبت هذا فإنه يكفن الكفن الواجب وهو ثلاثة أثواب ميزر وقميص وازار عندنا ومن اقتصر في الواجب على الواحدة اقتصر عليها هنا ولا يجوز ان يكفن أزيد مما يستحب زيادته الا بإذن الغرماء. مسألة: لا يؤمر المفلس بتحصيل ما ليس بحاصل له وان لم يمكن من تفويت ما عنده حتى لو جنى على المفلس أو على عبده جان فله القصاص ولا يلزمه ان يعفو عن المال لأنه اكتساب ولو أوجبت الجناية المال لم يكن له العفو مجانا لأنه تفويت الا بإذن الغرماء وكذا لو قتل المفلس لم يكن لوارثه العفو مجانا إن كان قتل خطأ ولو أسلم في شئ لم يكن له ان يقبض أدون صفة أو قدرا الا بإذن الغرماء فإذا قسم ماله وقصر عن الديون أو لم يكن له مال البتة لم يؤمر بالتكسب ولا بان يواجر نفسه ليصرف الأجرة والكسب في الديون أو في نفقتها وبه قال الشافعي ومالك واحمد في إحدى الروايتين لقوله تعالى وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ولما رواه العامة عن أبي سعيد الخدري ان رجلا أصيب في ثمار ابتاعها فكثر دينه فقال النبي صلى الله عليه وآله تصدقوا عليه فتصدقوا عليه فلم يبلغ وفاء دينه فقال النبي صلى الله عليه وآله خذوا ما وجدتم ليس لكم الا ذلك ولان النبي صلى الله عليه وآله لما حجر على معاذ بن جبل لم يزد على بيع ماله ومن طريق الخاصة ما رواه غياث بن إبراهيم عن الصادق (ع) عن الباقر (ع) ان عليا (ع) كان يحبس في الدين فإذا تبين له افلاس وحاجة خلى سبيله حتى يستفيد مالا واستعدت امرأة على زوجها عند أمير المؤمنين (ع) انه لا ينفق عليها وكان زوجها معسرا فابى ان يحبسه وقال إن مع العسر يسرا ولو كان التكسب واجبا لأمر به ولان هذا تكسب للمال فلا يجبر عليه كما لا يجبر على قبول الهبة والصدقة ولا يجبر المراة على التزويج ليأخذ المهر كذا هنا وعن مالك رواية أخرى انه إن كان ممن يعتاد اجارة نفسه لزمه وقال احمد في الرواية الشهيرة عنه وإسحاق يواجر فان امتنع أجبره القاضي وبه قال عمر بن عبد العزيز و عبد الله بن الحسن العنبري وسوار القاضي لان النبي صلى الله عليه وآله باع سرقا في دينه وكان سرقا دخل المدينة وذكر ان له مال فدانته الناس فركبته الديون ولم يكن وراءه مال فاتى به النبي صلى الله عليه وآله فسماه وباعه بخمسة أبعرة قالوا والحر لا يجوز بيعه فثبت انه باع منافعه رواه العامة ومن طريق الخاصة ما رواه السكوني عن الصادق عن الباقر (على) ان عليا (ع) كان يحبس في الدين ثم ينظر فإن كان له مال اعطى الغرماء وان لم يكن له مال دفعه إلى الغرماء فيقول لهم اصنعوا به ما شئتم ان شئتم أجروه وان شئتم استعملوه وذكر الحديث ولان المنافع تجري مجرى الأعيان في صحة العقد عليها وتحريم اخذ الزكاة كالأعيان والحديث الذي رووه من طرق العامة منسوخ بالاجماع لان البيع وقع على رقبته ولهذا روى في الحديث ان غرماه قالوا للذي يشتريه ما تصنع به فقال أعتقه فقالوا لسنا بأزهد منك في اعتاقه فاعتقوه وحديث الخاصة ضعيف السند لأنه رواية السكوني وهو عامي المذهب و المنافع لا تجري مجرى المال في جميع الأحكام فإنه لا يجب عليه الحج لأجل المنافع ولا الزكاة. مسألة: لو كانت له أم ولد أو ضيعة موقوفة عليه ففي وجوب مواجرتها نظر من حيث إن المنافع وان لم يكن مالا فإنها تجري مجريها فيجعل بدلها للدين ومن حيث إن المنافع لا تعد أموالا حاضرة حاصلة ولو كانت تعد من الأموال لوجب اجارة المفلس