التحريم به من غير رضاع ولو ارتضع بحيث يصل إلى فيه ثم مجه لم يثبت التحريم وكان الاعتبار به وما وجد منه الا دفعة واحدة فكان رضعة واحدة وان سقطه في أوقات فقد وجد في خمس أوقات فكان خمس رضعات فاما ان سقطه من لبن المجموع جرعة بعد جرعة متتابعة قال بعض الحنابلة انه رضعة واحدة لاعتباره خمس رضعات متفرقات ولان المرجع في الرضعة إلى العرف وهم لا يعدون هذا رضعات فأشبه ما لو اكل الاكل الطعام لقمة بعد لقمة فإنه لا يعد أكلات وتغير كلام الشافعي انه إذا حلب اللبن من المراة دفعة واحدة ثم ارتضع الصبى دفعات فقولان أحدهما أنه يكون رضعة واحدة والثاني انه رضعات وان حلب خمس دفعات متفرقات فشربها الصبى دفعة واحدة فقولان أيضا كما لو حلبته دفعة واحدة وشربه متفرقات وقال بعض الشافعية يكون رضعات ولو حلب خمس دفعات متفرقات وخلط فشرب منه خمس دفعات فقولان أحدهما أنه يكون خمس رضعات لان الارضاع متفرق والحلب متفرق فأشبه المتميز ومنهم من قال يكون واحدة لان كل مرة يشرب الصبى لا يتميز حلبه وانما يكون بعضها من هذه وبعضها من هذه فلا تكمل الرضعة الا بالخمس مسألة يشترط في الصبى المرتضع ان يكون له دون الحولين وان يكمل العدد باسره في الحولين عند علمائنا أجمع وهو قول أكثر أهل العلم وهو قول علي (ع) وابن عباس وعمرو بن عمرو بن مسعود وأبو هريرة وأزواج النبي صلى الله عليه وآله سوى عايشه واليه ذهب الشعبي وابن شبرمة والأوزاعي و الشافعي واسحق وأبو يوسف ومحمد وأبو ثور واحمد ومالك في إحدى الروايات عنه لقوله تعالى والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد ان يتم الرضاعة جعل تمام الرضاع في الحولين وهو يدل على أمان بعد الحولين بخلافه وقوله تعالى وفصاله في عامين ولما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لارضاع الا ما كان في الحولين وقال أيضا عليه السلام الارضاع بعد فصال ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لارضاع بعد فطام قلت جعلت فداك وما الفطام قال الحولين الذي قال الله عز وجل وقال عليه السلام الرضاع قبل ان يفطم والرواية الثانية عن مالك انه إذا زاد شهرا على الحولين تعلق به التحريم فجعل أكثر الرضاع حولين وشهرا واحدا وعنه رواية ثالثة انه ان زاد شهرين تعلق به الحرمة أيضا فجعل أكثر الرضاع حولين وشهرين وعنه رواية رابعة ان الحرمة تثبت ما دام محتاجا إلى اللبن وقال أبو حنيفة يحرم الرضاع في ثلثين شهرا لقوله تعالى وحمله وفصاله ثلثون شهرا ولم يرد بالحمل حمل الأحشاء ولأنه يكون سنين فعلم أنه أراد الفصال خاصة وهو غلط لأنه حكم بخلاف ما نطق به الكتاب العزيز وقول الصحابة فقد روى عن علي (ع) وابن عباس ان المراد بالحمل حمل البطن وبه استدل على أن ا قل مدة الحمل ستة أشهر ودل عليه قوله تعالى وفصاله في عامين فلو حمل على ما قال أبو حنيفة لكان مخالفا لهذه الآية وقال زفر مدة الرضاع ثلاث سنين وروى عن عايشه انها قالت يحرمه ابدا فلو ارتضع الكبير الفاني نشز الحرمة وبه قال عطا والليث وداود لما روى أن سهله بنت سهيل قالت يا رسول الله انا كنا نرى سالما ولدا فكان يأوى معنا ومع أبى حذيفة في بيت واحد ويرى بي فضلا وقد انزل الله انا كنا نرى فيهم ما قد علمت فكيف ترى فيهم قال لها النبي صلى الله عليه وآله ارضعيه فأرضعته خمس رضعات فكان بمنزلة ولدها فبذلك كانت عايشه تأخذ تأمر بنات أخواتها وبنات اخوتها يرضعن من أخت عايشه ان يراه ويدخل عليها وإن كان كبيرا خمس رضعات وأبت ذلك أم سلمة وساير أزواج النبي صلى الله عليه وآله ان يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس حتى يرضع في المهد وقلن لعايشة والله ما تدرى لعلها رخصته من النبي صلى الله عليه وآله دون الناس والآيات والأخبار السابقة أولي بالاتباع قالت عايشه ان رسول الله صلى الله عليه وآله دخل عليها وعندها رجل فتغير وجه النبي صلى الله عليه وآله فقالت يا رسول الله صلى الله عليه وآله انه اخى من الرضاعة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله انظرن من اخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة وقالت أم سلمة قال رسول الله لا يحرم من الرضاع الا ما فتق الأمعاء وكان قبل الطعام وحديث سالم كان مخصوصا بذلك لان سهلة كانت تبنت به فلما نزل تحريم النبي صلى الله عليه وآله قالت يا رسول الله تعلم موضع سالم منا فجعل لها ارضاعه ويكن يوجد هذا المعنى لغيره مسألة الاعتبار بالعامين لا بالفطام فلو فطم قبل الحولين ثم ارتضع فيها حصل التحريم لوجود المقتضى ولقول الصادق (ع) لارضاع بعد فطام قلت جعلت فداك وما لفطام قال الحولين الذين قال الله عز وجل ولو لم يفطم حتى يتجاوز الحولين ثم ارتضع بعدهما قبل الفطام لم يثبت التحريم وقال ابن القسم صاحب مالك لو ارتضع بعد الفطام في الحولين لم يحرم لقوله تعالى وكان قبل الفطام وليس بجيد لقوله تعالى والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين وروى عنه (ع) لارضاع الا ما كان في الحولين والفطام معتبر بمدة لا ينفسه ولو رضع العدد الا رضعة فتم الحولين ثم اكمله بعدهما لم ينشر الحرمة وكذا لو كملت الحولان ولم يرو من الأخيرة إما لو تمت الرضعة مع تمام الحولين فإنه ينشر الحرمة وقال بعض العامة لو شرع في الخامسة فحال الحولين قبل كمالها نشر الحرمة لان ما وجد من المرضعة في الحولين كان في التحريم بدليل ما لو انفصل مما بعده فلا ينبغي ان يسقط حكمه باتصال مالا اثر له به وليس بجيد للاخبار السابقة مسألة تعتبر الحولان بالأهلة لأنه المتعارف فان أنكر الشهر الأول اعتبر ثلاثة وعشرون شهرا بالأهلة ويكمل المنكسر بالعدد من الشهر الخامس والعشرين ويحسب ابتداء الحولين من وقت انفصال الولد بتمامه وهو القياس عند الشافعي وقال بعض أصحابه لو خرج نصف الولد ثم بعد مدة خرج الباقي فابتداء الحولين في الرضاع عند ابتداء خروجه ولهم وجهان فيما لو ارتضع قبل ان ينفصل جميعه هل يتعلق به حرمة أم لا مسألة لا شك ان الجويني شرط في المرتضع وهل هما شرط في ولد المرضعة يحتمل ذلك لقوله تعالى لمن أراد ان يتم الرضاعة دل على أن ما خرج عن ذلك ليس له حكم وليس رضاعا معتبرا في نظر الشرع فلبنه غير ناشر للحرمة ومنع بعض علمائنا اشتراط ذلك إذا عرفت هذا فان حياة المرتضع عند علمائنا شرط في التحريم لان الشرط في الرضاع امتصاص الصبى من الثدي ولا يتحقق بدون الحياة وباشتراط الحياة قال الشافعي فلا اثر للوصل إلى معدة الميت لخروجه عن التغذي ونبات اللحم البحث الخامس في الارتضاع مسألة لا يكفى في التحريم بالرضاع مسمى الارتضاع عند علمائنا كافة وبه قالت عايشه وابن مسعود وابن الزبير وعطا وطاوس والشافعي واحمد في أصح الروايات عنه واسحق وابن ثور وداود وابن المنذر لما رواه عن عايشه انها قالت كان فيما انزل عشر رضعات معلومات يحر من فسخ بخمس معلومات يحرمن وعن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال الرضاع ما ابنت اللحم وانشر العظم ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لا يحرم من الرضاع الا ما انبت اللحم وشد العظم وسال عبد الله ابن سنان الكاظم (ع) قال قلت له من الرضاع الرضعة والرضعتان والثلاثة قال لا الا ما اشتد عليه العظم ونبت اللحم ولاستلزامه المشقة والتضييق فان أكثر الناس لا ينفكون عن الرضعة والرضعتين ولمنافاته لأصالة الإباحة وروى العامة عن علي (ع) وعن ابن عباس وابن عمر تحريم القليل والكثير وبه قال مالك والثوري وأبو حنيفة والأوزاعي والليث واحمد في إحدى الروايات وزعم من الليث ان المسلمين اجمعوا على أن قليل الرضاع وكثيره يحرم في المهد ما يفطر به الصايم لقوله تعالى وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وهو يصدق في القليل والكثير وقوله (ع) يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وبما روى عن علي (ع) قال تحرم الرضعة ما يحرم الحولان ولأنه فعل تعلق به تحريم مؤبد فلم يعتبر فيه العدد كتحريم أمهات النساء والآية لا حجة فيها لأنها تدل على الكثرة فإنه لا يقال فلان الذي يفعل كذا الا إذا كان يصدق عنه مرة غير واحده في الغالب وكذا في الخبر والحديث المنقول عن علي (ع) ممنوع فان العترة اجمعوا على اعتبار العدد وهم اعرف بمذهب
(٦١٩)