وكان في عزمه القضاء ولو أنفقه في المعصية أو لم يكن في عزمه القضاء كان مأثوما قال عبد الغفار [الرحمن] الخلدي [الحارى] سألت الصادق (ع) عن رجل مات وعليه دين قال إن كان على بدنه أنفقه من غير فساد لم يؤاخذه الله عز وجل إذا علم من نيته الأداء الا من كان لا يريد ان يؤدي عن أمانته فهو بمنزلة السارق وكذلك الزكاة أيضا وكذلك من استحل ان يذهب بمهور النساء. مسألة: إذا طولب المديون بالدين الحال أو المؤجل بعد حلوله وكان متمكنا من القضاء وجب عليه ويجب عليه دفع جميع ما يملكه عدا دار السكنى وعبد الخدمة وفرس الركوب وقوت يوم وليلة له ولعياله ولا يجوز مع دار السكنى عند علمائنا أجمع خلافا للعامة لان في ذلك اضرارا بالمديون إذ لابد له من مسكن فان الانسان مدني بالطبع لا يمكنه ان يعيش بغير مسكن فأشبه النفقة التي تقدم على الدين وقال زرارة للصادق (ع) ان لي على رجل دينا وقد أراد ان يبيع داره فيعطيني قال فقال أبو عبد الله الصادق (ع) أعيذك بالله ان تخرجه من ظل رأسه وروى إبراهيم بن هشام ان محمد بن أبي عمير كان رجلا بزازا فذهب ماله وافتقر وكان له على رجل عشرة ألف درهم فباع دارا له كان يسكنها بعشرة ألف درهم وحمل المال إلى بابه فخرج إليه محمد بن أبي عمير فقال ما هذا قال هذا مالك الذي لك علي قال ورثته قال لا قال وهب لك قال لا قال فهل هو ثمن ضيعة بعتها قال لا قال فما هو قال بعت داري التي اسكنها لأقضي ديني فقال محمد بن أبي عمير حدثني دريح المحاربي عن الصادق (ع) أنه قال لا يخرج الرجل عن مسقط رأسه بالدين ارجعها فلا حاجة لي فيها والله إني لمحتاج في وقتي هذا إلى درهم واحد وما يدخل ملكي منها درهم واحد وفي وجه لبعض الشافعية مثل ما قلناه ثم اعترض العامة على أنفسهم بان من وجبت عليه الكفارة لا يباع عليه مسكنه وخادمه فما الفرق وأجابوا بان حقوق الله تعالى وجبت على سبيل المساهلة والرفق وحقوق الآدميين على سبيل المشاحة ولان الكفارة لها بدل ينتقل إليه والدين بخلافه ولان حقوق الله تعالى لم تجب على سبيل المعاوضة وحقوق الآدميين وجبت على سبيل المعاوضة فكانت آكد ولهذا لو وجب حق الله تعالى على سبيل العوض مثل ان يتلف شيئا من الزكاة فإنه يباع فيه مسكنه ولهذا يباع مسكنه في نفقة الزوجة دون نفقة الأقارب وهو ممنوع ولهذا جوزنا له اخذ الزكاة مع المسكن والخادم فكان في حكم الفقير. مسألة: ولو كانت دار غلة جاز بيعها في الدين كغيرها من أمواله إذ لا سكنى فيها وقال مسعدة بن صدقة سمعت الصادق (ع) وسئل عن رجل عليه دين وله نصيب في داره وهي تغل غلة فربما بلغت غلتها قوته وربما لم تبلغ حتى يستدين فان هو باع الدار وقضى دينه لا دار له فقال إن كان في داره ما يقضي به دينه ويفضل منها ما يكفيه وعياله فليبع الدار والا فلا. مسألة: وكذا لا يباع خادمه إذا كان من أهل الاخدام للحاجة إليه خلافا للعامة لما قلناه في الدار ولما رواه الحلبي في الحسن عن الصادق عليه السلام لاتباع الدار ولا الجارية في الدين وذلك أنه لابد للرجل من ظل يسكنه وخادم يخدمه وفيه وجه للشافعية انه لا يباع إذا كان لايقا به كما اخترناه وفي وجه اخر انه يباع هو والمسكن كما قلناه وثالث انه يباع الخادم دون المسكن وكذا لا يباع عليه فرس الركوب ولو كان له خادمان بيع أحدهما لاندفاع الضرورة بالآخر وكذا لو كان في دار سكناه فضلة يستغني عنها وجب بيع تلك الفضلة لعدم الضرورة إليها ولحديث مسعدة وقد سبق ولا يكلف بيع داره وشراء أدون إذا كان داره بقدر كفايته وكذا لا يكلف بيع خادمه وشراء أدون ولا بيع فرسه وشراء أدون للأصل وعموم النهي عن بيع هذه الأشياء قال ابن بابويه كان شيخنا محمد بن الحسن يروي انه إذا كانت الدار واسعة يكتفي صاحبها ببعضها فعليه ان يسكن منها ما يحتاج إليه ويقضي ببعضها دينه وكذا ان كفته دار بدون ثمنها باعها واشترى من ثمنها دارا يسكنها ويقضي بباقي الثمن دينه نعم لو كانت دار السكنى وعبد الخدمة أو فرس الركوب أو ثوبه الذي يلبسه رهنا جاز بيعه كما أنه لو باشر بيع هذه الأشياء باختياره جاز قبض ثمنه كذا هنا. مسألة: إذا غاب صاحب الدين وجب على المديون نية القضاء إذا وجده وان يعزل دينه عند وفاته أو يوصي به ليوصل إلى مالكه ان وجد أو إلى وارثه ولو جهله اجتهد في طلبه فان آيس منه قيل يتصدق به عنه وإذا علم الله تعالى منه نية الأداء لم يكن عليه اثم لما رواه زرارة قال قال سألت الباقر (ع) الرجل يكون عليه الدين لا يقدر على صاحبه ولا على ولي له ولا يدري بأي ارض هو قال لا جناح عليه بعد ان يعلم الله تعالى منه ان نيته الأداء وسأل الصادق (ع) عن رجل كان له على رجل حق فقد وهو لا يدري أحي هو أم ميت ولا يعرف له وارث ولا نسب ولا بلد قال اطلبه قال إن ذلك قد طال فاصدق به قال اطلبه وهذه الرواية صحيحة السند وهي تدل من حيث المفهوم على منع الصدقة ووجوب الطلب دائما ولو كفل الولي حال موت المديون المال سقط عن ذمة المديون مع رضي الغرماء لرواية اسحق ابن عمار عن الصادق (ع) في الرجل يكون عليه دين فيحضره الموت فيقول وليه علي دينك قال يبرئه ذلك وان لم يوفه وليه من بعده وقال أرجو ان لا يأثم وانما إثمه على الذي يحبسه وفي الصحيح عن الصادق (ع) في الرجل يموت وعليه دين فيضمنه ضامن للغرماء فقال إذا رضي به الغرماء برئت ذمة الميت. مسألة: لا تحل مطالبة المعسر ولا حبسه ولا ملازمته عند علمائنا وبه قال الشافعي ومالك لقوله تعالى وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ولقول الباقر (ع) ان عليا (ع) كان يحبس في الدين فإذا تبين له افلاس وحاجته خلى سبيله حتى يستفيد مالا ولان من ليس له مطالبته ليس له ملازمته كما لو كان دينه مؤجلا وقال أبو حنيفة إذا ثبت اعساره وخلاه الحاكم كان للغرماء ملازمته الا انهم لا يمنعونه من الاكتساب فإذا رجع إلى بيته فان اذن لهم في الدخول دخلوا معه وان لم يأذن لهم منعوه من الدخول لقول النبي صلى الله عليه وآله لصاحب الحق اليد واللسان ويريد باليد الملازمة وهو محمول على الموسر لما تقدم إذا تقرر هذا فان طولب المعسر وخاف الحبس أو الالزام ان اعترف جاز له الانكار للدين والحلف على انتفائه ويجب عليه التورية ونية القضاء مع المكنة. مسألة: لو استدانت الزوجة النفقة الواجبة وجب على الزوج دفع عوضه لأنه في الحقيقة دين عليه ولما رواه الباقر (ع) قال قال علي (ع) المراة تستدين على زوجها وهو غايب فقال يقضي عنها ما استدانت بالمعروف. مسألة: لا تصح المضاربة بالدين إلا بعد قبضه لعدم تعينه قبل القبض ولما رواه الباقر عن أمير المؤمنين عليهما السلام ي رجل يكون له مال على رجل يتقاضاه فلا يكون عنده ما يقضيه فيقول له هو عندك مضاربة فقال لا يصح حتى يقبضه منه فإذا ثبت هذا فلو فعل فالربح بأجمعه للمديون إن كان هو العامل والا فللمالك وعليه الأجرة. مسألة: لا يجوز بيع الدين بالدين لما روي عن الصادق (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يباع الدين بالدين ويجوز بيعه بغير الدين على من هو عليه وعلى غيره من الناس بأكثر مما عليه وباقل وبمساو الا في الربوي فيشترط المساواة لان نهيه (ع) عن بيعه بالدين يدل من حيث المفهوم على تسويغه بغيره مطلقا وكذا يجوز بيعه نقدا ويكره نسية قاله الشيخ (ره) فان دفع المديون إلى المشتري والا كان له الرجوع على البايع بالدرك لوجوب التسليم عليه قال الشيخ لو باع الدين بأقل مما له على المديون لم يلزم المديون أكثر مما وزن المشتري من المال لما رواه أبو حمزة عن الباقر (ع) انه سئل عن رجل كان له على رجل دين فجائه رجل فاشترى منه بعوض ثم انطلق إلى الذي عليه الدين فقال له اعطني ما لفلان عليك فاني قد اشتريته منه فكيف يكون القضاء في ذلك فقال الباقر (ع) يرد عليه الرجل الذي عليه الدين ماله الذي اشتراه به الرجل الذي عليه الدين وهو مع ضعف سنده غير صريح فيما أدعاه الشيخ لجواز ان يكون المدفوع مساويا وأيضا يحتمل ان يكون ربويا ويكون قد اشتراه بأقل فيبطل الشراء ويكون الدفع جايزا بالاذن المطلق المندرج تحت البيع إذا ثبت هذا فالواجب على المديون دفع جميع ما عليه إلى المشتري مع صحة البيع. مسألة: أول ما يبدأ به من التركة بالكفن من صلب المال فان فضل شئ صرف في
(٣)