من المنقول إليها ضمن المستودع بالنقل فان المالك حيث أودعه فيها اعتمد حفظه فيها ولو كانت المنقول إليها أحرز أو تساويا فلا ضمان وبه قال الشافعي وقد بينا احتمال الضمان مسألة إذا قلنا بالتفصيل وهو عدم الضمان مع كون القرية المنقول إليها أحرز وجب معرفة سبب كونها أحرز وهو متعدد منها حصانتها في نفسها أو انضباط أهلها أو امتناع الأيدي الفاسدة عنها ومنها كونها عامرة لكثرة القطان بها ومنها أن تكون مسكنه ومسكن أقاربه وأصدقائه بها فلا يقدم عليها اللصوص ولا يقوى طمعهم فيها ولان قرية أهله وأقاربه أحرز في حقه واعلم انا حيث منعنا النقل فذلك إذا لم تدع ضرورة إليه فان اضطر إلى نقلها جاز كما جوزنا له السفر بها مع الحاجة إليه مسألة إذا أراد الانتقال ولا ضرورة إليه فالحكم فيه كما سبق فيما إذا أراد السفر والنقل من محلة إلى محلة أو من دار إلى دار كالنقل من قرية إلى قرية متصلتي العمارة واما إذا نقل من بيت إلى بيت في دار واحدة أو خان واحد لم يضمن وإن كان الأول أحرز إذا كان الثاني حرزا أيضا هذا إذا اطلق الايداع والتحقيق ان نقول إذا أودعه شيئا ففيه ثلاثة أقسام آ ان يودعه ولا يعين له موضعا لحفظها فان المودع يحفظ الوديعة في حرز مثلها اي موضع شاء فان وضعها في حرز ثم نقلها إلى حرز مثلها جاز سواء كان مثل الأول أو دونه وبه قال الشافعي لان المودع رد ذلك إلى حفظه واجتهاده فكل موضع هو حرز مثلها وهي محفوظة فيه فكان وضعها فيه داخلا تحت مطلق الاذن بالوضع فيه حيث جعل ذلك منوطا باختياره ب إذا عين له موضعا فقال احفظها في هذا البيت أو في هذه الدار واقتصر على ذلك ولم ينهه عن غيره فإن كان الموضع ملكا لصاحب الوديعة لم يجز للمستودع نقلها عنه فان نقلها ضمن لأنه ليس بمستودع في الحقيقة وانما هو وكيل في حفظها وليس له اخراجها من ملك صاحبها وكذا إن كانت في موضع استأجره لها وإن كان الموضع ملكا للمستودع فان نقلها إلى مأذونه في الحرز أو وضعها فيه ابتداء ضمن لأنه خالف امره في شئ مطلوب فيه مرغوب إليه فكان ضامنا كما لو وضعها في غير حرز وإن كان الثاني مثل الأول أو أحرز منه فلا ضمان عليه لان تعيينه البيت انما أفاد تقدير الحرز به وليس الغرض عينه كما لو استأجر أرضا لزراعة الحنطة فإنه يجوز ان يزرعها ما يساويها في الضرر أو يقصر ضرره عنها لان الغرض بتعيينها تقدير المنفعة لا عينها كذا هنا وحمل التعيين على تقدير الحرزية دون التخصيص الذي لا غرض فيه وبه قال الشافعي نعم لو كان التلف بسبب النقل كما إذا انهدم عليه البيت المنقول إليه فإنه يضمن لان التلف هنا جاء من المخالفة وكذا مكتري الدابة للركوب إذا ربطها في الاصطبل فماتت لم يضمن وان انهدم عليها ضمن وكذا لو سرقت من البيت المنقول إليه أو غصبت فيه على اشكال ج إذا عين له موضعا فقال احرزها في هذا البيت أو هذه الدار ولا تخرجها منه ولا تنقلها عنه فاخرجها فإن كان لحاجة بان يخاف عليها في الموضع الذي عينه الحريق أو النهب أو اللص فنقلها عنه إلى احرزها لم يضمن لان الضرورة سوغت له النقل وان نقلها لغير عذر ضمن مطلقا عندنا وهو اختيار أبي إسحاق الشيرازي سواء نقلها إلى حرز هو دون الأول أو كان مساويا له أو أحرز منه لأنه خالف صريح الاذن لغير حاجة فضمن كما لو نقلها إلى حرز هو دون الأول وهو حرز مثلها وقال أبو سعيد الإصطخري إن كان الحرز الثاني مثل الأول أو أحرز منه لم يضمن بالنقل إليه لأنه نقلها عنه إلى مثله فأشبه ما إذا عين له موضعا فنقلها عنه إلى مثله من غير نهي ثم تأول كلام الشافعي بأنه أراد بذلك إذا كان الموضع الذي هي فيه ملكا لصاحب الوديعة وقال أبو حنيفة إذا نهاه عن نقلها عن دار فنقلها إلى دار أخرى ضمن وان نهاه عن نقلها عن بيت فنقلها إلى بيت اخر في الدار لم يضمن لان البيتين في دار واحدة حرز واحد والطريق إلى أحدهما طريق إلى الآخر فأشبه ما لو نقلها من زاوية إلى زاوية وهو غلط لأنه قد يكون بيت في الدار يلي الطريق والاخر لا يليه فالذي لا يليه أحرز والحق ما قلناه لأنه خالف لفظ المودع فيما لا مصلحة له فيه فوجب ان يضمن كما لو نقلها إلى موضع هو دونه في الحرز مسألة قد بينا انه إذا نهاه عن النقل عن الموضع الذي عينه لم يجز له نقلها عنه الا لضرورة كحريق أو غرق أو نهب أو خوف اللص وشبهه فان حصلت إحدى هذه الاعذار نقلها ولا ضمان سواء نقلها إلى حرز مثل الأول أو أدون منه إذا كان حرز مثلها إذا لم يجد أحرز منه فان وجد أحرز منه واقتصر على الأدون احتمل الضمان لأنا قد بينا ان التعيين لا يفيد الاختصاص بل تقدير الحرز فإذا تعذر الشخص وجب الانتقال إلى المساوي أو الاحراز وعدمه ضعيفا لان التعيين قد زال وساغ النقل للخوف فيتخير المستودع حينئذ ولو لم يعين له الحرز ابتداء جاز له الوضع في الأدون فكذا إذا عينه والأول أقوى ولو أمكن النقل عن المعين مع عروض إحدى هذه الحالات ضمن لأنه مفرط حينئذ في الحفظ إذ الظاهر أنه قصد بالنهي عن النقل نوعا من الاحتياط فإذا عرضت هذه الأحوال فالاحتياط النقل وهو أصح وجهي الشافعية ولو قال لا تنقلها وان حدثت ضرورة فحدثت ضرورة فإن لم ينقل لم يضمن كما لو قال أتلف مالي فاتلفه وهو أظهر وجهي الشافعية ولهم وجه آخر وان نقل لم يضمن لأنه قصد الحفظ والصيانة والاصلاح فكان محسنا فيندرج تحت عموم قوله (ع)؟ ما على المحسنين من سبيل وهو أصح وجهي الشافعية مسألة لو نقلها المستودع عن الموضع المعين المنهي عن نقلها عنه فادعى المستودع الخوف من الحريق أو الغرق أو اللص أو شبهه من الضرورات وأنكر المالك فان عرف هناك ما يدعيه المستودع كان القول قوله مع اليمين لأنه ادعى الظاهر فصدق بيمينه والا طولب بالبينة فإن لم يكن هناك بينة صدق المالك بيمينه لأنه منكر وهو قول أكثر الشافعية ولهم وجه آخر ان ظاهر الحال يغنيه عن اليمين ولهم وجه اخر غريب فيما إذا لم ينهه عن النقل فنقل إلى ما دونه لا يضمن وهذا كله فيما إذا كان البيت المعين أو الدار المعينة ملكا للمستودع إما إذا كان ملكا للمالك فليس للمستودع اخراجها عن ملكه بحال الا ان تعرض ضرورة إلى ذلك البحث الرابع في التقصير في دفع المهلكات مسألة يجب على المستودع دفع مهلكات الوديعة وما يوجب نقص ماليتها إذ الحفظ واجب ولا يتم الا بذلك فلو استودع ثياب صوف وجب على المستودع نشرها وتعريضها للريح بمجرى العادة لئلا يفسدها الدود ولو لم يندفع الفساد الا بان يلبس وتعبق بها رايحة الآدمي وجب على المستودع لبسها فإن لم يفعل ففسدت بترك اللبس وتعريض الثوب للريح كان ضامنا سواء امره المالك أو سكت عنه إما لو نهاه عن النشر وفعل ما يحتاج إليه الحفظ فامتنع من ذلك حتى فسدت فعل مكروها ولا ضمان عليه وبه قال أكثر الشافعية ولهم وجه اخر ان عليه الضمان هذا إذا علم المستودع ذلك إما لو لم يعلم المستودع ذلك بان أودعه صندوقا مقفلا لا يعلم ما فيه أو كيسا مشدودا ولم يعلمه المالك لم يضمن لعدم التفريط وانتفاء التقصير منه مسألة إذا كانت الوديعة دابة أو آدميا وجب على المستودع القيام بحراستها ومراعاتها وعلفها وسقيها ثم لا يخلو إما ان يأمره المالك بالعلف والسقي أو ينهاه عنهما أو يطلق الايداع فان امره بالعلف والسقي وجب عليه فعلهما ورعاية المأمور به فان امتنع المستودع من ذلك حتى مضت مدة تموت مثل الدابة في مثل تلك المدة نظر ان ماتت ضمنها وان لم تمت دخلت في ضمانه وان نقصت ضمن النقصان ويختلف المدة باختلاف الحيوان قوة وضعفا فان ماتت قبل مضي تلك المدة لم يضمنها ان لم يكن بها جوع وعطش
(٢٠٢)