فلا يفتقر إلى القبول كالعتق والطلاق والعقد عن دية العمد بخلاف هبة الأعيان فإنها تمليك وقال بعض الشافعية إذا تصدق به صح واما هبته والبرائة منه فوجهان وقال بعض الشافعية أيضا ان اعتبرنا القبول في الابراء معنى فاعتباره في الهبة أولي وان لم نعتبره هناك ففي الهبة وجهان ان نظرنا إلى اللفظ اعتبرناه وان نظرنا إلى المعنى فلا ولو كانت الهبة من غير من عليه الدين قال الشيخ ره الذي يقتضيه مذهبنا انه يجوز بيعه ورهنه وهبته ولا مانع منه وقال الشافعي في كتاب الشروط انه يجوز بيعه ورهنه وقال في الرهن لا يجوز رهنه ويخالف البيع والهبة لأنهما يزيلان الملك قال ابن شريح من الشافعية اختلف أصحابنا في ذلك على ثلاثة أوجه أحدها انه يصح البيع والهبة دون الرهن على ظاهر قوله لان الدين بمنزلة العين ولهذا لا يصح ان يكون معاوضة به وعلى هذا الوجه لا يفتقر إلى رضاء من عليه الدين ولا يحتاج إلى القبض لا في البيع ولا في الهبة لان الشافعي شبه ذلك في كتاب الشروط بالحوالة فقال إذا أفلس من عليه الحق أو جحده لم يرجع بالدرك كالحوالة وفرق هذا القايل بين الهبة والبيع وبين الرهن بأنهما يزيلان الملك دونه والوجه الثاني انه لا يصح البيع والهبة والرهن ويفتقر لزوم الرهن والهبة إلى القبض لان الدين كالعين في جواز العقد عليه فإذا افتقرت الهبة إلى القبض في العين فكذلك في الدين والوجه الثالث انه لا يصح بيعه ولا هبته ولا رهنه لأنه غير مقدور على تسليمه فجرى مجرى الآبق والمغصوب ومنعه بعض الشافعية بان الدين على غير الجاحد مقدور على تسليمه فهو جار مجرى الوديعة قال بعض الشافعية الخلاف في هبة الدين على غير من هو عليه مبنى على الخلاف في بيع الدين من غير من هو عليه ان أبطلناه فكذلك الهبة وهو الأصح عندهم وان صححناه ففي الهبة وجهان كما في رهن الدين وان صححناه فهل يفتقر لزومها إلى قبض الدين فيه وجهان أحدهما نعم على قياس الهبات والثاني انه لا حاجة إلى القبض وعلى هذا فوجهان أحدهما نه يلزم بنفس الايجاب والقبول كالحوالة لان المقصود ان يصير المتهب بعد الهبة كالواهب قبلها والواهب كان مستحقا من غير قبض والثاني انه لا بد من تسليط بعد العقد واذن مجدد ويكون ذلك كالتخلية في الأعيان التي لا يمكن نقلها وإذا فرعنا على أنه يجوز رهن الدين افتقر لزومه إلى القبض لا محالة لأنه لا يفيد انتقال الملك والاستحقاق مسألة من عليه الزكاة لو وهب دينه على المسكين بنية الزكاة قال بعض الشافعية لم يقع الموقع لأنه ابراء وليس بتمليك وإقامة الابراء مقام التمليك ابدال وانه غير جايز في الزكاة وهذا مبني على أصل الشافعي من عدم جواز الابدال في الزكاة وقد أبطلناه وقد ذكروا وجهين في أن هبة الدين ممن عليه تنزل منزلة التمليك أم هو محض اسقاط وعلى هذا خرج اعتبار القبول فيها فان أعطيناه حكم التمليكات وجب ان يقع الموقع ولو كان الدين على غيره فوهبه من المسكين بنية الزكاة وقلنا تصح الهبة ولا يعتبر القبض ويقع عن الزكاة والمستحق يطالب المديون به البحث الثالث في القبض مسألة الهبة والهدية والصدقة لا يملكها المتهب والمهدى إليه والمتصدق عليه بنفس الايجاب والقبول إذا كان عينا الا بالقبض وبدونه لا يحصل الملك عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعية وأبو حنيفة والثوري والنخعي والحسن بن صالح والعنبري وهو إحدى الروايتين عن أحمد قال بعض العامة اتفق أبو بكر وعمر وعثمان وعلي (ع) على أن الهبة لا تجوز الا مقبوضا ولم يظهر مخالف فيكون اجماعا ولما رواه العامة ان أبا بكر نحل عايشة ابنته جداد عشرين وسقا من ماله بالعامة؟ فلما مرض قال يا بنية ما أحد أحب إلى عيني بعدي منك ولا أحد أعز علي (منك) فقد أمنك وكنت نحلتك جداد عشرين وثقا ووددت انك حزينه؟ أو قبضته وهو اليوم مال الوارث أخواك وإختاك فاقسموه على كتاب الله فقلت لو كان كذا وكذا أعني أكثر من ذلك لتركته إما أخواي فنعم واما أختاي فمالي الا أخت واحدة أسماء فقال القي في روعي ان ذا بطن بنت خارجة جارية ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لا يكون الهبة هبة حتى تقبضها ولأنها هبة غير مقبوضة فلا تلزم كما لو مات قبل ان يقبض فان مالكا يقول لا يلزم الورثة التسليم وقال مالك الهبة تلزم بالايجاب والقبول من غير قبض وهو القول القديم للشافعي لان النبي قال الراجع في هبته كالراجع في قيئه القئ حرام وقال احمد في أصح الروايتين عنه انها إذا كانت معينة لزمت من غير قبض كما لو وهبه درهما بعينه وان لم يكن معينا كما لو وهبه قفيزا من صبرة أو درهما من دراهم فلا بد من القبض لان هذا تبرع فلا يفتقر إلى القبض كالوقف والصدقة والخبر محمول على ما بعد القبض والقياس على الوقف والوصية باطل لان الوقف اخراج ملك إلى الله سبحانه وتعالى يخالف التمليكات والوصية تلزم في حق الوارث بخلاف الهبة وللشافعي قول ثالث ان الملك موقوف إلى أن يوجد القبض فإذا وجد تبينا حصول الملك من وقت العقد وعن أحمد رواية ثالثة ان القبض شرط في المكيل والموزون دون غيرهما ويتفرع على الأقوال ان الزيادات الحادثة بعد العقد وقبل القبض لمن يكون وقد قال الشافعي في زكاة الفطرة انه لو وهبه عبدا في اخر رمضان وقبضه قبل غروب الشمس كانت الفطرة على الموهوب له وهذا يدل على اختياره عدم اشتراط القبض وأيضا كلما لا يمكن تسليمه كالعبد الآبق والجمل الشارد والمغصوب لغير غاصبه ممن لا يقدر على اخذه لا تصح هبته وبه قال أبو حنيفة والشافعي مسألة الواهب بعد العقد بالخيار ان شاء اقبض وان شاء منع فان قبض المتهب بغير اذن الواهب لم يصح القبض ولم يتم الهبة لان التسليم غير مستحق عليه فلا يصح الا باذنه كما لو اخذ المشترى المبيع من يد البايع قبل تسليم الثمن بخلاف ما إذا قبضه المشترى بعد تسليم الثمن لأنه مستحق للقبض فلا يعتبر فيه اذن المستحق عليه إما هنا فإنه غير مستحق عليه فلا يصح بدون اذنه فان قبضه بدون اذنه دخل في ضمانه فان اذن له في القبض وقبضها تمت الهبة وان رجع عن الاذن قبل ان يقبض المتهب بطل الاذن وان رجع بعد القبض لم يبطل القبض لتمام الهبة قبل رجوعه وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة إذا قبضه في المجلس بغير اذن الواهب صح القبض وإذا قام من المجلس لم يجز قبضه الا بإذن الواهب لان الايجاب تضمن الاذن في القبول والقبض جميعا فإذا قبض صح كما إذا قبل وانما اختص بالمجلس لان الايجاب تضمنه وما تضمنه الايجاب يختص بالمجلس كالقبول وليس بجيد لان الواهب لم يأذن له بعد العقد في القبض فلا يصح قبضه كما لو كان بعد المجلس ولا نسلم ان القبض والقبول تضمنهما الايجاب وانما القبول أثبته الشرع والقبض لم يوجد في لفظه ولو وجد في تلفظه لم يبطل بالقيام من المجلس كما لو اذن له بعد العقد على أن الايجاب فاقتضائه؟ بخلاف القبض مسألة إذا وهب شيئا فقيل المتهب فباع الواهب العين أو وهبها أو عقد عليها أحد العقود قبل القبض قال الشيخ ره يبطل يصح البيع وتنفسخ الهبة وهو جيد لان البيع صادف ملكا للبايع لم يزل عنه بالهبة فاقتضى حكمه ويترتب عليه احكامه وهو معنى الصحة وقال الشافعي إن كان الواهب يعتقد ان الهبة ما تمت وانه باع ما لم يهبه فالبيع صحيح وقد بطلت الهبة وإن كان يعتقد ان الهبة قد تمت وانتقل الملك بنفس العقد وانه ليس له البيع ففي صحة البيع قولان أحدهما لا يصح لأنه يعتقد انه متلاعب وانه ليس ببيع والثاني يصح لأنه بيع صادف ملكه الذي له تمليكه فصح واصل هذين القولين إذا باع مال مورثه وهو غايب بغير اذنه الا انه بان انه كان قد مات وانه حين باع كان قد ورثه فهل يصح البيع قولان وكذا إذا كاتبه مكاتبة فاسدة واوصى برقبته معتقدا صحة الكتابة ففي صحة الوصية قولان مسألة إذا عقد الهبة بالايجاب والقبول ولم يحصل قبض ثم مات الواهب أو المتهب بين العقد والقبض بطلت الهبة عند علمائنا لانتفاء الشرط وهو القبض وهو أحد قولي الشافعي لان الهبة من العقود الجايزة قبل القبض فينفسخ بالموت كالوكالة والشركة وأصحهما عند المنع وان الهبة لا تنفسخ فان مات الواهب فالهبة بحالها ويكون الوارث بالخيار انشاء يتمها بالاقباض وان شاء رجع سواء خرجت من الثلاثاء؟ ولا لان الهبة عقد يؤل إلى اللزوم فلا ينفسخ بالموت كالبيع المشروط فيه الخيار ويفارق الوكالة والشركة بأنهما لا يؤلان إلى اللزوم وان مات المتهب قبض وارثه ان اقبضه الواهب وكذا الخلاف فيما إذا جن أحدهما أو أغمي مسألة إذا اذن الواهب له في القبض ثم مات الاذن أو المأذون له قبل القبض بطل الاذن لأنه جايز ولم يكن له القبض الا بإذن جديد وان بعث هدية إلى انسان فمات قبل ان يصل إلى المهدى إليه أو مات المهدى إليه لم يكن للرسول حملها الا ان يكون
(٤١٧)