العقليين يجوز الخلف في خبر الخلف في خبر الله تعالى ووعده ووعيده وبعثه الرسل الكذابين وإذا لم يبق وثوق بوعد الله تعالى وعيده ولا بصدقه ولا بصدق رسله كيف يتمثل العبد ما كلف به فان في الشاهد لو كلف السيد عبده بشئ وتهدده على تركه ووعده على فعله وعلم العبد ان سيده يكذب في ذلك كله وانه يجوز ان يفعل السيد به أنواع العذاب أو امتثل امره لعلم بالضرورة عدم اقدام العبد على ذلك الفعل بل يتعجل راحة ترك التكليف ومنها انه يلزم ان لا يحصل الجزم بصدق أحد من الأنبياء البتة لأنه على تقدير نفي الحسن والقبح العقلين يجوز اظهار المعجزات على يد الكذاب فإذا ادعى المرسل الرسالة ثم ظهرت على يده المعجزات الباهرة جاز ان يكون كاذبا وأن يكون الله تعالى قد اقدره على ذلك طلبا لاضلال عباده إذ لا قبح فيه ولا فرق بين طلب الاضلال وطلب الارشاد فيكون الجزم بصدق مدعي الرسالة جهلا ولا فرق بين مدعي الرسالة مع اظهار المعجزات ومدعيها بغير معجزات البتة فان الجزم بصدق أحدهما وكذب الأخر جهل وكل ذلك من أعظم الجهالات وأيضا قال أهل السنة والجماعة ان الغرض على الله تعالى في أفعاله محال وانه تعالى يفعل لا لغرض وهذا يلزم منه محالات أحدها انه يلزم منه العبث على الله تعالى واللعب في أفعاله وهو مح لوجهين أ انه يدل على النقص العظيم فان المشتغل دايما باللعب والعبث يعد سفيها جاهلا تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ومن اجهل الناس ممن يعتقد الجهل في حق الله تعالى ب انه يدل على تكذيب القران في قوله تعالى وما كنا لا عبين وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار فنسب من قال هذه المقالة إلى الكفر ووعدهم بالويل من النار فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا وثانيها انه يلزم منه تكذيب القران العزيز في الآيات التي ذكر فيها الغايات نحو قوله تعالى ما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون اليوم تجزى كل نفس بما كسبت فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا هل تجزون الا ما كنتم تعملون لتجزي كل نفس بما تسعى هل جزاء الاحسان الا الاحسان من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها والجزاء انما يكون مع الغاية والغرض وكذا قوله تعالى انه من عمل منكم سوأ بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فان الله غفور رحيم انه من يأت ربه مجرما فان له نار جهنم من يعمل سوء يجز به وكل ذلك وأشبهاهه يدل على العلية والغرض وثالثها انها تنتفي فائدة التكليف فلا تبقى فايدة في بعثه الرسل لأنه إذا لم يكلف بالواجب لأجل ايصال الثواب إلى فاعله ولا بالامتناع عن المحرم لأجل ترك عقابه لم يقدم المكلف على فعل الواجب ولم يمتنع من فعل المحرم وكل ذلك ينافي الحكمة ويضادها ورابعها انه يلزم منه انتفاء الغايات المعلوم ثبوتها لكل العقلاء فان كل عاقل يجزم جزما ضروريا ان الله تعالى خلق العين لأجل الابصار بها وخلق اليد لأجل البطش بها وخلق آلات السمع للسمع واللسان للنطق والذوق لذوق الطعام والرجل للمشي وآلات التناسل لأجله وآلات الاحساسات الظاهرة والباطنة لادراك المحسوسات الظاهرة والباطنة ومن كابر ذلك فقد خالف مقتضى عقله وكان من اجهل الناس وخامسها انه يلزم نفي الغايات في خلق السماوات والأرض وما بينهما ومن المعلوم بالضرورة عند كل عاقل ان الله تعالى خلق النار للاحراق بها والماء للتبرد والثمار للاكل والشمس والقمر للاستنارة بهما وللمنافع المتعلقة بهما وسادسها انه يلزم منه نفي علم الهيئة والطب لان الأغذية والأدوية على قولهم لم تخلق لما تعد منافع لها وكذا علم الهيئة وغير ذلك وسابعها انه يلزمهم التناقض في أقوالهم وذلك في غاية الجهل وبيان ذلك انهم نصوا على جواز القياس وذلك انما يتم بتعليل أفعال الله تعالى بالاغراض فإنه لولا تعليل تحريم الخمر بالاسكار لم يمكن التعدية إلى تحريم النبيذ وذلك نص في تعليل أفعال الله تعال بالاغراض وأيضا فان هؤلاء أهل السنة والجماعة يلزمهم ان لا يجزموا ببنوة أحد من الأنبياء عليهم السلام وان لا يكونوا مسلمين ولا غيرهم من أرباب الملل وبيان ذلك انهم ذهبوا إلى نفى الحسن والقبح العقليين والى ان أفعال الله تعالى غير معللة بشئ من العلل والاغراض ودليل النبوة انما يتم بهاتين المقدمتين وذلك لأنا إذا أردنا ان نستدل على بنوة بعض الأنبياء فانا تلتجي إلى قولنا ان محمدا صلى الله عليه وآله نبي لأنه ادعى النبوة وظهر على يده المعجزة المخلوقة لله تعالى وكل من كان كذلك كان نبيا مبعوثا من عند الله تعالى إما ادعاء النبوة فظاهر واما انه ظهر على يده المعجزة فلانه ظهر على يده فعل خارق للعادة لأجل تصديقه وكل من كان كذلك فهو صادق لأنه لو ادعى انسان انه رسول الملك لمهم له وقال له أيها الملك ان كنت صادقا في دعواك فارم قلنسوتك عن رأسك فرمى الملك قلنسوته عن رأسه وكان ذلك غير عادة الملك ثم قال أيها الملك ان كنت صادقا في دعواك فانزع خاتمك من إصبعك ففعل الملك ذلك وتكرر من الملك مثل هذه الأفعال عقيب طلب ذلك الرسول منه لغرض تصديقه فان كل عاقل يجزم بصدق ذلك الرسول وانه مبعوث من عند الملك كذا مدعي النبوة إذا ظهر منه الفعل الخارق للعادة الذي لا يمكن للبشر معارضته عقيب ادعائه مرة بعد أخرى فانا نجزم بصدقة ومع عدم القول بالمقدمتين المذكورتين لا يتم هذا الدليل فان مع القول بنفي الحسن والقبح جاز ان يخلق الله تعالى المعجز على يد الكاذب فلا يمكن الاستدلال به على الصدق خصوصا مع قولهم بان كل قبيح وكل اضلال في العالم فإنه من فعله تعالى الله عن ذلك علو ا كبيرا ومع هذا الاعتقاد كيف يحصل الجزم بالصدق ومع قوله بأنه تعالى لا يفعل لغرض كيف يمكن القول بأنه تعالى فعل المعجز لا جل التصديق فان بينهما تناقضا ظاهر أو إذا لم يثبت شئ من المقدمتين لم يمكن الاستدلال على نبوة أحد من الأنبياء عليهم السلم البتة ولا جهل أعظم من ذلك وأي نسبة لاعتقاد طول عمر انسان قد وقع مثله كثيرا إلى اعتقاد هذه الجهالات لكن الاستبعاد في ذلك كله ممن يغير شرع الله تعالى واحكامه غرضا وتعصبا على قوم مؤمنين باعتبار محبتهم لا هل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله فان الغزالي مع عظم قدره ووفور علمه على مذهب الشافعي قال إن السنة تسطيح القبور لكن لما فعلته الرافضة تركناه وقلنا بالتسنيم وكذا في حج التمتع انه أفضل من القران والافراد لكن لما استعملته الرافضة تركوه وقال أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر التميمي المغربي المالك في كتابه الموسوم بالمعلم بفوايد مسلم المحدث في حديث مسلم ان زيد أكبر خمسا على جنازة وقال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يكبرها وقد قال به بعض الناس وهذا المذهب الان متروك لان ذلك صار علما على القول بالرفض وقال الزمخشري وهو من أئمة الحنفية اعتراضا على نفسه في تفسير قوله تعالى هو الذي يصلى عليكم وملائكته هل يجوز ان يصلى على آحاد المسلمين بمقتضى هذه الآية فأجاب بنعم الا ان جماعة الشيعة لما اتخذوا أئمة وصلوا عليهم منعنا من ذلك فانظر إلى هؤلاء القوم واقض العجب من آرائهم ومذاهبهم ونسبة المتحققين إلى الجهل وهذه المسألة ليست من هذا العلم وانما طولنا فيها اظهار الخطاء من أخطأ فالحمد لله الذي هدانا لطرق الرشاد ومنعنا من ارتكاب الخطاء والخلل والعناد البحث الثالث في الوصية للفقراء والمساكين وباقي أصناف الزكاة مسألة إذا اوصى للفقراء صرف إلى فقراء أهل نحلته فإن كان الموصي مسلما فإلي فقراء المسلمين وإن كان كافرا فإلى فقراء ملته فلا تدخل فقراء النصارى في وصية اليهودي للفقراء وبالعكس هذا مع الاطلاق وان نص الموصي على قبيل وجب اتباع نصه والفقير هو الذي لا يملك قوة السنة (أو الذي صح) لا يملك نصاب زكاة المال على اختلاف الرأيين وهل يدخل المساكين في الوصية للفقراء اشكال أقربه الدخول ان جعلنا المسكين أسوء حالا من الفقير وكذا لو اوصى للمساكين ففي دخول الفقراء اشكال أقربه الدخول ان جعلنا الفقير أسوء حالا من المسكين وقال بعض الشافعية إذا اوصى للفقراء دخل
(٤٧٢)