النقص فحينئذ يلزمه تفريغ الأرض من بنائه وغرسه وردها إلى ما كانت عليه واعلم أن من جعل الامر موكولا إلى اختيار المعير في القلع بالأرش والابقاع بالأجرة والتملك بالقيمة قال منه الاختيار ومن المستعير الرضي واتباع مراده فإن لم يفعل وامتنع من ابلاغه مراده ألزمناه بتفريغ ارضه ومن اعتبر رضي المستعير في التملك بالقيمة والابقاء بالأجرة فلا يكلف التفريغ بل يكون الحكم عنده كالحكم فيما إذا لم يختر المعير شيئا مما خيرناه فيه ومن قصر خيرة المعير على أمرين القلع بشرط الضمان لنقص الأرض والتملك بالقيمة قال لو امتنع من بذل الأرش والقيمة وبذل المستعير الأجرة لم يكن للمعير القلع مجانا وان لم يبذلها فوجهان أظهرهما عندهم انه ليس له ذلك أيضا وبه أجاب من خيره بين الخصال الثلاث إذا امتنع منها جميعا وما الذي يفعل اختلف الشافعية على قولين أحدهما ان الحاكم يبيع الأرض مع البناء والغراس لتفاصل الأرض والثاني وهو قول الأكثر انه يعرض الحاكم عنهما إلى أن يختارا شيئا والتحقيق عندي هنا ان نقول إذا اعاره للبناء أو الغراس أو لهما ففعل ثم رجع عن الاذن بعد وقوع الفعل فاما ان يطلب المعير القلع أو المستعير فان طلبه المستعير لم يكن للمعير رده عن ذلك وان طلبه المعير لم يكن للمستعير رده عن ذلك ويضمن كل منهما نقص ما دخل على الأخر مسألة يجوز للمعير دخول الأرض والانتفاع بها والاستظلال بالبناء والشجر لأنه جالس على ملكه وليس له الانتفاع بشي ء من الشجر بثمر ولا غصن ولا ورق ولا غير ذلك ولا بضرب وتد في الحايط ولا التسقيف عليه وليس للمستعير دخول الأرض للتفرج الا بإذن المعير لأنه تصرف غير مأذون فيه نعم يجوز له الدخول لسقي الشجر ومرمة الجدار أو حراسة لملكه عن التلف والضياع وهو أصح وجهي الشافعية والثاني المنع لأنه يشغل ملك الغير إلى أن ينتهي إلى ملكه وعلى ما اخترناه من الجواز لو تعطلت المنفعة على صاحب الأرض بدخوله لم يكن منه الا بالأجرة جمعا بين حفظ المالين مسألة إذا بنى أو غرس في ارض المعير باذنه أو بغير اذنه جاز لكل منهما ان يبيع ملكه من الأخر ويجوز للمعير ان يبيع الأرض من ثالث ثم يتخير المشتري كالمعير وكذا للمستعير ان يبيع من ثالث أيضا وهو أصح وجهي الشافعية لأنه مملوك له في حال بيعه غير ممنوع من التصرف فيه والثاني المنع لأنه في معرض النقص والهدم ولان ملكه عليه غير مستقر لان المعير بسبيل من ملكه وليس بجيد لان كونه متزلزلا لا يمنع من جواز بيعه فان الحيوان المشرف على التلف في معرض الهلاك ويجوز بيعه ومستحق القتل قصاصا يجوز بيعه على الأقوى وتمكن المعير من تملكه لا يوجب منع بيعه كالشفيع المتمكن من تملك الشقص إذا ثبت هذا فان المشتري إن كان جاهلا بالحال كان له خيار الفسخ لان ذلك عيب وإن كان عالما فلا خيار له ثم ينزل المشتري منزلة المستعير وللمعير الخيار على ما تقدم ولو اتفق المعير والمستعير على بيع الأرض مع البناء أو الغراس بثمن واحد صح وهو أظهر وجهي الشافعية للحاجة والثاني المنع كما لو كان لكل واحد منهما عبد فباعاهما معا صفقة واحدة ونحن نقول بالجواز هنا أيضا إذا تفرق هذا فان الثمن يوزع عليهما فيوزع على أرض مشغولة بالغراس أو البناء على وجه الإعارة مستحق القلع مع الأرش أو الابقاء مع الأجرة أو التملك بالقيمة إن كان بالاذن وعلى ما فيها من بناء أو غرس مستحق للقلع على أحد الأنحاء فحصة الأرض للمعير وحصة ما فيها للمستعير مسألة إذا اعاره أرضا للبناء أو الغرس عارية موقتة أو اطلق الإعارة مقيدة بالمدة كان للمستعير البناء أو الغرس في المدة الا ان يرجع المعير وله ان يجدد كل يوم غرسا فإذا انقضت المدة لم يجز له احداث البناء ولا الغرس الا بإذن مستأنف ثم للمالك الرجوع في العارية قبل انقضاء المدة بالأرش وبعدها مجانا ان شرط المعير القلع أو نقض البناء بعد المدة أو شرط عليه القلع متى طالبه بالقلع عملا بالشرط فان فايدته سقوط الغرم فلا يجب على صاحب الأرض ضمان ما نقص الغرس بالقلع ولا يجب على المستعير طم الحفرة لأنه اذن له في القلع بالشرط فإن لم يكن قد شرط عليه القلع فان اختار المستعير قلعها كان له ذلك لأنه ملكها وهل عليه تسوية الأرض الأقوى ذلك لأنه يقلعه باختياره من غير اذن المعير وهو أحد وجهي الشافعية والثاني ليس عليه لان اذنه في الإعارة رضي بقلع ذلك لأنه ملك لغيره فقلعه إلى اختياره وان لم يختر صاحب الغرس القلع وطالبه المعير بقلعه لم يكن له ذلك الا بان يضمن ما ينقص بالقلع وليس للمستعير دفع قيمة الأرض الا باختيار المالك وللمالك دفع قيمة الغرس على اشكال أقربه ذلك مع رضي المستعير لا مع سخطه وبهذا قال الشافعي الا أنه قال للمالك دفع قيمة الغرس وان لم يرض المستعير وروي مثل ذلك عن أحمد وقال أبو حنيفة ومالك له مطالبته بقلعه من غير ضمان عند انقضاء المدة وبه قال المزني وقال أبو حنيفة الا ان يكون اعاره مدة معلومة ورجع مع انقضائها لان المعير لم يغره فإذا طالبه بالقلع كان له كما لو شرط عليه القلع وقالت الشافعية ليس له ذلك الا بأرش نقص الغرس لأنه بنى وغرس في ملك غيره فلم يكن له المطالبة من غير ضمان كما لو طالبه قبل انقضاء المدة ثم منعوا من قول أبي حنيفة ان المالك لم يغره لان الغراس والبناء يراد للتبقية وتقدير المدة يتصرف إلى ابتدائه كأنه قال لا تغرس فيما جاوز هذه المدة أو لطلب الأجرة والأول عندي أقرب مسألة لو كانت الأرض مشتركة فبنى أحدهما بإذن الأخر أو غرس كذلك ثم رجع صاحبه فالأقرب عندي ان يكون حكمه حكم الأجنبي من جواز القلع بالأرش وقالت الشافعية ليس له ذلك ولا ان يتملك بالقيمة إما الأول فلان قلعه يتضمن قلع غرس المالك في ملكه ونقض بنائه عن ملكه إذ له في الملك نصيب كما للمعير واما الثاني فلان المستعير يستحق في الأرض مثل حق المعير فلا يمكننا ان نقول الأصل للمعير والبناء تابع بل له التقرير بالأجرة خاصة فان امتنع من بذلها فاما ان يباع أو يعرض عنهما الحاكم وليس بشئ لان للمعير تخليص ملكه وتفريغه وانما يحصل بنقض مال الغير فوجب ان يكون جايزا له كما في الفصيل لو لم يمكن اخراجه الا بهدم الباب مسألة يجوزان يعير الأرض للزراعة لأنها منفعة مباحة مطلوبة للعقلاء فصح في مقابلتها العوض بالإجارة فجازت الإعارة فإذا استعار للزرع فزرع ثم رجع المعير في العارية قبل ان يدرك الزرع فإن كان مما يعتاد قطعه كالفصيل قطع فان امتنع المستعير من قطعه أجبر عليه ان لم ينقص بالقصل ولا شئ إذ لا نقص وان نقص فله القطع أيضا لكن مع دفع الأرش وإن كان مما لا يعتاد قطعه فالأقرب ان حكمه حكم الرجوع في الغرس في القلع والتبقية واختلفت الشافعية فقال بعضهم ان له ان يقطع ويغرم أرش القطع تخريجا مما إذا رجع في العارية الموقتة للبناء قبل مضي المدة وقال بعضهم انه يملك بالقيمة وقال الباقون وهو الظاهر من مذهبهم انه ليس كالبناء في هاتين الخصلتين لان للزرع أمدا ينتظر والبناء والغرس للتأبيد فعلى المعير ابقاؤه للمستعير إلى أوان الحصاد ثم فيه وجهان أحدهما انه يبقيه بلا اجرة لان منفعة الأرض إلى الحصاد كالمستوفاة بالزرع وأصحهما عندهم التبقية بالأجرة لأنه انما أباح المنفعة إلى وقت الرجوع وصار كما إذا اعاره دابة إلى بلد ثم رجع في الطريق عليه نقل متاعه إلى مأمن بأجرة المثل ولو قيد المعير للزرع مدة فانقضت ولما يدرك فإن كان ذلك لتقصير المستعير كالتأخير في الزرع قلع مجانا وإن كان لهبوب الرياح وقصور الماء وغير ذلك مما لا يعد تقصيرا للمستعير كان بمنزلة ما لو اعاره مطلقا ولو أعار لزرع القصيل فإن كان مما ينقل عادة فهو كالزرع والا فكالبناء مسألة إذا أعار للزراعة مطلقا انصرف الاطلاق إلى الواحدة فإذا زرع ثم أخذ زرعه لم يكن له ان يزرع ثانيا الا بإذن مستأنف لأصالة عصمة مال الغير وكذا لو أعار للغرس فغرس ثم ماتت الشجرة أو انقلعت لم يكن له غرس أخرى غيرها الا بإذن جديد وكذا في البناء لو أذن له فيه فبنى ثم انهدم أو أذن له في وضع
(٢١٣)