عادت إلى صاحبها إذا عرفت هذا فإن كانت الثمرة بحالها اخذها المالك ان جففاها ونقصت القيمة بالتجفيف استحق الأرش أيضا ويرجع العامل على الغاصب بالأجرة كما قلناه وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم ليس للعامل ان يرجع على الغاصب بشئ البتة والأجرة له تخريجا على قولي الغرور لأنه هو الذي أتلف منفعة نفسه وتشبيها لفوات الثمار بالاستحقاق بفواتها في المساقاة الصحيحة بحايجة وقد بينا بطلانه وإن كانا قد اقتسما الثمار واستهلكاها ولزمهما الضمان تخير المالك بين الرجوع على من شاء منهما فان رجع على الغاصب كان له ان يرجع بالكل لأنه ضامن لجميع الثمرة حيث كان ضامنا للأصول بالتعدي فإذا رجع عليه بالجميع رجع الغاصب على العامل بنصف الثمرة التي استهلكت لأنه اخذه عوضا في معاوضة فأشبه الشراء من الغاصب وقد تلف في يده فاستقر الضمان عليه وقال بعض الشافعية لا يرجع على العامل وبنى المسألة على ما إذا أطعم الغاصب المالك الطعام المغصوب منه فجعل القرار على الغاصب في نصيب العامل أيضا لكن المشهور الأول وللعامل أجرة المثل على الغاصب وعلى هذا الوجه للشافعية ينبغي ان تسقط اجرته لحصول العوض له فان رجع المالك على الغاصب بالنصف الذي هو قدر نصيبه ورجع على العامل بالنصف قدر نصيبه جاز ورجع العامل على الغاصب بأجرة مثله لا غير وان رجع على العامل رجع عليه بنصيبه الذي استهلكه اجماعا ويرجع العامل على الغاصب بالأجرة وهل للمالك الرجوع على العامل بالجميع الأقرب ذلك لان يده قد ثبتت على الكل قاصدة بغير حق فكان عليه الضمان وهو أظهر قولي الشافعية كما يطالب عامل القراض إذا خرج مال القراض مستحقا وكما يطالب المودع من الغاصب والثاني انه لا يطالب بنصيب الغاصب لان العامل لا تثبت يده على الثمرة بالعمل وانما هو مراع لها وحافظ ونايب عن الغاصب فلا يضمن إلا ما حصل في يده فعلى هذا لو تلفت الثمرة بأسرها بغير فعله قبل القسمة أو غصبت لم يضمن لان يده لم تثبت عليه مقصودة بخلاف المودع بل يد العاقد مستدامة حكما وهو نايب في الحفظ والعمل كأجير يعمل في حديقة وعلى الأول لو تلفت جميع الثمرة بغير فعله كان ضامنا إذا ثبت هذا فان قلنا يضمن النصف وهو قول بعض علمائنا رجع المستحق على الغاصب بالنصف ورجع العامل عليه بأجرة مثله دون ما غرمه لأنه غرم ما أتلف وان قلنا يرجع عليه بالكل فرجع كان للعامل ان يرجع على الغاصب بنصف الثمرة التي أتلفها وبأجرة مثله هذا إذا كان العامل جاهلا وإن كان عالما لم يكن له الرجوع إلا بما اخذه الغاصب منه وضمنه للمالك ولو تلف شئ من أصول الأشجار ففيه الوجهان وإذا قلنا بان العامل مطالب بنصيب الغاصب فإذا غرمه ففي رجوعه على الغاصب الخلاف المذكور في رجوع المودع والظاهر أنه يرجع مسألة إذا أثمرت النخيل في يد العامل واختلفا في الجزء المشروط للعامل فقال المالك شرطت لك الثلث وقال العامل بل شرطت لي النصف فالقول قول المالك مع يمينه وعدم البينة عند علمائنا وبه قال احمد لان الثمرة للمالك لأنها نماء أصله وانما تثبت للعامل بالشرط فإذا ادعى شرطا فعليه البينة فإذا عدمها فعلى المالك اليمين وقال الشافعي يتحالفان لأنهما اختلفا في القدر الذي شرطاه فوجب ان يتحالفا كالمتبايعين قبل القبض والمساقاة قبل العمل والأصل ممنوع عندنا بل القول قول المالك مطلقا واما البيع فقد بينا الحكم فيه في بابه وقال مالك إذا اختلفا بعد العمل فالقول قول العامل إذا اتى بما نسبه لان العامل أقوى سببا بتسليم الحايط والعمل فيه كما قاله في المتبايعين إذا اختلفا بعد القبض كان القول قول المشترى والأصل ممنوع إذا ثبت هذا فالقول قول المالك عندنا سواء كان قبل ظهور الثمرة أو بعدها وكذا إذا اختلفا فيما تناولته المساقاة من النخيل فالقول قول المالك مع يمينه عندنا وقالت الشافعية يتحالفان وليس بجيد فان نكل أحدهما حلف الأخر وثبت ما قاله ولو أقام أحدهما بينة حكم بها اجماعا ولو أقاما بينتين حكم عندنا بينة العامل لأنه المدعي وقالت الشافعية يتعارضان وفيها قولان أحدهما تسقطان فتكون كأنه لم تكن لواحد منهما بينة والثاني يستعملان وفي الاستعمال ثلاثة أقوال أحدها يقسم بينهما والثاني يوقف الامر حتى يصطلحا والثالث يقرع ولا يوقف هنا ولا يقسم لأن العقد لا تدخله القسمة لأنه لا تتبعض فلم يبق إلا القرعة فمن خرجت قرعته قدمنا بينته مسألة قد بينا ان القول قول المالك مع اليمين وعدم البينة وعند الشافعية يتحالفان ويتفاسخان فإن كان قبل العمل فلا شئ للعامل لأن العقد قد بطل ولم يعمل العامل شيئا وإن كان بعده فللعامل اجرة مثل عمله وقد بينا انهما إذا أقاما بينتين حكم ببينة العامل وعند الشافعية يتعارضان ويقرع ولا يتأتى القسمة عندهم لأن العقد لا يقبل القسمة والخلاف فيه وقال بعضهم يقسم في القدر المختلف فيه ولو ساقاه الشريكان في البستان ثم قال العامل شرطت مالي نصف الثمار فصدقه أحدهما وقال الآخر بل شرطنا الثلث فنصيب المصدق مقسوم بينه وبين العامل وفي نصيب المكذب الحكم بالتحالف عند الشافعية وعندنا القول قول المالك وعند مالك القول قول العامل ولو شهد المصدق للمكذب أو للعامل لم يقبل شهادته لأنه شريك لهما ولا يقبل شهادة الشريك لشريكه وقالت الشافعية يقبل شهادته لأنه لا يجر به نفعا ولا يدفع ضررا ولو اختلفا في رد شئ من المال أو هلاكه فالأقرب تقديم قول المالك في الأول والعامل في الثاني مسألة تجوز قسمة الثمار على الأشجار عندنا بالخرص والتراضي فإذا بدا صلاح الثمرة فان رضي المالك بأمانة العامل ابقائها في يده إلى وقت الادراك فيقتسمان حينئذ وبه قال الشافعية ان جوزوا قسمة الثمرة على الشجرة أو يبيع أحدهما نصيبه من الثاني أو يبيعان من ثالث فإن لم يثق به وأراد تضمينه التمر أو الزبيب جاز لان الحرص عندنا جايز لما رواه محمد بن مسلم عن الباقر والصادق عليهما السلم قال سألته عن الرجل يمضي فاخرص عليه في النخل قال نعم قلت أرأيت إن كان أفضل مما خرص عليه الخارص أيجزيه ذلك قال نعم والشافعية بنوه على أن الخرص هل هو عبرة أو تضمين ان جعلناه تضمينا فالأصح جوازه كما في الزكاة وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله انه خرص على أهل خيبر وقال بعضهم لا يجوز لأنه بيع الرطب بالتمر مع تأخير أحد العوضين ويخالف الزكاة لأنها مبنية على المسامحة وكذا قضية خيبر لأنه يتسامح في معاملة الكفار بما لا يتسامح في غيرها ويجرى الخلاف فيما لو أراد العامل تضمين المالك بالخرص إذا عرفت هذا فإنه يشترط في الخرص السلامة من الآفات السماوية والا رضية مسألة إذا انقطع البستان وأمكن رده وجب على المالك رده والسعي فيه وهو أحد وجهي الشافعية لان العامل لا يتمكن من العمل إلا به فكان بمنزلة من استأجر أجيرا لقصارة ثوب بعينه يكلف تسليمه إليه والثاني لهم لا يكلف كما لا يجبر أهل الشريكين على العمارة وكما لا يجبر المؤجر على عمارة الدار المستأجرة وليس بجيد وعلى ما اخترناه لو لم يسع المالك في رده لزمه للعامل اجرة عمله ولو لم يكن رد الماء فهو بمنزلة ما لو تلفت الثمار بالحايجة تذنيب كلما يسقط من اجزاء النخل من السعف والليف يختص بها المالك وما يتبع الثمرة فهو بينهما كالشماريخ على اشكال مسألة إذا دفع بهيمة إلى غيره ليعمل عليها ومهما رزق الله تعالى فهو بينهما فالعقد فاسد لان البهيمة يمكن اجارتها فلا حاجة إلى عقد اخر عليها يتضمن الغرر ولو قال تعهد هذه الأغنام على أن يكون في درها (وتسليمها ردها) ونسلها بيننا فكذلك لان النماء لا يحصل بعمله ولو قال اعلف هذه من عندك ولك النصف من ردها ففعل وجب بدل العلف على مالك الشياة وجميع الدر لصاحب الشياة والقدر المشروط من الدر لصاحب العلف مضمون في يده لحصوله بحكم بيع فاسد والشاة غير مضمونة لأنها غير مقابلة بالعوض ولو قال خذ هذه الشاة فاعلفها لتسمن ولك نصفها ففعل فالقدر المشروط منها
(٣٥٢)