وجب على الأعيان بان يدهم المسلمين العياذ بالله عدو لا يندفع الا بعموم القيام في وجه العدو فلا يجوز الاستيجار عليه لأنه الان فرض عين والمستأجر مكلف بالجهاد والذب عن الملة فيقع عنه نعم يجوز له ان يستأجر الذمي عليه وإن لم يجب على الأعيان فإن كان الامام قد عينه لم يجز الاستيجار عليه أيضا وإن لم يعينه الامام وكان فرضا على الكفاية جاز الاستيجار عليه لأنه لا يتعين على المباشر ولا على المستأجر مسألة لا يجوز الاستيجار على الاذان وشبهه من شعاير الاسلام غير المفروضة لما روي عن أمير المؤمنين (ع) انه اتاه رجل فقال يا أمير المؤمنين والله انى لأحبك فقال له ولكني أبغضك لله فقال ولم قال لأنك تبغى في الاذان وتأخذ على تعليم القرآن اجرا وسمعت رسول الله يقول من أخذ على تعليم القرآن اجرا كان حظه يوم القيمة إذا عرفت هذا فإن النهي في تعليم القرآن انما هو مع الشرط لما رواه جراح المدايني قال نهى الصادق (ع) عن اجر القارئ الذي لا يقرء الا بأجر مشروط وللشافعية في الاجر على الشعاير غير المفروضة كالاذان تفريعا على الأصح عندهم ثلاثة أوجه فإن جوزوه فثلاثة أوجه في أن المؤذن يأخذ الأجرة أحدها انه يأخذ على رعاية المواقيت والثاني على رفع الصوت والثالث على الحيعلتين فإنهما ليستا من الاذان والأصح عندهم وجه رابع انه يأخذ على الاذان بجميع صفاته ولا يبعد استحقاق الأجرة على ذكر الله تعالى كما لا يبعد استحقاقها على تعليم القرآن وإن اشتمل على قراءة القرآن مسألة لا يجوز اخذ الأجرة على امامة الصلاة المفروضة وبه قال الشافعي الإمامة في النوافل عندنا باطلة وعند الجمهور تصح وللشافعية في اخذ الأجرة على الإمامة في التراويح وساير النوافل وجهان والأصح عندهم المنع لان الامام يصلي لنفسه ومهما صلى اقتدى به من يريد وإن لم ينو الإمامة وان توقف على نية فهو احراز فضيلة الجماعة وهذه فايدة يحصل له دون المستأجر ومن جوزه منهم الحقه بالاستيجار للاذان ليتأدى الشعار مسألة لا يجوز اخذ الأجرة على القضا بين الناس وبه قال الشافعي لأنه من فروض الكفايات ولان اعمال القاضي غير مضبوط لكن يجوز له اخذ الرزق من بيت المال واما تعليم العلوم الدينية فإن تعين لتعليمها لم يجز له اخذ الأجرة عليه وأطلق الشافعية القول بمنع الاستيجار للتدريس وفي إعادة الدرس لهم قولان قال الجويني لو عين شخصا أو جماعة لتعليم مسألة أو مسايل مضبوطة فهو جايز والذي اطلقوه محمول على استيجار من تصدى للتدريس من غير تعيين من يعلم من لا يعلم لأنه كالجهاد في أنه إقامة مفروض على الكفاية ثابت في الشرع وكذلك نمنع استيجار مقرء يقرى على هذه الصورة قال ويحتمل ان يجوز الاستيجار له ويشبه بالاذان الشرط د للمنفعة أن تكون محللة كل منفعة محرمة لا يجوز عقد الإجارة فيها لأنها مطلوبة العدم في نظر الشرع فلا يجوز عقد الإجارة على تحصيلها وذلك كالزنا والزمر وأنواع الملاهي وتعلمها وتعليمها والغناء والنوح بالباطل فلا يجوز الاستيجار لفعل الغناء وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة وصاحباه وأبو ثور وكره ذلك الشعبي والنخعي لأنه محرم فلا يجوز الاستيجار عليه كإجارة أمة للزنا ولا يجوز استيجار كاتب ليكتب له غناء ونوحا بالباطل لأنه انتفاع بمحرم وقال أبو حنيفة يجوز ولا يجوز الاستيجار على كتابة شعر محرم ولا بدعة ولا شئ محرم كذلك مسألة لا يجوز الاستيجار على حمل الخمر لمن يشربها ولا من يبيعها ولا على حمل خنزير ولا ميتة لمن يأكلها ويجوز الاستيجار على نقل الميتة من الدار إلى المزبلة والخمر للإراقة وبه قال الشافعي واحمد وأبو يوسف ومحمد لأن هذه منافع محرمة فلم يجز عقد الإجارة فيها وقال أبو حنيفة يجوز لان العمل لا يتعين عليه بدليل انه لو حمله مثله جاز ولأنه لو قصد اراقته أو طرح الميتة جاز وقال احمد من حمل خنزير النصراني أو خمرا أو ميتة أكره اكل كراه ولكن يقضى للحمال بالكرا ولو كان لمسلم فهو أشد قال بعض أصحابه هذا محمول على أنه استأجره ليهريقها فاما للشرب فمحظور لا يحل اخذ الأجرة عليه واستبعده باقي أصحابه لقوله أكره أكل كراه وإذا كان لمسلم فهو أشد والصحيح تحريم ذلك لأنه استيجار لفعل محرم فلم يصح كالزنا ولان النبي صلى الله عليه وآله لعن حاملها والمحمولة إليه ونمنع جواز حمل مثله والقياس على تسويغه مع قصد الإراقة باطل لان ذلك فعل محلل ولا بأس باستيجار ناطور لحفظ كرم النصراني لأنه فعل مباح ولا يتعين لاتخاذه خمرا مسألة لا يجوز اجارة المسكن ليحرز فيه خمرا لغير التخليل ولا يوجر دكانا ليبيع فيه آلة محرمة ولا اجارة أجير ليحمل له مسكرا يشربه فإن فعل لم تنعقد الإجارة وفي جواز استيجار الحايط المزوق للتنزه قول بالجواز ولا تجوز اجارة الدار لمن يتخذها كنيسة أو بيعة أو يتخذها لبيع الخمر أو القمار أو يجعلهما بيت نار وبه قال الشافعي واحمد وأبو يوسف ومحمد لأن هذه أفعال محرمة فلا يجوز الاستيجار عليها له كما لو استأجر امرأة ليزني بها وقال أبو حنيفة لا بأس بأن تواجر بيتك في السواد ممن يتخذه بيت نار أو كنيسة أو يبيع فيه الخمر واختلف أصحابه في تأويله فمنهم من قال يجوز إذا شرط ذلك ومنهم من قال لا يجوز إذا شرط وإنما أراد أبو حنيفة إذا علم المؤجر انه يفعل ذلك لكن لم يشترط ويعلق من جوز شرطه بان هذا الفعل لا يلزمه بعقد الإجارة وان شرطه وإذا تسلم العين ولم يفعل فيها شيئا من هذه الأشياء وجبت عليه الأجرة فذكرها وعدمها سواء ويبطل به على أصله ما إذا استأجر بيتا للصلاة ويخالف إذا لم يشترطه لأنه لم يستأجر ذلك لفعل محظور فكان كما لو استأجر امرأة للخدمة ولو استأجره ليحمل له خمرا من موضع إلى اخر فإن كان للتخليل جاز لأنه سايغ وإن كان للشرب أو للحفظ لأجله لم يصح عقد الإجارة وبه قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد لأنه استيجار لفعل محرم فلم يصح كالزنا وقال أبو حنيفة يجوز لان الفعل لم يتعين عليه ولو حمل مثله خلا جاز مسألة لو استأجر الذمي دار المسلم صح عقد الإجارة وإن علم المسلم انه يبيع فيها الخمر إذا لم يشترط ذلك وليس للمسلم منعه من بيع الخمر فيها مستترا لأنه سايغ عنده وقد امرنا باجرائهم على احكامهم وبه قال أصحاب الرأي وقال احمد لصاحب الدار منعه وبه قال الثوري؟ لأنه محرم فجاز المنع منه والملازمة ممنوعة لأنا قد امرنا باجرائهم؟ على احكامهم وكذا لو اجر المسلم بيته لمسلم علم أنه يعمل فيه خمرا أو نبيذا أو فقاعا أو شيئا من الملاهي أو قمارا أو غير ذلك من المحرمات إذا لم يشترط الإجارة لذلك لكن يكون مكروها ويحتمل قويا التحريم لما فيه من المساعدة على المعصية وقد قال الله تعالى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ولا يكره لو لم يعلم وإن علم ذلك منعه ان تمكن من منعه وليس له فسخ العقد لو لم يتمكن لان المستأجر ملك المنافع مسألة يكره ان يوجر نفسه لعمل الصنايع الدنية كالحجامة مع الشرط وليس محرما لان النبي صلى الله عليه وآله استأجر أبا طيبه؟ فحجمه ويكره ان يواجر نفسه لكسح الكنيف واكل اجره روي العامة عن ابن عباس ان رجلا حج ثم اتاه فقال انى رجل أكنس فما ترى في تكسبي فقال أي شئ تكنس قال العذرة قال ومنه حججت ومنه تزوجت قال نعم قال أنت خبيث وحجك خبيث وما تزوجت خبيث ولان فيه دنائة فكره كالحجامة واما الإجارة في الجملة فجايزة لان الحاجة داعية إليها ولا تندفع بدون إباحة الإجارة فوجب اباحتها كالحجامة وكذا اكل صنعة مكروهة وكل ذلك قد يجب على الكفاية عند حاجة الناس إليه الشرط ه للمنفعة العلم مسألة يشترط في الإجارة ما شرط في البيع وهو العلم بأمور ثلثة من المبيع العين والقدر والصفة إما العين فيشترط تعيينها فكما لا يجوز ان تقول بعتك أحد هذين العبدين بكذا لا يجوز ان تقول اجرتك أحدهما بل إما ان يلتزم العين في لذمة كما يلتزم بالمسلم؟ واما ان يوجر عينا معينة ثم إن لم يكن لها الا منفعة واحدة فالإجارة محمولة عليه وإن كان لها منافع فلا بد من البيان وإن اطلق احتمل التعميم وهو الأقوى واما الصفة فقد بينا انه تجوز اجارة العين الغايبة مع ذكر صفاتها المقصودة التي تتفاوت بسببها الأجرة واما القدر فهو المقصود بالذكر فاعلم أن قدر المنفعة لا بد من علمه وعلمه شرط في صحة العقد سواء كانت الإجارة في الذمة أو كانت اجارة عين والشافعية وإن جوزوا في البيع الاكتفاء في علم القدر بالمشاهدة فإنهم يوجبون
(٣٠٠)