بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر وسهل يا كريم كتاب النكاح وفيه مقاصد المقصد الأول في مقدماته المقدمة الأولى قال في الصحاح النكاح الوطؤ وقد يقال العقد وهو يدل على غلبة استعماله في الأول قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل ان تمسوهن وهو دليل على تناول النكاح العقد بمجرده وقد ثبت في علم الأصول ان المجاز أولي من الاشتراك فان جعل مجازا في العقد فهو من باب استعمال لفظ المسبب في السبب المقدمة الثانية في مشروعية أجمع المسلمون كافة على مشروعية النكاح والأصل فيه النص قال الله تعالى وانكحوا الأيامى منكم والصالحين وإمائكم ان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله وقال لله تعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع وقال الله تعالى والذين هم لفروجهم حافظون الا على أزواجهم أو ما ملكت ايمانهم مدح من حفظ فرجه الا عن زوجه أو ملك يمين المقدمة الثالثة في استحبابه أكثر علماء الاسلام على استحبابه للآيات الدالة على الامر الدال على مطلق الترجيح مع أصالة عدم الوجوب لأصالة براءة الذمة ولقوله تعالى ذلك لمن خشى العنت منكم وان تصبروا خير لكم وقال داود انه وجب إذا كان واجد للطول وكان خائفا من العنت ويكون مخيرا بين ان يتزوج بحرة أو يتسرى بأمة فان عدمها تزوج بأمة لقوله تعالى فانكحوا ما طالب لكم من النساء والامر للوجوب وهو ممنوع خصوصا هنا لأنه قال منى وثلاث ورباع وليس ذلك واجبا احتمالا فانتفت دلالة الآية إذا عرفت هذا فهل هو مستحب مطلقا أو لمت تاقت نفسه إليه الأقرب عندي الأول وبه قال أبو حنيفة وبعض الشافعية لقوله تعالى وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم الآية وهي عامة قال العامة كان الحسن بن علي عليهما السلام مطلاقا منكاحا وكان يقول وعد الله الغنى في الفراق والنكاح في هذه الآية وما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال تناكحوا وتناسلوا تكثروا فانى أباهي بكم الأمم حتى بالسقط وقال (ع) من أحب فطرتي فليستنن بسنتي الا وهي النكاح وقال (ع) يا معاشر الشباب من استطاع منكم الباه فليتزوج ومن لا فعليه بالصوم فان له وجاء فجعله كالموجوء الذي رضت خصيتاه ومعناه ان الصوم يقطع الشهوة وقال (ع) من تزوج فقد أحرز ثلثي دينه فليتق الله في الثلث الباقي قيل أراد به اكل الحلال وقال (ع) لعكاف بن وداعه الهلالي أتزوجت فقال لا قفال انك إذا من اخوان الشيطان أو وهبان النصارى فالحق بهم وان كنت منا فمن سنتنا النكاح ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) قال رسول الله صلى الله عليه وآله من تزوج أحرز نصف دينه فليتق الله في النصف الآخر وعن الباقر (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما بنى بناء في الاسلام أحب إلى الله تعالى من التزويج وعن الصادق (ع) قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال تزوجوا فانى مكاثر بكم الأمم غدا يوم القيمة حتى أن السقط يجئ محبطئا على باب الجنة فيقال له ادخل فيقول لا حتى يدخل أبواي قيل وقال الباقر (ع) لركعتان يصليهما متزوج أفضل من رجل غرب يقوم ليله ويصوم نهاره وقال رسول الله صلى الله عليه وآله أراذل موتاكم الغراب وقال (ع) أكثر أهل النار الغراب وقال الشيخ (ره) الناس ضربان ضرب مشته للجماع وقادر على النكاح وضرب لا يشتهيه فالمشتهى يستحب له ان يتزوج والذي لا يشتهى يستحب ان لا يتزوج لقوله تعالى وسيد أو حصورا فمدحه على كونه حصورا وهو الذي لا يشتهى النساء وقال قوم هو الذي يمكنه ان يأتي النساء ولكن لا يفعله وهو أصح قولي الشافعي لان النكاح يشغله عن العبادة ولأنه ليس قربة في نفسه وطلب الولد موهوم ثو لو وجد لم يعلم صالح (أم طالح صح) فالتخلي للعبادة أفضل منه وقوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء وهو موضع ذم ولان النكاح عقد معاوضة فأشبه البيع في تفضيل العبادة عليه وليس بجيد لان التناسل أمر مطلوب للشارع لمنا فيه من تكثير اشخاص النوع فجعله أصلا في مشروعية النكاح أولي من جعل اللذة البهيمة أصلا فيه ومدح يحيى (ع) بذلك في شرعه لا يقتضى أفضليته في شرعنا ولأنه (ع) كان مكلفا بالسياحة ومخاطبة أهل زمانه في ساير البلاد فاشغله ذلك عن التعلق بالزوجة وغيرها والآية لا دلالة فيها لأنها وردت مورد الذم على حب الشهوات بالكلية والبيع لا يشتمل على مصالح النكاح ولا يقاربها والنكاح من أعظم العبادات لان النبي صلى الله عليه وآله تزوج وبالغ في العدد وفعل ذلك أصحابه وانما ارتكب الأفضل ولا يجمع الصحابة على ترك الأفضل والاشتغال بالأدنى ولما فيه من المشار الحاصلة بايجاب النفقات وشده السعي على تحصيل رزق عباد الله تعالى وتحصين المرأة وتحصين الدين واحرازه واحتقر عابد التزويج فقال النبي صلى الله عليه وآله أرأيت لو ترك الناس كلهم التزوج من كان يقوم بالجهاد ويتق العدو ويقوم بفرايض الله تعالى وحدوده ويمنع انه ليس قربة في نفسه إذا قصد هذا الوجه فيه وطلب الولد الصالح وان لم يستلزم حصوله لكنه مندوب إليه ومرغب فيه إذا ثبت هذا فلا فرق بين الرجل والمرأة في ذلك وشدة الاستحباب لمن تاقت نفسه إليه منهما لان الله تعالى أمر به ورضيه وندب إليه المقدمة الرابعة في خصايص رسول الله صلى الله عليه وآله جرت عادة الفقهاء بذكر خصايص النبي صلى الله عليه وآله هنا في النكاح ثم سحبوا البحث إلى خصايصه في غيره ولا شك ان الله تعالى شرف رسول محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وميزه عن ساير خلقه بان خصه بأشياء فرضها عليها دون خلقه لما في أداء الفرايض من الثواب فإنه لن يتقرب المتقربون إلى الله تعالى بمثل أداء ما افترض عليهم وأشياء خطرها عليه خففها عن خلقه وخفف عنه أشياء خطرها على خلقه فانقسم ما خص به عليه السلام إلى تخفيف وتغليظ والتغليظ (ينقسم صح) إلى ايجاب وتحريم فاما الواجبات عليه دون غيره من أمته أمور ا السواك ب الوتر ج الأضحية روى عنه صلى الله عليه وآله أنه قال ثلث كتب على ولم تكتب عليكم السواك والوتر والأضحية وفي حديث اخر كتب على الوتر ولم يكتب عليكم وكتب على السواك ولم يكتب عليكم وكتبت على الأضحية ولم تكتب عليكم وترد أصحاب الشافعي في وجوب السواك عليه (ع) د قيام الليل لقوله تعالى ومن الليل فتهجد به نافلة لك وان اشعر لفظ النافلة بالسنة ولكنها في اللغة الزيادة ولان السنة جبر للفريضة وكان (ع) معصوما من النقصان في الفرايض واختلفت الشافعية فقال بعضهم كان ذلك واجبا عليه وقال بعضهم كان ذلك واجبا عليه وعلى أمته ثم نفسخ ه قضاء دين من مات معسر لقوله (ع) من مات وخلف مالا فلورثته ومن مات وخلف دينا أو كلا فالى وعلى هذا مذهب الجمهور وقال بعضهم كان ذلك كرما منه وهذا اللفظ لا يمكن حمله على الضمان لان من صحح ضمان المجهول لم يصحح على هذا الوجه وللشافعية وجهان في أن الامام هل يجب عليه قضاء دين المعسر إذا مات وكان في بيت المال سعة تزيد على حاجة الاحياء لما في ايجابه من الترغيب في اقتراض المحتاجين ومشاورة أولي النهى لقوله تعالى وشاورهم في الامر وقيل إنه لم يكن واجبا عليه بل أمر لاستمالة قلوبهم وهو المعتمد فان عقل النبي صلى الله عليه وآله أو فر من من عقول كل البشر وهذه الخصايص لا تعلق لها بالنكاح ز انكار المنكر إذا رآه واظهار لان اقراره على ذلك بوجوب جوازه فان الله تعالى ضمن له النصر والاظهار حج كان عليه تخير نسائه بين مفارقته ومصاحبته بقوله تعالى يا أيها الناس قل لازواجك ان كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وان كنتن تردن الله ورسوله
(٥٦٥)