بنية الاعراض عن تملكه ولو انكسرت السفينة في البحر فاخرج بعض المتاع الذي فيها بالغوص واخرج البحر بعض ما غرق فيها روى الشعيري فيه ان الصادق (ع) سئل عن ذلك فقال إما ما أخرجه البحر فهو لأهله الله أخرجه واما ما اخرج بالغوص فهو لهم وهم أحق به وقال الشافعي وابن المنذر إذا انكسرت السفينة فأخرجه قوم يأخذ أصحاب المتاع متاعهم ولا شئ للذي أصابوه وعلى قياس قول احمد يكون لمستخرجه أجرة المثل لان ذلك وسيلة إلى تحصيله وحفظه لصاحبه وصيانة عن الغرق فان الغواص إذا علم أنه يدفع إليه الاجر بادر إلى التخليص وان علم أنه يؤخذ منه بغير شئ لم يخاطر بنفسه في استخراجه مسألة: قد بينا انه يجوز للانسان ان يلتقط العبد الصغير وكذا الجارية الصغيرة ويملك كل منهما بعد التعريف وقياس مذهب احمد انه لا يملكان بالتعريف وقال الشافعي يملك العبد دون الجارية لان التملك بالتعريف عنده كالقرض والجارية عنده لا تملك بالقرض واستشكل بعض العامة ذلك فان الملقوط محكوم بحريته وإن كان ممن يعبر عن نفسه فاقر بأنه مملوك لم يقبل اقراره لان الطفل لا قول له ولو اعتبر قوله في ذلك لاعتبر في تعريف سيده الفصل الثالث: في اللقيط وفيه مطالب الأول الأركان اللقيط كل صبي ضايع لا كافل له ويسمى منبوذا باعتبار انه ينبذ اي يرمى ويسمى لقيطا أي ملقوطا واللقيط فعيل بمعنى مفعول كما يقال دهين وخضيب وجريح وطريح وانما هو مدهون ومخضوب ومجروح ومطروح ويسمى ملقوطا باعتبار انه يلقط إذا عرفت هذا فالأركان ثلاثة الأول: الالتقاط وهو واجب على الكفاية لاشتماله على صيانة النفس عن الهلاك وفي تركه اتلاف النفس المحترمة وقد قال الله تعالى وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ولان فيه احياء النفس فكان واجبا كاطعام المضطر وانجائه من الغرق وقد قال الله تعالى ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا وقال الله تعالى وافعلوا الخير ووجد سفيان بن جميلة منبوذا فجاء به إلى عمر بن الخطاب فقال ما حملك على اخذ هذه النسمة فقال وجدتها ضايعة فأخذتها فقال عريفة انه رجل صالح فقال كذلك قال نعم اذهب فهو حر ولك ولاؤه وعلينا نفقته وهذا الخبر عندنا لا يعول عليه والولاء عندنا لمن يتولاه الملتقط فإن لم يتوال أحدا كان ميراثه للامام وليس اخذ اللقيط واجبا على الأعيان بالاجماع وأصالة البراءة ولئلا يتضاد الاحكام ولان الغرض الحفظ والتربية وذلك يحصل بأي واحد اتفق بل هو من فروض الكفايات إذا قام به البعض سقط عن الباقين ولو تركه الجماعة بأسرهم أتموا بأجمعهم إذا علموا به وتركوه مع امكان اخذه مسألة: ويستحب الاشهاد على اخذه لأنه أصون واحفظ لأنه يحتاج إلى حفظ الحرية والنسب ولان اللقطة يشيع امرها بالتعريف ولا تعريف في اللقيط وللشافعية طريقان أحدهما انه على وجهين أو قولين كما قدمنا في اللقطة والأصح القطع بالوجوب بخلاف اللقطة فان الأصح فيها الاستحباب لان اللقيط يحتاج إلى حفظ الحرية والنسب فجاز ان يجب الاشهاد عليه كما في النكاح والأصل عندنا ممنوع وحكى الجويني وجها ثالثا هو الفرق فإن كان الملتقط على ظاهر العدالة لم يكلف الاشهاد وإن كان مستور العدالة كلف ليصير الاشهاد قرينة يغلب على الظن الثقة وإذا أوجبنا الاشهاد فلو تركه لم تسقط ولاية الحضانة وقال الشافعي تسقط ولاية الحضانة ويجوز الانتزاع وإذا اشهد فليشهد على الملتقط وما معه من يثاب وغيرها إن كان معه شئ الركن الثاني: اللقيط وقد ذكرنا انه كل صبي ضايع لا كافل له والتقاطه من فروض الكفايات فيخرج بقيد الصبي البالغ فإنه مستغن عن الحضانة والتعهد فلا معنى لالتقاطه نعم لو وقع في معرض هلاك أعين ليتخلص إما الصبي الذي بلغ سن التمييز فالأقرب جواز التقاطه لحاجته إلى التعهد والتربية وهو أحد قولي الشافعية والثاني انه لا يلتقط لأنه مستقل ممتنع كضالة الإبل فلا يتولى امره الا الحاكم وقولنا ضايع يريد به المنبوذ لان غير المنبوذ يحفظه أبوه أو جده لأبيه أو الوصي لأحدهما فإن لم يكن أحد هؤلاء نصب القاضي له من يراعيه ويحفظه ويتسلمه لأنه كان له كافل معلوم وهو أبوه أو جده أو وصيهما فإذا فقد قال القاضي مقامه كما أنه يقوم لحفظ مال الغايبين والمفقودين إما المنبوذ فإنه يشبه اللقطة ولهذا يسمى لقيطا فلم يختص حفظه بالقاضي وقولنا لا كافل له يريد به من لا أب له ولا جد للأب ومن يقوم مقامهما والملتقط فمن هو في حضانة أحد هؤلاء لا معنى لالتقاطه نعم لو وجد في مضيعة اخذ ليرد إلى حاضنه الركن الثالث الملتقط مسألة يعتبر في الملتقط التكليف والحرية والاسلام والعدالة فلا يصح التقاط الصبي ولا المجنون ولو كان الجنون يعتوره أدوارا اخذه الحاكم من عنده كما يأخذه لو التقطه المجنون المطبق أو الصبي واما العبد فليس له الالتقاط لان منافعه ملك سيده فليس له صرفها إلى غيره الا باذنه ولان الالتقاط تبرع والعبد ليس من أهله إذ أوقاته مشغولة بخدمة مولاه ولو اذن له السيد أو علم به فاقره في يده جاز وكان السيد في الحقيقة هو الملتقط والعبد نايبه قد استعان به عليه في الاخذ والتربية والحضانة فصار كما لو التقطه سيده وسلمه إليه وإذا اذن له السيد لم يكن له الرجوع في ذلك إما لو كان الطفل في موضع لا ملتقط له سوى العبد فإنه يجوز له التقاطه لأنه تخليص له من الهلاك فجاز كما لو أراد التخليص من الغرق ولو التقط العبد مع وجود ملتقط غيره لم يقر في يده وينتزعه الحاكم لأنه المنصوب للمصالح الا ان يرضى مولاه ويأذن بتقريره في يده فيقدم على الحاكم ولا فرق بين القن المدبر وأم الولد والمكاتب والمحرر بعضه في ذلك كله لأنه ليس لأحد هؤلاء التبرع بماله ولا بمنافعه الا بإذن السيد وقال الشافعي المكاتب إذا التقط بغير اذن السيد انتزع من يده كالقن وان التقط بإذن السيد جاء فيه الخلاف في تبرعاته بالاذن لكن الظاهر عندهم المنع لان حق الحضانة ولاية وليس المكاتب أهلا لها وليس بجيد لان الحق لا يعذرهما وللشافعية وجهان في المعتق نصفه إذا التقط في يوم نفسه هل يستحق الكفالة مسألة: لا يجوز للكافر ان يلتقط الصبي المسلم سواء كان الكافر ذميا أو معاهدا أو حربيا لأنه لا ولاية للكافر على المسلم قال الله تعالى ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ولأنه لا يؤمن ان يفتنه عن دينه ويعلمه الكفر بل الظاهر أنه يربيه على دينه وينشوا على ذلك كولده فان التقطه لم يقر في يده إما لو كان الطفل محكوما بكفره فإنه يجوز للكافر التقاطه لقوله تعالى والذين كفروا بعضهم أولياء بعض وللمسلم التقاط الطفل الكافر مسألة: الأقرب اعتبار العدالة في الملتقط فلو التقطه الفاسق لم يقر في يده وينتزعه الحاكم لان الفاسق غير مؤتمن شرعا وهو ظالم فلا يجوز الركون إليه لقوله تعالى ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ولا يؤمن ان يبيع الطفل أو يسرقه ويدعيه مملوكا له بعد مدة ولا يؤمن سوء تربيته له ولا يوثق عليه ويخشى الفساد به وهو قول الشافعي أيضا ويفارق اللقطة حيث أقرب في يد الفاسق عندنا وفي أحد قولي الشافعي من ثلاثة أوجه أ: ان في اللقطة معنى التكسب والفاسق من أهل التكسب وههنا لا كسب بل هو مجرد الولاية ب: ان في اللقطة وجوب ردها إليه لو انتزعناها منه بعد التعريف حولا ونية التملك ليتملكها فلم ينتزعها منه واستظهرنا عليه في حفظها وإن كان الانتزاع أحوط وهنا لا يرد اللقيط إليه فكان الانتزاع أحوط وأسهل ج: المقصود في اللقطة حفظ المال ويمكن الاحتياط عليه بالاستظهار في التعريف وبنصب الحاكم من يعرفها فيزول خوف الخيانة ولا يحتاج إلى أن ينتزعها الحاكم وهنا المقصود حفظ الحرية والنسب ولا سبيل إلى الاستظهار عليه لأنه قد يدعي رقه في بعض البلدان وبعض الأحوال وقيل لا يشترط العدالة ولا ينتزع اللقيط من يد الفاسق لامكان حفظه في يده بالاشهاد عليه ويأمر الحاكم أمينا يشارفه عليه كل
(٢٧٠)