والمساكين أو على رجل ثم على عقبه ثم على الفقراء والمساكين أو على المساجد والربط والمدارس والمشاهد والقناطر لعدم انقراضها غالبا ولو عين المسجد أو الرباط أو المدرسة أو المشهد أو القنطرة جاز الوقف أيضا لعدم الانقراض غالبا وللشافعية وجهان ولو وقف على العلماء أو جعلهم منتهى الوقف صح أيضا لعدم الانقراض غالبا وهو قول أكثر الشافعية وعن بعضهم انه لا يصح لانهم قد ينقطعون مسألة لو كان الوقف على من ينقرض غالبا كما لو وقف على ولده وعقبه ما تولد أو تعاقبوا ولم يجعل المنتهى إلى من لا ينقرض غالبا أو على وقفت على زيد وسكت نقل الشيخ ره في المبسوط والخلاف لعلمائنا قولين أحدهما الصحة والثاني البطلان والأول عندي هو المعتمد وهو أحد قولي الشافعي وبه قال مالك وأبو يوسف واحمد في إحدى الروايات لان الوقف نوع تمليك وصدقة فيتبع اختيار المالك في التخصيص بالأزمان كما يتبع اختياره في التخصيص بالأعيان وللأصل ولان تمليك به الأخير ليس شرطا في تمليك الأول والا لزم تأخر المشروط عن شرطه ولما رواه أبو بصير عن الباقر قال قال (ع) الا أحدثك بوصية فاطمة (ع) قلت بلى قال فاخرج حقا أو سفطا فاخرج منه كتابا فقراه بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصت به فاطمة (ع) بنت محمد أوصت بحوايظها؟ السبعة العراف والدلال والبرقة والمتيم وفي رواية عوض المتيم المبيت الحسنى والصافية ومال أم إبراهيم إلى علي بن أبي طالب (ع) فان مضى علي فإلى الحسن فان مضى الحسن فإلى الحسين فان مضى الحسين فإلى الأكبر من ولدي والقول الثاني للشافعي ان الوقف باطل وبه قال محمد بن الحسن الشيباني لان شرط الوقف التأبيد فإذا لم يرده إلى ما يدوم لم يؤبده فكان كما لو قال وقفته سنة ولأنه إذا لم يكن مؤبدا كان منقطعا فصار وقفا على مجهول فلم يصح كما لو وقفه على مجهول في الابتداء ونمنع كونه وقفا على مجهول بل هو وقف معلوم المصرف فصح كما لو أبده ولا نسلم ان شرط الوقف التأبيد فإنه المتنازع ومجهول الابتداء غير معلوم المصر فكان باطلا بخلاف المتنازع فان المصرف فيه معلوم وللشافعي قول ثالث وهو الفرق بين ان يكون الموقوف عقارا فلا يجوز انشاؤه منقطع الأخر أو حيوانا فيجوز لان مصير الحيوان إلى الهلاك فكما يجوز فوات الموقوف مع بقاء الموقوف عليه يجوز فوات الموقوف عليه مع بقاء الموقوف مسألة اختلف الشيخان في الوقف إذا انقرض الموقوف عليهم فقال المفيد ره يرجع إلى ورثة الموقوف عليهم لان الوقف ناقل عن الواقف فلا يعود عليه الا بسبب ولم يوجد ولأنه صدقة فلا يرجع إليه ولان الموقوف عليه يملك الوقف فيورث عنه كغيره بخلاف البطن الأول فإنه لا يورث عنه وإن كان مالكا لعدم تمامية الملك في حقه إذ الوقف انما يجري على حسب شرط الواقف ونمنع كون مطلق الوقف ناقلا بل الناقل المؤبد منه خاصة ونمنع كونه صدقة مؤبدة بل يجري مجرى الصدقة العمرى والحبيس ونمنع كون الموقوف عليه مالكا الا مع التأبيد وقال الشيخ ره يرجع إلى الواقف إن كان موجودا وإن كان ميتا فيرجع إلى ورثته وهو الوجه عندي وقال أبو يوسف إذا انقرض للموقوف عليهم يرجع إلى الواقف فيرجع إلى ورثته الا أن يقول صدقة موقوفة ينفق منها على فلان وإذا انقرض المسمى كانت للفقراء والمساكين ووجهه انه جعلها صدقة على من سماه فلا يكون صدقة على غيره ويفارق ما إذا قال ينفق منها على فلان لأنه جعل الصدقة مطلقة مؤبدة والحق ما قلناه لأنه في الحقيقة حبس لانقراض أربابه فلا يكون مؤبدا فيرجع إلى ورثة الواقف لعدم خروجه عنه بالكلية أو إليه إن كان حيا ولأنه انما وقف على قوم بأعيانهم فلا يجوز التخطي إلى غيرهم لقول العسكر (ع) الوقوف يكون على حسب ما يوقفها أهلها وقال السيد بن زهرة من علمائنا انه يرجع بعد انقراض الموقوف عليهم إلى وجوه البر واعلم انا قد نقلنا عن الشافعية قولين ظاهرين وقولا ثالثا خفيا أحد القولين الصحة والثاني البطلان وقال بعض أصحابه القولان مبنيان على أن البطن الثاني يتلقون الوقف من الواقف أو من البطن الأول ان قلنا بالأول فلابد من بيان من ينتهي الاستحقاق إليه وان قلنا بالثاني فلا حاجة إليه إذا عرفت هذا فللشافعي على القول بالصحة إذا انقرض الموقوف عليه قولان أحدهما انه يرتفع الوقف ويعود ملكا إلى الواقف والى ورثته إن كان قد مات لان ابقاء الوقف بلا مصرف متعذر واثبات مصرف لم يتعرض له الواقف بعيد وأصحهما انه يبقى وقفا لان وضع الوقف على أن يدوم ويكون صدقة جارية وذلك مما ينافيه الحكم بانقطاعه ولأنه صرف ماله إلى جهة قربة فلا يعود ملكا كما لو نذر هديا إلى مكة؟ فلم يقبله فقراؤها وعلى القول بأنه يبقى وقفا ففي مصرفه للشافعي أقوال أصحها عندهم انه يصرف إلى أقرب الناس إلى الواقف يوم انقراض المذكور لان الصدقة على الأقارب أفضل لما فيه من صلة الرحم فكان الصرف إليهم أولي والثاني انه يصرف إلى المساكين لان أشد الحاجات أعم الخيرات والثالث انه يصرف إلى المصالح العامة مصارف خمس الخمس فإنها أعم الخيرات والأعم أهم والرابع انه يصرف إلى مستحقي الزكاة فعلى القول بأنه يصرف إلى أقرب الناس إلى الواقف فالنظر إلى قرب الرحم أو إلى استحقاق الإرث فيه للشافعية وجهان أصحهما الأول حتى يتقدم ابن البنت على ابن العم لان المراعي صلة الرحم ويتقدم الأولاد على أولاد الأولاد والثاني انه يرجع إلى الورثة لانهم الذين صرف الله تعالى إليهم ماله بعد موته واستغنائه عنهم فلذلك يصرف إليهم من صدقة ما لم يذكر له مصرفا ولان النبي صلى الله عليه وآله قال إنك ان تترك ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس فحينئذ يكون بينهم على حسب الميراث وعن أحمد روايتان وعنه رواية أخرى أنه يكون وقفا على أقرب عصبة الواقف دون بقية الورثة من أصحاب الفرايض دون البعيد من العصبات فيقدم الأقرب فالأقرب على حسب استحقاقهم لمولا الموالى لانهم خصوا بالعقل عنه وبميراث مواليه فخصوا بهذا أيضا وهو خطا لان استحقاق العصبة بغير دليل باطل ولا دليل من نص واجماع ولا يصح قياسه على ميراث ولا المولى لان علته لا يتحقق هنا وهل يشترط في القرابة الفقر للشافعي قولان أحدهما انه لا يشترط بل يشترك فيه الفقراء والأغنياء لان الوقف لا يختص بالفقراء وإذا اطلق أولاده انصرف إلى الفقراء والأغنياء كذا هنا والثاني يستحقه للفقراء خاصة لان الأغنياء لا حاجة بهم إليه وانما القصد به البر والصلة فكان الفقراء أولي وعلى القول باختصاصه بالفقراء فهل الاختصاص على سبيل الوجوب أو الاستحباب وجهان إذا ثبت هذا فان الذكر والأنثى فيه سواء لا يفضل الذكر فيه على الأنثى لاتفاقهما في السبب وهو القرابة فإذا انقرض الأقارب بأسرهم صرف إلى المساكين وحينئذ ففي تقديم جيران الواقف وجهان لهم أشبههما المنع لأنا لو قدمنا بالجواز لقدمنا بالقرابة بطريق الأولى مسألة لو قال وقفت هذا سنة احتمل البطلان لان شرط الوقف التأبيد وهل يبطل أصلا فلا يعتد به أو يكون حبسا اشكال ويحتمل الصحة ويكون حبسا والمشهور عند الشافعية البطلان في الشرط والوقف وفي وجه ضعف لهم انه يصح وينتهي الوقف بانتهاء المدة ومن الشافعية من قال إن الوقف الذي لا يشترط فيه القبول لا يفسد بالتأقيت كالعتق ولو قال وقفت هذا على زيد شهرا على أن يعود إلى ملكي بعد الشهر فالظاهر عند الشافعية بطلانه وفيه قول اخر انه يصح وعلى هذا فيعود ملكا بعد الشهر أو يكون كما لو وقف المنقطع الأخر حتى يصرف بعد الشهر إلى أقرب الناس إلى الواقف فيه قولان المطلب الثاني التنجيز مسألة يشترط في الوقف التنجيز فلو علقه على شرط أو صفة لم يصح مثل أن يقول إذا جاء زيد فقد وقفت داري أو يقول إذا جاء رأس الشهر وقفت عبدي كما لا يصح تعليق البيع والهبة وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم الوقف المعلق مخرج على الخلاف المذكور فيما إذا وقف على من سيولد له ولو قال على من سيولد لي أو قال وقفت على مسجد سأبنيه ثم على الفقراء أو قال وقفت على ولدي ثم على الفقراء بعده ولا ولد له فهذا الوقف منقطع الابتداء وكذا إذا وقف على نفسه أو عبده أو المجهول أو المعدوم أو الميت ثم على الفقراء والمساكين قال الشيخ في المبسوط الذي يقتضيه مذهبنا انه لا يصح الوقف لأنه لا دليل عليه ثم قوى بطلانه في حق من لا يصح الوقف عليه كنفسه وعبده وأم ولده وصححه في حق الباقين قال لأنا نقول بتفريق الصفقة
(٤٣٣)