مقام التعيين في العقد في السلم وفي عقود الربا فكذا هنا والفرق ظاهر لان الغرض هنا متعلق بالشخص وفي السلم وغيره بالكلي فافترقا تذنيب إذا عينا الفرسين في العقد لم يجز ابداله لأنه خلاف المشروط الشرط السادس تساوي الدابتين في الجنس فلا يجوز المسابقة بين الخيل والبغال ولا بين الإبل والفيلة ولا بين الإبل والخيل وهو أحد وجهي الشافعية لأنه مناف للغرض من استعلام قوة الفرس وتمرينها على السباق مع جنسها والأقرب عدم اشتراط تساويهما صنفا فيجوز المسابقة في الخيل بين العربي والبرذون وفي الإبل بين البختى والعرابي لتناول اسم الجنس للصنفين سواء تباعد الصنفان كالعتيق والهجين من الخيل والنجيب والبختي من الإبل أو لا وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم إذا تباعدا لم يجز وصار كالجنسين وهو بعيد الشرط السابع تساوي الدابتين في احتمال السبق فلو كان أحدهما ضعيفا يعلم قصوره عن الأخر لم تجز لان الغرض الاستعلام وانما يصح مع الجهل لاستحالة تحصيل الحاصل فمع العلم يكون الفعل عبثا فوجب ان يشترط في المسابقة كون كل واحد من الفرسين بحيث يجوز ان يسبق الأخر فلو كان أحدهما ضعيفا يعلم تخلفه أو فارها يقطع بتقدمه لم يجز وكذا فرس المحلل يجب ان يشترط فيه ذلك ان ادخلا المحلل فلو كان معهما فرسان عربيان جوادان ومعه برذون لا يسبقهما لم يجز وكان قمارا وإن كان فرس المحلل مكافيا لفرسهما جاز الشرط الثامن ارسال الدابتين دفعة فلو ارسل أحدهما دابته قبل الأخر ليعلم هل يدركه الأخر أم لا لم يجز لأنه مناف للغرض من العقد الشرط التاسع جعل العوض أو أكثر للسابق منهما أو منهما ومن المحلل فلو جعل العوض لغيرهما لم يجز لأنه مفوت للغرض من عقد المسابقة إذ الغرض التعويض في طلب العوض وخشية المنع فجوز بعض فقهائنا ان يشرط أحدهما في العقد ان يطعم المال لحزبه العاشر ان يستبقا لعى الدابتين بالركوب فلو شرطا ارسال الدواب لتجرى بنفسها فالعقد باطل لأنها تتنافر بالارسال ولا تقصد الغاية بخلاف الطيور ان جوزنا المسابقة عليها لان لها هداية إلى قصد الغاية الحادي عشر ان يجعل المسافة بحيث يحتمل الفرسان قطعها ولا ينقطعان دونها فإن كانت بحيث لا ينتهيان إلى غايتها الا بانقطاع وتعب بطل العقد الثاني عشر عدم تضمن العقد شرطا فاسدا فلو قال إن سبقتني فلك هذه العشرة ولا ارمى بعد هذا أبد أولا أناضلك إلى شهر بطل العقد لأنه شرط ترك قربة مرغب فيها ففسد وافسد العقد البحث الخامس في الاحكام مسألة اختلف الفقهاء في هذا عقد المسابقة والمرامات هل هو لازم كالإجارة أو جايز كالجعالة فقال بعضهم بالأول وهو الأقوى لعموم قوله تعالى أوفوا بالعقود مقتضاه الامر بالايفاء بالعقد واصل الامر للوجوب وهو يستلزم اللزوم ولأنه عقد يشترط فيه ان يكون المعقود عليه معلوما من الجانبين فكان لازما كالإجارة وهو أحد قولي الشافعية والثاني انه جايز من الطرفين وبه قال أبو حنيفة وهو الذي قواه الشيخ لأنه عقد يبذل فيه العوض على ما لا يوثق به ولا يتحقق القدرة على تسليمه فكان جايزا غير لازم كالجعالة ورد الآبق ثم اختلف أصحاب الشافعي في محل القولين فقال بعضهم ان اخرج المال أحد المتسابقين أو غيرهما فهو جعالة وان أخرجاه معا ففيه القولان والظاهر عندهم طرد القولين في جميع الصور سواء أخرجاه معا أو أحدهما أو غيرهما ونقل الجويني طريقين أظهرهما ان القولين فيمن التزم المال فاما من لا يغرم شيئا وقد غنم فالعقد جايزة في حقه بلا خلاف بينهم لأنه لا يستحق عليه شئ وقد يكون العقد جايزا من أحد الطرفين دون الأخر كالرهن والكتابة عند بعضهم والثاني طرد القولين فيمن لا يغرم شيئا فكان باذل المال أراد ان يستفيد من عمل صاحبه في الركض والرمي فهو كالمستأجر وصاحبه كالأجير له مسألة ان قلنا إن العقد لازم لم يكن لأحدهما فسخ العقد إلا بالتقايل بينهما منه نعم ان بان العوض المعين معيبا ثبت حق الفسخ وليس لأحدهما ان يجلس ويترك العمل والمال إن كان مسبوقا وكذا إن كان فاضلا واحتمل الحال ان يدركه الأخر ويسبقه وإلا فله الترك لأنه يترك حق نفسه وان قلنا إنه جايز فلكل منهما فسخ العقد وان يجلس ويترك العمل قبل الشروع فيه قطعا وكذا بعد الشروع ان لم يكن لأحدهما فضل على الأخر وإن كان لأحدهما فضل فالأقرب انه ليس له ذلك الا برضاء صاحبه والا لزم ان لا يسبق أحد أحدا وانه يعرض عن العمل إذا أحسن بغلبة صاحبه له ولا خلاف في بطلان العقد على تقديري اللزوم والجواز بموت الرامي والفرس ولا يبطل بموت الفارس ان قام الوارث بالتمام على اشكال مسألة ان قلنا بجواز العقد جازت الزيادة والنقصان في العمل وفي المال بالتراضي وان قلنا بلزومه لم يكن لأحدهما الزيادة في العمل والمال ولا النقصان إلا أن يفسخا العقد الأول ويستأنفا عقد اخر لأن العقد تم ولزم بالايجاب والقبول فلا تتطرق إليه الزيادة ولا النقصان منه كالعقود اللازمة مسألة المال الذي جعل للسابق إما ان يكون دينا أو عينا فإن كان عينا مثل أن يقول الباذل سبقك هذه العشرة المعينة ان سبقتني فهي لك لم يجز اخذ الرهن عليه ولا الضمان به لان الأعيان لا يستوفي من رهن ولا ضامن من فلم يصح فيها رهن ولا ضمان وإن كان في الذمة لا يصح الضمان ولا الرهن عليه قبل تمام العمل ان قلنا بأنه عقد جايز كالجعالة فللشافعية خلاف هنا كالخلاف بينهم في ضمان الجعل في الجعالة والرهن به قبل تمام العمل وقد رتب بعضهم الرهن على الضمان فقال إن لم يصح الضمان لم يصح الرهن وان صح الضمان ففي الرهن وجهان لأن الضمان أوسع بابا من الرهن ولذلك يجوز الدرك ولا يجوز الرهن به ويخرج من هذا الترتيب عندهم ثلاثة أوجه ثالثها انه يصح ضمانه ولا يصح الرهن به هذا إذا قلنا بأنه عقد جايز وان قلنا بأنه لازم جاز ضمان المال والرهن عليه قبل العمل وهو قول أكثر الشافعية وقال القفال منهم ان وجوب البداية بتسليم العمل يدل على أن المال لا يستحق الا بالعمل وحينئذ يكون ضمانه ضمان ما لم يجب وجرى سبب وجوبه قال ضمان هذا ابعد من ضمان نفقة الغد فان الظاهر استمرار النكاح والطاعة وسبق من شرط له السبق أمر ضعيف وقال بعضهم الاستحقاق موقوف مراعى فإذا سبق تبينا الاستحقاق بالعقد ويجوز ضمان السبق بعد الفراغ من العمل والرهن به على القولين سواء قلنا إنه جايز أو لازم مسألة إذا كان العوض في المسابقة عينا وجب على المسبق تسليمها إلى السابق بعد العمل فان امتنع أجبره الحاكم فان دافع حبسه على ذلك لأنه حق وجب عليه دفعه إلى مالكه فيحبس على منعه ولو تلفت العين في يده بعد المطالبة والتقصير منه لزمه الضمان ولو تلفت في يده قبل العمل انفسخ العقد للتعذر العوض ولو عاف مرض وشبهه لم يبطل العقد بل ينتظر زواله ولو كان العوض دينا وكمل العمل وجب على باذله دفعه إلى السابق فان امتنع من دفعه مع تمكنه منه حبس على ذلك ولو كان معسرا انظر إلى اليسار مسألة لو اشترى منه ثوبا وعاقد عقد السبق بعشرة فان قلنا إن عقد المسابقة لازم فهو كما لو جمع بين بيع وإجارة وهو جايز عندنا وللشافعي قولان وان جعلناها جايزة فالأقوى عندي الجواز لأصالة الصحة وانتفاء المانع من الجواز وقال الشافعي لا يجوز لان الجمع بين جعالة لا يلزم وبيع يلزم في صفقة واحدة لا يمكن وهو ممنوع لان هذا العقد في الحقيقة قد اشتمل على معاملتين إحديهما جايزة والاخرى لازمة ولا منافاة بينهما ولا يخرج كل واحدة منهما عن مقتضاها باعتبار انضمام الأخر إليه بل كل واحد منهما باق على حكمه الثابت له حالة الانفراد ويقسط العوض المسمى عن ثمن المثل وسبق المثل مسألة لو فسد عقد المسابقة وركض المتسابقان على فسادها وسبق الذي لو صحت المسابقة لاستحق السبق المشروط قال الشيخ ره لا يستحق شيئا على باذل المال لأنه لم يعمل له شيئا وفايدة عمله ترجع إليه بخلاف ما إذا عمل في الإجارة أو الجعالة الفاسدتين فإنه يرجع العامل إلى أجرة المثل لان فايدة العمل ترجع إلى المستأجر والجاعل
(٣٥٦)