بالباقي متبرعة والمالك غير ممنوع مما يتبرع به وقد سبق الخلاف بينهم في صلح الحطيطة في العين فمن صححه احتج بهذه المسألة وقال الاقتسام الجاري بينهن صلح حطيطة ومن ابطله فرق بان المال هناك في يد المدعى عليه وفصل الامر ممكن بتحليفه وهنا استوت الاقدام ولا طريق إلى فصل الامر سوى اصطلاحهن ولو اصطلحن على أن تأخذ ثلاث منهن أو أربع المال الموقوف ويبذلن للباقيات عوضا من خالص أموالهن جاز عندنا للعموم وقال الشافعي لا يجوز لان الصلح هكذا بذل عوض مملوك في مقابلة ما لم يثبت ملكه ومن أخذ عوضا في معاوضة لابد وأن يكون مستحقا للعوض فإذا لم يكن الاستحقاق معلوما لم يجز أخذ العوض وكذا من طلق إحدى زوجيته ومات قبل البيان وقفنا لهما الربع أو الثمن واصطلحتا وكذا لو ادعى اثنان وديعة في يد الغير وقال الودعي لا اعلم لأيكما هي وكذا لو تداعيا دارا في يدهما وأقام كل منهما بينة ثم اصطلحا أو كانت في يد ثالث وقلنا لا تتساقط البينتان بالتعارض فاصطلحا مسألة لو كان بين رجلين زرع فادعاه اخر فصالحه أحدهما على نصف الزرع بعد ان أقر له بنصفه صح وكذا لو أنكر عندنا خلافا للشافعي ثم إن كان مطلقا وكانت الأرض لغير المقر المشتري فالصلح فاسد عنده وإن كانت الأرض له فوجهان وان شرط القطع لم يصح عنده لان قسمته لا تصح وقطع جميعه لا يجوز لتعليق حق الشريك به ولو ادعى رجل على رجل زرعا في ارضه فاقر له بنصفه ثم صالحه عن نصفه على نصف الأرض جاز عندنا وقال الشافعي لا يجوز لان من شرط بيع الزرع قطعه ولا يمكن ذلك في المشاع والاشتراط عندنا ممنوع وكذا القياس على البيع فان صالحه منه على جميع الأرض بشرط القطع على أن يسلم إليه الأرض فارغة صح عنده أيضا لان قطع جميع الزرع واجب نصفه بحكم الصلح والثاني (والباقي) لتفريغ جميع الأرض وأمكن القطع وجرى ذلك مجرى من اشترى أرضا فيها زرع وشرط تفريغ الأرض فإنه يجوز كذا هنا ولو كان قد أقر له بجميع الزرع فصالحه من نصفه على نصف الأرض لتكون الأرض والزرع بينهما نصفين وشرط القطع نظر فإن كان الزرع في الأرض بغير حق جاز الشرط لان الزرع يجب قطع جميعه وإن كان في الأرض بحق لم يجز عند الشافعي لأنه لا يمكن (قطع) الجميع وقال بعض الشافعية انه يجوز إذا شرط على بايع الزرع قطع الباقي وضعفه ومنعه آخرون لان باقي الزرع ليس بمبيع فلا يصح شرط قطعه في العقد عنده بخلاف ما إذا أقر بنصف الزرع وصالحه على جميع الأرض لأنه شرط تفريغ المبيع مسألة لو أتلف رجل على اخر عينا حيوانا أو ثوبا وشبههما قيمتها دينار فادعاه عليه فاقر له به ثم صالحه منه على أكثر من ذلك صح عندنا وكذا لو أنكره ثم صالحه وبه قال أبو حنيفة للأصل ولان الثوب والحيوان يثبت في الذمة مثلهما في الاتلاف فكان الصلح على مثلهما وقال الشافعي واحمد لا يصح الصلح لان الواجب في الذمة قيمة المتلف دون مثله ولهذا لا يطالبه بمثله وإذا كان الواجب القيمة فإذا صالحه عليها بأكثر من قيمتها أو أقل فقد عاوض عليه متفاضلا وذلك ربا في النقود والكل ممنوع ولو كانت قيمة العبد ألفا فصالحه على الف مؤجلة صح ولزم الاجل عندنا وبه قال أبو حنيفة واحمد للأصل وللعموم ولأنهما نقلا الحق إلى القيمة فكان ما سمياه تقديرا للقيمة فكان جايزا كما لو قدر الصداق للمفوضة مؤجلا وقال الشافعي لا يتأجل ولا يصح الصلح لان الواجب هو دين في ذمته فإن كان العوض مؤجلا كان بيع الدين بالدين وهو باطل ونقل الحق من العبد إلى قيمته انما يكون على سبيل المعاوضة والبدل ويكون بيع الدين بالدين وقد عرفت ان الواجب القيمة وهي حالة فلا تتأجل والصداق غير واجب وانما يجب بالفرض عند ايجابه فاختلفا ونحن نمنع كون الصلح تبعا مسألة لو أتجر الشريكان وحصل ربح وكان بعض المال دينا وبعضه عينا فاصطلحا وقال أحدهما لصاحبه اعطني رأس المال والربح والخسران لك جاز ذلك للعموم ولما رواه أبو الصباح في الصحيح عن الصادق (ع) في رجلين اشتركا في مال فربحا فيه ربحا وكان من المال دين وعين فقال أحدهما لصاحبه اعطني رأس المال والربح لك وما توى فعليك فقال لا بأس به إذا شرط وإن كان شرطا يخالف كتاب الله رد إلى كتاب الله عز وجل مسألة لا تصح قسمة الديون فلو اقتسم الشريكان الدين الذي لهما على الناس وقبض أحدهما وتلف نصيب الأخر وجب على القابض دفع نصيب الشريك مما قبضه إليه لبطلان القسمة لأنها تمييز أحد الحقين من الأخر ولا تمييز في الديون لأنها مطلقة لا تتعين الا بالقبض ولما رواه سليمان بن خالد في الحسن انه سأل الصادق (ع) عن رجلين كان لهما مال بأيديهما ومنه متفرق عنهما فاقتسماه بالسوية ما كان في أيديهما وما كان غايبا عنهما فهلك نصيب أحدهما مما كان غايبا واستوفى الأخر فعليه ان يرد على صاحبه قال نعم ما يذهب بماله (ماله) مسألة لو ماطل المديون صاحب الدين عن دينه حتى مات فصالح ورثته على بعضه فعل حراما ولم يكن للورثة المطالبة في الظاهر ولا تبرأ ذمة المصالح فيما بينه وبين الله تعالى لما تقدم ان ذلك من صور الاكراه ولما رواه عمر بن يزيد في الصحيح عن الصادق (ع) قال إذا كان للرجل على الرجل دين فمطله حتى مات ثم صالح ورثته على شئ فالذي اخذ الورثة لهم وما بقى فهو للميت يستوفيه منه في الآخرة وان هو لم يصالحهم على شئ منه حتى مات ولم يقض عنه فهو للميت يأخذه به وكذا لو ادعى كاذبا على غيره فصالحه الغير لم يستبح الكاذب بذلك الصلح مال الصلح الا مع الرضا الباطن مسألة يصح الصلح على الأعيان بمثلها وبالمنافع وبابعاض الأعيان وعلى المنافع بمثلها وابعاضها ولا يشترط ما يشترط في البيع فلو صالحه عن الدنانير بدراهم أو بالعكس صح ولم يكن صرفا ولو صالح على عين بأخرى من الربويات ففي الحاقه بالبيع نظر وكذا في الدين بمثله فان ألحقناه فسد لو صالح من الف مؤجل بخمس مائة حالة ولو صالح من الف حال بخمس مائة مؤجلة ففي كونه ابراء اشكال ويلزم الاجل ولو ظهر استحقاق أحد العوضين بطل الصلح لوقوع التراضي على تلك العين ولو صالح على ثوب أتلفه بدرهم على درهمين صح الصلح وقد سبق الفصل الثالث في تزاحم الحقوق وفيه مباحث الأول في الطرق مسألة الطرق نوعان نافذة وغير نافذة الأول النافذة والناس كلهم في السلوك فيها شرع سواء مستحقون للممر فيه وليس لاحد ان يتصرف فيه بما يبطل المرور فيه أو ينقصه أو يضر بالمارة من بناء حائط فيه أو دكة أو وضح جناح أو ساباط على جداره إذا أضر بالمارة اجماعا ولو لم يضر بالمارة بان كان عاليا لا يظلم به الدرب جاز وضع الجناح والساباط من غير منع عند بعض علمائنا وبه قال مالك والشافعي والأوزاعي واحمد وإسحاق وأبو يوسف ومحمد لأنه ارتفق بما لم يتعين ملك أحد عليه فكان جايزا وليس لاحد منعه كالاستظلال بحايط الغير والاستطراق في الدرب ولان الناس اتفقوا على اشراع الأجنحة والساباطات في الطرق النافذة والشوارع المسلوكة في جميع الأعصار وفي ساير البقاع من غير انكار فكان سائغا ولان النبي صلى الله عليه وآله نصب بيده ميزابا في دار العباس والجناج مثله لاشتراكهما في المنفعة الخالية عن الضرر وقال الشيخ (ره) وأبو حنيفة لا عبرة بالضرر وعدمه بل إن عارضه فيه رجل من المسلمين نزع ووجب قلعه وان لم يكن مضرا به ولا بغيره والا ترك لأنه بنى في حق غيره بغير اذنه فكان له مطالبته بقلعه كما لو بنى دكة في المسلوك أو وضع الجناح في ملك غيره والقياس ممنوع فان الضرر يحصل مع بناء الدكة بخلاف الجناح والساباط والروشن لان الأعمى يتعثر بها وكذا في الليل المظلم يحصل تعثر البصير بها
(١٨١)