جنسها وبعض صفاتها من غير استقصاء لئلا يذيع خبرها فيدعيها من لا يستحقها فيأخذها إذا ذكر صفاتها ان اكتفينا بالصفة أو يواطي الشهود الذين عرفوا صفاتها على التفصيل فيأخذها بشهادتهم إما إذا ذكر بعض صفاتها واهمل الباقي انتفت هذه المخافة ولا ينبغي الاقتصار في الاشهاد على الاطلاق بان يقول عندي لقطة ولا على ذكر الجنس من غير ذكر وصف ما لئلا يموت فيتملكها الوارث بل ينبغي ان يذكر للشهود ما يذكره في التعريف من ذكر الجنس والنوع وللشافعي قولان أحدهما انه يشهد على أصلها دون صفاتها ويجوز ان يذكر جنسها خوف الإذاعة فيدعيها الكاذب والثاني يشهد على صفاتها أيضا لئلا يأخذها الورثة والأوسط ما قلناه الركن الثاني في الملتقط مقدمة اللقطة يشتمل على نوع أمانة وولاية واكتساب إما الأمانة والولاية ففي ابتداء امرها لان الملتقط يجب عليه التعريف حولا فهو في مدة الحول امين سبيله سبيل سائر الامناء لا يضمن تلفها الا مع التعدي أو التفريط وقد فوض الشرع إليه حفظها كما فوض إلى الولي حفظ مال الصبي واما الاكتساب ففي انتهاء امرها لان له ان يتملك اللقطة بعد الحول وللشافعية قولان أحدهما ان المغلب فيه معنى الأمانة والولاية لأنها معجلة في ابتداء الالتقاط والتملك منتظر إلى أن ينتهي حول التعريف فيناط الحكم بالناخر الحاضر ويبنى الأخير على الأول والثاني ان المغلب الاكتساب لأنه مال الامر والقصد باللقطة والغرض منها فالنظر إليه أولي فكونه مناط الحكم أولي ولان الملتقط مستقل بالالتقاط وآحاد الناس لا يستقلون بالأمانات الا بايتمان المالك ويستقلون بالاكتساب فإذا اجتمع في الشخص أربع صفات الاسلام والحرية والعدالة والتكليف كان له ان يلتقط اجماعا ويعرف ويتملك لأنه أهل للولاية والأمانة والاكتساب جميعا وان خلا عن البعض أو عن الجميع فله مسائل نذكرها الان انشاء الله تعالى مسألة ليس للذمي ان يلتقط في الحرم لأنه ليس أهلا للأمانة والاكتساب فيها منتف إذ ليس للملتقط في الحرم التملك مطلقا وانما هو استيمان مجرد والكافر ليس أهلا له فلا يصح التقاطه فيه فان التقط منه نزعه الحاكم من يده واستأمن عليه ثقة يعرفه حولا ثم إما ان يتصدق به أو يستديم الحفظ على ما يأتي واما لقطة غير المحرم فإنه يجوز للكافر اخذها سواء كانت في دار الاسلام أو دار الحرب وللشافعي قولان أحدهما انه ليس للذمي ان يلتقط في دار الاسلام كما أنه ليس له ان يحيي شيئا من أرضها ولان الالتقاط أمانة وهو ليس من أهلها والثاني وهو الأصح عندهم ان له ان يلتقط كما ذهبنا إليه لأنه من أهل الاكتساب وله ذمة صحيحة ويملك القرض ويصح ان يصطاد ويحتطب ويحتش ويملك ذلك كله فكذا له ان يلتقط ترجيحا لمعنى الاكتساب وقطع بعض أصحابه بالجواز وشرط قوم في الجواز كونه عدلا في دينه وشبه الالتقاط بالاصطياد والاحتطاب أقوى من شبهه بالاحياء وعلى قول الشافعي بالمنع من التقاط الذي في دار الاسلام لو التقط اخذه الامام وحفظه إلى ظهور مالكه مسألة المرتد إن كان عن فطرة زالت أمواله عنه فليس له ان يلتقط فان التقط نزع من يده كما لو احتطب ينزع من يده وهل يكون ميراثا لورثته الأقرب انه ليس له ذلك لأنه لا يصح ان يملك لان وجوب قتله في كل آن ينافي جواز تملكه لشئ من الأشياء في آن من الآنات فحينئذ لا حكم لالتقاطه بل يكون اللقطة في يده كهي على الأرض لكل أحد اخذها من يده فيكون هذا الاخذ منه التقاطا من الاخذ وانما يورث عنه ما يدخل في ملكه ويحتمل ضعيفا دخوله في ملكه ولا ينافي خروجه عنه في ثاني الحال كما لو ملك الانسان من ينعتق عليه فحينئذ يكون لورثته ويجرى مجرى السيد لو التقط عبده وعلى الوجه الأول لو اخذه الانسان من يده لم يكن للامام نزعه منه وهل يكون لقطة بالنسبة إلى الاخذ منه على معنى ان له ان يملكه بعد التعريف حولا اشكال من حيث إنه يصدق عليه انه لقطة أم لا فان قلنا يصدق اسم اللقطة عليه كان له تملكه بعد التعريف حولا والا دفعه إلى الحاكم إما الشافعية فاختلفوا في المرتد هل يزول ملكه أم لا فان قلنا يزول نزع من يده كما لو احتطب ينزع من يده وان قلنا إنه ملكه ولا يزول يكون كالفاسق يلتقط وقال بعضهم ان قلنا إن ملكه زايل فان ما يحتطبه ينزع من يده ويحكم بكونه لأهل الفئ فإن كانت اللقطة كذلك فقياسه ان يجوز للامام ابتداء الالتقاط لأهل الفئ ولبيت المال وان يجوز للولي الالتقاط للصبي وان قلنا إن ملكه غير زايل فهو بالذمي أشبه منه بالفاسق فليكن التقاطه كالتقاط الذمي مسألة يكره للفاسق الالتقاط لأنه لا يؤمن عليها أو يعرض نفسه للأمانة وليس هو من أهلها فان التقط صح التقاطه لان الالتقاط جهة من جهات الكسب وهو من أهله ولأنه إذا صح التقاط الكافر فالفاسق أولي وبه قال احمد والشافعي في أحد القولين على تقدير ترجيح أصل الاكتساب على أصل الأمانة والولاية والثاني ليس للفاسق اخذ اللقطة ترجيحا لطرف الأمانة والولاية لأنه ليس من أهل ذلك فان اخذه كان حكمه حكم الغاصب والأول أغلب عند أكثر أصحابه إذا عرفت هذا فإذا التقط الفاسق أقرت اللقطة في يده وضم الحاكم إليه مشرفا يشرف عليه لئلا يتصرف فيها ويتولى تعريفها لئلا يخل به لأنه لا أمانة له وبه قال أبو حنيفة واحمد والشافعي في أحد القولين والثاني وهو الأصح عندهم انه لا يقر في يده عليها بل ينتزعها الحاكم من يده ويضعها عند عدل لان مال أولاده لا يقر في يده فكيف مال الأجانب والمعتمد الأول لأنه يخلي بينه وبين الوديعة فكذا يخلى بينه وبين اللقطة كالعدل إذا عرفت هذا فان ضم المشرف إليه على جهة الاستظهار والاستحباب دون الايجاب وبه قال أبو حنيفة ولو علم الحاكم خيانته فيها فالأقرب وجوب ضم مشرف إليه فإذا انتهى التعريف حولا ملكها ملتقطها لان سبب الملك منه وجد إما الشافعية فسواء قالوا إنه ينتزع اللقطة من يده أو يضم إليه مشرف ففي التعريف لهم قولان أشبههما عندهم انه لا يعتمد في التعريف لأنه ربما يخون فيه حتى لا يظهر المالك بل يضم إليه نظر العدل ومراقبته والثاني انه يكتفى بتعريفه فإنه الملتقط فإذا تم التعريف فللملتقط التملك (تذنيب): مسألة الأقرب ان الفاسق يمنع من لقطة الحرم لأنها مجرد أمانة والفاسق ظالم فلا تركن إليه في تركها معه لقوله تعالى ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فحينئذ لو التقط منه انتزعه الحاكم كما قلناه في الكافر وأكثر العامة لم يفرقوا بين اللقط وسيأتي فيه انشاء الله تعالى. مسألة: التقاط العبد لا يخلو من أقسام ثلاثة إما ان يكون السيد قد اذن له فيه أو نهاه عنه أو لم يأذن فيه ولا نهى عنه فإن كان المولى قد اذن له في الالتقاط مثل أن يقول مهما وجدت ضالة فخذها واتني بها جاز ذلك عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة واحمد كما لو اذن المولى في قبول الوديعة فإنه يصح منه قبولها ولعموم الخبر ولان الالتقاط سبب يملك به الصبي منه ويصح من العبد كالاحتطاب والاحتشاش والاصطياد ولان من جاز له قبول الوديعة صح منه الالتقاط كالحر وللشافعية فيه طريقان أحدهما القطع بالصحة والثاني ان فيه قولين أحدهما المنع لما في اللقطة من معنى الولاية والاذن لا يفيده أهلية الولاية وفي رواية الخاصة عن أبي خديجة عن الصادق (ع) انه سأله ذريح عن المملوك يأخذ اللقطة فقال ما للمملوك واللقطة والمملوك لا يملك من نفسه شيئا فلا يعرض لها المملوك فإنه ينبغي للحر ان يعرفها سنة في مجمع فان جاء طالبها دفعها إليه والا كانت في ماله فان مات كانت ميراثا لولده ولمن ورثه فان جاء طالبها بعد ذلك دفعوها إليه ولان الالتقاط أمانة وولاية في السنة الأولى ويملك بعوض في السنة الأخرى والعبد ليس من أهل الولايات ولا يملك المال ولا له ذمة يستوفى منها والرواية لا تعطي التحريم فيحتمل الكراهة والولاية قد ثبتت له مع اذن مولاه والتملك لمولاه وإن كان المولى قد نهاه عن الالتقاط حرم عليه لأنه محجور عليه في التصرف الا بإذن المولى فان التقط والحال هذه كان للمولى انتزاعها من يده وللشافعية طريقان أحدهما القطع بمنع العبد مع نهي
(٢٥٢)