المستودع والأمين لوجوب رد الوديعة عليه والميت قد يستحق احضاره ليقيم الشهود الشهادة على صورته إذا تحملوها كذلك من غير معرفة النسب ولا الاسم فتصح الكفالة على احضار بدنه وأيضا الصبي والمجنون قد يستحق احضارهما لإقامة الشهادة على صورتهما في الاتلاف وغيره فيجوز الكفالة ببدنهما ثم إن كفل بإذن وليهما فله مطالبة وليهما باحضارهما عند الحاجة وان كفل بغير اذنه فهو كالكفالة ببدن العاقل بغير اذنه وقد بينا جوازه عندنا وللشافعي قولان وقال الجويني لو كفل رجل ببغداد ببدن رجل بالبصرة فالكفالة باطلة لان من بالبصرة لا يلزمه الحضور ببغداد في الخصومات والكفيل فرع المكفول ببدنه فإذا لم يجب عليه الحضور لا يمكن ايجاب الاحضار على الكفيل وهو حسن مسألة كل من يستحق عليه الحضور إلى مجلس الشرع تجوز كفالته فتصح كفالة من ادعى عليه وان لم يقم البينة عليه بالدين وان جحد لاستحقاق الحضور عليه والأصل فيه ان المنكر يجب عليه فصل الخصومة فإذا رضي بتأخيرها صحت الكفالة عليه وإن كانت الكفالة في نفسها ليست لازمة إذا طلب الفصل في الحال وأما كفالة الحق فالحق الذي يدعى على المكفول ببدنه إن ثبت باقراره أو بالبينة فلا خلاف في صحة الكفالة ببدنه وإن لم يثبت لكن ادعى المدعي عليه فإن لم ينكر ولم يصدق بل سكت صحت الكفالة أيضا لان الحضور يستحق عليه فجاز الزام احضاره ومعظم الكفالات انما يتفق قبل ثبوت الحقوق وهو أصح وجهي الشافعية وإن أنكر صحت الكفالة أيضا والثاني البطلان لان الأصل براءة ذمة المكفول وقد تأيد ذلك بصريح الانكار والكفالة ببدن من لا حق عليه باطل والأول أقوى إذا عرفت هذا فان الكفالة وإن صحت لكن ليس للمدعي قبل ثبوت دعواه الزام الغريم بكفيل على الحضور كما ليس له الزامه بكفيل على المال لكن لو كفله شخص على الحضور قبل ثبوت الدعوى صح إذا ثبت هذا فإن الكفالة تصح ببدن الغايب والمحبوس وإن تعذر تحصيل الغرض في الحال كما يجوز من المعسر ضمان المال وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا يجوز وتصح كفالة من يدعي عليه الكفالة وكذا من يدعي عليه القصاص والحد لان الحد وإن لم تصح الكفالة عليه فإنه تصح الكفالة ببدن من يدعي عليه الحد لوجوب حضوره عند الحاكم ليثبت المدعي عليه حقه بالبينة أو الاقرار مسألة إذا عين الكفيل في كفالته مكان التسليم تعين ولم يجب عليه تسليمه في غير ذلك المكان سواء كان ارفق له أو لا ولو طلب ذلك المكفول له لم تجب له اجابته وان اطلق فالأقرب وجوب تسليمه في موضع العقد لأنه المفهوم عند الاطلاق وقال بعض الشافعية ان فيه قولين كما لو اطلق السلم ولم يعين مكان التسليم وقال الجويني يحمل على مكان الكفالة ولا يجئ فيه ذلك الخلاف وعلى كل تقدير فالأقوى جواز الاطلاق وحمله على مكان العقد وقد بينا أنه إذا عين المكان أو اطلق وحملنا الاطلاق على موضع العقد فأحضره في غيره لم يلزمه تسلمه سواء كان عليه مؤنة أو مشقة في حمله إلى المعين أو لا وقال الشافعي إن كان عليه مؤنة أو مشقة في حمله إلى الموضع الذي عينه لم يلزمه تسلمه وان لم يكن عليه في ذلك ضرر لزمه قبوله وحكى أبو العباس بن شريح فيه وجهين والحق ما قلناه من أنه لا يبرء بالتسليم في غير المعين وبه قال أبو يوسف ومحمد وقال بعض العامة إن احضره بمكان اخر من البلد وسلمه برئ من الكفالة وقال بعضهم متى احضره في أي مكان كان وفي ذلك الموضع سلطان برئ من الكفالة لكونه لا يمكنه الامتناع من مجلس الحكم ويمكن اثبات الحجة فيه وهو غلط لأنه سلم ما شرط تسليمه في مكان غير ذلك المكان فلم يبرء بهذا التسليم كما لو أحضر المسلم فيه في غير المكان المشترط ولأنه قد سلمه في موضع لا يقدر على اثبات الحجة فيه إما لغيبة شهوده أو لعدم معرفة الحاكم وأهل بلده بحالهم أو غير ذلك وقد يهرب منه ولا يقدر على امساكه إذا عرفت هذا فان الكفيل إذا اتى بالمكفول في غير الموضع لم يلزم المكفول له قبوله لكن يجوز له قبوله له أن يمتنع وإن لم يكن غرض خلافا للشافعي كما تقدم أو كان بان كان قد عين مجلس الحكم أو بقعة يجد فيها من يعينه على خصمه مسألة إذا دفع الكفيل المكفول ببدنه إلى المكفول له من غير حايل من يد سلطان أو شبهه بل تسليما تاما لزمه قبوله وابراء ذمة الكفيل من الكفالة فان امتنع دفعه إلى الحاكم وسلمه إليه ليبرأ وان لم يجد حاكما اشهد عدلين باحضاره إلى المكفول له وامتناع المكفول له والأقوى أنه يكفي الاشهاد على الامتناع وانه سلمه إليه فلم يتسلمه ولا يجب دفعه إلى الحاكم لان مع وجود صاحب الحق لا يلزمه دفعه إلى من ينوب عنه من حاكم أو غيره وللشافعية القولان ويبرأ الكفيل بتسليم المكفول في المكان الذي وجب التسليم فيه سواء طلب المستحق أو لم يطلبه بل اتاه به بشرط ان لا يكون هناك حائل من يد سلطان ومتغلب وحبس بغير حق لينتفع بتسليمه ويطالب الخصم ولو كان المكفول محبوسا في حبس ظالم لم يكن له ان يسلمه إليه محبوسا ولا يبرأ بذلك ولا يلزمه ان يسلمه محبوسا لان ذلك الحبس يمنعه من الاستيفاء بحقه وإن كان محبوسا عند الحاكم فسلمه إليه محبوسا لزمه تسلمه وبرئ الكفيل من الكفالة لان حبس الحاكم لا يمنعه من استيفاء حقه لامكان احضاره ومطالبته بالحق فإذا طالب الحاكم باحضاره أحضره بمجلسه وحكم بينهما فإذا فرغت الحكومة رده إلى الحبس بالحق الأول وإن توجه عليه حق المكفول له حبسه بالحق الأول وحق المكفول له ومن أيهما خلص بقي محبوسا على الأخر فروع أ: لو ارتد المكفول به ولحق بدار الحرب لزم الكفيل احضاره إن تمكن منه وإلا فلا وكذا المحبوس عند غير الحاكم ب: لا يشترط تسليم المكفول به من الكفيل في براءة ذمة الكفيل بل لو جاء المكفول به وسلم نفسه إلى المكفول له تسليما تاما برئ الكفيل من الكفالة لان القصد رده إلى المكفول له فلا فرق بين حصوله في يده بالكفيل أو بغيره نايبا عنه ج: لو أخذ المكفول له المكفول به إما طوعا أو كرها واحضره مجلس الحكم برئ الكفيل من الكفالة لما تقدم د: لو حضر المكفول به وقال سلمت نفسي إليك عن جهة الكفيل برئ الكفيل كما يبرئ الضامن بأداء الأصيل الدين ولو لم يسلمه نفسه من جهة الكفيل لا يبرئ الكفيل لأنه لم يسلمه إليه ولا أحد من جهته حتى قال بعض الشافعية لو ظفر به المكفول له في مجلس الحكم وادعى عليه لم يبرأ الكفيل وليس بجيد والوجه ما قلناه لولا ه: لو سلمه أجنبي لا عن جهة الكفيل لم يبرأ الكفيل ولو سلمه عن جهة الكفيل فإن كان باذنه فهو كما لو سلمه بنفسه إذ لا يشترط المباشرة وإن كان بغير إذنه لم يجب على المكفول له القبول إذ لا يجب عليه قبض الحق إلا ممن عليه لكن لو قبل برئ الكفيل مسألة لو تكفل واحد ببدن رجل لاثنين فسلم إلى أحدهما لم يبرأ من كفالة الأخر فإن العقد مع اثنين بمنزلة العقدين فهو كما لو تكفل لكل واحد منهما به على الانفراد وكما لو ضمن دينين لشخصين فأدى دين أحدهما لم يبرء من دين الأخر ولو كفل رجلان برجل لرجل صحت الكفالة كما يصح ان يضمن اثنان واحدا فإن رده أحدهما إلى المكفول منه فهل يبرأ الأخر الأقرب البراءة كما لو أدى الدين أحد الضمناء برئ الباقون وهو أحد قولي الشافعية والثاني لهم انهما إن كفلا على الترتيب وقع تسليمه دون صاحبه سواء قال سلمت عن صاحبي أو لم يقل وإن كفلا معا فوجهان قال المزني يبرأ المسلم والاخر أيضا (عن المسلم) كالضامنين إذا أدى أحدهما وقال ابن شريح والأكثر لا يبرء كما لو كان بالدين رهنا فانفك أحدهما لا ينفك الأخر بخلاف ما إذا أدى أحد الضامنين الدين فإنه يوجب براءة الأصيل وإذا برئ الأصيل برئ كل ضامن وهنا سقطت الوثيقة عن أحدهما مع بقاء الحق ولو كفل اثنان بواحد وكفل كل من الكفيلين ببدن صاحبه صحت الكفالات كلها لان كل مكفول هنا عليه حق فعلى ما قلناه إذا أحضر أحدهما المكفول به وسلمه يبرأ كل واحد منهما عن كفالة صاحبه وكفالة الذي كفلا به وعلى قول ابن شريح وجهان أحدهما يبرأ الأصيل والكفيل والثاني ان الذي احضره يسقط كفالته بالمكفول به وتسقط عن الأخر كفالته بالكفيل الذي احضره وبقي عليه وجوب احضار المكفول به مسألة يصح ترامي الكفالات فلو تكفل رجل ببدن من عليه الحق ثم تكفل آخر ببدن الكفيل وتكفل ثالث ببدن الكفيل الثاني جاز
(١٠١)