إذا شرط أحدهما عمل الأخر والربح بينهما فاختلفا مسألة لا يشترط العلم حالة العقد بمقدار النصيبين بان يعرف هل مال كل واحد منهما مساو لمال الأخر أو أقل أو أكثر وهل هو ثلثة أو ربعه أو غير ذلك من النسب ولا مقدار ماله كم هو وهو أظهر وجهي الشافعية إذا أمكن معرفته من بعد لان الحق لا يعدوهما فيأذن كل واحد منهما لصاحبه في التصرف وان جهل مقدار ما أذن له فيه وفي الوجه الثاني لا يجوز حتى يعلم كل منهما نسبة ماله من مال الأخر فلا يصح في المجهول ولا الجزاف لأنه لا يدري في اي شئ اذن والمأذون لا يدري ماذا يستفيد بالاذن والوجه ما قلناه فحينئذ يكون الأثمان بينهما مشتركة مجهولة على الابهام؟
المثمنات مسألة لو اخرج أحد الشريكين دراهم واخرج الأخر دنانير لم يصح الشركة على ما قدمناه من وجوب التساوي في المالين في الجنس فاشتريا بعين الدرهم والدنانير عبدا أو ثوبا وربحا فيه كان الثوب بينهما والربح بينهما فإذا أراد القسمة نظرا إلى نقد البلد فقوما الثوب به ثم قوما مال الأخر به ويكون التقويم حين الصرف الثمن فيه فإن كان مالهما متساويا تساويا في الثمن والربح وان تفاضلا كان بينهما على النسبة وللشافعية في صحة هذا الشراء قولان كما لو باعا عبديهما صفقة واحدة لان الثمن إذا كان معينا كان بمنزلة المبيع مسألة يجوز ان يكون المال سبايك وتبرأ وحليا وغير ذلك من المصوغات من النقدين وهو ظاهر على مذهبنا حيث جوزنا الشركة في جميع الأموال واما المانعون من الشركة في غير النقدين اختلفوا فأكثر الشافعية على المنع من الشركة فيها لان قيمتها يزيد وينقص فهي كالعروض والأصل فيه ان التبر هل هو متقوم أو مثلي فان جعل متقوما لم يجز الشركة عليه كغيره من الأعيان والا ففيه قولان كالقولين في المثليات من الأعواض واما الدراهم المغشوشة فعندنا تجوز الشركة فيها قل الغش أو كثر وللشافعية قولان مبنيان على جواز التعامل بها ان جوزنا التعامل فقد ألحقنا المغشوش بالخالص وقال بعضهم إذا استمر رواجها في البلد جازت الشركة فيها وقال أبو حنيفة إن كان الغش أقل من النصف جازت الشركة فيها وإن كان أكثر لم يجز لأن الاعتبار بالغالب في كثير من الأصول واما الفلوس فإنها إذا حصل فيها الاشتباه وارتفاع الامتياز مع المزج صحة الشركة بها وبه قال مالك ومحمد بن الحسن وأبو ثور واحمد في إحدى الروايتين لأنها قد تقع أثمانا في العادة فجازت الشركة فيها كالدراهم وقال أبو حنيفة والشافعي واحمد في الرواية الأخرى لا يجوز لأنها تنقص مرة وتكثر أخرى فأشبهت العروض إذا ثبت هذا فإذا صحت الشركة فيها فإن كانت باقية كان رأس المال مثلها وان سقطت كانت قيمتها كالعروض وإن كان لهما ثوبان واشتبها عليهما لم يكن ذلك كافيا في عقد الشركة لان المالين متميزان وانما التبس الامر بينهما تذنيب المثليات قد يتفاوت قيمتها فيقسط الثمن والربح على القيمتين كما لو كان لأحدهما كر حنطة قيمته عشرون وللآخر كر حنطة قيمته عشرة فهما شريكان بالثلث والثلثين مسألة قد بينا ان شركة الوجوه عندنا باطلة حيث لا مال هناك يتحقق فيه الشركة ويرجعان إليه عند المفاضلة ثم ما يشتريه أحدهما يختص بربحه وخسرانه لا يشاركه الآخر فيه الا ان يكون قد اذن له في الشراء عنه ويقصد المشتري موكله وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة يقع المشتري مشتركا بمجرد الشركة وان لم يوجد قصد من المشتري ولا اذن من صاحبه وقد سلف بطلانه مسألة قد بينا توقف تحقق الشركة على مزج المالين فلو لم يحصل لم يتحقق الشركة فلا يصح في المال الغايب لانتفاء المزج فيه لتوقفه على الحضور عند المالكين أو وكيلهما ولا يصح الشركة في الدين أيضا لعدم تحقق هذا المعنى فيه ولا يكفي في المزج الاختلاط مع امكان التخليص كحبات من الحنطة مع حبات الشعير والدخن مع السمسم وان شق التمييز بينهما كما لو مزج الصحيح من الدراهم بالقراضة أو السمسم ببذر الكتان أو اختلفت السكة في بعض النقدين وبالجملة متى حصل المايز بين المالين انتفت الشركة ولو اشتركا بالأبدان لم يصح على ما تقدم فان تميز عمل كل منهما من عمل صاحبه اختص كل واحد منهما بأجرة عمله وان اشتبه احتمل تساويهما لأصالته والصلح إذ لكل واحد منهما في المال حق لا يعلم قدره ولا مخلص الا عقد الصلح مسألة قد بينا ان الشركة لا تصح الا بالمال الممتزج من الشريكين ولا تصح بالاعمال إذا تقرر هذا فلو دفع كل واحد إلى رجل دابة ليعمل عليها فما رزق الله تعالى كان بينهما بالسوية أو أثلاثا أو على ما يتفقان عليه لم يصح عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي وأبو ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي لان الحمل الذي يستحق به العوض حصل من الدابة فالأجرة لصاحبها وعليه للعامل أجرة المثل لان هذا ليس من أقسام الشركة والمضاربة بالاعواض غير صحيحة فعلى هذا إن كان الاجر المدفوع للدابة بعينها فالأجرة لمالكها واما إن كان قد تقبل حمل شئ فحمله عليها أو حمل عليها شيئا مباحا فباعه فالأجرة له والثمن له وعليه أجرة المثل للدابة في الموضعين ونقل عن الأوزاعي صحة ذلك وبه قال احمد وكرهه الحسن والشعبي لأنها عين ينتمي بالعمل عليها فصح العقد عليها كالشجرة في المساقاة والأرض في المزارعة والدراهم والدنانير وهذه المعاملة وان لم تكن شركة ولا مضاربة الا انها تشبه المساقاة والمزارعة لأنه دفع العين إلى من يعمل عليها ببعض (مائها) مع بقاء عينها وهو غلط لان المساقاة والمزارعة خرجا عن الأصل بالنص فلا يقاس عليهما غيرهما الا بدليل مسألة ولو استأجر دابة ليحمل عليها بنصف ما يرزقه الله تعالى لم يصح عند علمائنا وعند أكثر العامة وقال احمد في رواية انه يصح وهو غلط لان من شرط الإجارة وصحتها العلم بالعوض وتقدير المدة أو العمل ولم يوجد ولأنه عقد غير منصوص عليه ولا هو في معنى المنصوص فيكون كغيره من العقود الفاسدة ولو اعطى شخص فرسه على النصف من الغنيمة قال احمد أرجو ان لا يكون به بأس وبه قال الأوزاعي والحق ان السهم من الغنيمة له أو الأجرة وكذا لو دفع عبده إلى غيره ليكتسب عليه ويكون له ثلث ذلك أو ربعه فإنه لا يصح عندنا خلافا له وكذا لا يصح لو دفع إلى رجل ثوبا ليفصله ويخيطه قميصا ويبيعه وله نصف الربح وكذا لو دفع غزلا إلى حايك لينسجه بثلث ثمنه أو ربعه فان ذلك كله عندنا باطل وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وقال احمد يصح ذلك كله وهو خطأ لأنه عوض مجهول عن عمل مجهول ولو دفع إليه الثوب لينسجنه وجعل له ربع ذلك دراهم معلومة قال احمد لا يجوز ولو أعطاه الثوب بالثلث ودرهم أو درهمين فروايتان وجوز ذلك ابن سيرين والنخعي والزهري وأيوب وقال ابن المنذر كره هذا كله الحسن وقال أبو ثور وأصحاب الرأي هذا كله فاسد كما قلناه واختاره ابن المنذر ولو دفع شبكة إلى الصياد ليصطاد بها على النصف أو غيره من الأجزاء المعلومة لم يصح وعليه اجرة الشبكة والحاصل للصياد وقال أصحاب احمد وقياس مذهب احمد صحة الشركة فيكون الحاصل بينهما على ما شرطاه لأنها عين ينتمي بالعمل فيها فجاز دفعها ببعض نمائها كالأرض مسألة لو كان لواحد دابة ولآخر رواية فتشاركا مع ثالث ليستقي الماء ويكون الحاصل بينهم فلا شركة هنا عندنا لأنها منافع أبدان متميزة وشركة الأبدان باطلة ولا يصح ان يكون مضاربة لان رأس مالها العروض والعمل ولان من شرطها عود رأس المال سليما على معنى انه لا يستحق شيئا من الربح حتى يستوفي رأس المال بكماله والرواية هنا تخلق وتنقص وليس ذلك أيضا اجارة لافتقار الإجارة إلى مدة معينة واجرة معلومة فتكون فاسدة إذا تقرر هذا فلو اجروا عليه واستقى الثالث فنقول الماء إن كان مملوكا للسقاء