لا مثل له لان المثل لا يتحرز ولهذا لا يضمن بمثله في الاتلاف والأول أصح والوصول إلى الحق قد يكون بالمثل وقد يكون بالقيمة وكما يجوز ابراء المديون منه بالأداء كذا المحال عليه ولو كان المال مما لا يصح السلم فيه ففي جواز الحوالة به اشكال أقربه الجواز لان الواجب في الذمة حينئذ القيمة وتلك العين لا تثبت في الذمة فلا تقع الحوالة بها ولا بمثلها لعدمه بل بالقيمة ولو كان عليه خمس من الإبل أرش الموضحة مثلا وله على اخر مثلها فاحاله بها فالأقرب الصحة لأنها تنحصر بأقل ما يقع عليه الاسم في السن والقيمة وسائر الصفات وهو أحد قولي الشافعي والثاني لا يجوز لان صفاتها مجهولة وهو ممنوع وقال بعض الشافعية إذا أحال بإبل الدية وعليها (وفرعنا) على جواز الحوالة في المتقومات فوجهان أو قولان مبنيان على جواز المصالحة والاعتياض عنها والأصح عندهم المنع للجهل بصفاتها ولو كان الحيوان صداقا ودخل بها جازت الحوالة عند بعض الشافعية لأنه لا يكون مجهولا ومنعه بعضهم لأنه لا تجوز المعاوضة معها النظر الرابع في تساوي الجنسين مسألة من مشاهير الفقهاء وجوب تساوي الدينين أعني الدين الذي للمحتال على المحيل والذي للمحيل على المحال عليه وجنسا ووصفا فلو كان له دنانير على شخص فأحال عليه بدراهم لم تصح لان الحوالة ان جعلناها استيفاء فلان مستحق الدراهم إذا استوفاها واقرضها فمحال ان ينتقل حقه إلى الدنانير وان جعلناها معاوضة فلانها وإن كانت معاوضة فليست هي على حقيقة المعاوضات التي يقصد بها تحصيل ما ليس بحاصل من جنس مال أو زيادة قدر أو صفة وانما هي معاوضة ارفاق ومسامحة للحاجة فاشترط فيها التجانس والتساوي في القدر والصفة لئلا يتسلط على المحال عليه كما في القرض ولانا نجبر المحال عليه عند من لا يشترط رضاه ولا يمكن اجباره مع الاختلاف ولان الحوالة لا يطلب بها الفضل ولهذا جازت دينا بدين ألا ترى انه لا يجوز بيع الدين بالدين فلو جوزنا الإحالة مع الاختلاف في الجنس أو الوصف لكان بيع الدين بالدين ومع هذا فقد قال المشترطون للتساوي انه تصح الحوالة على من لا دين عليه والاخرى جواز الإحالة على من عليه دين مخالف لكن الغرض بقولهم إذا تغاير الدينان جنسا أو وصفا أو قدرا لم تصح الحوالة ان الحق لا يتحول بها من الدنانير إلى الدراهم وبالعكس لكنها إذا جرت فهي حوالة على من لا دين له عليه وحكمه ما تقدم مسألة لو كان عليه ابل من الدية وله على اخر مثلها قرضا فأحاله صاحب القرض على المقترض بإبل الدية فان قلنا يرد في القرض مثلها صحت الحوالة لأنه يمكن استيفاء الحق على صفته من المحال عليه ولان الخيرة في التسليم إلى من عليه الدين وقد رضي بتسليم ماله في ذمة المقترض وهو مثل الحق فكانت الحوالة صحيحة وان قلنا إنه يرده في القرض القيمة لم تصح الحوالة لاختلاف الجنس وكذا ما يثبت في الذمة قيمته في القرض كالجواهر واللائي وغيرهما مما لا يصح السلم فيه لا تصح الحوالة به ولو احتال المقرض بإبل الدية لم تصح لأنا ان قلنا يجب القيمة في القرض فقد اختلف الجنس وان قلنا يجب المثل فللمقرض مثل ما أقرض في صفاته والذي عليه الدية لا يلزمه ذلك مسألة يجب تساوي الدينين في القدر فلا يحال بخمسة على عشرة ولا بعشرة على خمسة لما قلنا من أن هذا العقد للارفاق ولايصال كل حق إلى مستحقه ولم يوضع لتحصيل زيادة أو حط شئ والمراد بذلك وقوع المعاوضة بالقليل عن الكثير وبالعكس والا فلو كان له عشرة فأحال بخمسة منها أو كان له خمسة فأحال بها وبخمسة أخرى فإنه تصح وللشافعية وجه في الإحالة بالقليل على الكثير انها جايزة وكان المحيل تبرع بالزيادة وقال أبو العباس بن شريح الحوالة بيع إلا أنه غير مبني على المكايسة والمغابنة وطلب الربح والفضل بل جعل رفقا كالقرض وإن كان نوع معاوضة فلا يجوز الا مع اتفاق الجنس جنسا وقدرا وصفة وقد قال الشافعي في كتاب البيوع في باب الطعام قبل ان يستوفى وان حل عليه طعام فأحال به على رجل له عليه طعام أسلفه إياه لم يجز من قبل ان هذا الطعام لما لم يجز بيعه لم يجز الحوالة به لأنه بيع وهذا نص منه وقيل ليست بيعا وهو ما اخترناه نحن أولا لان النبي صلى الله عليه وآله ندب إليها فقال من أحيل على ملي فليحتل ولأنها لا تصح بلفظ البيع ولا تجوز الزيادة فيها ولا النقصان ولما جازت في النقود الا مع التقابض في المجلس الا ان هذا القائل لا يجوز الحوالة بالمسلم فيه وهذا تشمير لقول من قال إنه بيع لا يقال لو كان بيعا لكان على المحيل تسليمه إلى المحال عليه لأنه عوض من جهته كما إذا باع شيئا في يد غيره فإنه يطالبهما به المشتري لأنا نقول أجاب من قال إنه بيع بأنه لما استحق مطالبة المحال عليه به لم يستحق مطالبة المحيل لأنه لو استحق مطالبتهما لكان قد حصل له بالحوالة زيادة في حق المطالبة وقد ثبت ان الحوالة مبنية على أنه لا يستحق بها الا مثل ما كان يستحقه بخلاف البيع لأنه يجوز فيه الزيادة وفائدة الاختلاف ثبوت خيار المجلس ان قلنا إنها بيع والحق ما تقدم والاعتذار باطل لان تخلف لازم البيع يقضي بانتفائه مسألة الأقرب انه لا يشترط تساوي المالين في الحلول والتأجيل فيجوز ان يحيل بالمؤجل على الحال لأنه للمحيل ان يعجل ما عليه فإذا أحال به على الحال فقد عجل وكذا يجوز ان يحيل بالحال على المؤجل ثم إن رضي المحال عليه بالدفع معجلا جاز والا لم يجز ووجب على المحتال الصبر كما احتال موجلا وللشافعية قولان أصحهما عندهم انه يشترط التساوي في الحلول والتأجيل الحاقا للوصف بالقدر والثاني انه يجوز ان يحيل بالمؤجل على الحال لأنه تعجيل ولا يجوز العكس لان حق المحتال حال وتأجيل الحال لا يلزم ونحن نمنع عدم اللزوم مطلقا بل إذا تبرع به لم يلزم أما شرطه في عقد لازم فإنه يلزم والحوالة عقد لازم والمحيل انما أحال بالمؤجل والمحال عليه انما قبل على ذلك فلم يكن للمحتال الطلب معجلا فروع آ لو كان الدينان مؤجلين فان تساويا في الاجل صحت الحوالة قطعا وان اختلفا صحت عندنا أيضا وللشافعية وجهان بناء على الوجهين في الحال والمؤجل فان منعناه هناك منعناه هنا وان جوزناه هناك أجاز هنا على حد ما جاز هناك على معنى انه يجوز ان يحال بالأبعد على الأقرب لأنه تعجيل ولا يجوز العكس لأنه تأجيل الحال ب لو كان أحدهما صحيحا والاخر مكسرا قالت الشافعية لم تجز الحوالة بينهما على الوجه الأول وعلى الثاني يحال بالمكسر على الصحيح ويكون المحيل متبرعا بصفة الصحة ولا يحال بالصحيح على المكسر إلا إذا كان المحتال تاركا لصفة الصحة ويرضى بالمكسرة رشوة ليحيله المحيل ج يخرج على هذا الخلاف عندهم حوالة الارداء على الأجود في كل جنس وبالعكس والأقرب عندي جواز ذلك كله د لو أدى المحال عليه الأجود إلى المحتال وجب القبول وكذا الصحيح عوض المكسر أما تعجيل المؤجل فلا يجبر عليه خلافا للشافعية فإنهم أوجبوه حيث يجبر المستحق على القبول وهذا يتفرع على الصحيح في أن المديون إذا جاء بأجود مما عليه من ذلك النوع يجبر المستحق على قبوله ولا يكون ذلك معاوضة ه لو كان الدينان حالين فشرط في الحوالة ان المحتال يقبض حقه أو بعضه بعد شهر صح عندنا خلافا لأحمد لعموم قوله (ع) المؤمنون عند شروطهم ولان مبنى الحوالة على الارفاق وهذا مناسب لمقتضى العقد فيكون لازما وكذا يصح لو كان الدين المحال به مؤجلا فشرط المحتال في الحوالة الحلول ورضى الثلاثة به صح ولزم عملا بالشرط ولو اجتمعت شرايط الحوالة وجرى بينهما عقدها ثم رضي المحتال بأخذ الأقل أو الارداء أو الصبر إلى أجل صح اجماعا ولم يكن للمحيل الرجوع على المحال عليه بتمام دينه وكذا لو رضي المحال عليه بدفع الأجود والأكثر والمعجل صح ولا نعلم فيه خلافا وبه لو احتال بالحق الذي له على من عليه مثله فتعاوضا عن الحق بمخالفه جاز لأنه يجوز اقتضاء أحد الجنسين من الأخر مع التراضي وقد روى داود بن سرحان في الصحيح عن الصادق (ع) قال سألته عن الرجل كانت له على رجل دنانير فأحال عليه رجلا بدنانير أيأخذ بها دراهم قال نعم البحث الثالث في الاحكام مسألة إذا جرت الحوالة بشرائطها
(١٠٨)