عند القاضي بالخصومة عنه وطلب حقوقه فللوكيل ان يخاصم عنه ما دام حضرا اعتمادا على العيان فان غاب وأراد الوكيل الخصومة عنه بناء على اسم ونسب يذكره ولم يكن معروفا عند الحاكم فلا بد من إقامة البينة على أن فلان بن فلان وكله أو على أن الذي وكله عند الحاكم هو فلان بن فلان وبالجملة لابد وان يعرف الموكل أو شاهدان يعرفهما القاضي ويوثقها إما بمعرفته بعدالتهما أو بحضور اثنين يزكيانهما أو أكثر وقال بعض الشافعية ان القضاة عادتهم التساهل في هذه البينة بالعدالة الظاهرة وترك البحث والاستزكاء تسهيلا على الغرماء وهو خطأ عندنا وقال بعضهم أيضا يمكن ان يكتفي بمعرف واحد إذا كان مأثوقا كما في تعريف المراة في تحمل الشهادة عليها يحصل بمعرف واحد لأنه اخبار وليس بشهادة وهو خطأ عندنا أيضا بل لابد في التعريف من عدلين مسألة إذا وكله في شراء فاسد أو عقد باطل مثل أن يقول اشتر لي شيئا إلى مقدم الحاج أو مجئ الغلة أو بع كذلك لم يملك هذا العقد لان الله تعالى لم يأذن في الفاسد ولان الموكل لا يملكه فالوكيل أولي ولا يملك الصحيح عندنا وبه قال الشافعي واحمد لأنه اذن له في عقد فاسد فإذا عقد صحيحا يكون فضوليا قد فعل غير المأذون فيه ولأنه اذن له في عقد فاسد فإذا عقد صحيحا لم يلزم كما لو اذن له في شراء خمر أو خنزير ولأنه اذن له في محرم فيكون الاذن محرما فلا يملك الحلال بهذا الاذن كما لو اذن له في شراء خمر أو خنزير لم يملك شراء الخل والغنم وقال أبو حنيفة يملك بذلك الشراء الصحيح لأن الشراء الفاسد يملك عقده فإذا عقد له عقدا صحيحا فقد ملكه بما هو أولي وهو ممنوع وعلى ان البيع الصحيح يملك به والفاسد لا يملك بالعقد فيه وانما يملك بالقبض ملكا غير لازم مسألة لو وكله بالصلح عن الدم على خمر ففعل حصل العفو كما لو فعله الموكل بنفسه لان الصلح على الخمر وإن كان فاسدا فيما يتعلق بالعوض ولكنه صحيح فيما يتعلق بالقصاص فيصح التوكيل فيما لو فعله الموكل بنفسه لصح لأنا نصحح التوكيل في العقد الفاسد ولو وكله بالصلح عن القصاص على خمر فصالح على خنزير فهو لغو ويبقى القصاص مستحقا على ما كان عليه قبل الصلح لأنه مستبد بما فعل غير موافق أمر الموكل وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني انه كما لو عفى على خمر لان الوكالة بالصلح تامة والخمر لا تثبت وان ذكرت وانما تثبت الدية فلا فرق فيما يصح ويثبت بين ان يذكر الخمر أو الخنزير وعلى هذا لو صالح على ما يصلح عوضا كالعبد والثوب أو على الدية نفسها يجوز ولا خلاف بينهم في أنه لو جرى هذا الاختلاف بين الموجب والقابل في الصلح يلغو لعدم انتظام الخطاب والجواب ولو وكله بان يخالع زوجته على خمر فخالع على خمر أو خنزير فعند الشافعية انه على ما تقدم في الصلح عن الدم المطلب الثاني في حكم العهدة مسألة قد بينا انه يجوز التوكيل بجعل وبغير جعل فإذا وكله على البيع أو الشراء أو غير ذلك وجعل له جعلا كان للوكيل المطالبة بجعله قبل ان يتسلم الموكل الثمن أو المثمن لان الأجرة مستحقة بالبيع أو الشراء وليس التسليم شرطا في ذلك وكذا لو وكله في حج أو غيره استحق الأجرة بنفس العمل وانما تقف الأجرة على تسليم المنفعة التي يمكن تسليمها دفعة واحدة كالحياكة والخياطة والصناعة وأشباه ذلك فإذا استأجره على نساجة ثوب أو خياطته أو قصارته فإذا سلمه إلى المستأجر معمولا فله الاجر ولو كان العمل في دار المستأجر فكلما عمل شيئا وقع مقبوضا فيستحق الخياط الجعل إذا فرغ من الخياطة واما في مسئلتنا فقد استحق الأجرة بالبيع فلا يقف ذلك على تسليم الثمن إما لو قال وكلتك في بيع مالي فإذ سلمت الثمن إلى فلك كذا وكذا فإنه يقف استحقاقه على التسليم لأنه شرطه في الاستحقاق وبخلاف الأول مسألة الوكيل امين ويده يد أمانة لا يضمن ما يتلف في يده الا بتفريط منه أو تعد فيه فان تلف ما قبضه من الديون أو الأثمان أو الأعيان من الموكل أو غرمائه فلا ضمان عليه سواء كان وكيلا بجعل أو بغير جعل فان تعدى فيه كما لو ركب الدابة أو لبس الثوب أو فرط في حفظه ضمن اجماعا وكذا باقي الأمانات كالوديعة وشبهها وبالجملة الأيدي على ثلاثة أقسام يد أمانة كالوكيل والمستودع والشريك وعامل المضاربة والوصي والحاكم وامين الحاكم والمرتهن والمستعير على وجه يأتي ويد ضامنة كالغاصب والمستعير على وجه والمساوم والمشتري شراء فاسد أو السارق ويد مختلف فيها وهو يد الأجير المشترك كالقصار والصايغ والحايك والصباغ وما أشبه ذلك وفيها للشافعية قولان وعندنا انها يد أمانة إذا عرفت هذا فكل يد أمانة لا ضمان على صاحبها الا بتعد أو تفريط لأنه لو كلف الضمان لامتنع الناس من الدخول في الأمانات مع الحاجة إليها فيلحقهم الضرر فاقتضت الحكمة زوال الضمان عنهم مسألة إذا تعدى الوكيل أو فرط مثل ان يلبس الثوب الذي دفعه الموكل إليه ليبيعه أو ركب الدابة ضمن اجماعا سواء تلفت العين بذلك التصرف أو بغيره ولا تبطل وكالته بمجرد التعدي فله بيع الثوب بعد لبسه والدابة بعد ركوبها وهو أصح وجهي الشافعية لان الوكالة تضمنت شيئين الأمانة والاذن في التصرف فإذا تعدى زالت الأمانة وبقي الاذن بحاله ولان الوكالة انابة واذن في التصرف والأمانة حكم يترتب عليه فلا يلزم من ارتفاع هذا الحكم بطلان أصل العقد كما أن الرهن لما كان المقصود منه التوثيق ومن حكمه الأمانة لا يلزم من ارتفاع حكم الأمانة فيه بطلان أصل الرهن بخلاف الوديعة فإنها أمانة محضة فلا يبقى مع التعدي والثاني انه يبطل الوكالة لأنها أمانة فترتفع بالتعدي كالوديعة وقد بينا بطلانه فعلى ما اخترناه من صحة تصرفه إذا باع وسلم العين إلى المشتري زال الضمان عنه اجماعا لاستقرار ملك المشتري عليه وزوال ملك الموكل عنه وقد أخرجه من يده بإذن المالك فروع آ هل يخرج من الضمان بمجرد البيع قبل التسليم الأقرب عدم الخروج لأنه ربما يبطل العقد بتلفه قبل قبض المشتري فيكون التلف على ملك الموكل وهو أصح وجهي الشافعية والثاني انه يخرج من ضمان عهدته لزوال ملك الموكل عنه بالبيع ودخوله في ملك المشتري وضمانه ونحن فيه من المترددين ب إذا باع ما فرط فيه وقبض الثمن كان الثمن أمانة في يده غير مضمون عليه وإن كان أصله مضمونا لأنه لم يتعد فيه وقد قبضه بإذن الموكل فيخرج عن العهدة ج لو دفع إليه مالا ووكله في شراء شئ به فتعدى في الثمن صار ضامنا له فإذا اشترى به وسلم زال الضمان وهل يزول بمجرد الشراء به وجهان تقدما وإذا قبض المبيع كان أمانة في يده د لو تعدى في العين ثم باعها وسلمها زال الضمان على ما تقدم فإذا ردها المشتري عليه بعيب عاد الضمان مسألة لو دفع إلى وكيله دراهم ليشتري بها طعاما مثلا فتصرف فيها على أن يكون قرضا عليه صار ضامنا لتعديه بالتصرف وليس له ان يشتري للموكل بدراهم من نفسه ولا في الذمة فان فعل ونسب الشراء إلى الموكل أو نواه كان فضوليا فيه ان أجاز الموكل صح والا بطل وان لم ينوه ولا سماه وقع عنه ولو عادت الدراهم التي أنفقها إلى يده فأراد ان يشتري بها للموكل ما امره كان له ذلك لان الوكالة لا تبطل بالتعدي وللشافعية قولان أحدهما كما قلناه والثاني ان الوكيل ينعزل بتعديه فليس له الشراء حينئذ فإذا اشترى شيئا لم يكن مضمونا عليه لأنه لم يتعد فيه ولو رد ما اشتراه بعيب واسترد الثمن عاد مضمونا عليه مسألة إذا قبض الوكيل ثمن المبيع فهو أمانة في يده ولا يلزمه تسليمه إليه قبل طلبه ولا يضمنه بتأخيره لأنه رضي بكونه في يده حيث وكله في القبض ولم يرجع عن ذلك فان طلبه الموكل فأخر رده فإن كان لعذر لم يضمن ويجب عليه مع أول وقت الامكان وان لم يجدد الطلب فان اخر ضمن وإن كان تأخيره لا لعذر كان ضامنا كالمودع ولا نعلم فيه خلافا مسألة إذا وكله في الشراء فان اشترى ما امره به على الوجه الذي امره به وقع الملك للموكل وانتقل من البايع إلى الموكل ولا ينتقل إلى الوكيل بحال عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي في أصح
(١٣٠)