سابق وإن كانت وهو عالم ضمن وكذا لو كان جاهلا وللشافعية في الجاهل وجهان كالوجهين فيما إذا حبس من به بعض الجوع وهو لا يعلم حتى مات وأظهرهما عندهم عدم الضمان وعلى تقدير الضمان لهم وجهان هل يضمن الجميع أو بالقسط كما لو استأجر دابة لحمل قدر فزاد عليه وان نهاه المالك عن العلف والسقي فتركهما كان عاصيا لما فيه من تضييع المال المنهى عنه شرعا وهتك حرمة الروح لان للحيوان حرمة في نفسه يجب احياؤه لحق الله تعالى وفي الضمان اشكال أقربه العدم وهو قول أكثر الشافعية كما لو قال اقتل دابتي فقتلها أو امره برمي قماشه في البحر فرماه أو امره بقتل عبده فقتله فإنه يأثم ولا ضمان عليه كذا هنا وقال بعضهم يجب عليه الضمان لحصول التعدي في الوديعة وهو مقتض للضمان فأشبه ما لو لم ينهه ولو علفها وسقاها مع نهيه عنهما كان الحكم كما تقدم في القسم الأول وقال بعض الشافعية الخلاف هنا مخرج مما إذا قال اقتلني فقتله هل تجب الدية ولم يرتضه باقي الشافعية لأنا إذا أوجبنا الدية أوجبناها للوارث ولم يوجد منه اذن في الاتلاف وهنا بخلافه وان اطلق الايداع ولم يأمره بالعلف والسقي ولا ينهاه عنهما فيجب على المستودع العلف والسقي لأنه التزم بحفظها ولأنه ممنوع من اتلافها جوعا فإذا التزم حفظها تضمن ذلك علفها وسقيها وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا يجب عليه العلف والسقي لأنه استحفظه إياها ولم يأمره بعلفها وقد بينا الامر الضمني مسألة لا خلاف في أنه لا يجب على المستودع الانفاق على الدابة والآدمي من ماله لأصالة البراءة والتضرر المنفي شرعا لكن ان دفع إليه المالك النفقة فذاك وان لم يدفع إليه فإن كان المالك قد أمره بعلفها وسقيها رجع به عليه لأنه امره باتلاف ماله فيما عاد نفعه إليه فكان كما لو ضمن عنه مالا بأمره وأداه عنه وان اطلق الايداع ولم يأمره بالعلف والسقي ولا نهاه عنهما فإن كان المالك حاضرا أو وكيله طالبه بالانفاق عليها اوردها عليه أو اذن له المالك في الانفاق فينفق فيرجع به ان لم يتطوع بذلك وان لم يكن المالك حاضرا ولا وكيله رفع الامر إلى الحاكم فان وجد الحاكم لصاحبها مالا أنفق عليها منه وان لم يجد مالا رأى الحاكم المصلحة للمالك إما في بيعها أو بيع بعضها وانفاقه عليها أو اجارتها أو الاستدانة على صاحبها من بيت المال أو من المستودع أو من غيره فيفعل ما هو الأصلح فان استدان عليه من بيت المال أو من غير المستودع دفعه إلى المستودع لينفقه عليها ان رأى ذلك مصلحة وان استدان من المستودع فالأقرب ان الحاكم يتخير بين ان يأذن للمستودع في الانفاق عليها وبين ان يأذن لغيره من الامناء يقبض من المستودع وينفق لان المستودع امين عليها فجاز للحاكم الاخلاد في انفاق ما يستدينه منه عليها كما أن للمالك امره بالانفاق وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لهم انه ليس للحاكم ان يأذن للمستودع في الانفاق مما يستدينه منه على المالك بل يقيم الحاكم أمينا يقبض منه وينفق لأنه لا يجوز ان يكون أمينا في حق نفسه والوجه ما تقدم وعلى ما اخترناه من جواز اخلاد الحاكم إلى المستودع فالأقرب انه لا يقدرها بل يكل الامر إلى اجتهاد المستودع وهو أحد قولي الشافعية والثاني لهم ان الحاكم يقدرها ولا يكلها إلى المستودع فالقول قوله فيما أنفق إذا ادعى الانفاق بالمعروف ولو ادعى أكثر لم يقبل قوله الا بالبينة وكذا لو قدر له الحاكم النفقة فادعى انه أنفق أكثر ولو اختلف المستودع والمالك في قدر المدة التي أنفق فيها قدم قول صاحبها لان الأصل عدم ذلك وبراءة ذمته ولو اختلفا في قدر النفقة قدم قول المستودع لأنه امين فيها ولو أنفق عليها من غير اذن الحاكم فان قدر على اذن الحاكم ولم يحصله لم يكن له الرجوع لأنه متطوع وان لم يقدر على الحاكم فانفق فليشهد على الانفاق والرجوع فان ترك الاشهاد مع قدرته عليه فالأقرب انه متبرع وان تعذر عليه الاشهاد فالأقرب انه يرجع مع قصده الرجوع ويقدم قوله في ذلك لأنه اعرف بقصده وإذا قلنا ينفق ويرجع صار كالحاكم في بيعها أو بيع بعضها أو اجارتها أو الاقتراض على مالكها ولو ترك المستودع الانفاق مع اطلاق الايداع ولم يرفعه إلى الحاكم ولا أنفق عليها حتى تلفت ضمن إن كانت تلفت من ترك ذلك لأنه تعدى بتركه وان تلفت في زمان لا يتلف في مثله لعدم العلف لم يضمن لأنها لم يتلف بذلك ولو نهاه عن السقي والعلف لم يضمن بترك ذلك على ما تقدم من الخلاف وهل يرجع على المالك اشكال ينشأ من تبرعه بالانفاق وعدمه مسألة إذا احتاج المستودع إلى اخراج الدابة لعلفها أو سقيها جاز له ذلك لان الحفظ يتوقف عليه ولا ضمان ولا فرق بين ان يكون الطريق أمنا أو مخوفا إذا خاف التلف بترك السقي واضطر إلى اخراجها ولو أخرجها من غير ضرورة للعلف أو السقي فإن كان الطريق أمنا لا خوف فيه وامكنه سقيها في موضعها فالأقرب عدم الضمان لاطراد العادة بذلك وهو أظهر قولي الشافعية ولو علفها وسقاها في داره أو اصطبله حيث يعلف دوابه ويسقيها فقد بالغ في الحفظ وان أخرجها من موضعها وكان يفعل ذلك في دواب نفسه لضيق الموضع أو لغيره فلا ضمان عليه وإن كان يسقي دوابه فيه قال الشافعي ضمن واختلف أصحابه فاطلق بعضهم وجوب الضمان لأنه اخرج الوديعة عن الحرز لغير ضرورة وقيده بعضهم بما إذا كان ذلك الموضع أحرز فاما إذا كان الموضع المخرج إليه أحرز أو مساويا فلا ضمان وقال آخرون انه محمول على ما إذا كان في الاخراج خوف فإن لم يكن فلا ضمان مسألة إذا تولى المستودع السقى والعلف بنفسه أو أمر به صاحبه وغلامه وكان حاضرا لم تزل يده فذاك وان بعثها على يده للسقي أو امره بعلفها أو اخرج الدابة من يده فإن لم يكن صاحبه أو غلامه أمينا ضمن وإن كان أمينا فالأقرب عدم الضمان لقضاء العادة بالاستنابة في ذلك وهو أظهر وجهي الشافعية والوجهان عند بعضهم مخصوصان بمن يتولى ذلك بنفسه واما في حق غيره فلا ضمان قطعا فروع آ لو نهاه عن العلف لعلة تقتضي النهي كالقولنج وشبهه فعلفها قبل زوال العلة فماتت ضمن لأنه مفرط ب العبد المودع والأمة كالدابة في جميع ما تقدم ج لو أودعه نخلا فالأقرب ان سقيه واجب كما قلنا في الدابة وهو أحد وجهي الشافعية وفي الثاني انه لا يضمن بترك السقي إذا لم يأمره بالسقي البحث الخامس في المخالفة في كيفية الحفظ مسألة يجب على المستودع اعتماد ما أمره المالك في كيفية الحفظ فإذا امره بالحفظ على وجه مخصوص فعدل عنه إلى وجه آخر وتلفت الوديعة فإن كان التلف بسبب الجهة المعدول إليها ضمن وكانت المخالفة تقصيرا لأنه لو راعى الوجه المأمور به لم يتحقق التلف ولو حصل التلف بسبب اخر فلا ضمان هذا إذا لم يتحقق المستودع التلف لو امتثل الامر إما إذا تحقق التلف بالامتثال فخالف للاحتياط في الحفظ فاتفق التلف فلا ضمان لأنه محسن فلا سبيل عليه للآية مسألة إذا أودعه الا في صندوق وقال له لا ترقد عليه فخالف ورقد عليه فان تلفت الوديعة بالرقود بان انكسر رأس الصندوق بثقله وتلف ما فيه ضمن لأنه خالف وتلفت الوديعة بالمخالفة فكان ضامنا وان تلفت بغير الرقود فإن كان في بيت محرز فأخذه اللص أو كان في برية فأخذه اللص من رأس الصندوق فالأقرب عدم الضمان وبه قال الشافعي لأنه زاده احتياطا وحفظا فالتلف ما جاء منه وللشافعية وجه اخر انه يضمن وبه قال مالك لان رقوده على الصندوق تنبيه عليه وتعظيم لما مر فيه وموهم للسارق تقاسة ما في يده فيقصده وهو غلط لأنه زاده احتياطا وحرزا كما لو قال له ضع المال في صحن الدار فوضعه في البيت لم يضمن ولا يقال إن هذا يتضمن التنبيه عليه كذا هنا وكذا الخلاف فيما لو قال لا تقفل عليها فقفل أو قال لا تقفل عليها الا قفلا واحدا فقفل قفلين أو قال لا تغلق باب البيت فاغلق فإن كان
(٢٠٣)