فالثمن له وعليه أجرة المثل للدابة والراوية وإن كان مباحا فان أخذه بنية انه له فكالأول وان أخذه بنية الشركة فان قلنا إنه لا تجوز النيابة في تملك المباحات فكالأول أيضا لان السقاء يكون قد ملكه بمجرد الحيازة والاخذ وان قلنا إنه تجوز النيابة في مثل ذلك فالماء بينهم وكيف يقسم يحتمل ان يقسم على نسبة أجور أمثالهم لأنه حصل بالمنافع المختلفة وان يقسم بينهم بالسوية أتباعا لقصده فحينئذ يكون للسقاء ان يطالب كل واحد من صاحبيه بثلث اجرة منفعته لان منفعته لم يتصرف إليه منها سوى الثلث وكذا يرجع كل واحد من صاحب الدابة والراوية على كل واحد من الآخر والسقاء بثلث اجرة منفعة ملكه وعلى الوجه الأول لا تراجع بينهم في الأجرة لان كل واحد منهم قد أخذ حقه وهو أجرة مثل عمله لا أزيد مسألة لو استأجر رجل الدابة من صاحبها والراوية من صاحبها والسقاء لحمل الماء وهو مباح فان أفرد كل واحد منهم بعقد صح والماء للمستأجر وعليه لكل واحد من الثلاثة ما عينه من الأجرة وان جمع بين الجميع في عقد واحد صح عندنا وحينئذ توزع الأجرة المسماة على أجور الأمثال وهو أحد قولي الشافعي والثاني بطلان الإجارة فلكل واحد من الثلاثة أجرة المثل عليه والماء للمستأجر سواء قلنا إن الإجارة صحيحة أو لا إما على تقدير الصحة فظاهر واما على تقدير الفساد فلان منافعهم مضمونة عليه بأجرة المثل فان نوى السقا نفسه وقلنا بفساد الإجارة قال بعض الشافعية يكون للمستأجر أيضا وتوقف الجويني فيه لان منفعته غير مستحقة للمستأجر فليكن الحاصل له وموضع القولين للشافعي ما إذا وردت الإجارة على عين السقا والدابة والراوية فاما إذا لزم ذمتهم نقل الماء صحت الإجارة لا محالة إذ ليست هنا أعيان مختلفة تفرض جهالة في أجورها وانما على كل واحد منهم ثلث العمل مسألة لو اشترط أربعة لأحدهم بيت الرحاء ولآخر حجر الرحاء ولآخر دابة تديره والرابع يعمل الصماد للدواب في الحجر على أن الحاصل من اجرة الطحن بينهم فهي شركة فاسدة على ما عرف ثم إن استأجر مالك الحنطة العامل والآلات من أربابها وأفرد كل واحد منهم بعقد لزمه ما سمى لكل واحد منهم ولا شركة وان جمع بين الجميع في عقد واحد فان الزم ذمتهم الطحن صح العقد وكانت الأجرة المسماة بينهم أرباعا ويتراجعون أجرة المثل لان المنفعة المملوكة لكل واحد منهم قد استوفى ربعها حيث أخذ ربع المسمى وانصرف ثلاثة أرباعا إلى أصحابه فيأخذ منهم ثلاثة أرباع أجرة المثل وان استأجر عين العامل وعين الآلات صح عندنا وللشافعي قولان أحدهما فساد الإجارة فلكل واحد اجرة مثله والثاني الصحة فيوزع المسمى عليهم ويكون التراجع بينهم على ما سبق ولو الزم صاحب الحنطة ذمة العامل الطحن لزمه وعليه إذا استعمل ما لأصحابه بأجرة المثل لهم الا ان يستأجرها بعقد صحيح فيكون عليه المسمى وقد روى العامة ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن قفيز الطحان وهو ان يعطى الطحان أقفزة معلومة ليطحنها بقفيز دقيق منها وعلة المنع انه جعل له بعض معموله اجرا لعمله فيصير الطحن مستحقا عليه وقد أنكر جماعة منهم هذا الحديث وقياس قول احمد جوازه مسألة لو دفع إلى شخص عينا على أن يؤجرها المدفوع إليه ويكون الأجرة بينهما لم يصح ويكون الإجارة لصاحب العين ان استوجرت العين أو يكون المدفوع إليه فالاجر له ولصاحب العين أجرة المثل ولو كان لرجل دابة ولآخر أكاف وجوالقات فاشتركا على أن يؤاجرهما والأجرة بينهما نصفان فهو فاسد لأن هذه أعيان لا يصح الاشتراك فيها وكذا منافعها إذ تقديره اجر دابتك ليكون اجرها بيننا واجر جوالقاتي لتكون أجرتها بيننا وذلك باطل فيكون الأجرة بأسرها لصاحب الدابة لأنه مالك الأصل وللآخر أجرة المثل على صاحب البهيمة لأنه استوفى منافع ملكه بعقد فاسد هذا إذا اجر الدابة بما عليها من الأكاف والجوالقات في عقد واحد واما ان اجر كل واحد منهما ملكه منفردا فلكل واحد منهما اجرة ملكه والتحقيق ان نقول لا اعتبار بهذه الشركة فوجودها كالعدم ثم المستعمل للدابة والجوالقات إن كان قد عقد معهما أو مع أحدهما بإذن الآخر عقد اجارة شرعية كان عليه المسمى يقسط على اجرة مثل الدابة وأجرة المثل للجوالقات والأكاف وان لم يعقد معهما عقد اجارة كان عليه اجرة مثل الدابة لصاحبها واجرة مثل الأكاف والجوالقات لصاحبها مسألة لو كان لواحد البذر ولآخر دواب الحرث ولثالث الأرض فاشتركوا مع رابع ليعمل ويكون الحاصل بينهم فالشركة باطلة والنماء لصاحب البذر وعليه أجرة المثل لصاحب الأرض عن ارضه ولصاحب الدواب عن عملها ولصاحب العمل عن عمله فان أصاب صاحب الزرع آفة ولم يحصل شئ من الغلة لم يسقط حقهم من أجرة المثل وقال بعض الشافعية لا شئ لهم لانهم لم يحصلوا له شيئا وهو غلط ظاهر لأنه قد تصرف في مال الغير بعمل له اجرة فكان عليه الأجرة الفصل الثالث في الاحكام مسألة الشركة عقد جايز من الطرفين وليست من العقود اللازمة بالاجماع فإذا اشتركا بمزج المالين واذن كل منهما لصاحبه في التصرف فلكل من الشريكين فسخها لان الشركة في الحقيقة توكيل وتوكل فلو قال أحدهما للاخر عزلتك عن التصرف أو لا تتصرف في نصيبي انعزل المخاطب عن التصرف في نصيب العازل ويبقى له التصرف في نصيبه ولا ينعزل التصرف في نصيب المعزول الا بعزل متجدد منه ولو فسخاها معا فان الاشتراك باق وان لم يكن لأحدهما التصرف في نصيب الآخر ولو قال أحدهما فسخت الشركة ارتفع العقد وانفسخ من تلك الحال وانعزلا جميعا عن التصرف لارتفاع العقد وقال بعض الشافعية انعزالهما مبني على أنه يجوز التصرف بمجرد عقد الشركة أم لا بد من التصريح بالاذن ان قلنا بالأول فإذا ارتفع العقد انعزالا وان قلنا بالثاني وكانا قد صرحا بالاذن فلكل منهما التصرف إلى أن يعزل وكيف ما كان فالشافعية على ترجيح القول بانعزالهما مسألة إذا عقدا الشركة ومزجا المالين فان وجد من كل منهما الاذن لصاحبه في التصرف في جميع المال تسلط كل منهما على ذلك وكان حكم تصرفه حكم تصرف الوكيل مع الاطلاق فلا يبيع بالنسية ولا بغير نقد البلد ولا يبيع ولا يشتري بالغبن الفاحش الا مع اذن الشريك فان خالف وباع بالغبن الفاحش لم يصح في نصيب الشريك ويصح في نصيبه عندنا ويتخير المشتري مع فسخ الشريك للبيع وعند الشافعي قولان مبنيان على تفريق الصفقة فان قالوا ببطلان البيع بقي المبيع على ملكهما والشركة بحالها وان قالوا بالصحة على ما هو مذهبنا انفسخت الشركة في المبيع وصار مشتركا بين المشتري والشريك الذي بطل في نصيبه ولو اشترى بالغبن فإن كان الشراء بعين مال الشركة كان حكمه حكم ما لو باع بالغبن وقد سلف وان اشترى في الذمة لم يقع للشريك وكان عليه دفع الثمن من خالص ماله مسألة ليس لواحد من الشريكين التصرف في المال الممتزج الا بإذن صاحبه فان اختص أحدهم بالاذن اختص بالتصرف لأصالة عصمة مال الشخص على غيره ولو اشترك الاذن اشترك جواز التصرف وإذا حصل الاذن عاما من كل واحد منهما تصرف بحسبه في مال شريكه كما يتصرف الوكيل في مال موكله وإن كان عاما من أحدهما وخاصا من الآخر استفاد من عمم له الاذن جواز التصرف عاما والاخر ما عين له وكذا لو كان الاذن من كل منهما خاصا لم يجز له التخطي إلى غير المأذون وإذا عين له جهة السفر (أو البيع) على وجه أو شراء جنس بعينه لم يجز التجاوز ولو شرطا الاجتماع لم يجز لأحدهما الانفراد ولو اطلق الاذن تصرف كيف شاء فان عين جهة فتجاوزها كان ضامنا ويجوز الرجوع في الاذن فيحرم التصرف لأنه انما تصرف بالاذن وقد زال وليس لأحدهما السفر بمال الشركة ولا ان يبيعه الا بإذن صاحبه فان فعل بغير الاذن ضمن مسألة
(٢٢٤)