وقت ويتعهده في كل زمان ويشيع امره فيعرف انه لقطة فينحفظ بذلك من غير زوال ولايته جمعا بين الحقين كما في اللقطة مسألة: من ظاهر حاله الأمانة الا انه لم يختبر حاله لا ينتزع من يده لان ظاهر المسلم العدالة ولم يوجد ما يعارض هذا الظاهر ولان حكمه حكم العدل في لقطة المال والولاية في النكاح وأكثر الاحكام لكن يوكل الامام من يراقبه من حيث لا يدري لئلا يتأذى فإذا حصلت للحاكم الثقة به صار كمعلوم العدالة وقيل ذلك لو أراد السفر به منع وانتزع منه لأنه لا يؤمن ان يسترقه وأن يكون اظهاره العدالة لمثل هذا الفرض الفاسد وهو أحد قولي الشافعي والثاني له انه يقر في يده ويسافر به لأنه يقر في يده في الحضر من غير مشرف يضم إليه فكذا في السفر كالعدل ولان الظاهر الستر والصيانة فاما من عرفت عدالته وظهرت أمانته فيقر اللقيط في يده في سفر وحضر لأنه مأمون عليه إذا كان سفره لغير النقلة ولها وجهان مسألة: يعتبر في الملتقط الرشد فلا يصح التقاط المبذر المحجور عليه فلو التقط لم يقر في يده وانتزع منه لأنه ليس مؤتمنا عليه شرعا وإن كان عدلا ولا يشترط في الملتقط الذكورة فان الحضانة أليق بالإناث ولا يشترط كونه غنيا إذ ليست النفقة على الملتقط والفقير يساوي الغني في الحضانة وللشافعية وجه آخر وهو انه لا يقر في يد الفقير لأنه لا يتفرغ للحضانة به لاشتغاله بطلب القوت مسألة: لو ازدحم على لقيط اثنان فإن كان ازدحامهما عليه قبل اخذه وقال كل واحد منهما انا اخذه وأحضنه جعله الحاكم في يد من رآه منهما أو من غيرهما لأنه لا حق لهما قبل الاخذ وان ازدحما بعد الاخذ بان تناولاه تناولا واحدا دفعة واحدة فإن لم يكن أحدهما أهلا للالتقاط منع منه وسلم اللقيط إلى الآخر كما لو كان أحدهما مسلما حرا عدلا والاخر يكون كافرا أو فاسقا أو عبدا لم يأذن له مولاه أو مكاتبا كذلك فان المسلم العدل الحر يقر في يده ولو يشاركه الآخر ولا اعتبار بمشاركته إياه في الالتقاط لأنه لو التقطه وحده لم يقر في يده فإذا شاركه من هو من أهل الالتقاط كان أولي واما إن كان كل واحد منهما أهلا للالتقاط فان سبق أحدهما إلى الالتقاط منع الآخر من مزاحمته ولا يثبت السبق بالوقوف على رأسه من غير اخذ وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني انه يثبت وان لم يسبق أحدهما فان اختص أحدهما بوصف يوجب تقدمه قدم وكان أولي من الآخر وان تساويا من كل وجه فان سلم أحدهما لصاحبه ورضى باسقاط حقه جاز لان الحق له فلا يمنع من الايثار به وان تشاحا أقرع بينهما وبه قال الشافعي لقوله تعالى وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم ولأنه أمر مشكل لعدم امكان الجمع بينهما وعدم أولوية أحدهما وكل مشكل ففيه القرعة بالنص عن أهل البيت عليهم السلام ولأنه لا يمكن ان يخرج عن أيديهما لاشتماله على ابطال حقهما الثابت لهما بالالتقاط أو يترك في أيديهما إما جمعا والاجتماع على الحضانة مشق أو متعذر ولا يمكن ان يكون عندهما في حالة واحدة واما بالمهاياة وهو يشتمل على الاضرار باللقيط لما في تبدل الأيدي من قطع الألفة واختلاف الأغذية والأخلاق أو يختص به أحدهما لا بالقرعة ولا سبيل إليه لتساويهما فلم يبق مخلص الا القرعة كالزوج يسافر بإحدى زوجاته بالقرعة وقال بعض الشافعية يرجح أحدهما باجتهاد القاضي من رآه خيرا للقيط أقره في يده وهو غلط لأنه قد يستوي الشخصان في اجتهاد القاضي ولا سبيل إلى التوقف فلابد من مرجوع إليه وليس سوى القرعة وقال بعض الشافعية يخير الصبي في الانضمام إلى من شاء منهما وهو غلط لأنه قد لا يكون مميزا بحيث يفوض إليه التخيير ولو كان مميزا فإنه لا يخير كما يخير الصبي بين الأبوين عند بلوغه سن التمييز عندهم لأنه هناك يعول على الميل الناشي من الولادة وهذا المعنى معدوم في اللقيط مسألة: هذا إذا تساويا في الصفات فان ترجح أحد الملتقطين بوصف يوجب تخصيصه به دون الآخر وكانا معا ممن يثبت لهما جواز الالتقاط أقر في يده وانتزع من يد الآخر والصفات المرجحة أربعة أ: الغنى فلو كان أحدهما غنيا والاخر فقيرا فللشافعية وجهان أحدهما انهما يتساويان وهو قول بعض علمائنا لان الفقير أهل للالتقاط كالغني وأظهرهما عند الشافعية أولوية الغني لأنه ربما يواسيه بمال وينفعه في كثير من الأوقات ويواكله أحيانا ولان الفقير قد يشتغل بطلب القوت عن الحضانة فان رجحنا الغني على الفقير وكانا معا غنيين الا ان أحدهما أكثر غنا من الآخر فللشافعية وجهان في تقديم أكثرهما مالا ب: ان يكون أحدهما بلديا والاخر قرويا أو كان أحدهما بلديا أو قرويا والاخر بدويا تساويا عند بعض علمائنا ورجح البلدي على القروي والقروي على البدوي لما فيه من حفظ نسبه وامكان وصول قريبه إليه وللشافعية وجهان ج: من ظهرت عدالته بالاختبار يقدم على المستور على خلاف بين علمائنا وللشافعية وجهان أحسنهما انه يقدم احتياطا للصبي والثاني يستويان لان المستور لا يسلم ثبوت المزية للاخر ويقول لا اترك حقي بجهلكم لحالي د: الحر أولي من العبد والمكاتب وإن كان التقاطه بإذن السيد لأنه في نفسه ناقص وليست يد المكاتب يد السيد مسألة: لا تقدم المراة على الرجل لان المراة وإن كانت بالحضانة أولي لشفقتها وملامستها الا ان الرجل أقوى ولا فرق بين ان يكون المنبوذ ذكرا أو أنثى بخلاف الام فإنها تقدم على الأب في الحضانة لان المراعى هناك شفقة الأمومة في الحضانة وكذا لا يتقدم المسلم على الكافر في اللقيط المحكوم بكفره وقال بعض الشافعية يقدم المسلم ليعلمه دينه فتحصل له سعادة الدنيا والآخرة ينجو من الجزية أو الصغار ويتخلص من النار وهذا أولي من الترجيح باليسار الذي انما يتعلق بتوسعته عليه في الانفاق ولا بأس به عندي وقال بعض الشافعية يقدم الكافر لأنه على دينه وهو ينافي المعقول إذ الغرض اجتذاب الكافر إلى الاسلام مسألة: إذا تساويا وأقرع بينهما فخرجت القرعة لأحدهما فترك حقه للاخر لم يجز لأنه ليس للمنفرد نقل حقه وتسليم اللقيط إلى الآخر وبتخصيصه بالقرعة صار منفردا ولو قال قبل القرعة تركت حقي فالأصح عند الشافعية وهو المعتمد انفراد الآخر به لان الحق لهما فإذا أسقط أحدهما حقه استقل الآخر كالشفيعين والثاني المنع كما لو ترك حقه بعد خروج القرعة بل يرفع الامر إلى الحاكم حتى يقره في يد الآخر ان رأى ذلك وله ان يختار أمينا اخر فيقرع بينه وبين الذي لم يترك حقه وقال بعض الشافعية ان التارك لا يتركه الحاكم ويقرع بينه وبين صاحبه فان خرجت القرعة عليه الزم القيام بحضانته بناء على أن المنفرد إذا شرع في الالتقاط لا يجوز له الترك المطلب الثاني: في احكام الالتقاط وفيه بحثان الأول: في نقله يجب على الملتقط حفظ اللقيط ورعايته ولا يجب عليه نفقته سواء كان موسرا أو معسرا فان عجز عن حفظه سلمه إلى القاضي ولو تبرم به مع القدرة على حضانته وتربيته فالأقرب انه يسلمه إلى القاضي أيضا وللشافعية وجهان مبنيان على أن الشروع في فروض الكفاية هل يوجب اتمامها وهل يصير الشارع فيها متعينا لها أم لا والكلام فيه مضى في كتاب السير وقطع بعض الشافعية بما ذهبنا إليه ولا شك في أن الملتقط يحرم عليه نبذه ورده إلى المكان الذي التقطه فيه لما فيه من تعريضه للاتلاف إذا عرفت هذا فان الواجب على الملتقط حفظه وتربيته دون نفقته وحضانته مسألة: الملتقط للصبي إن كان بلديا وقد التقطه في بلدته أقر في يده وليس له ان ينقله إلى البادية لو أراد الانتقال إلى البادية بل ينتزع منه لما في عيش أهل البوادي من الخشونة وقصورهم عن معرفة علوم الأديان والصناعات التي يكتسب بها فلو انتقل باللقيط الزم تضرره ولان ظهور نسبه انما يكون في موضع التقاطه غالبا فلو سافر به لضاع نسبه لان من ضيعه يطلبه حيث ضيعه ولو كان الموضع المنقول إليه من البادية قريبا من البلد ويسهل تحصيل ما يراد منها فان راعينا خشونة المعيشة لم يمنع وان راعينا تحفظ النسب فإن كان أهل البلد يختلطون باهل تلك البادية لم يمنع أيضا والا منع وكما أنه ليس له نقله إلى البادية فكذا ليس له نقله إلى
(٢٧١)