بخلاف ما لو ساقاه على ودي عشر سنين والثمرة لا يتوقع إلا في العاشرة ليكون هي بينهما لأنه شرط له بينهما من جميع الثمرة ولو أنه أثمر قبل سنة التوقع لم يستحق العامل منها شيئا مسألة عقد المساقاة لازم على ما قلناه ولا يثبت فيه خيار المجلس لان خيار المجلس عندنا مختص بالمتبايعين ولبعض العامة وجهان هذا أحدهما والاخر انه يثبت لأنه عقد لازم يقصد به المال أشبه البيع ولا يثبت فيه خيار الشرط عند بعض العامة لأنها إن كانت جايزة استغنت عن الخيار وإن كانت لازمة وجهان أحدهما لا يثبت لأنها عقد لا يشترط فيه قبض العوض فلا يثبت فيه خيار الشرط والوجه الجواز لعموم قوله (ع) المؤمنون عند شروطهم فإذا فسخ صاحب الخيار كان بمنزلة ما لو اتفقا على الفسخ وقد مضى حكمه أو كما يقول من يذهب إلى انها من العقود الجايزة مسألة لا يصح بيع الثمرة قبل ظهورها منفردة على ما قلناه في كتاب البيع فان أريد ذلك توصل إليه بعقد المساقاة أو الإجارة فيوجر الأرض المتخللة بين النخل مدة تلك الثمرة تقريبا بالثمن الذي يريد ان يدفعه ثمنا عن الثمرة ثم يساقيه على النخل والشجر مدة الثمرة إما سنة واحدة أو أكثر على ما يتفقان عليه على أن مهما سهله الله تعالى في ذلك من النماء والفايدة يكون لصاحب النخل جزء من الف جزء أو من أزيد من أو من أقل على ما يتراضيا عليه والباقي للعامل ويشترط عليه سقية واحدة في وقت معين أو أزيد على ما يتفقان عليه فان أخل العامل بالعمل أو بشئ منه يتخير المالك بين فسخ المساقاة والبقاء عليها فان فسخ كانت الثمرة له والثمن لأنه اجرة الأرض هذا إذا لم يجعل المساقاة والإجارة في عقد واحد وإن كانت الإجارة مشروط بالمساقاة فإذا كانت الحال كذلك وفسخ المالك المساقاة كان للمستأجر فسخ الإجارة وعليه من الأجرة بنسبة ما مضى من المدة إلى حين الفسخ والا فلا البحث السادس في الاحكام مسألة العامل يملك نصيبه في المساقاة فظهور الثمرة عند علمائنا فلو تلفت كلها إلا واحدة كانت بينهما وللشافعية فيه طريقان أحدهما القطع بأنه يملك بالظهور كما قلناه وبه قال احمد لان الشرط صحيح فيثبت مقتضاه كساير الشروط الصحيحة ومقتضاه كون الثمرة بينهما على كل حال ولأنه لو لم يملكها قبل القسمة لما وجبت القسمة ولا ملكها بها كالأصول والثاني ان فيها قولين أحدهما هذا والثاني انه لا يملك العامل شيئا من الثمرة إلا بعد القسمة كالعامل في القراض لا يملك حصته من الربح بالظهور بل بالقسمة والأصل ممنوع والفرق قايم فان الربح في القراض وقاية لرأس المال فلا يملك العامل شيئا حتى يسلم رأس المال لصاحبه والثمرة ليست وقاية للشجرة ولهذا لو تلفت الأصول كلها كانت الثمرة بينهما إذا تقرر هذا فإنه إذا بلغ نصيب كل واحد منهما نصابا وجبت الزكاة عليهما وان بلغ نصيب أحدهما خاصة دون الأخر وكل من بلغ نصيبه النصاب وجبت عليه الزكاة ومن لم يبلغ نصيبه الزكاة لم تجب عليه ولو لم يبلغ نصيب أحدهما الزكاة لم تجب على واحد منهما شئ سواء بلغ المجموع النصاب أولا وللشافعي قولان أحدهما ان الزكاة تجب على المالك خاصة دون العامل والثاني انه على كل واحد منهما فإذا قلنا على رب المال وبلغ خمسة أوسق كان عليه الزكاة ومن أين يخرج له وجهان أحدهما من ماله وحده والثاني من مالهما معا وإذا قلنا تجب عليهما نظر فإن كان نصيب كل واحد منهما نصابا وجبت الزكاة وان لم يبلغ نصيب كل واحد منهما نصابا بل بلغ الحقان نصابا فهل تجب الزكاة على القولين له ان قال لا خلطة في غير الماشية فلا زكاة وان قال تصح الخلطة في غير الماشية وجبت الزكاة مسألة قد بينا ان المزارعة عقد صحيح خلافا للشافعي فإنه منع إذا كانت الأرض بيضاء لا نخل فيها وإن كان فيها نخل أو شجر له ثمر فلا يخلو الأرض من ثلاثة أقسام إما ان يكون قليلة بين تضاعيف النخل أو قليلة منفردة عن النخل أو كثيرة بين تضاعيف النخل فإن كانت قليلة بين تضاعيف النخل جاز ان يساقيه على النخل ويزارعه على الأرض لما رواه العامة عن ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وآله عامل أهل خيبر على النصف مما يخرج من ثمرة وزرع وعن ابن عباس قال افتتح رسول الله صلى الله عليه وآله خيبر فاشترط ان له الأرض وكل صفراء وبيضاء قال أهل خيبر نحن اعلم بالأرض منكم فاعطناها ولكم نصف الثمرة ولنا نصف فزعم أنه أعطاهم على ذلك فلما كان حين يصرم النخل بعث إليهم عبد الله بن رواحة فحرز عليهم النخل فقال لي كذا وكذا قالوا أكثرت علينا يا ابن رواحة قال فاني اتى جذاذ النخل وأعطيكم نصف الذي قلت قال هذا هو الحق وبه تقوم السماء والأرض قد رضينا ان تأخذ بالذي قلت وقال ابن الزبير سمعت جابرا يقول خرصها ابن رواحة أربعين الف وسق وزعم أن اليهود لما اخبرهم ابن رواحة أخذوا الثمرة وعليهم عشرين الف وسق ومن طريق الخاصة ما رواه حماد بن عثمان وعبيد الله الحلبي في الصحيح عن الصادق (ع) ان أباه حدثه ان رسول الله صلى الله عليه وآله اعطى خيبر بالنصف أرضها ونخلها فلما أدركت الثمرة بعث عبد الله بن رواحة فقوم عليهم قيمة قال إما ان تأخذوه وتعطون نصف الثمرة واما ان أعطيكم نصف الثمرة واخذه فقال بهذا قامت السماوات والأرض ولان هذا إذا كان في تضاعيف النخل شرب شرب النخل لان الحاجة تمس إليه لعسر الافراد فيكون على صاحب المساقاة ضرر إذ ثبتت يد أخرى على ما بين ذلك من الأرض فجازت المزارعة عليه لموضع الحاجة ثم اعترض عليهم بأنه قد كان يمكنه ان يواجره الأرض فتزول هذه الحاجة وأجاب أصحابه بجوابين أحدهما ان الإجارة فيه غرر لأنه قد لا يحصل منه فايدة وتجب عليه الأجرة وهذا ليس بشئ لأنه يلزم عليه الأرض المنفردة لان هذا المعنى موجود فيها ومع هذا لا تجوز المزارعة عليها والثاني ان ذلك انما جاز تبعا للنخل وقد يجوز تبعا ما لا يجوز بيع الثمرة قبل بدو الصلاح مع الأصل مطلقا ولا يجوز إذا افردها ثم اعترض على هذا بأنه لو كانت تبعا لدخلت في لفظ المساقاة على النخل كالغراس والبناء يدخل في بيع الأرض قلنا لا يلزم فيما جوز فيه الغرر لأجل البيع ان يدخل في لفظه كالثمرة مع الأصول ولان لفظ المزارعة غير لفظ المساقاة ولهذا لم يدخل في الاطلاق وأيضا إذا دعت الحاجة إلى أن يعقد على البياض مع النخل فلا يحصل ذلك بعقد الإجارة لأنه ان عقد الإجارة من المساقاة لم يجز لأنهما عقدان ولا يجوز ان يشرط عقد في عقد ان شرط أحدهما لم يحصل الغرض لأنه قد يمتنع أحدهما عن الأخر فجوز عليهما عقد واحد وهذا كله عندنا لا ضرورة إليه لأنا نجوز عقد المزارعة وعقد المساقاة سواء اتحد العقد أو تعدد وعلى قولنا وقول الشافعية إذا قال ساقيتك على النخل أو زارعتك على الأرض بالنصف جاز وان قال عاملتك على الأرض والنخل على النصف جاز لان لفظ المعاملة يشملهما ويجوز أن يقول ساقيتك على النصف زارعتك على الثلث كما يجوز أن يقول ساقيتك على النخل على أن يكون لك النصف من النوع الفلاني والثلث من النوع الفلاني فاما إذا قال ساقيتك على الأرض والنخل والأرض بالنصف لم يصح في الأرض لان المساقاة لا يتناولها وصح في النخل فان أفرد بعد ذلك الأرض بالمزارعة صح عندنا وللشافعية وجهان أحدهما المنع لان المزارعة عنده انما تصح تبعا للنخل فإذا افردها لم تجز كالثمرة إذا باعها قبل بدو الصلاح والثاني انه يجوز لأنه انما جوزت المزارعة لحاجته إليها لكونها في تضاعيف النخل وهذه الحاجة قايمة إذا ثبت هذا فكل موضع جوزت المزارعة عليه فإنه يجب ان يكون البذر من رب المال فيكون من العامل العمل عند الشافعي حتى يكون منه العمل في النخل والأرض فيكون العقد على العمل خاصة ونحن عندنا انه يجوز ان يكون البذر من العامل واما إذا كانت الأرض منفردة عن النخل ويمكن افراد النخل بالسقي فإنه لا يجوز المزارعة عليها عند الشافعي سواء كانت الأرض قليلة أو كثيرة لأنه لا حاجة به إليه وعندنا تجوز المزارعة أيضا واما إذا كان البياض الذي بين النخل كثيرا وكان النخل قليلا جازت المزارعة عندنا مع المساقاة وبدونها وللشافعي في المزارعة على البياض مع المساقاة على النخل وجهان أحدهما لا تجوز لان النخيل إذا كان غنيا والأرض كثيرة لا يمكن ان يجعل الكثير تبعا للقليل وانما يتبع القليل الكثير والثاني تجوز لأنه انما جازت المزارعة على القليل من الأرض لموضع الحاجة وكونه يشرب بسقي النخل وذلك موجود في الكثير فوجب ان يجوز وان قلنا لا يجوز فإنه يوجر الأرض ويساقي على النخل مسألة شرط الشافعي في جواز المزارعة والمساقاة هنا اتخاذ العامل فلا يجوز ان يساقي واحدا ويزارع اخر لان غرض الاستقلال لا يحصل وتعذر افراد النخل بالسقي وافراد البياض بالعمارة لانتفاع النخيل بسقيه وتقليبه
(٣٤٩)