شرط الواقف لان الحق ليس منحصرا في المقسمين فان لمن بعدهم من البطون حقا يأخذونه من الواقف لا على جهة الإرث من البطن الأول وبه قال أكثر الشافعية وقال بعضهم ان جعلنا القسمة افراز حق وتميزه عن غيره جازت القسمة فإذا انقرض البطن الأول انتقضت ويجوز لأرباب الوقف المهايات توصلا إلى استيفاء المنافع ويجوز عندنا قسمة الوقف من الطلق لان القسمة ليست بيعا عندنا وانما هي افراز حق ثم لا يخلو إما ان يكون فيها رد أو لا فإن لم يكن فيها رد جازت القسمة عندنا وعند كثير من العامة وان اشتملت على رد فإن كان من جانب أصحاب الوقف جاز أيضا لأنه يكون شراء الشئ من الطلق وإن كان من صاحب الطلق قال بعض العامة لا يجوز لتضمنه شراء شئ من الوقف وبيعه غير جايز وهو ممنوع وإن كان المشاع وقفا على جهتين فأراد أهله قسمته لم يجز عندنا وعند بعض العامة يبني على ما ذكر ولم تجز إذا كان فيها رد بحال ومتى جازت القسمة بين الوقف والطلق وطالبها أحد الشريكين أو ولى الوقف أخبر الأخر لان كل قسمة جازت من غير رد ولا ضرر فهي واجبة ولو وقف كل واحد من الشريكين حصة على ولده أو على جهة أخرى وأراد الولدان أو صاحبا الجهتين القسمة فالأولى المنع كما لو كان الواقف واحدا ولو وقف أحد الشريكين حصته لم يكن للاخر شفعة لأنه ازاله ملك بغير عوض فهو كالهبة ولان الشفعة انما يثبت عندنا بالبيع خاصة دون غيره من أسباب النقل ولو جعل الواقف للموقوف عليه القسمة ففي جوازها اشكال فان جوزناه ففي لزومه في حق البطون المتجددة اشكال وان قلنا بلزومه ففي نقضه لو اتفق البطن الثاني على نقضه اشكال مسألة لا يجوز تغيير الوقف عن هيئة فلا يجوز جعل الدار الموقوفة بستانا ولا حماما وبالعكس الا إذا جعل الواقف للمتولي ما يرى فيه الوقف ولو تعذر الاستمرار جاز التغيير إلى أقرب الأوصاف إلى الوقف ولو جعل دكانا القصار للخباز وبالعكس فالأقرب الجواز وهو قول بعض الشافعية لانتفاء التغيير في النوع ولو هدم الدار أو البستان فقعد اخذ منه الضمان وبنى به أو غرس ليكون وقفا مكان الأول ولو وقف على قنطرة فانخرق الوادي وتعطلت تلك القنطرة واحتيج إلى قنطرة أخرى جاز النقل إلى ذلك الموضع بخلاف المسجد الذي باد أهله حيث تبقى عمارته ويعمر بعد ما خرب ان أمكن لتصلى فيه المارة وإذا وقف على عمارة المسجد جاز ان يشتري منه سلم لسعود السطح ومكانس يكنس بها ومساحي ومزور وذبل لحفر التراب ونقله لان ذلك حفظ العمارة ولو أن المطر يصيب بابه ويفسده جاز بناء ظلال منه ولا يجوز إذا كان مضرا بالمادة وإذا وقف على دهن السرج للمسجد جاز وصفه في جميع الليل لأنه ابسط للمصلين ويجوز وقف الستور ليستر بها جدران المسجد وقال بعض الشافعية ينبغي ان يجئ فيه الخلاف المذكور في النقش والتزويق فلو وقف على المسجد مطلقا فالأقرب جواز صرف الغلة إلى الامام والمؤذن ان ساغ لهما التناول ويجوز بناء منارة للمسجد وكذا يجوز بناء منارة من الوقف الذي وقف على عمارة المسجد وهل يجوز بنا سقاية للمسجد اشكال مسألة لو بنى مسجد وصار مسجدا لم يجز دفعه من الأرض وجعل سقاية أو دكاكين تحته خلافا لأحمد في إحدى الروايتين فان المسجد ملك لله تعالى لا يجوز نقله ولا ابداله ولا بيع ساحته ولو جاز جعل أسفل المسجد سقاية وحوانيت كان جعل المسجد سقاية وحوانيت ويجعل بدله مسجدا في موضع اخر ولو كان لمسجد منارة وهو غير حصين عن الكلاب أمكن القول بجواز نقضها وبناء الحايط بها للمصلحة وبه قال احمد ولو أريد حفر المسجد وجعل السقاية والدكاكين تحته والبناء عليها بحيث يكون المسجد سقفا مساويا للأرض التي كان عليها في الارتفاع فالأولى المنع ولو جعل في سطحه مرتفق يجري مع حايطه من غير مداخلة له فيه فالأقرب الجواز مسألة لا يجوز ان يغرس في المسجد شجرة فان غرست كان للامام قلعها لان المسجد انما بني لذكر الله تعالى والصلاة فيه وتلاوة القران ولان موضع الشجرة من المسجد الذي جعل للصلاة وبغرس الشجرة تمتنع الصلاة في مغرسها ويؤذي المصلين بسقوط ورقها في المسجد ورمى ثمرها وتسقط عليها الطيور وبتول في المسجد وربما اجتمع الصبيان من اجلها ورموها بالحجارة ليسقط ثمرها وقد روي في اخبارنا انه من غرس في المسجد شجرة فكانما ربط فيه خنزيرا ولو كانت النخلة قد نبتت عذبا؟ من الله تعالى ففي قلعها اشكال ولو جعل أرضا فيها نخلة مسجد أقرت فيه لسبق حق الملك ولا تصير وقفا بمجرد ذكر الأرض كبيع الأرض وحينئذ لا يكلف تفريغ الأرض وللشافعي قولان في البيع وقال احمد تصير النخلة وقفا ويكون ثمرتها للمساكين لأنه لم يجعل لها مصرفا ولو وقف الشجرة على المسجد واحتاج المسجد إلى عمارة فالأقرب جواز بيع الشجرة في عمارته وقال بعض الشافعية يجوز للامام قلعها باجتهاده ليتسع للمصلين ولو قال جعلت هذه الأرض مسجدا لم تدخل الشجرة لأنها لا تجعل مسجدا ولو جعل الأرض مسجدا ووقف الشجرة عليها جاز ولم يجز قلعها لأنها لمصالح المسجد ولو نبت شجرة في المسجد ففي جواز اكل ثمرها للداخل فيه نظر أقربه صرف الثمرة إلى مصالح المسجد من العمارة وشبهها ولو نبتت شجرة في المقبرة ففي جواز اكل ثمرها للناس اشكال أقربه صرفها في مصالح المسجد مسألة يصح وقف المريض كما يصح وقف الصحيح الا ان بين علمائنا اختلافا في أنه هل يمضي من الأصل أو من الثلث والمعتمد الثاني على ما يأتي انشاء الله ولأنه وقف يؤخر عن الديون فيكون وصية والملازمة ظاهرة واما صدق المقام فلما رواه أحمد بن حمزة انه كتب إلى أبي الحسن (ع) مدين وقف ثم مات صاحبه وعليه دين لا يفي بماله فكتب (ع) يباع وقفه في الدين ولا فرق بين ان يكون الوقف على الأجنبي أو على الوارث عند علمائنا لقوله تعالى الوصية للوالدين والأقربين وقال الشافعي إن كان لأجنبي اعتبر من الثلث فإن لم يزد عليه لزم وان زاد عليه وقف على اجارة الورثة فان أجازوا بأسرهم نفذ من الثلث فان أجاز بعضهم نفذ في حصته من الأصل وفي حصة الراد من الثلث وان وقف على بعض ورثته وقف على اجازة الباقين فان رده بطل سواء اخرج من الثلث أو لا وكذا إذا اوصى بالوقف وقال احمد في أصح الروايتين كقولنا انه يمضي من الثلث وان لم تجز الورثة كالأجنبي لان عمر جعل الولاية لحفصة ثم لذوي الرأي من أهله ولا حرج على من وليه ان يأكل منه ولان الوقف ليس في معنى المال فإنه لا يجوز التصرف فيه فهو بمنزلة عتق الوارث والوصية عنده للوارث وإن كانت باطلة الا مع اجازة جميع الورثة فان الموقف مغاير لها لأنه لا يباع ولا يورث ولا يصير ملكا للورثة ينتفعون بغلتها ولو وقف ووهب حابى؟ فإن كان ذلك منجزا قدم الأول فالأول فان اشتبه السابق قال بعض علمائنا يقسم على الجميع بالحصص والوجه القرعة وإن كان وصية فكذلك عندنا وقال الشافعي يستوي الكل الا العتق فان فيه قولين مسألة لو وقف داره على ابنه وبنته بالسوية في مرض موته وهي تخرج من الثلث صح ذلك عندنا وبه قال احمد في إحدى الروايتين لأنه لما كان يجوز له تخصيص البنت بوقف الدار كلها فنصفها أولي وقالت الشافعية واحمد في الرواية الأخرى ان أجاز الابن لك جاز وان لم يجز قال بعض العامة بطل الوقف فيما زاد على نصيب البنت وهو السدس ويرجع إلى الابن ملكا فيكون له النصف وقفا والسدس ملكا طلقا والثلث للبنت جميعه يكون وقفا قال ويحتمل ان يبطل الوقف في نصف ما وقف على البنت وهو الربع ويبقى له ثلاثة أرباع الدار وقفا نصفها للابن وربعها للبنت والربع الذي بطل الوقف فيه بينهما أثلاثا للابن ثلثاه وللبنت ثلثه وتصح المسألة من اثني عشر ستة أسهم وقف أو سهمان ملكا وللبنت ثلاثة أسهم وقفا وسهم ملكا ولو وقفها على ابنه وزوجته نصفين وهي تخرج من ثلثه فرد الابن صح الوقف على الابن في نصفها وعلى المرأة في ثمنها وللابن ابطال الوقف في ثلاثة أثمانها فيرجع إليه ملكا على الوجه الأول وعلى الوجه الثاني يصح الوقف على الابن في نصفها وهو أربعة أسباع نصيبه ويرجع إليه باقي نصيبه ملكا ويصح الوقف في أربعة أسباع الثمن الذي للمرأة وباقية يكون لها ملكا فاضرب سبعة في ثمانية يكون ستة وخمسين للابن ثمانية وعشرون وقفا واحد وعشرون ملكا وللمرئة أربعة أسهم وقفا وثلاثة ملكا واما إن كانت الدار جميع ملكه فوقفها كلها فعلى ما اخترناه واختاره
(٤٤٦)