لما رواه محمد بن مسلم عن الصادق (ع) قال سمعته قال إن الغلام إذا حضره الموت ولم يدرك جازت وصيته لذوي الأرحام ولم تجز للغرباء مسألة قال المفيد ره المحجور عليه لسفه إذا اوصى في بر ومعروف جازت وصيته ولم يكن لوليه الحجر عليه في ذلك ولا تجوز وصيته الصبي والمحجور عليه فيما يخرج عن وجوه البر والمعروف وهبتها باطلة ووقفهما وصدقتهما جايزة إذا وقعا موقع المعروف وقال سلار السفيه لا تمضي وصيته الا في وجوه البر والمعروف خاصة والصبي إذا بلغ عشر سنين جازت وصيته أيضا في البر والمعروف خاصة ولا تمضي هبته ولا وقفه وكذلك السفيه وقال أبو الصلاح لا يمضي من بلغ عشر سنين والمحجور عليه الا ما تعلق بأبواب البر فقد ظهر من هذا الخلاف بين علمائنا ان السفيه هل تبطل وصيته بالمعروف أو يكون كالصبي تصح وصيته وللشافعية في السفيه المبذر طريقان أحدهما تخريج وصيته إذا كان محجورا على القولين في وصيته الصبي المميز وأصحهما القطع بالصحة محجورا كان أو لم يكن لان عبادته صحيحة الا ترى ان طلاقه يقع واقراره بالعقوبات يقبل الشرط الثاني الحرية فلا تصح وصيته العبد إذا مات على العبودية ولو عتق وملك ثم مات فوصيته حال الرقية لا غية أيضا على أقوى الاحتمالين لأنه لم يكن أهلا للوصية حينئذ وبه قال أبو حنيفة والشافعي في ا ظهر القولين والثاني لهم الصحة لأنه صحيح العبارة وقد أمكن تنفيذ وصيته والمكاتب كالقن إن كان مشروطا أو مطلقا ولم يؤد شيئا من مال الكتابة ولو كان قد أدي وتحرر بعضه وصحت ا لوصيه بقدر ما تحرر منه وبطلت بقدر ما فيه من ا لرقية لقول الباقر (ع) قضى أمير المؤمنين (ع) في مكاتب قضى نصف ما عليه فأوصى بوصية فأجاز نصف الوصية وقضى في مكاتب قضى ثلث ما عليه واوصى بوصية فأجاز ثلث الوصية مسألة الكافر تصح وصيته لأنه عاقل ينفذ عتقه وتمليكه وساير تصرفاته المالية وهبته فتصح وصيته الا ان يوصي بما يمنع الشرع منه فلو اوصى بخمرا أو خنزير لم تنقد وصيته سواء اوصى بهما لمسلم أو ذمي على اشكال في الذمي والشافعية منعوا الوصية بهما للذمي ولو اوصى في جهات المعاصي بطلت وصيته كما لو اوصى بعمارة كنيسة متبكرة إما بتجديدها فلا يجوز عند الشافعية وفيه اشكال ولو اوصى بكتبة التورة أو الإنجيل أو بقراءتهما لم يصح ولو اوصى بدهن يشتعل في ا لبيع والكنايس فان قصد تعظيم البيع؟
لم يجز وان قصد انتفاع المقيمين أو المجتازين بضوءها جازت الوصية كما لو اوصى بصرف شئ إلى الذمة مسألة لو اوصى المسلم بمعصية كبناء موضع لشرب الخمر أو بيعه أو الفسق ا واللهو أو القمار فيه لم تصح وصيته لان المقصود من شرع الوصية تدارك ما فات في حال الحياة من الحسنات فلا يجوز ان يكون في وجوده المعصية ويجوز من المسلم والكافر الوصية بعمارة المسجد الأقصى أو عمارته قبور الأنبياء (ع) وكذا عمارة قبور العلماء والصالحين لما فيها من احياء الزيارة والتبرك بها وكذا يجوز ان يوصى المسلم والكافر بفك أساري الكفار من أيدي المسلمين لان المفاداة جايزة وكذا تصح الوصية ببناء رباط تنزله أهل الذمة أو دار تصرف عليها إليهم مسألة لو خرج الانسان نفسه بما فيه هلاكها ثم اوصى لم تصح وصيته عند أكثر علمائنا وكذا قال المفيد ره لو أحدث في نفسه حدث القتل من جراح أو سرب سم ونحو ذلك كانت وصيته مردودة ونقله ابن الجنيد عن الصادق (ع) وقال ابن إدريس الذي يقتضيه أصولنا ان وصيته صحيحه ماضية إذا كان عقله ثابتا لأنه عاقل رشيد فتصح وصيته كغيره والوجه الأول لأنه سفيه فلا ينفذ تصرفه ولأنه في حكم الأموات فلا يتصرف في مال غيره ولأنه قاتل نفسه فلا يتصرف في ماله فان الوراث يخرج عند التصرف في التركة بقتله مورثة فكذا قاتل نفسه ولان الموصي له انما يملك بعد القبول والموت فملكه عن الموصي فيكون ا لمال حال الموت على حكم مال الميت لعدم استحقاق الوارث له لان الله تعالى انما ملكه ما قبل الوصية فلم ينتقل المال إليه (ولا الموصي له والا لم يزل عنه بالرد بل بعقد شرعي فيبقي على حكم مال الميت فكان الميت مبذر كالوارث صح) فيمنع من التصرف في التركة كما يمنع الوارث القاتل ولقول الصادق (ع) فإن كان اوصى بوصيته بعد ما أحدث في نفسه من جراحة أو قتل لعله يموت لم تجز وصيته ويمنع الرشد إما لو أوصي الانسان بوصية ثم قتل نفسه فان وصيته تنفذ ويجب العمل بها اجماعا لانتفاء المانع حالة الوصية وجود المقتضي ولان أبا ولاد سمع الصادق (ع) يقول من قتل نفسه متعمدا فهو في نار جهنم خالدا فيها قلت له أرأيت إن كان اوصى بوصيته ثم قتل نفسه في ساعته تنفذ وصيته قال فقال إن كان اوصى قبل ان يحدث حدثا في نفسه من جراحة أو قتل أجيزت وصيته في ثلثة الحديث مسألة الوصية بالولاية انما تصح ممن يملكها فان من لا يملك شيئا لا تصح وصيته إذ من ليس له التصرف في حياته الأولى ان يمنع منه بعد موته إذا عرفت هذا فلا تصح الوصية على الأطفال الا من الأب أو الجد للأب خاصة ولما انتفت الولاية على الام لم تصح وصيتها بالولاية عليهم و لو أوصت لهم بمال وأقامت وصيا صح ما أوصت به من المال في ثلث التركة وفي اخراج ما عليها من الحقوق ولم تصح وصيتها بالولاية في ذلك المال على الأولاد بل يكون المتولي فيه الأب والجد والحاكم الفصل الثالث الموصي له الوصية إن كانت بجهة عامة فالشرط فيها ان لا يكون جهة معصية وقد تقدم وإن كانت لمعين فشرطه ان يتصور فيه له الملك وانما يتحقق هذا الشرط لو كان الموصى له موجودا فلو اوصى للمعدوم لم تصح وصيته اجماعا وكذا لو اوصى لميت أو لمن ظن وجوده فبان ميتا حال الوصية لان الوصية تمليك وهو غير مستحق في الميت ولا فرق بين ان يعلم بموته حال الوصية أو يجهل ذلك ويتوهم حياته ثم يظهر موته حالة الوصية وبه قال أكثر العامة وقال مالك ان علم بموته صحت الوصية له وكان الموصى به تركته وهل يشترط التعيين الأقرب ذلك فلو اوصى لاحد الشخصين لم يصح وكذا لو اوصى لما تحمله المرأة من بعد الوصية أو لمن يوجد من أولاد فلان وهنا مطلبان الأول في المسايل المعنوية وفيه مباحث الأول في الوصية للحمل مسألة تصح الوصية للحمل بشرطين وجوده حالة الوصية وانفصاله حيا لان الوصية تجري مجرى الميراث من حيث إنها انتقال المال من الانسان بعد موته إلى الموصي له بغير عوض كانتقاله إلى وارثه ولان الوصية تتعلق بغرر وخطر فصحت للجمل كالعتق ولان الوصية أوسع مجالا من الإرث فان المكاتب والكافر والعبد لا يرثون ويجوز الوصية لهم والحمل يرث بالاجماع وإذا ثبت الميراث للحمل فالوصية بالثبوت أولي ولا نعلم في صحة الوصية للحمل خلافا وبه قال الشافعي والثوري واحمد واسحق وأبو ثور وأصحاب الرأي انما شرطنا العلم بوجوده لان الأصل عدمه فإذا لم يعلم الوجود حكم بالعدم والمعدوم لا تصح الوصية له وكذا لو اوصى لحمل سيكون فسدت الوصية وهو أصح وجهي الشافعية وانما يعلم وجوده حال الوصية لو وضعته لا قل من ستة أشهر من حين الوصية فلو انفصل لستة أشهر من حين الوصية فصاعدا إلى اقصى مدة الحمل وهو سنة على رأي فإن كانت المرأة فراشا لزوج أو سيد لم يعط الحمل شيئا لجواز تجدده بعد الوصية وحدوث العلوق بعدها والأصل عدم الحمل يوم الوصية وان لم يكن فراشا بل فارقها زوجها أو سيدها قبل الوصية فإن كان انفصاله لأكثر من سنيه من وقت الوصية فكذلك لا يستحق شيئا لعلمنا بأنه لم يكن موجدا حال الوصية وعند الشافعي اقصى الحمل أربع سنين فان وضعته لأكثر من أربع سنين من حين الوصية لم يعط شيئا وإن كان انفصاله بين مدة أقل الحمل وأكثره فالأقوى انه يستحق الوصية لأن الظاهر وجوده حين الوصية لندور اتفاق وطي الشبهة ولا يحكم بأنه ولد الزنا لأصالة عدم اقدام المسلم على المحرم وهو أظهر قولي الشافعي وفي الثاني بطلان الوصية لاحتمال حدوث العلوق وبعد الوصية وتخالف النسب فإنه يكفيه الامكان ولو قال الموصي أوصيت لحمل