لبطلانها بالرجوع ولو رجع من وقعت عليه القرعة فكذلك ولو رجع الآخر قبل القرعة أو بعدها فاشكال إما لو قامت لأحدهما بينة بدعواه ثم رجع فإنه لا يقبل رجوعه وان بقى الآخر على دعواه مسألة: لو تنازع اثنان في التقاط الصبي وولاية الحضانة والتعهد فإن كان قبل اخذهما له أو حال اخذه فقد سبق وان قال كل واحد منهما انا الذي التقطه والى حفظه فان اختص أحدهما باليد وقال الآخر انه اخذ مني فالقول قول صاحب اليد مع يمينه فإنها تشهد بقوله وان أقام كل منهما بينة فبينة الخارج مقدمة عندنا كما في دعوى الملك فتقدم بينة الخارج وعند الشافعي تقدم بينة ذي اليد فتقدم هنا أيضا وان لم يختص أحدهما باليد فإن لم يكن في يد واحد منهما فهو كما لو اخذاه معا وتشاحا في حفظه فيجعله الحاكم عند من يراه منهما أو من غيرهما وإن كان في أيديهما معا فان حلفا معا أو نكلا معا فالحكم كما لو ازدحما على الاخذ وهما متساويان ومتساويا الحال فان حلف أحدهما دون الآخر خص به سواء كان في يدهما أو لم يكن في يد واحد منهما فلو أقام كل واحد منهما البينة على ما يدعيه نظر فإن كانت البينتان مطلقتين أو مقيدتين بتاريخ واحد أو إحديهما مطلقة والاخرى مقيدة تعارضتا فان قلنا بالتساقط كما هو أحد قولي الشافعي فكأنه لا بينة وان قلنا بالاستعمال لم يجئ قول الوقف للشافعية ولا قول القسمة بل قول القرعة كما نذهب نحن إليه فيقرع ويسلم إلى من خرجت قرعته بعد اليمين وللشافعي في اليمين قولان وان قيدنا بتاريخين مختلفين حكم لمن سبق تاريخه لان الثاني انما اخذ من قد ثبت الحق فيه لغيره بخلاف المال عند الشافعي في أصح قوليه حيث لا يحكم بسبق التاريخ فيه لأنه قد ينتقل ذلك عن الأسبق إلى الا حدث وليس كذلك الالتقاط فإنه لا ينقل اللقيط عن الملتقط ما دامت الأهلية باقية فإذا ثبت السبق لزم استمراره قال بعض الشافعية هذا إذا قلنا إن من التقط لقيطا ثم نبذه لم يسقط حقه فان أسقطناه فهو على القولين في الأموال لأنه ربما نبذه الأول فالتقطه غيره ويتفرع على تقديم البينة المتعرضة للسبق فيما إذا كان اللقيط في يد أحدهما وأقام من في يده البينة وأقام الآخر البينة على أنه كان في يده انتزعه منه صاحب اليد تقديم بينة مدعي الانتزاع لاثباتها السبق ولو كان أحد المتداعيين من لا يقر يده على اللقيط أقر في يد الآخر ولم يلتفت إلى دعوى من لا يقر اللقيط في يده بحال ولا إلى بينة مطلقا مسألة: لو ولدت امرأتان ابنا وبنتا فادعت كل واحدة منهما ان الابن ولدها دون البنت فحكمه حكم المتنازع في الولد لو لم يكن هناك بينة وذلك بان يقرع بينهما ان ألحقنا الولد بالام بمجرد الدعوى وان اعتبرنا التصديق انتظر بلوغه فان صدق إحديهما لحق بها والا لم يلحق بواحدة منهما وللحنابلة وجهان أحدهما ان يرى المراتان القافة مع الولدين فيلحق كل واحد منهما بمن ألحقته به كما لو لم يكن لهما ولد والثاني ان يعرض لبنهما على أهل الطب والمعرفة فان لبن الذكر يخالف لبن الأنثى في الطبع والوزن فقد قيل إن لبن الذكر ثقيل ولبن الأنثى خفيف فيعتبر ان بطباعهما ووزنهما وما يختلفان به عند أهل المعرفة فمن كان لبنها لبن الابن فهو لها والبنت للأخرى ولو كان الولدان ذكرين أو انثيين أقرع عندنا واعرضا على القافة عند العامة وقد روي عن أمير المؤمنين (ع) في قضاياه ان امرأتين تداعيا ولدا وان كل واحدة منهما ادعت انها امه فوعظهما عليه السلام فلم يرجعا فامر قنبرا باحضار منشار فقالتا له (ع) ما تصنع بالمنشار يا أمير المؤمنين فقال (ع) انشره بنصفين فاعطي كل واحدة منكما نصفه فرضيت إحديهما وبكت الأخرى وقالت يا أمير المؤمنين إذا كان الحال كذلك سلمه إليها فحكم لها به مسألة: لو ادعى اللقيط رجلان فقال أحدهما هذا ابني وقال الآخر انه بنتي نظر فإن كان ابنا فهو لمدعيه وإن كانت بنتا فهي لمدعيها لان كل واحدة لا يستحق غير ما أدعاه ولو ظهر خنثى مشكلا أقرع بينهما ان لم يكن بينة ولو أقام كل منهما بينة بما أدعاه فالحكم فيه كالحكم فيما لو انفرد كل واحد منهما بالدعوى وعند احمد يرى القافة مع عدم البينة وهو قول الشافعي لعدم أولوية تقديم قول أحدهما على الآخر لتساويهما في الدعوى مسألة: لو وطى رجلان امرأة واحدة في طهر واحد فان كانا زانيين فلا حرمة لمائهما ولا يلتحق الولد بأحدهما وإن كان أحدهما زانيا فالولد للاخر لقوله (ص) الولد للفراش وللعاهر الحجر ولو لم يكونا زانيين بان يطائا جارية مشتركة بينهما في طهر واحد أو يطي رجل امرأة أخرى لشبهة في طهر وطيئها زوجها فيه أو وطئ جارية الآخر بشبهة انها زوجته أو أمته في طهر وطيها سيدها فيه بان يجدها على فراشه فيظنها زوجته أو أمته أو يدعو زوجته أو أمته في ظلمة فتجيبه زوجة الآخر أو جاريته أو يتزوجها كل منهما تزويجا فاسدا ولا يعرفان فساده أو يكون نكاح أحدهما صحيحا ونكاح الآخر فاسدا بان يقع في العدة ولم يعلم فان الحكم فيه عندنا بالقرعة لأنه أمر مشكل وعند الشافعية واحمد يعرض على القافة البحث الرابع: في رق اللقيط وحريته اللقيط إما ان يقر على نفسه بالرق في وقت اعتبار الاقرار أو لا يقر على التقدير الثاني فاما ان يدعى رقه مدع أو لا يدعيه أحد فان أدعاه فاما ان يقيم عليه بينة أو لا يقيم فالأقسام أربعة القسم الأول: ان لا يقر ولا يدعي رقه أحد فهو على أصالة الحرية لان الآدمي خلق لتسخير غيره لا لتسخيره غيره ولان الأغلب على الناس الحرية فالحاقه بالأغلب أولي وأيضا الأحرار؟ هم أهل الدار والأرقا؟ مجلوبون إليها ليسوا من أهلها فكما نحكم بالاسلام بظاهر الدار نحكم بالحرية وبعض الشافعية لا يجزم بالاسلام ويذهب إلى الاستتباع وذلك التردد يجري في الحرية عنده بل هو أولي بالتردد من الاسلام لقوة الاسلام واقتضاءه الاستتباع ولذلك يتبع الولد اي الأبوين كان في الاسلام دون الحرية ويتبع السابي في الاسلام عند جماعة دون الحرية ثم فصل فقال نجزم بالحرية ما لم ينته الامر إلى التزام الغير شيئا فإذا انتهى إليه ترددنا ما لم يعترف الملتزم بحريته فيخرج من ذلك انا نحكم له بالملك فيما يصادفه منه جزما وإذا أتلفه عليه متلف أخذنا العوض منه وصرفناه إليه لان المال المعصوم مضمون على المتلف فليس اخذ الضمان والعوض بسبب الحرية حتى تقع التردد فيه فان أخذناه فلا غرض للمتلف في أن يصرفه إلى اللقيط لولا يصرفه ويكون ميراثه لبيت المال وأرش جنايته فيه وعندنا للامام وإذا قتل اللقيط ففي القصاص للشافعية وجهان تقدما فمن لا يجزم بحريته واسلامه لا يوجب القصاص على الحر المسلم بقتله ويوجبه على الرقيق الكافر ومن يجزم بالحرية والاسلام من الشافعية يخرج وجوب القصاص بكل حال على قولين بناء على أنه ليس له وارث معين وإذا قتل خطأ فالواجب الدية في أظهر الوجهين اخذا بظاهر الحرية وأقل الامرين من الدية أو القيمة في الثاني بناء على أن الحرية غير متيقنة فلا يؤخذ الجاني بما لا يتيقن شغل ذمته به وقال الجويني قياس هذا ان يوجب له الأقل من قيمة عبد أو دية مجوسي لامكان الحمل على التمجس مسألة قد بينا ان اللقيط ان التقط في دار الاسلام كان حرا بناء على الدار فإنها دار الاسلام والأصل فيه الحرية وهو قول عامة أهل العلم الا النخعي قال ابن المنذر أجمع عوام أهل العلم على أن اللقيط حر روينا ذلك عن علي (ع) وعمر بن الخطاب وبه قال عمر بن عبد العزيز والشعبي والحكم وحماد ومالك والثوري والشافعي واحمد وإسحاق وأصحاب الرأي ومن تبعهم للأصل فان الله تعالى خلق ادم (ع) وذريته أحرارا وانما الرق لعارض فإذا لم يعلم ذلك العارض فله حكم الأصل وقال النخعي ان التقطه الملتقط للحسبة فهو حر وإن كان بغرم انه يسترقه فذلك له وهو قول شاذ لم يصر إليه أحد من العلماء ولا يصح في النظر لأصالة الحرية فان التقط في دار الحرب ولا مسلم فيها قال علمائنا أنه يكون رقا والأقرب عندي الحكم بحريته عملا بالأصل لكن يتجدد الرقية عليه بالاستيلاء عليه لأنه كافر تبعا للدار الخالية من مسلم واحد مسألة: لو قذف أحد اللقيط فإن كان اللقيط صغيرا عزر وإن كان بالغا فان اعترف القاذف بحريته حد قطعا وان ادعى رقه فان صدقه اللقيط
(٢٨١)