لأنه في محل الارشاد ولان من لا تنعقد بشهادتهم نكاح المسلمين لئلا ينعقد به نكاح المسلم والذمية كالعبدين وقال أبو حنيفة ينعقد النكاح بكافرين لأنه لما جاز ان يكون الولي كافرا كذلك الشهاد كنكاح الكافر ومنها السمع والبصر والنطق فلا ينعقد النكاح عندهم بحضور الأصم الذي لا يسمع أصلا وفي الأعمى للشافعي وجهان أحدهما الانعقاد لأنه عدل فاهم وأصحهما عندهم المنع كما في الأصم لان الأقوال لا تثبت الا بالمعاينة والسماع وفي الانعقاد عندهم بحضور الأخرس وجهان بناء على الخلاف في قبول شهادته ونقل بعض الشافعية ان مذهب الشافعي عدم قبول شهادته لان الشهادة تفتقر إلى صريح اللفظ وهو ممتنع في حق الأخرس ونقل بعضهم ان المذهب قبولها لان إشارته إذا كانت مفهومة قامت مقام عبارته في العقد والطلاق وغير ذلك فكذلك في أداء الشهادة وهل ينعقد بشهادة أصل الصنايع الدينة كالحارس والنكاس والحجام للشافعية وجهان والحق بعضهم الخلاف في الصباغين والصواغين ولا ينعقد عندهم بشهادة الأعجمي الذي لا يعرف لسان المتعاقدين فان ضبط اللفظ فوجهان أحدهما القبول لأنه ينقله إلى الحاكم ولا ينعقد عندهم بشهادة المغفل الذي لا يضبط فإن كان يحفظ وينسى عن قريب انعقد وهل ينعقد لو كان الحاضران عدوى الزوجين أو عدوى أحدهما (أو أحدهما عدو أحدهما صح) والثاني عدو الثاني فيه للشافعية وجوه أصحهما عندهم الانعقاد اكتفاء بالعدالة والفهم ولأنهما من أهل الشهادة في النكاح في الجملة فانعقد بهما والثاني المنع لتعذر الاثبات بشهادتهما إذا كانا عدوين لهما أو أحدهما عدوا أحدهما والاخر عدو للاخر وإذا كانا عدوين لأحدهما لم يمكن الاثبات بشهادة الا إذا كان الحجور من غير العدو والاحتياط والتوثيق مقصود من الجانبين والثالث الفرق بين ان يكونا عدوين لهما أو كل واحد منهما عدو لأحدهما فلا ينعقد وبين ان يكونا عدوى أحدهما فينعقد لامكان الاثبات بهما في الجملة وقطع بعض الشافعية بالانعقاد في هذه الصورة وخص الخلاف بالصورتين الأولتين ولو كان الحاضر ان ابني الزوجين أو ابني أحدهما أو ابن أحدهما مع ابن الأخر فللشافعية هذه الا وجه ومنهم من قال يختص الخلاف بهذه الصورة وفي العدوين ينعقد لا محاله والفرق ان العداوة قد تزل و ويجرى الخلاف بين الشافعية فيما لو حضر جد الزوج وجد الزوجة أو أبو الزوج وجدها أو أبوه وأبوها واما أبيها فولى عاقد فلا يكون شاهدا كالزوج ولو كان وكيلا لم ينعقد بحضوره عندهم لان الوكيل نائب الموكل وقال بعض الشافعية وجها رابعا وهو انه ينعقد بابني المرأة وعدو الزوج لان الزوج بقدر على الاثبات بشهادتهما ولا ينعقد عندهم بابني الزوج وعدوى المرأة لأنه لا يقدر عليه والمرأة لا يحتاج إلى الشهادة لاثبات الحل فإنه يندفع بانكار الزوج نعم قد يحتاج لاثبات المهر والنفقة لكن المقصود الأصلي من النكاح الحل والشهادة شرطت لاثباته عندهم واما لو كان الحاضر ان مستورين قال بعض الشافعية لا ينعقد النكاح بل لا بد من معرفة العدالة باطنا ليمكن الاثبات بشهادتهما والمذهب عندهم الانعقاد لان النكاح يجرى فيما بين أوساط الناس والعوام ولو كلفوا معرفة العدالة باطنا لشق عليهم وتعذرت العقود (ويلزم على صح) هؤلاء ترك العمل بمذهبهم إما الحكم فلا يجوز بشهادة المستورين لان الحاكم يسهل عليه مراجعة المزكئين و معرفة العدالة الباطنة ونعنى بالمستورين من يعرف بالعدالة التظاهر الا باطنا وقيل من يشتبه حاله في الفسق والعدالة فعلى هذا شاهد النكاح إذا لم يعلم فسقهما وكان ظاهرهما العدالة انعقد النكاح عندهم ولا يجب البحث عن حالهما حين العقد قال أبو إسحاق انه لو وجب البحث عن حالهما لم ينعقد النكاح الا بحضرة الحاكم لان العدالة لا يثبت الا عنده وقد أجمع المسلمون على انعقاده بغير حضوره ولا ينعقد عندهم بمن لا يظهر اسلامه وحريته بان يكون في موضع يمتزج فيه المسلمون بالكفار والعبيد بالأحرار ولا غالب ولا يكفى بظاهر الاسلام والحرية بالدار حتى يعرف حاله فيهما باطنا وفرق بعضهم الحرية لسهل الوقوف عليها بخلاف العدالة والفسق ولو أخبر عدل عن فسق المستور قال بعض الشافعية زال باخباره الستر حتى لا ينعقد النكاح بحضوره وهل يزول بمجرد اخباره بناء على أنه رواية ولا لأنه شهادة فلا يعتبر القول من يجرح عند القاضي تردد الشافعية فيه وهذا كله عندنا سقاط لأنا لا نشترط الشهادة في العقد مسألة لو بان كون الشاهد فاسقا عند العقد لم يؤثر في صحته عندنا وللشافعية طريقان أحدهما انه يبين بطلان النكاح لظهور عدم الشرط وهو العدالة فأشبه ما لو بانا كافرين أو فاسقين والثاني انه على قولين للشافعي وجه الجواز الاكتفاء بالستر حال العقد وهما كالطريقين فيما إذا حكم الحاكم بشهادة شاهدين ثم بانا فاسقين هل ينقض الحكم والأصح البطلان وانما يثبت الفسق بينة يشهد به أو بتصادف الزوجين ولا اعتبار بقول الشاهدين كنا فاسقين حال العقد كما لا اعتبار بقولهما كنا فاسقين حال الحكم بعد الحكم بشهادتهما وكذا لو تصادق الزوجان على وقوع العقد حال الاحرام أو العدة أو الردة يعلم بطلان العقد ولا مهر قبل الدخول ولو فسق الشاهدان ان بعد العقد لم يؤثر في صحة العقد اجماعا لان الفسق قد يحدث واستتابة المستورين قبيل العقد احتياط واستظهار وتوبة العلن بالفسق حينئذ هل تلحقه بالمستور الاظهر المنع لأنها لا تصدر من عزم محقق فان حكمنا بأنها ملحقه بالمستور فلو عادوا إلى فجورهم على القرب فالظاهر أن تلك التوبة تصير ساقطة الأثر ولو ادعى نكاح امرأة بولي وشاهدي عدل وأقام شاهدين عند الحاكم فإنه يبحث عن حالهما حين الحكم ولا يبحث عن حالهما حين العقد ولو اعترف رجل وامرأة انهما نكحا بولي مرشد وشاهدي عدل امضى النكاح بينهما ولم يبحث عن حال الشهود لان النكاح ثبت باقرارهما فاكتفى به المقدمة الثامنة في النظر مسألة لا نعلم خلافا بين العلماء في أنه يجوز لمن أراد التزويج بامرأة ان ينظر إلى وجهها وكفيها مكررا له لما رواه العامة ان النبي صلى الله عليه وآله قال للمغيرة وقد خطب امرأة انظر إليها وفي رواية إلى وجهها وكفيها فإنه اجرى ان يؤدم (يوتما) بينكما أي يجعل بينهما المودة والألفة يقال ادم الله بينهما على وزن فعل وعن جابر ان النبي صلى الله عليه وآله قال إذا خطب أحدكم المرأة فان استطاع ان ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل قال فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها ومن طريق الخاصة رواية عبد الله بن سنان عن الصادق (ع) قلت له الرجل يريدان يتزوج المرأة فينظر إلى شعرها قال نعم انما يريدان يشتريها بأغلى الثمن وسئل علي (ع) في الرجل ينظر إلى محاسن امرأة يريدان يتزوجها قال لا باس قال انما هو مستام الحديث فإذا عرفت هذا فلا يشترط اذنها للعموم بل يكفى في هذا النظر اذن رسول الله صلى الله عليه وآله فقد رخص فيه وقال مالك يشترط في اباحته اذنها وليس بجيد للعموم ولائه لو راجعها لزينت نفسها فيفوت المطلوب من النظر مسألة يختص جوا النظر لمن يريدان يتزوجها بالوجه والكفين وهو المشهور بين العامة لقوله عليه السلم للمغيرة بن شعبة انظر إلى وجهها والى كفيها ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إياكم والنظر فإنه سهم من سهام إبليس ولأنهما ليستا من العورة لظهورهما غالبا وهو مجمع المحاسن ومواضع النظر وقال داود ينظر إلى جميع بدنها سوى الفرج وقال الأوزاعي ينظر منها إلى موضع لحمها لما رواه جابر ان النبي صلى الله عليه وآله قال من تاقت نفسه إلى نكاح امرأة فلينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها وهو مجمل وما قلناه من الخبر مشترك ولان النظر محرم أبيح للحاجة فاختص بما تدعوه
(٥٧٢)