امتزج الثوبان فان خير أحدهما صاحبه فقد انصفه وان تعاسرا بيعا معا وبسط الثمن على القيمتين فيأخذ صاحب الثلثين ثلثة أخماس الثمن ويأخذ صاحب العشرين خمسي الثمن إذ الظاهر عدم التغابن وان كل واحد منهما اشترى بقيمته وباع بالنسبة ولما رواه إسحاق بن عمار عن الصادق (ع) أنه قال في الرجل يبضعه الرجل ثلثين درهما في ثوب وآخر عشرين درهما في ثوب فبعث الثوبين فلم يعرف هذا ثوبه ولا هذا ثوبه قال يباع الثوبان فيعطى صاحب الثلثين ثلاثة أخماس الثمن والاخر خمسي الثمن قال قلت فان صاحب العشرين قال لصاحب الثلثين اختر أيهما شئت قال قد انصفه ولو بيعا منفردين فان تساويا في الثمن فلكل مثل صاحبه ليميز حق كل واحد منهما عن حق الأخر وان تفاوتا كان أقل الثمنين لصاحب العشرين وأكثرهما لصاحب الثلثين قضاء بالظاهر من عدم الغبن مسألة لو تنازعا في دابة فادعاها كل واحد منهما وكان أحدهما راكبها والاخر قابض لجامها ولا بينة وقال الشيخ (ره) يحكم بها لهما ويجعل بينهما نصفين وبه قال أبو إسحاق المروزي لان لكل واحد منهما يدا عليها وقال باقي العامة يحكم بها للراكب لبعد تمكين صاحب الدابة غيره من ركوبها وامكان اخذ اللجام من صاحب الدابة وهو الأقوى عندي ولو تنازعا ثوبا في يدهما قضى لهما معا به بالسوية وإن كان في يد أحدهما أكثر لتساويهما في اليد والدعوى وكل ذلك مع عدم البينة واليمين ولو كان باب غرفة البيت مفتوحا إلى الجار فادعاها كل من صاحب الأسفل والجار حكم بالغرفة لصاحب الأسفل لان من ملك القرار ملك الهواء وفتح الباب يحتمل الإعارة إما لو كانت الغرفة تحت تصرف الجار فالأقرب الحكم له بها قضاء باليد الدالة على الملكية تذنيب لو بنى مسجدا اشتراها من غيره فادعاها ثالث فان صدقه المشتري أو البايع كان على المصدق القيمة ولو كذباه فصالحه بعض جيران المسجد صح الصلح لأنه بذل مال على طريق البر تذنيب اخر لو تداعا ذو البابين في المنقطع الدريبة حكم بينهما لهما من رأس الدريبة إلى الأول وما بين البابين للثاني والفاضل إلى صدر الدرب يحتمل قويا الشركة واختصاص الأخير تم الجزء العاشر من كتاب تذكرة الفقهاء بحمد الله تعالى ومنه ويتلوه في الجزء الحادي عشر بتوفيق الله تعالى كتاب الأمانات وتوابعها وفيه مقاصد فرغت من تسويده ثامن عشر من صفر ختم بالخير والظفر من سنة خمس وعشر وسبعمائة بالسلطانية وكتب العبد الفقير إلى الله تعالى حسن بن يوسف بن المطهر (الحلي) الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد النبي وآله الطاهرين والحمد لله رب العالمين بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر وأعن كتاب الأمانات وتوابعها وفيه مقاصد الأول الوديعة وفيه فصول الأول الماهية الوديعة مشتقة من ودع يدع إذا استقر وسكن من قولهم يدع كذا اي يتركه والوديعة متروكة مستقرة عند المستودع وقيل إنها مشتقة من الدعة وهي الخفض والراحة يقال ودع الرجل فهو وديع ووادع لأنها في دعة عند المودع لا يتبدل ولا تستعمل والوديعة تطلق في العرف على المال الموضوع عند الغير ليحفظه والجمع الودايع واستودعه الوديعة اي استحفظه إياها وعن الكسائي يقال أودعته كذا إذا دفعت إليه الوديعة وأودعته كذا إذا دفع إليك الوديعة فقبلتها وهو من الأضداد والمشهور في الاستعمال المعنى الأول وهي جايزة بالكتاب والسنة والاجماع قال الله تعالى ان الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات إلى أهلها وقال تعالى فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه وما رواه العامة عن أبي بن كعب ان النبي صلى الله عليه وآله قال أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك وروى أنه (ع) كان عنده ودايع فلما أراد الهجرة أودعها عند أم أيمن وامر عليا (ع) بردها على أهلها ومن طريق الخاصة ما رواه ابن أخي الفضيل بن يسار قال كنت عند الصادق (ع) ودخلت امرأة وكنت أقرب القوم إليها فقالت لي أسأله فقلت عماذا فقالت إن أبي مات وترك مالا كان في يد أخي فاتلفه ثم أفاد مالا فأودعنيه فلي ان اخذ منه بقدر ما أتلف من شئ فأخبرته بذلك فقال لا قال رسول الله صلى الله عليه وآله أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك وعن حسين بن مصعب قال سمعت الصادق (ع) يقول ثلاثة لا عذر فيها لاحد أداء الأمانة إلى البر والفاجر وبر الوالدين برين كانا أو فاجرين ووفاء بالعهد للبر والفاجر وعن محمد بن علي الحلبي قال استودعني رجل من موالي بني مروان ألف دينار فغاب فلم أدر ما اصنع بالدنانير فاتيت أبا عبد الله الصادق (ع) فذكرت ذلك له وقلت أنت أحق بها فقال لا لان أبي كان يقول انما نحن فيهم بمنزلة هدنة نؤدي أمانتهم ونرد ضالتهم ونقيم الشهادة لهم وعليهم فإذا تفرقت الأهواء لم يسع أحد المقام وقال الصادق (ع) كان أبي يقول أربع من كن فيه كمل ايمانه ولو كان ما بين قرنه إلى قدمه ذنوب لم ينتقصه ذلك قال وهي الصدق وأداء الأمانة والحياء وحسن الخلق وقال الكاظم (ع) أهل الأرض مرحومون ما يخافون وأدوا الأمانة وعملوا بالحق وقال الحسين الشيباني للصادق (ع) ان رجلا من مواليك يستحل مال بني أمية ودمائهم وانه وقع له عنده وديعة فقال (ع) أدوا الأمانات إلى أهلها وان كانوا مجوسا فان ذلك لا يكون حتى يقوم قايمنا فيحل ويحرم وقال الصادق (ع) اتقوا الله وعليكم بأداء الأمانة إلى من أئتمنكم فلو ان قاتل علي ائتمنني على أداء الأمانة لأديتها إليه وقد أجمع المسلمون كافة على جوازها وتواترت الاخبار بذلك ولان الحكمة تقتضي تسويغها فان الحاجة قد تدعوا إليها لاحتياج الناس إلى حفظ أموالهم وربما تعذر ذلك عليهم بأنفسهم إما لخوف أو سفر أو عدم حرز لو لم يشرع الاستيداع لزم الحرج المنفي بقوله تعالى ما جعل عليكم في الدين من حرج ولأنه نفع لا ضرر فيه فكان مشروعا مسألة إذا عرفت الوديعة في عرف اللغة فهي في عرف الفقهاء عبارة عن عقد يفيد الاستنابة في الحفظ لكن قد عرفت ان العرف اللغوي يقتضي ان يكون هي المال وكذا العرف العامي والايداع هو العقد وهي جايزة من الطرفين بالاجماع لكل منهما فسخه ولا بد فيها من ايجاب وقبول فالايجاب هو كل لفظ دال على الاستنابة بأي عبارة كان ولا ينحصر في لغة دون أخرى ولا في عبارة دون عبارة ولا يفتقر إلى التصريح بل يكفي التلويح والإشارة والاستعطاء والقبول قد يكون بالقول وهو كل لفظ يدل على الرضا بالنيابة في الحفظ بأي عبارة كان وقد يكون بالفعل وهل الوديعة عقد برأسه أو اذن مجرد الأقرب الأول مسألة إذا دفع الانسان إلى غيره وديعة وكان المدفوع إليه عاجزا عن حفظها لم يجز له قبولها لما فيه من إضاعة مال الغير وقد نهى النبي صلى الله عليه وآله عنه وإن كان قادرا لكنه غير واثق من نفسه بالأمانة لم يجز له القبول لما فيه من التعريض للتفريط في مال الغير وهو محرم وهو أحد قولي الشافعية والثاني لهم انه يكره ولو كان قادرا على الحفظ واثقا بأمانة نفسه استحب له القبول لما فيه من المعاونة على البر وقضاء حوائج الاخوان ولو لم يكن هناك غيره فالأقوى انه يجب عليه القبول لأنه من المصالح العامة وبالجملة فالقبول واجب على الكفاية ولو تضمن القبول ضررا في نفسه أو ماله أو خاف على بعض المؤمنين أو تضمن اتلاف منفعة نفسه أو حرزه في الحفظ من غير عوض لم يجب القبول مسألة الألفاظ المتداولة بين الناس من (القبول و) الايجاب الذي يتضمنه عقد الوديعة استودعتك هذا المال أو أودعتك أو استحفظتك أو أنبتك في حفظه
(١٩٦)