منهما فلو ابهما الحصة لهما بان يقول على أن لي بعض الربح ولك البعض أو لأحدهما لم يصح قطعا ولو عين حصة العامل وسكت عن حصته فقال قارضتك بهذا المال على أن النصف لك صح لان النماء والربح يتبع الأصل فهو بالأصالة للمالك وانما ينتقل إلى العامل بالشرط فإذا عين حصة العامل بقي الباقي للمالك لأنه تابع لماله وللشافعية وجه ضعيف انه لا يصح الا ان يجري الإضافة إلى المتعاملين في الجزئين من الجانبين فيقول على أن الربح نصفه لك ونصفه لي والمعتمد ما تقدم ولو عين حصة المالك خاصة فقال قارضتك بهذا على أن نصف الربح لي وسكت عن حصة العامل بطل لأنه لم يعين للعامل شيئا إذ النماء المسكوت عنه يتبع المال فيكون للمالك الا إذا نسب شئ منه إلى العامل والتقدير انه لم ينسب إليه شئ وقال بعض الشافعية يصح أيضا ويكون النصف الآخر للعامل لأنه الذي يسبق إلى الفهم منه ولو قال علي ان لك النصف ولي السدس وسكت عن الباقي صح على ما اخترناه وكان الربح بينهما بالسوية كما لو سكت عن جميع النصف الذي للمالك لان الباقي مسكوت عنه فيتبع رأس المال البحث الثاني المتعاقدان وشرط كل واحد منهما البلوغ والعقل وجواز التصرف فلا يصح القراض بين الصبي وغيره وكذا المجنون والسفيه والمحجور عليه للفلس والأصل فيه ان القراض توكيل وتوكل في شئ خاص وهو التجارة فيعتبر في العامل والمالك ما يعتبر في الوكيل والموكل ولا نعلم فيه خلافا مسألة لو قارض المريض في مرض موته صح وكان للعامل ما شرط له سواء زاد عن اجرة مثل عمله أو ساواه أو قصر عنه ولا يحسب من الثلث لان المحسوب من الثلث انما هو ما يفوته المريض من ماله والربح ليس بحاصل حتى يفوته وانما هو شئ يتوقع حصوله وإذا حصل حصل بتصرفات العامل وكسبه ولو مات المريض في مرض الموت وزاد الحاصل عن أجرة المثل فالأولى ان الزيادة عن أجرة المثل يحسب من الثلث لان النماء وقتا معلوما ينتظر وهي حاصلة من عين النخل من غير عمل فكانت كالشئ الحاصل بخلاف أرباح التجارات التي يحصل من عمل العامل وهذا أظهر وجهي الشافعية والثاني انه لا يحتسب من الثلث أيضا لأنه وقت العقد لم يكن ثمرة وحصولها منسوب إلى عمل العامل أيضا وتعهده مسألة يجوز تعدد كل من المالك والعامل فيضارب الواحد اثنين وبالعكس فإذا تعدد العامل بان قارض الواحد اثنين اشترط تعيين الحصة لهما ولا يجب تفصيلها بل يجوز ان يجعل النصف لهما فيحكم بالنصف لهما معا بالسوية لاقتضاء الاطلاق ذلك وأصالة عدم التفضيل ولو شرط التفاوت بينهما بان جعل لأحدهما ثلث الربح وللآخر ربعه وأبهم فلم يعين المستحق للثلث بطل وان عين الثلث لواحد بعينه والربع للاخر جاز لان عقد الواحد مع اثنين كعقدين ويكون كأنه قد قارض أحدهما في نصف المال بنصف الربح والاخر في نصفه بثلث الربح وبه قال الشافعي وقال مالك لا يجوز لأنهما شريكان في العمل بأبدانهما فلا يجوز تفاضلهما في الربح كالمفردين والمعتمد الأول لان ذلك بمنزلة العقدين ولا شك في أنه لو ضارب اثنين في عقدين جاز ان يفاضل بينهما فكذا إذا جمعهما عقد واحد لأنه بمنزلتهما ولأنه مع تعدد العامل ووحدة العقد إما ان ينظر إلى تعدد العامل فيجوز التفاضل قطعا واما ان ينظر إلى وحدة العقد فكذلك لأنه في الحقيقة قد شرط للعاملين الذين هما يمنزلة عامل واحد نصفا وثلثا ولا شك في أنه يجوز ذلك في العامل الواحد فكذا ما هو بمنزلته وقياس مالك باطل عندنا فإنه لا يصح شركة الأبدان تذنيب يجوز ان يقارض الاثنين وان لم يثبت لكل منهما الاستقلال بل شرط على كل واحد منهما مراجعة الآخر عملا بمقتضى الشرط وهو قول أكثر الشافعية وقال الجويني انما يجوز ان يقارض اثنين إذا ثبت لكل واحد منهما الاستقلال فان شرط على كل واحد منهما مراجعة الآخر لم يجز ولا وجه له مسألة يجوز ان يقارض الاثنان واحدا ويجب ان يبينا نصيب العامل من الربح ويكون الباقي بينهما على ما يشترطانه سواء كان على نسبة المالين أو لا فلو شرطا له النصف من نصيب أحدهما والثلث من نصيب الآخر من الربح فان ابهما لم يجز قطعا للغرر بالجهالة وان عينا فإن كان عالما بقدر كل واحد منهما جاز والا بطل ولو شرط أحدهما للعامل النصف من حصته من الربح وشرط الآخر الثلث على أن يكون الباقي بينهما نصفين جاز عندنا وبه قال أبو حنيفة وأبو ثور عملا بالشرط وقد بينا انه يجوز اشتراط أحد الشريكين لنفسه أكثر مما يحصل له بالنسبة من ماله وقال الشافعي لا يجوز لان أحدهما يستحق مما بقي بعد شرطه النصف والاخر الثلثين فلا يجوز ان يشرطا التساوي فيكون قد شرط أحدهما على الآخر من ربح ماله بغير عمل عمله ولا مال يملكه فلم يجز وهو غلط لان الفاضل من حصة العامل لا من حصة شريكه مسألة يجوز لولي الطفل والمجنون ان يقارض على مالهما مع المصلحة لأنه يجوز له ان يوكل عنهما في أمورهما فكذا يجوز ان يعامل على أموالهما قراضا ولا فرق بين الأب والجد له ووصيهما والحاكم وأمينه ولو لم يكن الدافع وليا كان ضامنا والربح لليتيم لأنه متعد بدفعه مال الغير وقد سأل بكر بن حبيب الباقر (ع) عن رجل دفع مال يتيم مضاربة فقال إن كان ربح فلليتيم وإن كانت وضيعة فالذي أعطاه ضامن إذا عرفت هذا فإن كان العامل جاهلا كان الربح لليتيم وعلى الدافع إليه أجرة المثل وإن كان عالما فلا اجرة له وعلى التقديرين فالعامل ضامن لكن في الصورة الأولى يرجع على الدافع إليه وفي الصورة الثانية لا يرجع مسألة يشترط ان يكون الدافع مالك المال أو من اذن له المالك فيه لان غيرهما ممنوع منه لما فيه من التصرف في مال الغير بغير اذنه وهذا العقد قابل للاستنابة فجاز ان يوقعه المالك بنفسه أو وكيله لأنه نايبه في الحقيقة ويشترط في الوكيل الكمالية المشترطة في باقي الوكلاء مسألة ليس للعامل في القراض ان يضارب غيره الا بإذن المالك فان فعل كان فاسدا لان المالك لم يأذن فيه ولا أيتمن على المال غيره ولا يجوز للعامل ان يتصرف في مال رب المال بما لا يتناوله اذنه ولا يجوز له ان يسلمه إلى من لم يأتمنه فان قارض العامل غيره بغير اذن المالك كان ضامنا لأنه متعد فيه وان قارض بإذن المالك صح وكان المالك قد اذن له ان يقارض ان اختار أو عجز عن العمل فإذا قارض باذنه كان العامل الأول وكيلا لرب المال في ذلك البحث الثالث في رأس المال وله شروط ثلاثة الأول ان يكون من النقدين دراهم أو دنانير مضروبة منقوشة عند علمائنا وبه قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة لان القراض معاملة تشتمل على ضرر عظيم إذ العمل مجهول غير منضبط والربح غير متيقن الحصول وانما سوغنا هذه المعاملة مع الغرر الكثير للحاجة والضرورة فيختص بما يسهل التجارة عليه ويروج في كل حال وكل وقت لان النقدين أثمان البياعات والناس يتداولون بالمعاملة عليها من عهد النبي (ص) وقبله وبعده إلى زماننا هذا ويرجعون إليهما في قيم المتلفات ولان النقدين ثمنان لا يختلفان بالأزمنة والأصقاع الا قليلا نادرا ولا يقومان بغيرهما واما غيرهما من العروض فان قيمتها تختلف دائما فلو جعل شئ منها رأس المال لزم إما اخذ المالك جميع الربح أو اخذ العامل بعض رأس المال والتالي بقسميه باطل فالمقدم مثله بيان الشرطية انهما إذا جعلا رأس المال ثوبا مثلا فاما ان يشترط رد ثوب بتلك الصفات أو رد قيمته فان شرطا الأول فربما كان قيمة الثوب في حال المعاملة يساوي دينارا ويبيعه به ويتصرف فيه حتى يبلغ المال عشرة دنانير ثم يرتفع قيمة الثياب حتى لا يوجد مثل ذلك الثوب الا بعشرة فيحتاج العامل إلى أن يصرف جميع ما معه إلى تحصيل رأس المال فيذهب الربح في رأس
(٢٣٠)