كل أحد أحق بكسبه من والده وولده والناس أجمعين ولان ملك الابن تام على نفسه فلم يجز انتزاعه منه كالذي تعلقت به حاجته وقال احمد للأب ان يأخذ من مال ولده ما شاء ويملكه من حاجة الأب إلى ما يأخذه ومع عدم حاجته سواء كان الولد صغيرا أو كبيرا بشرطين أحدهما ان لا يجحف بالابن ولا يضر به ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته والثاني ان لا يأخذ من مال ولده ويعطيه الأخر لأنه ممنوع من تخصيص بعض ولده بالعطية من مال نفسه فلان يمنع من تخصيصه مما اخذه من مال ولده الأخر أولي لما روت عايشة قالت قال رسول الله ان أطيب ما اكلت من كسبكم وان أولادكم من كسبكم وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال إن أبي اجتاح مالي فقال أنت ومالك لأبيك وجاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال إن لي مالا وعيالا ولأبي مالا وعيالا وأبى يريد ان يأخذ مالي فقال النبي أنت ومالك لأبيك ولان الله تعالى جعل الولد موهوبا لأبيه فقال ووهبنا له إسحاق ويعقوب وقال ووهبنا له يحيى وقال زكريا رب هب لي من لدنك وليا وقال إبراهيم (ع) الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق وما كان موهوبا له كان له اخذ ماله كعبده والجواب ليس المراد بذلك الحقيقة بل تعظيم الأب وحكمه على الابن وتواضع الابن له مسألة إذا ثبت للولد دين على والده كان له مطالبته به مع يساره ولا يحل للأب منعه وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي لأنه دين ثابت فجازت المطالبة به كغيره وقال احمد ليس للولد المطالبة بدين له على أبيه لان رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله بأبيه يقتضيه دينا عليه فقال أنت ومالك لأبيك وقد بينا ان المراد به التعظيم والطاعة من الولد له بحيث لا يدخل الولد في العقوق ولو مات الابن كان لورثته المطالبة به عندنا خلافا لأحمد حيث منع لان مورثهم ليس له المطالبة فهم أولي لما بيناه من جواز المطالبة ولو مات الأب رجع الابن في تركته بدينه وبه قال احمد لأنه دينه عليه لم يسقط عن الأب وانما تأخرت المطالبة وعن أحمد رواية أخرى انه إذا مات الأب بطل دين الابن على الأب مسألة لو تصرف الأب في مال الابن قبل تملكه لم يصح وبه قال احمد فلا يصح (للأب) عتق العبد ابنه ما لم يتملكه ولا يصح ابرائه من دينه ولا هبته ولا بيعه له لان ملك الابن تام على مال نفسه يصح تصرفه ويحل وطي جواريه ولو كان الملك مشتركا لم يحل له الوطي كما لا يجوز له وطي الجارية المشتركة وهذا حجة على احمد وابطال لحمله الرواية وهي قوله أنت ومالك لأبيك على الملك حقيقة قال احمد ولو كان الابن صغيرا لم يصح للأب التصرف فيما له لأنه لا يملك التصرف بما لاحظ للصغير فيه وليس من الحظ اسقاط دينه ولا عتق عبده ولا هبة ماله ولو وطي الأب جارية ابنه قبل تملكها فعل حراما فان تملكها لم يجز له وطي بها قبل الاستبراء قاله احمد لأنه ابتداء ملك فوجب الاستبراء فيه كما لو اشتراها وليس بجيد لان الاستبراء ليس واجبا الا في محل توهم وطي المالك الأول لها وهنا ان حصل الوطي حرمت مؤبدا وان لم يحصل حلت من غير استبراء لا يقال يستبرئها لجواز وطي غير الابن لها لأنا نقول لو وجب ذلك لكان يجب مع كون المالك امرأة أو من أخبر باستبرائها ولو كان الولد قد وطئها لم تحل على الأب لأنها صارت بمنزلة حليلة ابنه فان فعل عالما بالتحريم وجب عليه الحدو قال احمد لا يجب لشبهة الملك فان النبي صلى الله عليه وآله أضاف مال الولد إلى الأب فقال أنت ومالك لأبيك ولو ولدت منه لم تصر أم ولد ولا يكون ولده الذكر حرا خلافا لأحمد فيهما حيث قال تصير أم ولد ويكون الولد حرا لأنه من وطي انتفي عنه الحد فيه للشبهة قال وليس للابن مطالبة الأب بشئ من قيمتها ولا قيمة ولدها ولا مهرها وفي تعزير الأب له روايتان إحديهما يعزر لأنه وطي وطيا محرما أشبه ما لو وطي جارية مشتركة بينه وبين غيره والثاني لا يعزر لأنه لا يقتض منه بالجناية على ولده فلا يعزر بالتصرف في ماله وليس لغير الأب الاخذ من مال غيره الا باذنه اجماعا ولا يصح قياس غير الأب عليه عند احمد أيضا لان للأب ولاية على ولده وماله إذا كان صغيرا وله شفقة تامة وحق متأكد ولا يسقط ميراثه بحال والام لا تأخذ لأنه لا ولاية لها والجد أيضا لان شفقته قاصرة عن شفقة الأب ويحجب به في الميراث وفي ولاية النكاح عندهم وليس لغيرهما من الأقارب والأجانب الاخذ بطريق التنبيه لأنه إذا امتنع الاخذ في حق الام والجد مع مشاركتهما للأب في بعض المعاني فغيرهما ممن لا يشارك الأب في ذلك أولي الفصل الثاني في الصدقة المندوبة الصدقة مستحبة مندوب إليها مرغب فيها يشتمل على فضل كثير وثواب جزيل فضمن الله تعالى فيها المجازات عليها فقال إن الله يجزي المتصدقين وقال تعالى من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه وقال تعالى ان تبدوا الصدقات فنعما هي وان تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم والآيات في ذلك أكثر من أن تحصى وقال صلى الله عليه وآله ليتصدق الرجل من ديناره وليتصدق من درهمه وليتصدق من صاع بره رواه العامة ومن طريق الخاصة ما رواه الصدوق عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال ارض القيمة فارما؟ خلا ظل المؤمن فان صدقة تظله وقال الباقر (ع) البر والصدقة ينفيان الفقر ويزيدان في العمر ويدفعان عن سبعين ميتة سوء وقال الصادق (ع) داووا مرضاكم بالصدقة وادفعوا البلاء بالدعاء واستزلوا الرزق بالصدقة فإنها تنفك من بين لحيى سبعمائة شيطان وليس شئ أثقل على الشيطان من الصدقة على المؤمن وهي تقع في يد الرب تبارك وتعالى قبل ان يقع في يد العبد والاخبار في ذلك أكثر من أن تحصى مسألة وصدقة السر أفضل من دفعها في العلانية للآية السابقة وروى العامة والخاصة ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال صدقة السر تطفي غضب الرب جل جلاله ومن طريق الخاصة ما رواه عمار عن الصادق (ع) قال قال لي يا عمار الصدقة والله في السر أفضل من الصدقة في العلانية وكذلك والله العبادة في السر أفضل من العبادة في العلانية مسألة صرف الصدقة إلى ذي الرحم أفضل من صرفها إلى الأجنبي وصرفها إلى الجيران أفضل من الأباعد وروى العامة عن رسول الله (ع) أنه قال الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة؟ وعن عايشة انها قالت يا رسول الله صلى الله عليه وآله ان لي جارين فإلى أيهما أهدي فقال إلى أقربهما منك بابا ومن طريق الخاصة ما رواه الصدوق عن النبي صلى الله عليه وآله انه سئل اي الصدقة أفضل قال ذي الرحم الكاشح وقال لا صدقة وذو رحم محتاج وقال (ع) الصدقة بعشرة والقرض بثمانية عشر وصلة الاخوان بعشرين وصلة الرحم بأربعة وعشرين وكذا الصدقة المفروضة والكفارات صرفها إلى الأقارب أولي إذا كانت بصفة الاستحقاق ولا يلزمه نفقتهم والأولى ان يبدأ بذي الرحم المحرم كالاخوة والأخوات والأعمام والأخوال ويقدم منهم الأقرب فالأقرب والزوج والزوجة يلحقان بذلك ثم يبدأ بذي الرحم غير المحرم كأولاد الأعمام وأولاد الأخوال ثم بالمحرم بالرضاع ثم بالمحرم بالمصاهرة ثم بالمولى قال بعض الشافعية من الأعلى ومن الأسفل ثم بالجار وإذا كان في البلد أقارب وأجانب مستحقون فالأقارب أولي وإن كان الأجانب أقرب منزلا وإن كان الأقارب خارجين من البلد فان منعنا من نقل الصدقة بان تكون واجبة فالأجانب أولي والا فالأقارب الخارجون وكذا في أهل البادية إذا اعتبرنا مسافة القصر إن كانت الأقارب والأجانب دون مسافة القصر فالأقارب أولي وإن كانت دورهم ابعد وكذا لو كانوا جميعا دون مسافة القصر وإن كان الأجانب دون مسافة القصر والأقارب فوقها ان منعنا نقل الصدقات فالأجانب أولي والا فالأقارب أولي مسألة والصدقة في رمضان أفضل منها في غيره لان رسول الله صلى الله عليه وآله أجود ما يكون في شهر رمضان رواه العامة ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا دخل شهر رمضان اطلق كل أسير واعطى كل سايل وعن الباقر (ع) قال خطب رسول الله صلى الله عليه وآله الناس في اخر جمعة من شعبان فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس انه قد أظلكم شهر فيه ليلة خير من الف شهر وهو شهر رمضان فرض الله صيامه وجعل قيام ليلة فيه بتطوع صلاة كمن تطوع بصيام سبعين ليلة فيما سواه من الشهور؟ وجعل لمن تطوع بخصلة من خصال الخير والبر وكاجر من أدي
(٤٢٥)