بالعتق وللشافعي قولان في نفوذ العتق فيه لانما في يد العبد كالمرهون بالديون وان اشترى بغير اذن سيده وكان المولى قد نهاه عن شرائه بطل الشراء سواء كان عليه دين أو لم يكن لان العبد لا يملك البيع والشراء الا بإذن مولاه فإذا نهاه لم يملكهما وإن كان المالك قد اطلق الاذن ولم يأذن في شراء قريبه ولا نهاه عنه فالأقرب البطلان أيضا لان اذنه يتضمن ما فيه حظ ويمكنه التجارة فيه فلا يتناول من ينعتق عليه كالعامل إذا اشترى من ينعتق على رب المال وهو أحد قولي الشافعي والثاني انه يصح الشراء لأن الشراء يقع للسيد لا حق للعبد فيه إذ لا يتمكن العبد من الشراء لنفسه وانما يشتريه لمولاه فإذا اطلق الاذن انصرف ما يشتريه إليه مقيدا كان أو غير مقيد بخلاف العامل فإنه يمكنه الشراء لنفسه كما يمكنه الشراء للمالك فما لا يقع مقصودا بالاذن ظاهرا ينصرف إلى العامل والأول عندهم أصح وبه قال المزني كما قلنا في العامل لان السيد انما اذن في التجارة وهذا ليس منها وقطع الجويني بهذا القول فيما إذا كان الاذن في التجارة ورد الخلاف إلى ما إذا قال تصرف في هذا المال واشتر عبدا فلهذا قيل إن قال السيد اشتر عبدا فهو كالوكيل وان قال أتجر فهو كالعامل إذا عرفت هذا فإذا اشترى العبد أب مولاه فان قلنا لا يصح فلا بحث وان قلنا يصح لم يكن عليه دين عتق وإن كان على العبد دين فللشافعية ثلاثة أوجه أحدها انه يبطل الشراء لان الدين يمنع من عتقه فبطلان العقد أحسن والثاني انه يصح ولا يعتق والثالث يعتق عليه ويكون ديون الغرماء في ذمة السيد وقال أبو حنيفة ان لم يكن دفع إليه المال وانما اذن له في التجارة صح الشراء وعتق على مولاه وإن كان دفع إليه مالا لم يصح الشراء كالمضارب لان العبد إذا لم يدفع إليه المال فإنما يشتري لنفسه لهذا لا يصح نهيه عن نوع أو سلعة وإذا لم يكن يشتري له صح شراؤه له ولم يعتق عليه كالأجنبي وليس بجيد لأنه اذن مطلق في الشراء فلا يتناول من يعتق على الاذن كما لو دفع إليه مالا والمضارب والمأذون يشتري للمولى ولهذا يعتق عليه مسألة لو اشترى العامل من يعتق عليه صح الشراء ثم لا يخلو إما ان لا يكون في المال ربح أو يكون فإن لم يكن لم يعتق على العامل لأنه لم يملكه ولا شيئا منه كالوكيل لشراء قريب نفسه لموكله ثم إذا ارتفعت الأسواق وظهر ربح فان قلنا العامل انما يملك بالقسمة لم يعتق منه شئ أيضا وان قلنا يملك بالظهور عتق عليه قدر حصته من الربح لأنه ملك بعض أبيه فيعتق عليه كما لو اشتراه من ماله وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني لهم انه لا يعتق عليه لأنه ملكه ملكا غير تام لأنه وقاية لرأس المال فليكن هذا معدا لهذا الغرض إلى انفصال الامر بينهما بالقسمة لان بها يتم الملك فجرى مجرى ملك المكاتب لأبيه يكون معدا ان عتق عتق والا ملك فإذا قلنا لا يعتق فلا كلام وان قلنا إنه يعتق فإن كان الربح بقدره عتق جميعه وإن كان بقدر بعضه فإن كان له مال اخر قوم عليه الباقي كما لو اشتراه وفيه ربح وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني انه لا يقوم عليه لان العتق والحال هذه يحصل في الدوام بسبب قهري وهو غير مختار فيه ومثل ذلك لا يتعلق به السراية كما لو ورث بعض قريبه عتق عليه ولم يسر وليس بجيد لأنه في صورة الإرث غير مختار البتة واما هنا فان الشراء أو لا والامساك له إلى حين ارتفاع الأسواق اختياريان وان لم يكن مؤسرا استقر الرق في الباقي وهل يستسعى العبد حينئذ مذهبنا ذلك وبه قال أبو حنيفة لما رواه محمد بن قيس في الصحيح عن الصادق (ع) قال قلت رجل دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة فاشترى أباه وهو لا يعلم قال يقوم فان زاد درهما واحدا أعتق واستسعى في مال الرجل وقال احمد لا يستسعى بل يبقى الباقي رقيقا وإن كان في المال ربح قبل الشراء أو حصل بنفس الشراء بان كان رأس المال مائة فاشترى بها أباه وهو يساوي مأتين فان قلنا إن العامل يملك بالقسمة دون الظهور لم يعتق من العبد شئ وصح الشراء وان قلنا يملك بالظهور صح الشراء أيضا وهو أظهر وجهي الشافعية لأنه مطلق التصرف في ملكه لأنهما شريكان في المال واحد الشريكين إذا اشترى من ينعتق عليه صح شراؤه والثاني لهم المنع لأنه لو صح فاما ان يحكم بعتقه وهو مخالف لغرض الاسترباح الذي هو مقصود التجارة ولان صحة الشراء تؤدي إلى تنجيز حق العامل قبل رب المال فكان تصرفه يضر برب المال فلم يصح أو لا يحكم فيتخلف العتق عن ملك القريب فان قلنا بالمنع ففي الصحة في نصيب المالك قولا تفريق الصفقة وان قلنا بالصحة كما هو مذهبنا وأظهر وجهي الشافعية ففي عتقه عليه الوجهان السابقان ان قلنا يعتق فإن كان مؤسرا سرى العتق إلى الباقي ولزمه الغرم لأنه ملكه باختياره والا بقى رقيقا أو استسعى على ما تقدم هذا كله إذا اشترى العامل قريب نفسه بعين مال القراض واما إذا اشتراه في الذمة للقراض فكل موضع صححنا الشراء بعين مال القراض أوقعناه هنا عن القراض وكل موضع أبطلناه هناك أوقعناه هنا عن العامل ان لم يكن يذكر النسبة إلى القراض وان ذكر فكالعين وقال بعض الشافعية انه لو اطلق الشراء ولم ينسبه إلى القراض لفظا ثم قال كنت نويته وقلنا انه إذا وقع عن القراض لم يعتق منه شئ لا يقبل قوله لان الذي جرى عقد عتاقة فلا يمكن رفعها ولا بأس به مسألة ليس لعامل القراض ان يكاتب عبد القراض بغير اذن المالك لما فيه من تضرر المالك باخراج ملكه عنه بثمن هو ملكه لان الكتابة في الحقيقة بيع ماله بماله فان اذن المولى جاز فان كاتباه معا صح وعتق بالأداء ثم إن لم يكن في المال ربح وقلنا بثبوت الولاء في الكتابة كان الولاء باسره للمالك ولا ينفسخ القراض بالكتابة في أظهر وجهي الشافعية بل ينسحب على النجوم وإن كان هناك ربح فالولاء بينهما على النسبة في الحصص فيه والزايد النجوم على القيمة ربح البحث الثاني في قراض العامل مسألة قد بينا فيما تقدم انه ليس للعامل في القراض ان يقارض غيره وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لان المالك لم يأذن فيه وانما أيتمن على المال العامل دون غيره فليس له التغرير بمال صاحبه فان اذن له المالك فيه صح والا فلا وخرج بعض الحنابلة وجها في الجواز بناء على توكيل الوكيل من غير اذن الموكل وهو غلط إما أولا فللمنع من حكم الأصل واما ثانيا فللفرق لان المالك انما دفع المال إلى العامل ليضارب به وان دفعه إلى غيره خرج عن كونه مضاربا به بخلاف الوكيل ولان هذا يوجب في المال حقا لغيره ولا يجوز ايجاب حق في مال انسان بغير اذنه إذا عرفت هذا فلا يخلو إما ان يكون المالك قد اذن للعامل في أن يقارض غيره أو لا فان اذن صح لان العامل الأول وكيل وهذا العقد يقبل الوكالة واعلم أن العامل يتصور ان يقارض غيره بإذن المالك في موضعين أحدهما ان يخرج نفسه من القراض ويجعل نفسه وكيلا في القراض مع الثاني فان المالك سلم المال إليه واذن له في أن يقارض غيره ان بدا له وهو قراض صحيح كما لو قارضه المالك بنفسه لان العامل الأول في الحقيقة وكيل في عقد القراض مع الثاني سواء كان العامل الأول قد عمل أو لا والثاني ان يأذن له في أن يعامل غيره ليكون ذلك الغير شريكا له في العمل والربح المشروط له على ما يراه وهو جايز كما لو قارض المالك في الابتداء شخصين فكذا الانتهاء وهو أحد وجهي الشافعية والثاني وهو الاظهر عندهم انه لا يصح لأنه لو جاز ذلك لكان الثاني فرعا للأول منصوبا من جهته والقراض معاملة يضيق بحال القياس فيها فلا يعدل بها عن موضعها وهو ان يكون أحد المتعاملين مالكا لا عمل له والثاني عاملا لا ملك له وهو ضعيف لان العاملين كالواحد مسألة إذا اذن المالك للعامل في أن يقارض غيره جاز ثم لا يخلو إما ان يجعل الربح الذي جعله المالك بأسره للعامل الثاني أو يجعل له قسطا منه وللثاني الباقي فان جعل الربح
(٢٣٩)