ما زرعتها من شئ فلي نصفه صح لان النبي صلى الله عليه وآله ساقي أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من زرع أو تمر مسألة ولو شرط اخراج الخراج المضروب على الأرض أولا والباقي يكون بينهما لم يكن به بأس لان الخراج كأنه في مقابلة حصة السلطان من الأرض وللأصل ولما رواه يعقوب بن شعيب في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال سألته عن الرجل تكون له الأرض من أرض الخراج فيدفعها إلى الرجل على أن يعمرها ويصلحها ويؤدي خراجها وما كان من فضل فهو بينهما قال لا بأس البحث الثالث الشرط مسألة يشترط في المزارعة تقدير المدة وتعيينها بالأيام والشهور المضبوطة فلا تجوز مع جهالة المدة اجماعا لما فيه من الغرر وأدائه إلى التنازع ولو اقتصرا على تعيين المزروع ولم يذكر المدة فالأقوى البطلان لان المزارعة عقد لازم فهو كالإجارة فلا بد فيه من تعيين المدة وأمد الزرع غير مضبوط فقد يتقدم ويتأخر باختلاف الأهوية في البرودة والحرارة ويحتمل الصحة لان لكل زرع أمد لا يتجاوزه فيبني على العادة كالقراض والأول أقوى مسألة إذا عينا المدة بالأشهر والأيام فمضت المدة والزرع قايم لم يبلغ كان للمالك ازالته على اشكال أقربه المنع لان للزرع أمدا معينا غير دايم الثبات وقد حصل في الأرض بحق فلم يكن للمالك قلعه كما لو استأجر الأرض للزرع مدة وانقضت قبل ادراكه مع أن الاحتمال أيضا هناك قائم وإذا قلنا إن للمالك قلعه فلا فرق بين ان يكون المتأخر بسبب الزارع كالتفريط في تأخير الزرع وترك التعهد له أو من قبل الله تعالى كتأخير المياه وتغير الأهوية ولو اتفقا على التبقية جاز لان الحق لهما ولا فرق بين ان يتفقا عليه بعوض وغير عوض لكن ان شرط عوضا افتقر في لزومه إلى تعيين المدة الزايدة مسألة لو شرط للزرع مدة معينة وشرطا في العقد تأخيره عن تلك المدة ان بقى بعدها بطل الشرط والعقد على القول باشتراط تقدير المدة بالأشهر المضبوطة ولو ترك العامل الزراعة حتى انقضت المدة لزمه أجرة المثل للمالك عن ارضه كما أنه لو كان قد استأجرها لزمه الأجرة هذا إذا كان المالك قد مكنه فيها وسلمها إليه إما لو منعه منها حتى خرجت المدة فإنه لا يستحق عليه شيئا لان المنع من قبله ولو شرط الغرس افتقر إلى تعيين المدة أيضا ولو شرط الزرع والغرس معا في الإجارة افتقر إلى تعيين كل واحد منهما لتفاوت ضرريهما وكذا لو شرطهما في المزارعة وكذا لو استأجر لزرعين أو غرسين متفاوتي الضرر ولو استأجر أرضا مدة معينة ليغرس فيها ما يبقى بعد المدة غالبا لم يجب على المالك ابقاؤه ولا الأرش مع ازالته وقيل يجب وفيه اشكال لان له ازالته لو غرس بعد المدة فكذا له الإزالة بعد انقضائها البحث الرابع في الاحكام قد بينا صحة المزارعة إذا وقعت على الوجوه المعتبرة شرعا فان اختل بعض شرايطها فسدت فكان النماء لصاحب البذر فإن كان هو المالك للأرض كان عليه أجرة المثل للعامل عن عمله وعوامله وآلاته طول المدة لأنه دخل على عوض لم يسلم له وإن كان هو العامل فالزرع بأجمعه له وعليه اجرة الأرض لمالكها وإن كان لهما فالزرع منهما يرجع كل منهما على صاحبه بنصف ما يستحقه من الأجرة وإن كان لثالث فالزرع بأجمعه له وعليه اجرة المالك والعامل وقال الشافعي المزارعة في نفسها باطلة فإذا دخلا فيها وكمل الزرع كان لصاحب البذر لأنه نماء ملكه وعليه للاخر أجرة المثل فإن كان البذر لصاحب الأرض فالزرع له وعليه اجرة الاكار وعوامله لأنه عمل ليكون ما شرطه له فإذا لم يسلم له فله عوضه كمن باع بيعا فاسدا واتلفه المشتري كان له قيمته لأنه بذله في مقابلة الثمن فإذا لم يسلم له الثمن كان له قيمة المبيع كذا هنا وإن كان العامل فالغلة وعليه اجرة الأرض وإن كان لهما فالزرع لهما على قدر البذرين ولكل منهما أجرة المثل في نصف صاحبه فيكون لصاحب الأرض اجرة نصف الأرض وللعامل اجرة نصف عمله وعوامله ثم قال الشافعي إذا أراد ان يشتركا في الزرع والغلة على الوجه الذي يشترطانه في المزارعة جاز بطريق جايز أعار صاحب الأرض للاكار نصف ارضه ويكون البذر بينهما ويعمل الاكار على الزرع متبرعا فتكون الغلة بينهما ولا يستحق رب الأرض على الاكار اجرة نصف الأرض ولا يستحق العامل اجرة نصف عمله لان كل واحد منهما تطوع بما بذله وذكر المزني وجهان اخر فقال يكون البذر بينهما ويكرى صاحب الأرض الاكار نصف ارضه بألف ويكترى منه عمله على نصيبه وعمل عوامله بألف ويتفقان بذلك وتكون الغلة بينهما وقال أصحابه يمكن ان يكون أسهل من هذا وهو ان يكريه نصف ارضه بعمله وعمل عوامله على نصيبه وان أراد ان يكون بينهما على الثلث والثلثين اجرة ثلثي الأرض بثلثي عمله وان أراد ان يكون البذر من أحدهما فإن كان من رب المال استأجر منه نصف عمله وعمل عوامله وآلته بنصف منفعة الأرض ونصف البذر وإن كان البذر من الاكار استأجر منه بنصف عمله وعمل آلته ونصف البذر ونصف الأرض وتفتقر هذه الإجارة إلى تقدير المدة ورؤية الأرض وعوامله وآلته والكل عندنا جايز بشرط الضبط في ذلك كله مسألة تجوز المزارعة إذا كان من صاحب الأرض البذر ومن العامل العمل عند كل من سوغ المزارعة وهو مذهب ابن سيرين ومنقول عن الشافعي وإسحاق واحمد لأنه عقد يشترك فيه العامل ورب المال في نمائه فكان سايغا ولو كان البذر من العامل والعمل والعوامل أيضا من المالك الأرض خاصة جاز عندنا بلفظ المزارعة وهو رواية عن أحمد لما رواه العامة ان النبي صلى الله عليه وآله دفع خيبر على هذا وهو مروي عن عمر بن الخطاب وبه قال أبو يوسف وطايفة من أهل الحديث ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) ان أباه الباقر (ع) حدثه ان رسول الله صلى الله عليه وآله اعطى خيبر بالنصف وفي الصحيح عن يعقوب بن شعيب عن الصادق (ع) قال سألته عن المزارعة فقال النفقة منك والأرض لصاحبها فما اخرج الله من شئ قسم على الشرط وكذلك قبل رسول الله صلى الله عليه وآله خيبر الحديث وعن زرعة قال سألته عن مزارعة المسلم للمشرك فيكون عند المسلم البذر والبقر ويكون الأرض والماء والخراج والعمل على العلج قال لا بأس به وروي عن سعيد وابن مسعود وابن عمران البذر من العامل وبالجملة الأصل في المزارعة قصة خيبر وان النبي صلى الله عليه وآله دفع إلى يهود خيبر نخل خيبر وارضها على أن يعملوها من أموالهم فان رسول الله صلى الله عليه وآله شرط ثمرها وفي لفظ على أن يعملوها ويزرعوها ولهم شطر ما يخرج منها فجعل عملها من أموالهم وزرعها عليهم ولم يذكر شيئا اخر وظاهر هذا ان البذر من أهل خيبر ولم يذكر النبي صلى الله عليه وآله ان البذر على المسلمين ولو كان شرطا لما أخل بذكره ولو فعله النبي صلى الله عليه وآله لنقل وعن عمر انه عامل الناس على أن جاء بالبذر من عنده له الشطر وان جاءه بالبذر فله كذا وظاهر هذا انه قد كان مشهورا غير منكر عند أحد فكان اجماعا اعترض بان ذلك كبيعين في بيعين وأجيب باحتمال ان عمر خيرهم بين الامرين فأيهما اختاروا عقد معهم العقد كما تقول في البيع ان شئت بعتك بعشرة صحاح وان شئت بإحدى عشرة مكسرة فاختار أحدهما فعقد البيع معه عليه وباحتمال الجواز كما يجوز عند بعضهم ان خطته روميا فلك درهم وإن خطته فارسيا فدرهمان ومنع بعض الحنابلة من ذلك وأوجبوا ان يكون البذر من صاحب الأرض لأنه عقد يشترك فيه العامل ورب المال في نمائه فوجب ان يكون رأس المال كله من أحدهما كالمساقاة والمضاربة وهذا القياس مخالف للنص الذي قلناه وللاجماع الذي ذكرناه ثم ينتقض بما إذا اشترك مالان وبذر صاحب أحدهما إذا عرفت هذا فيجوز أن تكون من أحدهما الأرض والعمل ومن الأخر البذر بلفظ المزارعة نظرا إلى الاطلاق ولو كان بلفظ الإجارة لم تصح الجهالة العوض ويجوز ان يكون من أحدهما العمل خاصة ومن الأخر الأرض والبذر والعوامل مسألة ولو كان البذر بينهما نصفين وشرطا الزوج بينهما نصفين تساويا فيه وكان صحيحا عندنا ولا خلاف في ذلك عند من قال
(٣٣٩)