المسير والأضحية المعينة إذا ذبحت في وقت النحر وقع في موقعه وان لم يأذن صاحبها قال الجويني لكن ذبح الضحية وان وقع في موقعه لا يجوز الاقدام عليه من غير اذن وجوز بعض الشافعية الاخذ والنحر ولهذا الاشكال ذهب القفال تفريعا على هذا القول انه يجب رفع الامر إلى الحاكم لينحره وهذا ليس بشئ لان الاخذ الممنوع منه انما هو الاخذ للتملك ولا شك ان هذا البعير لا يؤخذ للتملك المطلب الثاني: في الملتقط مسألة: يصح اخذ الضالة في موضع الجواز لكل بالغ عاقل ولو اخذه في موضع المنع لم يجز وضمنه إما ما كان أو غيره لأنه اخذ ملك غيره بغير اذنه ولا اذن الشارع له فهو كالغاصب وهذا الفرض في الامام عندنا باطل لأنه معصوم إما عند العامة الذين لم يوجبوا عصمة امامهم فإنه قد يفرض وكذا يفرض عندنا في نائب الامام وكذا يجوز للصبي والمجنون اخذ الضوال لأنه اكتساب وينتزع الولي ذلك من يدهما ويتولى التعريف عنهما سنة فإن لم يأت مالك تملكاه وضمناه بتمليك الولي لهما وتضمينهما إياه ان رأى الغبطة في ذلك وان يكن في تمليكها غبطة أبقاها أمانة . مسألة: الأقرب عدم اشتراط الحرية فيجوز للعبد القن والمدبر والمكاتب وأم الولد والمعتق بعضه التقاط الضوال في موضع الجواز لأنه اكتساب وهؤلاء من أهله وهم أهل للحفظ والأقرب انه لا يشترط الاسلام ولا العدالة فيجوز للكافر اخذ الضالة وكذا للفاسق لأنه اكتساب وهما من أهله وقال الشافعي لا يجوز لغير الامام وغير نايبه اخذ الضوال للحفظ لصاحبها فان اخذها غير الامام أو نايبه ليحفظها لصاحبها لزمه الضمان لأنه لا ولاية له على صاحبها ولأصحابه وجه اخر انه يجوز اخذها لحفظها قياسا على الامام واحتج بان النبي صلى الله عليه وآله منع من اخذها من غير أن يفرق بين قاصد الحفظ وقاصد الالتقاط والقياس على الامام باطل لان له ولاية وهذا لا ولاية له ونحن نقول بموجبه في موضع المنع من اخذها إما لو وجدها في موضع يخاف عليها فيه مثل ان يجدها في ارض مسبعة يغلب على الظن افتراس الأسد لها ان تركها فيه أو وجدها قريبة من دار الحرب يخاف عليها من أهلها أو في موضع يستحل أهله أخذ أموال المسلمين أو في برية لا ماء لها ولا مرعى فالأولى جواز الاخذ للحفظ ولا ضمان على اخذها لما فيه من انقاذها من الهلاك فأشبه تخليصها من غرق أو حرق وإذا حصلت في يده سلمها إلى بيت المال وبرئ من ضمانها وله التملك مع الضمان لان الشارع نبه على علة عدم التملك لها بأنها محفوظة فإذا كانت في المهلكة انتفت العلة مسألة لو ترك دابة بمهلكة فاخذها انسان فاطعمها وسقاها وخلصها تملكها وبه قال الليث والحسن بن صالح واحمد وإسحاق الا ان يكون تركها بنية العود إليها فاخذها أو كانت قد ضلت منه لما رواه العامة عن الشعبي ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال من وجد دابة قد عجز عنها أهلها فسيبوها فاخذها فأحياها رجل فهي له وفي لفظ اخر عن الشعبي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من ترك دابة بمهلكة فأحياها رجل فهي لمن أحياها ومن طريق الخاصة ما رواه عبد الله بن سنان في الصحيح عن الصادق (ع) قال من أصاب مالا أو بعيرا في فلاة من الأرض قد كلت وباتت (ماتت) وسيبها صاحبها لما لم يتبعه فاخذها غيره فأقام عليها وأنفق نفقة حتى أحياها من الكلال ومن الموت فهي له ولا سبيل له عليها وانما هي مثل الشئ المباح ولان القول بملكها يتضمن أحياها وانقاذها من الهلاك وحفظا للمال عن الضياع ومحافظة على حرمة الحيوان وفي القول بعدم الملك تضييع ذلك كله من غير مصلحة تحصل ولان مالكه نبذه رغبة عنه وعجزا عن اخذه فملكه اخذه كالمتساقط من السنبل وسائر ما ينبذه الناس رغبة عنه وزهدا فيه المطلب الثالث في الاحكام مسألة يجوز للامام ونايبه اخذ الضالة على وجه الحفظ لصاحبه ثم يرسله في الحمي الذي حماه الامام لخيل المجاهدين والضوال لان للامام نظرا في حفظ مال الغايب وفي اخذه هذه حفظا لها عن الهلاك ثم يعرفها حولا فان جاء صاحبها والا بقيت في الحمى وقال احمد لا يلزمه تعريفها لان عمر لم يكن يعرف الضوال وفعل عمر ليس حجة وإذا عرف انسان دابته أقام البينة عليها واخذها فلا يكفي وصفها لأنها ظاهرة بين الناس يعرف صفاتها غير أهلها فلا يكون الصفة لها دليلا على ملكه لها ولان الضالة قد كانت ظاهرة للناس حين كانت في يد مالكها فلا يختص بمعرفة صفاتها دون غيره ويمكنه إقامة البينة عليها لظهورها للناس ومعرفة خلطائه وجيرانه بملكه إياها مسألة: الأقرب عندي انه يجوز لكل أحد اخذ الضالة صغيرة كانت أو كبيرة ممتنعة عن السباع أو غير ممتنعة بقصد الحفظ لمالكها والأحاديث الواردة في النهي عن ذلك محمولة على ما إذا نوى بالالتقاط التملك إما قبل التعريف أو بعده إما مع نية الاحتفاظ فالأولى الجواز كما أنه لا يجوز للامام ولا لنايبه اخذ ما لا يجوز اخذه على وجه التملك مسألة: ما يحصل عند الامام من الضوال فإنه يشهد عليها ويسمها بوسم انها ضالة ثم إن كان له حمى تركها فيه ان رأى المصلحة في ذلك وان رأى المصلحة في بيعها أو لم يكن له حمي باعها بعد ان يصفها ويحفظ صفاتها ويحفظ ثمنها لصاحبها فان ذلك احفظ لها لان في تركها ضررا على مالكها لافضائه إلى أن يأكل جميع ثمنها إما غير الامام ونائبه إذا التقط الضالة ولم يجد سلطانا ينفق عليها أنفق من نفسه ويرجع مع نية الرجوع وقيل لا يرجع لان عليه الحفظ ولا يتم الا بالانفاق والأول أقرب دفعا لتوجه الضرر بالالتقاط ولا يبعد من الصواب التفصيل فإن كان قد نوى التملك قبل التعريف أو بعده أنفق من ماله ولا رجوع لأنه فعل ذلك لنفعه وان نوى الحفظ دائما رجع مع الاشهاد ان تمكن والا فمع نيته ولو كان للقطة نفع كالظهر للركوب أو الحمل أو اللبن أو الخدمة قال الشيخ (ره) يكون ذلك بإزاء ما أنفق والأقرب ان ينظر في قدر النفقة وقيمة المنفعة ويتقاصان مسألة: لا يضمن الضالة بعد الحول الا مع قصد التملك ولو قصد حفظها دائما لم يضمن كما في لقطة الأموال الا مع التفريط أو التعدي ولو قصد التملك ضمن فان نوى الحفظ بعد ذلك لم يبرأ من الضمان لأنه قد تعلق الضمان بذمته كما لو تعدى في الوديعة ثم نوى الحفظ ولو قصد الحفظ ثم نوى التملك لزمه الضمان من حين نية التملك مسألة: لو وجد مملوكا بالغا أو مراهقا لم يجز له اخذه لأنه كالضالة الممتنعة يتمكن من دفع المؤذيات عنه ولو كان صغيرا كان له اخذه لأنه في معرض التلف والمال إذا كان بهذه الحال جاز اخذه وهو نوع منه وإذا اخذ عبدا صغيرا للحفظ لم يدفع إلى مدعيه الا بالبينة ولا يكفي الشهادة على شهود الأصل بالوصف لاحتمال الشركة في الأوصاف بل يجب احضار شهود الأصل ليشهدوا بالعين فان تعذر احضارهم لم يجب نقل العبد إلى بلدهم ولا بيعه على من يحمله ولو رأى الحاكم ذلك صلاحا جاز ولو تلف قبل الوصول أو بعده ولم يثبت دعواه ضمن المدعي قيمة العبد واجره مسألة: لو ترك متاعا في مهلكة فخاصه انسان لم يملكه لأنه لا حرمة له في نفسه ولا يخشى عليه التلف كالخشية على الحيوان فان الحيوان يموت إذا لم يطعم ويسقى وتأكله السباع والمتاع يبقى إلى أن يعود مالكه إليه ولو كان المتروك عبدا لم يملكه اخذه لان العبد في العادة يمكنه التخلص إلى الأماكن التي يعيش فيها بخلاف البهيمة وله اخذ العبد والمتاع ليخلصه لصاحبه وهل يستحق الأجرة عن تخليص العبد أو المتاع الوجه انه لا يستحق الا مع الجعل لأنه عمل في مال غيره بغير جعل فلم يستحق شيئا كالملتقط وقال احمد يستحق الجعل وليس بجيد مسألة: ما يلقيه ركبان البحر فيه من السفينة خوفا من الغرق إذا أخرجه غير مالكه فالأقرب انه للمخرج وبه قال الليث بن سعد والحسن البصري وما نضب عنه الماء فهو لأهله وقال ابن المنذر يرده على أربابه ولا جعل له وهو مقتضى قول الشافعي ويتخرج على قول احمد ان لمن أنقذه اجرة مثله والأقرب ما قدمناه لأنه مال ألقاه أربابه فيما يتلف بتركه فيه اختيارا منهم فملكه من أخرجه كالمنبوذ
(٢٦٩)