أجمع وبه قال الشافعي ومالك واحمد لان وفد هو اذن لما جاؤوا يطلبون من رسول الله ان يرد عليهم ما غنمه منهم قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم وهذا هبة المشاع وعن عمر ابن شعيب عن أبيه عن جده قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وقد جائه رجل ومعه كبة من شعر فقال أخذت؟ هذا من الغنم لا تصلح بردعة لي فقال النبي صلى الله عليه وآله ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لك وقال أبو حنيفة هبة المشاع الذي يمكن قسمته لا تجوز وإن كان مما لا يمكن قسمته صحت هبته وإذا وهب واحد من اثنين شيئا لم يجز عند أبي حنيفة وظفر وجاز عند أبي يوسف ومحمد لان القبض شرط في الهبة ووجوب القسمة يمنع من صحة القبض وتمامه وهو ممنوع لأنه لا يمنع صحة نقبض؟ في البيع ولان هذا جزء يجوز بيعه فجازت هبته كالمشاع الذي لم ينقسم إذا عرفت هذا فإن كان المشاع مما لا ينقل ولا يحول كالعقارات فان قبضه يكون بالتخلية بينه وبين الموهوب له كما في البيع وإن كان مما ينقل ويحول ولا يمكن اقباضه الا بالنقل ولا يمكن نقل الجزء المشاع الا مع الباقي فإذا أراد التسليم قيل للشريك هل ترضى ان يسلم إلى الموهوب منه نصيبك أيضا على وجه الوديعة فان سلم إليه الجميع لينقله حصل الاقباض وان امتنع قيل للمتهب أتوكله في أن ينقله لك ويقبضه فان فعل قبضه له الشريك وقبضه وان امتنع نصيب من يكون في يده لهما فينقله لتحصيل القبض لان ذلك مما لا ضرر على الشريك فيه ويتم به عقد شريكه ولو وهب رجل من اثنين شيئا فان قبلاه وقبضاه باذنه صحت الهبة وان قبض أحدهما وقبل صحت الهبة في النصف لأن العقد من اثنين بمنزلة العقدين وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لا يصح كما في البيع إذا عرفت هذا فلا فرق ان يهب من الشريك ومن غيره على ما بيناه وقال أبو حنيفة لا تصح هبة المنقسم من غير الشريك وبالغ وقال لو وهب الشئ المنقسم من اثنين لم يصح أيضا تذنيب يجوز هبة الأرض المزروعة دون الزرع وبالعكس وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا يجوز وليس بمعتمد مسألة لا تجوز هبة الآبق ولا الضال لان الاقباض شرط في صحة الهبة والآبق والضال لا يمكن اقباضهما وتجوز هبة المغصوب من غير الغاصب ان قدر على الانتزاع وان لم يقدر فللشافعية وجهان وتصح الهبة من الغاصب وتجوز هبة المستعار من المستعير وغيره وإذا قبض المتهب من الغاصب بإذن المالك برئ الغاصب من الضمان وكذا المستعير برئ ان اقتضت العارية الضمان بالقبض منه المأذون فيه وتجوز هبة المستأجر من المستأجر وغيره لان بيع المستأجر يجوز من المستأجر وغيره عندنا وعند الشافعية تجوز هبة المستأجر من غير المستأجر ان جوزوا بيعه والا ففيها وجهان قال بعض الشافعية لو وكل المتهب الغاصب أو المستعير أو المستأجر بقبض ما في يده من نفسه وقبل صح فإذا مضت مدة يتأتى فيها القبض برئ الغاصب والمستعير من الضمان وهذا يخالف لأصلهم المشهور في أن الشخص الواحد لا يكون قابضا ومقبضا ولو وهب غيره شيئا له في يده إما وديعة أو عارية أو غصب؟ فان اذن له في القبض تمت الهبة ولزمت وان لم يأذن له في القبض الا انه مضي زمان يمكن فيه القبض فهل يصير مقبوضا للشافعي فيه قولان وعن أحمد روايتان في اشتراط الاذن في القبض لما هو في يد المتهب بغصب أو عارية أو وديعة فقال في أحدهما بالاشتراط كما تقدم من مذهب الشافعي وفي الأخرى يلزم الهبة من غير قبض ولا مضي مدة يتأتى القبض فيها مسألة تصح هبة المجهول على الأقوى وبه قال مالك واحمد في إحدى الروايتين لأنه تبرع فصح في المجهول كالنذر والوصية ولأصالة الصحة ولانتفاء الغرر فيه وقال الشافعي لا تصح هبة المجهول وهو الرواية الثانية عن أحمد لأنه عقد تمليك لا يصح تعليقه بالشرط فلا يصح في المجهول كالبيع ونمنع المشترك وقال بعضهم الجهل إن كان في حق الواهب لم تصح الهبة لأنه غرر في حقه وإن كان من المتهب صح ولم يكن الجهل مانعا لأنه لا غرر وفي حقه فلم يعتبر في حقه العلم بما وهب له كالموصى له فإذا قال وهبتك شاة من غنمي أو قطعة من هذا الثوب أو من هذه الأرض صحت الهبة مع القبول والقبض بعد ان يعين المالك ما شاء إذا عرفت هذا فإنه يصح البراءة من المجهول مطلقا وبه قال أبو حنيفة لان المانع من البيع وشبهه انما هو الغرر فإذا رضي بالجملة فقد زال الغرر وقال الشافعي لا يصح الا انه إذا أراد ذلك قال أبرأتك من درهم إلى الف وليس بجيد لأنه اسقاط فصح من المجهول كالعتاق والطلاق وكما لو قال من درهم إلى الف وقال احمد يصح إذا لم يكن لهما سبيل إلى معرفته ولو أبرأه من مائة وهو يعتقد انه لا شئ له عليه وكان له عليه مائة ففي البراءة اشكال ينشأ من أنها صادفت ملكه فأسقطته كما لو علمها ومن انه ابراء مما لا يعتقد ثبوته فلم يكن ابراء في الحقيقة كمن باع مال مورثة وهو يعتقد حياته وللشافعي في البيع قولان وفي الابراء وجهان مسألة لا يصح تعليق الهبة بشرط على ما تقدم من أن شرطها التنجيز لأنه تمليك لعين في الحياة فلم يجز تعليقها على شرط كالبيع فان علقها على شرط لم تقع صحيحة وما روى عن النبي (ص) أنه قال إن رجعت هديتنا إلى النجاشي فهي لك محمول على الوعد ولو شرط في هبة شروطا تنافي مقتضاها مثل أن يقول وهبتك هذا بشرط ان لا تهبه أو لا تبيعه وبشرط ان تهبه أو تبيعه لم يصح الشرط وفي صحة الهبة وجهان بناء على الشروط الفاسدة في البيع ولو قال وهبتك هذا بشرط ان تهب فلانا شيئا صح لأنه لا ينافي مقتضي الهبة وكذا لو قال وهبتك هذا العبد بشرط ان تعتقه خلافا لأكثر العامة ولو وقت الهبة فقال وهبتك هذا سنة ثم يعود إلي لم يصح لأنه عقد تمليك العين فلم يصح موقتا كالبيع ولو وهب أمته واستثنى الحمل أو الشاة واستثنى صوفها صح لأنه تبرع بالام دون ما في بطنها فأشبه العتق وبه يقول في العتق احمد والنخعي وإسحاق وأبو ثور وقال أصحاب الرأي تصح الهبة وتبطل الاستثناء وليس بمعتمد لأنه لم يهب الولد فلم يملكه المتهب كالمنفصل وكالموصى به مسألة الأقوى انه يصح هبة المرهون من المرتهن فإن كان في يده صحت الهبة ولم يتوقف على تحديد اقباض ولا على مضي زمان يمكن حصول الاقباض فيه على ما مر من الخلاف بل يكفي الاستصحاب وان لم يكن في يده افتقرت الهبة إلى تجديد الاقباض وإن كان من غيره فالوجه الصحة ويقع العقد موقوفا على اجازة المرتهن فان أجاز المرتهن الهبة بطل الرهن فان رجع الواهب لم يعد الرهن وان لم يجز المرتهن بطلت الهبة وللشافعية وجهان في هبة المرهون أحدهما البطلان والثاني الصحة ثم ينظر فان بيع الرهن فقد ظهر بطلان الهبة وان انفك الرهن فللواهب الخيار في الاقباض مسألة الكلب قسمان مملوك مثل كلب الصيد والزرع والماشية فهذا تصح هبته واقباضه والثاني غير مملوك وهو كلب الهراش وهذا لا تصح هبته كما لا يصح بيعه وللشافعية في هبة الكلب وجهان أحدهما المنع كالبيع والثاني الصحة لأنه تصح وصيته فتصح هبته وكذا الخلاف بينهم في جلد الميتة قبل الدباغ وعندنا لا تصح هبته لان الدباغ غير مطهر وكذا الخلاف في الخمور المحرمة مسألة لا تصح هبة الحمل في البطن واللبن في الضرع وبه قال أبو حنيفة والشافعي واحمد وأبو ثور لأنه مجهول معجوز عن تسليمه وعلى ما اخترناه من جواز هبة المجهول لا استبعاد في صحة هبة الحمل واللبن في الضرع ويكون التسليم بتسليم الام وكذا الأقوى صحة هبة الصوف عن ظهور الأغنام وهو أحد وجهي الشافعية (العامة) بناء على صحة بيعه فإذا اذن له في جز الصوف أو حلب اللبن كان إباحة ولو وهب دهن سمسمه قبل عصره أو زيت زيتونه قبل استخراجه لم يصح وبه قال الشافعي والثوري واحمد وأصحاب الرأي لأنه بمنزلة المعدوم ولا تصح هبة المعدوم لأنه أبلغ في المنع من الذي بمنزلته كما إذا وهبه ثمرة الشجرة في السنة المقبلة أو ما تحمل امنه في العام الآتي مسألة إذا وهب صاحب الدين دينه ممن هو عليه صح وكان ابراء لمن عليه الدين ولا يشترط قبول المديون والشيخ ره تردد ههنا فقال تارة ان الابراء لا يفتقر إلى القبول بل يسقط الحق عن ذمته وان كره ذلك لقوله تعالى وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وان تصدقوا خير لكم فاعتبر مجرد الصدقة ولم يعتبر القبول وقال تعالى ودية مسلمة إلى أهله الا ان يصدقوا فاسقط الدية بمجرد التصدق ولم يعتبر القبول والتصدق في هذا الموضع الابراء وقال تارة لا بد من القبول ولو لم يقبل المبرئ الابراء لم يسقط الدين عن ذمته بمجرد اسقاط المالك وابرائه ويكون الحق ثابتا لان في ابرائه من الحق الذي عليه منة ولا يجبر على قبول المنة فافتقر إلى القبول كهبة الأعيان وللشافعية قولان كهذين أحدهما السقوط من غير قبول لأنه اسقاط حق
(٤١٦)