علمائنا ولا ان يواسي منه بشئ وبه قال الشافعي لان الأصل حراسة مال الغير وحفظه وعدم تعلق وجوب الانفاق منه وقال مالك له ان ينفق منه على العادة كالغذاء ودفع الكسرة إلى السقا واجرة المكيال والوزان والحمال في مال القراض وليس بمعتمد واما في السفر فالمشهور انه ينفق فيه كمال النفقة من أصل مال القراض إذا شخص عن البلد من المأكول والمشروب والملبوس وبه قال علمائنا والحسن والنخعي والأوزاعي ومالك وإسحاق وأصحاب الرأي والشافعي في أحد أقواله لان سفره لأجل المال فكانت نفقته منه كاجر الحمال ولأنه في السفر قد سلم نفسه وجردها لهذا الشغل فأشبه الزوجة تستحق النفقة إذا سلمت نفسها ولا تستحق إذا لم تسلم ولما رواه عن علي بن جعفر عن أخيه موسى الكاظم (ع) قال في المضاربة ما أنفق في سفره فهو من جميع المال وإذا قدم بلدة فما أنفق فمن نصيبه وظاهر مذهب الشافعي انه لا نفقة للعامل بحال وبه قال ابن سيرين وحماد بن أبي سليمى واحمد كما في الحضر لان نفقته تخصه فكانت عليه كما في الحضر واجرة الطبيب وثمن الطيب ولأنه دخل على أنه يستحق من الربح الجزء المسمى فلا يكون له غيره ولأنه استحق النفقة افضى إلى أن يختص بالربح إذا لم يربح سوى ما أنفقه فيخل بمقصود العقد والقول الثالث للشافعي انه ينفق في السفر من ماله قدر نفقة الحضر والزايد من مال القراض لان الزيادة انما حصلت بواسطته وهو الأصح عندهم وهو منقول عن مالك أيضا مسألة ولو شرط له النفقة في الحضر لزم الشرط ووجب له ما يحتاج فيه إليه من المأكول والمشروب والمركوب والملبوس وكذا لو شرطها في السفر على قول من لا يوجبها على المال اجماعا عملا بالشرط وينبغي ان يعين قدر النفقة وجنسها فلا يجوز له التخطي ولو اطلق رجع إلى العادة وكان صحيحا وبعض الشافعية اشترط تعيين النفقة وليس شيئا لان الأسعار قد تختلف وتقل وتكثر وقال احمد لا كسوة له مع الاطلاق إذا شرط له النفقة إذا عرفت هذا فان الكسوة يستحقها للاستمتاع بها على جهة الملك الصريح فلو رجع إلى البلد من سفره وعليه كسوة أو دابة ركوب كانت مردودة إلى القراض وإذا قلنا له النفقة في السفر ولم يعين المالك واختلفا في قدرها رجع إلى الاطعام في الكفارة وفي الكسوة إلى أقل ملبوس مثله وهذا كله في السفر المباح إما لو خالف المالك فسافر إلى غير البلد الذي امره بالسفر إليه فإنه لا يستحق النفقة سواء قل الربح أو كثر عن البلد المأمور به ولو احتاج في السفر إلى خف وأدواة وقربة وشبهها اخرج من أصل المال لأنه من جملة المؤنة ثم يرده بعد رجوعه إلى مال القراض مسألة لو أسترد المالك ماله وقد نض إما في الطريق أو في البلد الذي سافر إليه فأراد العامل ان يرجع إلى بلده لم يستحق نفقة الرجوع كما لو مات العامل لم يكن على المالك تكفينه وهو أظهر وجهي الشافعية كما لو خالع زوجته في السفر والثاني ان له ذلك قاله الشافعي ثم تردد فقال قولان ولا فرق بين الذهاب والعود وعن أحمد رواية كالثاني لأنه باطلاقه كأنه قد شرط له نفقة ذهابه وعوده وغره بتنفيذه إلى الموضع الذي اذن له فيه معتقدا انه يستحق النفقة ذاهبا وراجعا فإذا قطع عنه النفقة تضرر بذلك والصحيح ما قلناه وإذا رجع العامل وبقي معه فضل زاد وآلات أعدها للسفر كالممطرة والقربة وغير ذلك ردها إلى مال القراض لأنها من عينه وانما ساغ له التصرف فيها للحاجة قضاء للعادة وقد زالت الحاجة وهو أحد قولي الشافعية والثاني انها تكون للعامل وليس شيئا مسألة لو كان مع العامل مالا لنفسه للتجارة واستصحبه معه في السفر ليعمل فيه وفي مال القراض قسطت النفقة على قدر المالين لان السفر انما كان لماله ومال القراض فالنفقة اللازمة بالسفر تكون مقسومة على قدر المال وهو قول بعض الشافعية ويحتمل النظر إلى مقدار العمل على المالين وتوزيع النفقة على اجرة مثلهما وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم انما يوزع إذا كان ماله قدرا يقصد له فإن كان لا يقصد فهو كما لو لم يكن متاعه مال سوى مال القراض إما لو كان معه قراض لغير صاحب الأول فان النفقة يقسط عليهما على قدر رأس المالين أو قدر العمل فيهما والأخير أقرب مسألة كل موضع يثبت له النفقة فان المالك ان عين له قدرا لم يجز له التجاوز ولو احتاج إلى أزيد منه ولو نهاه عن الانفاق من مال القراض في السفر لم يجز له الانفاق سواء احتاج أو لا بل ينفق من خاص ماله وإذا اطلق القراض كان له الانفاق في السفر بالمعروف من غير اسراف ولا تقتير والقدر المأخوذ في النفقة يحسب من الربح فإن لم يكن هناك ربح فهو خسران لحق المال ولو أقام في طريقه فوق مدة المسافرين في بلد للحاجة كجباية المال أو انتظار الرفقة أو لغير ذلك من المصالح لمال القراض كانت النفقة على مال القراض أيضا لأنه في مصلحة القراض إما لو أقام للاستراحة أو للتفرج أو لتحصيل مال له أو لغير مال القراض فإنه لا يستحق عن تلك المدة شيئا من مال القراض في النفقة مسألة قد بينا ان العامل يستحق النفقة بالمعروف في السفر وان لم يشترط فلو شرطها في عقد القراض فهو تأكيد وزيادة توثق وبه قال الشافعي على تقدير الوجوب إما على تقدير عدم استحقاقه للنفقة فله وجهان أحدهما ان القراض يفسد كما لو شرط نفقة الحضر والثاني لا يفسد لأنه من مصالح العقد من حيث إنه يدعوه إلى السفر وهو مظنة الربح غالبا وعلى هذا فهل يشترط تقديره فيه للشافعية وجهان وهذا القول يشعر بأنه ليس له ان يشترط النفقة في الحضر وليس بجيد لأنه سايغ تدعو الحاجة إليه فجاز اشتراطه ولزم لقوله (ع) المسلمون عند شروطهم مسألة لو كان معه مال قراض لغير المالك الأول فقد قلنا إن النفقة تقسط إما على المالين أو على العملين فان شرط صاحب مال الأول النفقة من مال القراض مع علمه بالقراض الثاني جاز وكانت نفقته على الأول ولو لم يعلم بالقراض الثاني بسطت النفقة وإن كان قد شرطها الأول لأنه انما اطلق له النفقة بناء على اختصاص عمله به لأنه الظاهر ولو كان معه مال لنفسه يعمل به أو بضاعة لغيره فالحكم كما تقدم ولو شرط الأول له النفقة وشرطها الثاني أيضا لم يحصل له بذلك زيادة الترخص في الاسراف في النفقة ولا تعددها بل له نفقة واحدة عليهما على قدر المالين أو العملين مسألة لو احتاج في السفر إلى زيادة نفقة فهي من مال القراض أيضا ولو مرض فافتقر إلى الدواء فإنه محسوب عليه وكذا لو مات كفن من ماله خاصة لان النفقة وجبت للقراض وقد بطل بموته فلا يكفن من مال القراض وكذا لو أبطل القراض وفسخه هو أو المالك فلا نفقة كما لو اخذ المالك ماله لأنه انما استحق النفقة ما داما في القراض وقد زال فزالت النفقة ولو قتر على نفسه في الانفاق لم يكن له اخذ الفاضل مما لا يزيد على المعروف لأن هذه النفقة مواساة وكذا لو أسرف في النفقة حسب عليه الزائد على قدر المعروف البحث الرابع في وقت ملك الربح مسألة العامل يملك حصته المشروطة له من الربح بظهور الربح قبل القسمة وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد القولين واحمد في أحدي الروايتين لان الشرط صحيح فيثبت مقتضاه وهو ان يكون له جزء من الربح فإذا حصل وجب ان يملكه بحكم الشرط كما يملك عامل المساقاة حصته من الثمرة بظهورها وقياسا على كل شرط صحيح في عقد ولان هذا الربح مملوك فلا بد له من مالك ورب المال لا يملكه ارتفاقا ولا يثبت احكام الملك في حقه فيلزم ان يكون للعامل إذ لا مالك غيرهما اجماعا ولان العامل يملك المطالبة بالقسمة فكان مالكا كأحد شريكي العنان ولو لم يكن مالكا لم يكن له مطالبة رب المال بالقسمة ولأنه لو لم يملك بالظهور لم يعتق عليه نصيبه من أبيه لو اشتراه والتالي باطل لحديث محمد بن قيس عن الصادق (ع) قال قلت له رجل دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة فاشترى أباه وهو لا يعلم
(٢٤٢)