مبدأ العدد وأول مراتبه بخلاف الواحد مسألة لو قال له علي دراهم عظيمة أو جليلة أو جزيلة أو وافرة كان له ثلاثة وكان كقوله ثلاثة وبه قال الشافعي لان الكثرة لا حد لها شرعا ولا لغة ولا عرفا ويختلف بالأوصاف وأحوال الناس فالثلاثة أكثر من الاثنين وأقل مما فوقها فيحتمل ان المقر أراد كثيرة بالنسبة إلى ما دونها ولان الناس يختلفون فمنهم من يستعظم القليل ومنهم من يستقل الكثير فجاز ان يريد كثيرة في وهمه وظنه ويكون الثلاثة عنده كثيرة وقال أبو حنيفة لا يقبل تفسيره في الكثرة بدون العشرة لأنها أقل جمع الكثرة وقال أبو يوسف ومحمد لا يقبل أقل من مائتين لان بها يحصل الغنى وتجب الزكاة والحمل على يقين الأقل وبراءة الذمة أولي ولو قال علي دراهم كثيرة احتمل لزوم ثمانين على الرواية والوجه ما قلناه في العظيمة ولو قال دنانير كثيرة فعلى الرواية يلزمه ثمانون وعلى قول أبي حنيفة يلزمه عشرة وعلى قول أبي يوسف ومحمد يلزمه عشرون ولو قال حنطة عظيمة أو كثيرة فعلى قول أبي حنيفة يرجع إلى بيانه فيما يسمى كثيرا في العادة وعلى قولهما يلزمه خمسة أوسق ولو قال له علي مائة درهم عددا فالأقرب قبول قوله في إرادة الناقصة وقال بعض الشافعية يلزمه مائة درهم بوزن الاسلام صحاح ولا يشترط ان يكون لكل واحد ستة دوانيق وكذا في البيع ومنع من قبول مائة بالعدد ناقصة بالوزن الا ان يكون نقد البلد عددية ناقصة وظاهر مذهب الشافعية حينئذ القبول ولو قال علي مائة عدد من الدراهم فهنا يعتبر العدد دون الوزن اجماعا مسألة إذا قال له علي ألف درهم زيف جمع زائف وهي التي لم تجر فان فسر وقال أردت به انها كلها نحاس أو رصاص لم يقبل سواء فصله عن اقراره أو وصله به لان النحاس والرصاص لا يسمى دراهم فكأنه وصل اقراره بما رفعه فصار كاستثناء الكل وان فسر ذلك بما لفظه نحاس أو رصاص قال بعض الشافعية الذي يقتضيه المذهب انه ان وصل ذلك باقراره أو فصله قبل منه لان الشافعي قال ولو قال هي من سكة كذا صدق مع يمينه كانت أدنى الدراهم أو وسطها قال بعض الشافعية أدنى الدراهم هي المغشوشة وقول الشافعي ثم قال هي نقص أو زيف لم يصدق يريد إذا قال زيف جميعها رصاص أو نحاس وقال بعضهم حكم الزيف كالنقص إذا وصلها باقراره قبل وان فصلها لم يقبل وهو ظاهر كلامه في المسألة لأنه جمع بين النقص والزيف ولم يفصل والقول الأول غير لازم لان قوله أدنى الدراهم انما عاد إلى السكة لأنه قال ولو قال هي من سكة كذا لان المغشوشة خارجة عن ضرب الاسلام كالنقص فعلى ما ذكرناه إذا كان البلد يتعامل فيه بالدراهم المغشوشة ينبغي إذا اطلق ان لا يلزمه منها الا كما قلنا في النقص ولو قال غصبت ألف درهم أو له عندي ألف درهم وديعة ثم قال هي نقص أو زيف مفصولا لم يقبل وهو مذهب الشافعي كما لو قال له علي ألف درهم وقال أبو حنيفة يقبل في الغصب والوديعة لان ذلك ايقاع فعل في العين وذلك لا يقتضي سلامتها كما لو أقر بغصب عبد فجاء به معيبا وهو غلط لان الاسم يقتضي الوازنة غير الزيوف فلم يقبل منه ما يخالف الاسم كما لو قال له علي الف وما علل به باطل لأن الغصب وإن كان ايقاع فعل في عين فان ذلك يوجب وقوعه فيما سماه دون ما لا ينصرف إليه اطلاق الاسم ويفارق العيب لان العيب لا يمنع اطلاق الاسم فيه مسألة إذا قال له علي ما بين واحد وعشرة لزمه ثمانية لان ذلك ما بينهما ولو قال ما بين واحد إلى عشرة فكالأولى ولم يفرق أكثر الشافعية بينهما والوجه القطع في الأولى بالثمانية وفي الثانية احتمال ولو قال له علي من درهم إلى عشرة احتمل لزوم عشرة وبه قال محمد بن الحسن الشيباني ويدخل الطرفان فيها كما يقال من فلان إلى فلان لا يرضى أحد بكذا وقد سبق في المرافق لان الحد إذا كان من جنس المحدود دخل فيه وقد حكى ابن العاص عن الشافعي انه إذا قال له علي ما بين الدرهم إلى العشرة لزمه تسعة فعلى هذا يكون قوله مثل قول محمد بن الحسن لأنه ادخل الحد في الاقرار ولو قال قرأت القران من أوله إلى آخره دخل الطرفان أو اكلت الطعام من أوله إلى اخره دخل الطرفان فكذا هنا وهو أحد وجوه الشافعية ويحتمل وجوب تسعة وبه قال أبو حنيفة واحمد وبعض الشافعية لان الأول ابتداء الغاية والعاشر هو الحد فدخل الابتداء فيه ولم يدخل الحد ولان الملتزم زايد على الواحد والواحد مبدأ العدد والالتزام فيبعد اخراجه عما يلتزم ولان من لابتداء الغاية وأول الغاية منها والى لانتهائها فلا يدخل فيها لقوله تعالى ثم أتموا الصيام إلى الليل ويحتمل وجوب ثمانية وبه قال زفر لان الأول والعاشر حدان لا يدخلان في المحدود كما لو قال بعتك من هذا الجدار إلى هذا الجدار ولا يدخل الجداران في المبيع والمعتمد الأول وجماعة من الشافعية رجحوا الثاني لأنه لو قال لفلان من هذه النخلة إلى هذه النخلة تدخل النخلة الأولى في الاقرار دون الأخيرة وما ينبغي ان يكون الحكم في هذه الصورة كما ذكره بل هو كما لو قال بعتك من هذا الجدار إلى هذا الجدار ولو قال له علي ما بين درهم إلى عشرة فقد قلنا إنه يلزمه ثمانية لان ما بمعنى الذي كأنه قال له العدد الذي يقع بين الواحد إلى العشرة وهو صريح في اخراج الطرفين وعن الشافعي انه يلزمه تسعة لان الحد إذا كان من جنس المحدود يدخل فيه فيضم الدرهم العاشر إلى الثمانية وحكى عن القفال انه يلزمه عشرة فحصل للشافعية في هذه المسألة ثلاثة أوجه كما في قوله له علي من درهم إلى عشرة ولو قال أردت بقولي من واحد إلى عشرة مجموع الاعداد كلها لزمه خمسة وخمسون درهما وطريقه ان يزيد أول العدد وهو الواحد على العشرة فيصير أحد عشر ثم يضربها في نصف العشرة فما بلغ فهو الجواب مسألة لو قال له علي درهم في عشرة احتمل ان يكون العشرة ظرفا وأن يكون مضروبا فيها فان أراد الأول لزمه درهم كأنه قال له درهم في عشرة لي وان أراد الضرب والحساب لزمه عشرة ولو أراد بفئ مع لزمه أحد عشر درهما لان في قد ترد بمعنى مع يقال جاء الأمير في جيشه اي مع جيشه ويرجع في ذلك إليه ويقبل قوله بغير يمين لان لفظه محتمل لذلك كله وهو اعرف بمراده فان اطلق سئل فان تعذر لزمه واحد لأنه المتيقن والأصل براءة الذمة وعند الشافعية انه لو قال أنت طالق واحدة في اثنتين في قول لهم انه يحمل على الحساب وان اطلق لأنه أظهر في الاستعمال وذلك القول عايد وهنا لو قال له علي درهمان في عشرة وقال أردت الحساب لزمه عشرون وان قال أردت درهمين مع عشرة ولم يكن يعرف الحساب قبل منه ولزمه اثنا عشر لان كثيرا من العامة يريدون بهذا اللفظ هذا المعنى وقال بعض العامة لو كان عارفا بالحساب لم يقبل منه لأن الظاهر من الحساب استعمال الفاظه لمعانيها في اصطلاحهم والوجه القبول منه لاحتمال ان يستعمل مصطلحات العامة وان قال أردت درهمين في عشرة لزمه درهمان لاحتمال ما يقول ولو قال درهمان في دينار ولم يحتمل الحساب وسئل عن المراد فان قال أردت العطف أو معنى مع لزمه الدرهمان والدينار وان قال أسلمتهما في دينار فصدقه المقر له بطل اقراره لان سلم أحد النقدين في الأخر باطل وان كذبه فالقول قول المقر له لان المقر وصل اقراره بما يسقطه فلزمه ما أقر به وبطل قوله في دينار وكذا لو قال له درهمان في ثوب وفسره بالسلم أو قال في ثوب اشتريته منه إلى سنة فصدقه بطل اقراره لأنه إن كان بعد التفرق بطل السلم وسقط الثمن وإن كان قبل التفرق فالمقر بالخيار بين الفسخ والامضاء ولو كذبه المقر له فالقول قوله مع يمينه وله الدرهمان البحث الخامس في الاقرار بالظرف والمظروف مسألة الاقرار بأحد شيئين لا يستلزم الاقرار بالآخر والظرف والمظروف شيئان متغايران فلا يلزم من الاقرار بأحدهما الاقرار بالآخر لان الأصل البناء على اليقين فلا يلزم من الاقرار بالظرف الاقرار بالمظروف ولا بالعكس فلو قال له عندي ثوب في منديل أو تمر في جراب أو لبن في كوز أو طعام في سفينة أو دراهم في كيس لم يدخل الظرف في الأقارير لاحتمال ان يريد في جراب لي أو في منديل لي
(١٥٦)