الجويني انه منزل على الاكتساب التي يستقل العبد بها فاما الاكتساب التي يحتاج فيها إلى اذن السيد فان المدعي لا يستحقها إذا اعترف بخلوها عن الاذن المقصد الحادي عشر في احياء الموات وفيه مقدمة وفصول إما المقدمة ففيها مسئلتان مسألة الموات هي الأرض الخراب الدارسة التي باد أهلها واندرس وسمها؟ وتسعى ميته ومواتا وموتانا بفتح الميم والواو والموتان بضم الميم وسكون الواو هو الموت الذريع وموتان بفتح الميم وسكون الواو هو عمى القلب يقال رجل موتان القلب إذا كان أعمى القلب لا يفهم شيئا واما الاحياء فان الشرع ورد به مطلقا ولم يعين له معنى يختص به ومن عادة الشرع في مثل ذلك رد الناس إلى المعهود عندهم المتعارف بينهم كالقبض فإنه ورد في الشرع مطلقا ولم ينص له على معنى فيرجع الفقهاء فيه إلى الاستعمال المتداول بين الناس وكذا الجرز ونظايره كثيرة وكذا الاحياء وانما يظهر معناه بين الناس في عرفهم فينزل عليه ويكون المراد به في نظر الشرع كلما يعد احياء في العرف وذلك يختلف باختلاف ما يقصد عمارته من الموات وسيأتي تفصيل انشاء الله تعالى مسألة احياء الموات وهو كل منفك عن الاختصاص جايز بالنص والاجماع روى العامة عن سعيد بن زيد ان النبي صلى الله عليه وآله قال من أحيا أرضا ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق قال الترمذي انه حديث حسن ورواه مالك في موطأه وأبو داود في سننه وقال ابن عبيد البراء انه سند صحيح ويلقى بالقبول عند فقهاء المدينة وغيرهم وعن عايشة قال رسول الله صلى الله عليه وآله من أحيا أرضا ليست لاحد فهو أحق بها وعن سمرة ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال من أحاط حايطا على ارض فهي له وعن سمرة ان النبي صلى الله عليه وآله قال عادى الأرض لله ولرسوله ثم هي لكم مني أيها المسلمون يريد بذلك ديار عاد وثمود وروى أنه (ع) قال موتان الأرض لله ولرسوله ثم هي لكم مني ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر (ع) قال أيما قوم أحيوا ميتا من الأرض أو عمروها فهم أحق بها وهي لهم وعن السكوني عن الصادق (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من غرس شجرا أو حفر بئرا واديا بديا لم يسبقه أحد إليه أو أحيا أرضا ميتة فهي له قضاء من الله عز وجل ورسوله وفي الصحيح عن معاوية بن وهب عن الصادق (ع) قال سمعته يقول أيما رجل اتى في خربة؟ بائرة فاستخرجها؟ وكرى أنهارها وعمرها فان عليه فيها الصدقة فإن كانت أرضا لرجل قبله فغاب عنها وتركها واخربها ثم جاء بعد فطلبها فان الأرض لله عز وجل ولمن عمرها وفي الحسن عن زرارة ومحمد بن مسلم وأبي بصير وفضيل وبكير وحمران و عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الباقر والصادق عليهما السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من أحيا مواتا فهي له وفي الصحيح عن أبي خالد الكابلي عن الباقر (ع) قال وجدنا في كتاب علي (ع) ان الأرض لله نورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين انا وأهل بيتي الذين أورثنا الأرض ونحن المتقون والأرض كلها لنا فمن أحيا أرضا من المسلمين فليعمرها وليؤد خراجها إلى الامام من أهل بيتي وله ما اكل حتى يظهر العالم من أهل بيتي بالسيف فيحويها فيمنعها ويخرجهم منها كما حواها رسول الله صلى الله عليه وآله ومنعها الا ما كان في أيدي شيعتنا فقاطعهم على ما في أيديهم ويترك الأرض في أيديهم والاخبار في ذلك كثير من طرق العامة والخاصة وعامة فقهاء الأمصار على أن الموات تلك بالاحياء وان اختلفوا في شروطه ولان الحاجة تدعو إلى ذلك وتشتد الضرورة إليه لان الانسان مدني بالطبع لا يمكنه ان يعيش كغيره من الحيوانات بل لا بد من مسكن يأوي إليه هو وعياله وموضع يختص به فلو لم يشرع الاحياء لزم الحرج العظيم وهو منفي اجماعا تذنيب الاحياء مستحب لما فيه من السعي في تحصيل الرزق المأمور به في قوله تعالى فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه ومن اخراج العاطل من حين العطلة المشتملة على تضيع المال إلى حيز العمارة وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من أحيى أرضا ميتة فله فيها اجر وما اكله العوافي منها فهي له صدقة ولان الله تعالى لم يخلق الأرض عبثا بل خلقهما والأعيان الخارجة منها كالمعادن والمنافع المتعلقة برقبتها لمنافع سكانها الفصل الأول في المشتركات وهي أربعة الأراضي والمعادن فيها والمنافع منها والمياه فهيهنا مطالب المطلب الأول الأراضي وهو إما أراضي بلاد الاسلام أو أراضي بلاد الكفار فهيهنا بحثان البحث الأول في أراضي بلاد الاسلام مسألة أراضي بلاد الاسلام إن كانت معمورة في الحال فهي لمالكها ولا مدخل فيها للاحياء لان الاحياء لاحداث الملك هي مملوكة فإذا كانت لمسلم أو معاهد لم يجز لاحد ان يتصرف فيها الا بإذن أربابها لقوله صلى الله عليه وآله لا يحل مال امرء مسلم الا عن طيب نفس منه وقال (ع) من اخذ شبرا من ارض طوقه الله على سبع أرضين فإن كان هذا العامر مجاور العامر اخر فلا بد من حاجز بين الملكين يتميزان به وينتهي كل منهما إليه وإن كان مجاور للموات وكان حقوق الملاك فيه لم يجز لاحد ان يتعرض له بالاحياء لتعلق حق مالك العامر به وذلك مثل طريقة إلى العامر وموضع سيل مائة على ما يأتي تفصيله لنا مسألة ولو كانت ارض بلاد الاسلام خراب غير معمورة في الحال ولا فيما مضى من الزمان وهي الأرض الموات التي لا ينتفع بها لعطلتها إما لانقطاع الماء عنها أو لاستيجامها أو لغير ذلك من موانع الانتفاع وهذه للامام عندنا لا يملكها أحد وان أحياها ما لم يأذن له الامام واذنه شرط في تملك المحيي لها عند علمائنا ووافقنا أبو حنيفة على أنه لا يجوز لاحد احياؤها الا بإذن الامام لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال ليس للمرء الا ما طابت به نفس امامه ومن طريق الخاصة حديث الباقر (ع) السابق الذي حكى فيه وما وجده في كتاب علي (ع) ولان للامام مدخلا في النظر في ذلك فان من من يحجر أرضا ولم يبنهما طالبه بالبناء والترك فافتقر ذلك إلى اذنه كمال بيت المال وقال مالك إن كان قريبا من العمران في موضع يتشاح الناس فيه افتقر إلى اذن الامام والا لم يفتقر وقال الشافعي احياء الموات لا يفتقر إلى اذن الامام وبه قال أبو يوسف ومحمد لظاهر قوله (ع) من أحيى ارض ميتة فهي له ولأن هذه عين مباحة فلا يفتقر إلى اذن الامام كالاحتطاب والاحتشاش والخبر مقيد بغير المملوك لقوله (ع) في رواية أخرى من أحيى أرضا ميتة ليست لاحد وفي أخرى في حق غير مسلم وذلك يوجب تقييد مطلق حديثه ويحيى؟ عندنا ان الموات للامام فافتقر إلى اذنه وقال (ع) ليس لعرق ظالم حق قال هشام بن عروة في تفسيره العرق الظالم ان يأتي الرجل الأرض الميتة لغيره فيغرس فيها مسألة إذا اذن الامام لشخص في احياء الأرض الموات ملكها المحيى إذا كان مسلما ولا يملكها الكافر بالاحياء ولا بإذن الامام في الاحياء فان اذن الامام فأحياها لم يملك عند علمائنا وبه قال الشافعي لما رواه العامة في قوله (ع) موتان الأرض لله ولرسوله ثم هي لكم مني أيها المسلمون ومن طريق الخاصة ما تقدم في كتاب علي ولأنه كافر فلا يملك بالاحياء كالمستأمن فان عندهم إذا أحيى يصير ذميا بذلك ولان موتان الدار من حقوقها والدار للمسلمين فكانت لهم كمرافق المملوك وقال مالك وأبو حنيفة واحمد انه لا فرق بين المسلم والذمي في التملك بالاحياء لعموم قوله (ع) من أحيى أرضا ميتة فهي له ولان الاحياء جهة من جهات التملك فاشترك فيها المسلم والذمي كساير جهاته من الاحتطاب والاحتشاش والاصطياد في دار الاسلام والخبر مخصوص بما إذا لم يأذن له الامام عندهم وساير التملكات ليست معتبرة باهل الدار ولهذا يصح في المستأمن بخلاف مسئلتنا والحطب والحشيش والصيد يختلف ولا يتضرر المسلمون بان يتملكها الذمي بخلاف الأراضي وكذلك للذمي نقل (المتراب؟) من موات دار الاسلام إذا لم يتضرر به المسلمون وللشافعية وجه في أن الذمي يملك بالاحياء ان اذن له الامام فيه ولا بأس به والمستأمن كالذمي في الاحياء وفي الاحتطاب ونحوه والحربي ممنوع من جميع ذلك مسألة لو أحيى الذمي أرضا في موات دار الاسلام فقد قلنا إنه لا يملكها بذلك فان أسلم بعد الاحياء فالأقرب انه يصير كالمسلم ان قلنا
(٤٠٠)