نعم يجوز الاستعانة فان استعان زيد المجعول له بغيره إما من عبد أو غيره استحق زيد ولو قال لزيد ان رددته فلك دينار فرده زيد وعمرو لم يكن لعمرو شيئا لتبرعه ولم يلتزم المالك بشئ وان قصد عمرو معاونة زيد إما بعوض أو مجانا فلزيد تمام الجعل لأنه قد يحتاج إلى الاستعانة بالغير ومقصود المالك رد العبد بأي وجه أمكن فلا يحمل لفظه على قصر العمل على المخاطب بالمباشرة ثم ذلك الغير ان تبرع على زيد بالإعانة لم يكن له شئ وان قصد العمل بالأجرة فاستعمله زيد عليها فان عين قدر الأجرة استحق ما عينه له سواء زاد على مال الجعالة أو نقص وان لم يعين له شيئا كان له أجرة المثل على زيد وان زادت على ما حصل له بالجعالة ولو قال عمرو عملت للمالك لم يكن لزيد تمام الجعل بل ما قابل عمله ثم هل يوزع مال الجعالة على الرؤس أو على قدر العمل الأقرب الثاني وهو قول بعض الشافعية والمشهور عندهم الأول وكذا البحث لو عمل المالك مع زيد فإنه لا يستحق زيد كمال الجعالة الا ان يقصد المالك اعانته على اشكال ولو قصد عمرو العمل للمالك لم يكن له شئ سواء قصد التبرع أو الشركة في الجعل لان المالك لم يلتزم له شيئا مسألة: لو قال لزيد ان رددت عبدي فلك كذا اختص بمال الجعالة مع كمال العمل فان شاركه في العمل اثنان فان قصدا معا اعانة زيد فله تمام الجعل ولو قصدا معا العمل للمالك فلزيد ثلث الجعل لأنه عمل ثلث العمل وان قصد أحدهما اعانة زيد وقصد الآخر العمل للمالك فلزيد الثلثان وهل لزيد ان يوكل الغير لينفرد بالرد كما يستعين به اشكال ينشأ من أن الغرض تحصيل الرد من غير التعرض إلى مباشر معين ومن انه كالوكيل ليس له ان يوكل الا بالاذن ولو عمم الجعالة فقال من رد عبدي فله كذا فقد بينا ان كل من باشر الرد وانفرد به استحق كمال الجعل سواء كان واحدا أو أكثر وهل يصح لواحد ان يوكل غيره ليرد له الأقرب انه كالتوكيل في الاحتطاب والاحتشاش مسألة: لو قال لواحد ان رددت عبدي فلك دينار وقال لاخر ان رددته فلك ديناران وقال لثالث ان رددته فلك ثلثه دنانير فكل من رده منهم كان له ما جعله له خاصة ولو رده اثنان كان لكل واحد منهما نصف ما جعله له ولو رده الثلاثة كان لكل واحد منهم ثلث ما جعله له هذا إذا عمل كل واحد من الثلاثة لنفسه إما لو قال أحدهم أعنت صاحبي وعملت لهما فلا شئ له ولكل واحد منهما نصف ما شرط له ولو قال اثنان منهم عملنا لإعانة صاحبنا فلا شئ لهما وله جميع ما شرطه له ولو أعانهم رابع في الرد فلا شئ له ثم إن قال قصدت العمل للمالك فلكل واحد من الثلاثة ربع ما جعل له وان قال أ عنتهم جميعا فلكل واحد منهم ثلث المشروط له كما لو لم يكن معهم غيرهم ولو قال أعنت فلانا فله نصف المشروط له ولكل واحد من الآخرين ربع المشروط له وعلى هذا القياس ولو قال أعنت فلانا وفلانا فلكل واحد ربع المشروط وثمنه وللثالث ربع المشروط له ولو عين لاحد الاثنين وجهل للاخر فقال لزيد ان رددته فلك دينار وقال لعمرو ان رددته أرضيتك أو فلك شئ أو ثوب فرداه معا فلزيد نصف دينار ولعمرو نصف أجرة المثل لا يقال إنه لو قال من دخل داري فله دينار فدخلها جماعة استحق كل واحد منهم دينارا كاملا فليكن هنا كذلك لأنا نقول الفرق ان كل واحد من الداخلين قد صدر عنه دخول كامل كدخول المنفرد فاستحق كل واحد منهم العوض كاملا وهنا لم يحصل من كل واحد منهم رد كامل بل اشتركوا جميعا في الرد الكامل وصدر عنهم بأسرهم رد واحد فاشتركوا في عوضه ونظير الدخول ما لو قال من رد عبدا من عبيدي فله دينار فرد كل واحد منهم عبدا فان كل واحد منهم يستحق الدينار الكامل ونظير الرد ما لو قال من نقب السور فله دينار فنقب ثلاثة نقبا واحدا كان الدينار للثلاثة بالسوية مسألة: لو قال من رد عبدي من بغداد فله دينار فرده انسان إلى نصف الطريق فهرب منه لم يستحق شيئا لأنه شرط الجعل برده ولم يرده وكذا لو مات العبد بعد وصوله ولم يسلمه إلى المالك لأنه لم يرد إليه كما لو استأجره لخياطة ثوب فخاطه ولم يسلمه حتى تلف لم يستحق اجرة ولو قال من وجد عبدي فله دينار فوجده واجد ثم هرب فالأقرب انه لا يستحق لان قرينة الحال تدل على اشتراط الرد إذ المقصود الرد لا الوجدان لان الوجدان بمجرد غير مقصود للمالك وانما اكتفى بالوجدان لأنه سبب الرد فصار كأنه قال من وجد لقطتي فردها علي الفصل الثالث في الاحكام مسألة: الجعالة عقد جايز من الطرفين اجماعا لكل منهما فسخها قبل التلبس بالعمل وبعده قبل تمامه لان الجعالة تشبه الوصية من حيث إنها تعليق استحقاق بشرط والرجوع عن الوصية جايز وكذا ما يشبهها واما بعد تمام العمل فلا معنى للفسخ ولا اجر لان الجعل قد لزم بالعمل إذا عرفت هذا فان رجع المالك قبل شروع العامل في العمل أو فسخ العامل فلم يعمل فلا شئ للعامل وإن كان بعد التلبس بالعمل فعمل البعض أو قطع بعض المسافة فان فسخ العامل لم يستحق لما عمل شيئا لأنه امتنع باختياره ولم يحصل غرض المالك بما عمل وقد أسقط العامل حق نفسه حيث لم يأت بما شرط عليه العوض كعامل المضاربة إذا فسخ قبل ظهور الربح وان فسخ المالك فعليه للعامل اجرة مثله لأنه انما عمل بعوض فلم يسلم له ولا يليق ان يحبط عمله بفسخ غيره وهو أصح وجهي الشافعية والثاني ان العامل لا يستحق أيضا شيئا كما لو كان الفسخ من العامل وليس بشئ فان الفرق ظاهر ولو عمل العامل بعد الفسخ من المالك مع علمه بالفسخ فإنه لا يستحق في العمل بعد الفسخ شيئا لأنه متبرع فيه ويستحق فيما عمل قبل الفسخ ولو لم يعلم العامل بالفسخ فالأقرب انه يستحق كمال الجعالة وللشافعية خلاف بنوه على فسخ الموكل الوكالة في غيبة الوكيل وهل ينفذ تصرفاته قبل علمه بالعزل (أم لا) تذنيب:
وكما ينفسخ الجعالة بالفسخ ينفسخ بالموت فلو مات المالك قبل العمل بطلت وكذا لو مات بعد التلبس قبل اكمال العمل ولا شئ للعامل فيما يعمل بعد الموت لأنه متبرع بالنسبة إلى الوارث ولو قطع بعض المسافة فمات المالك فرده إلى وارثه استحق من المسمى بقدر ما عمل في حياته مسألة: كما يجوز الفسخ في أصل الجعالة يجوز في صفات الجعل بالزيادة والنقصان وتغيير الجنس قبل التلبس بالعمل وبعده قبل اكماله فيعمل بالجعالة الأخيرة ان وقعت قبل التلبس بالعمل فلو قال من رد عبدي فله عشرة ثم قال من رده فله خمسة فالعمل على الأخيرة وكذا بالعكس يعمل بالأخير فيه والمذكور فيه هو الذي يستحقه الراد ولو قال من رد عبدي فله دينار ثم قال بعده قبل التلبس من رد عبدي فله ثوب عمل على الأخيرة من الجعالتين ولو لم يسمع العامل الجعالة الأخيرة قال بعض الشافعية يحتمل الرجوع إلى أجرة المثل ولا بأس به إما لو كان التغيير بالزيادة والنقصان أو بالجنس بعد التلبس بالعمل فالأقرب الرجوع إلى أجرة المثل لان الجعالة الثانية فسخ للأولى والفسخ في أثناء العمل يقتضي الرجوع إلى أجرة المثل مسألة: استحقاق العامل للجعل موقوف على تمام العمل فلو سعى في طلب الآبق فرده فمات في الطريق أو على باب دار المالك أو هرب أو غصبه غاصب أو ترك العامل ورجع بنفسه فلا شئ للعامل لتعلق الاستحقاق بالرد وهو المقصود ولم يحصل وهذا بخلاف الإجارة فإنه لو استأجر ليحج عنه فتلبس بالعمل ثم مات فإنه يستحق من الأجرة بقدر ما عمل لان المقصود من الحج الثواب وقد حصل ببعض العمل بعض الثواب وهنا لم يحصل شئ من المقصود والثاني ان الإجارة لازمة يجب الأجرة فيها بالعقد ويستقر شيئا فشيئا والجعالة جايزة لا يثبت فيها شئ الا بالشرط ولم يوجد وظاهر ان الجعالة على العمل ليس كالإجارة أيضا فلو قال من خاط ثوبي فله درهم فخاطه واحد بعضه ثم أهمل لم يستحق شيئا من احتمال استحقاقه ولو مات فاحتمال الاستحقاق أقوى وإذا رد الآبق لم يكن له حبسه إلى استيفاء الجعل لان الاستحقاق بالتسليم ولا حبس قبل الاستحقاق ولو قال إن عملت ولدي القران أو علمتني فلك كذا فعلمه البعض وامتنع من تعليم الباقي فلا شئ له على