اختلفتما فيه حملتما على العرف لان ارتفاع الغرض أمكن للطويل والراكب وانخفاضه أمكن للقصير والنازل ولو اختلف العرف وتعذر الاتفاق روعي فيه أوسط الأغراض مسألة حد المسافة بالتقريب المعتاد مائتي ذراع والنادر بالتقريب ثلاثمائة ذراع فان عقد النضال على أكثر المسافة المعتادة وهي مائتا ذراع صح إذا كان مثل المتراميين يصيب منها وإن كان مثلهما لا يصيب منها لم يصح وان عقدا على أكثر المسافة النادرة وهي ثلاثمائة ذراع وكان مثلهما لا يصيب منها لم يصح العقد وإن كان مثلهما قد يصيب منها فوجهان في الصحة والبطلان من حيث امكان اصابتها كالمسافة المعتادة ومن أن النادر غرر والغرر في العقود مردود بالنهي عنه ولو شرطا مسافة معينة ثم شرعا في الرمي فطلب أحدهما الزيادة في المسافة مثل ان يلتمس على ما شرطاه وهي مائتي ذراع مثلا زيادة خمسين فامتنع الأخر من اجابته كان له ذلك ان قلنا بلزوم العقد لمقامه على عقد لازم وان قلنا بجوازه فالقول قول طالب الزيادة في الخروج من العقد بطلبها لا في الإجابة إليها وان اتفقا على الزيادة وان قلنا باللزوم لا يصح إلا بفسخ العقد الأول وتجديد ثان وان قلنا بجوازه صح وكان ذلك قطعا لاتمامه بطلب تركه والفرق بينهما على قولي اللزوم والجواز انه مع اللزوم يحتاجان إلى فسخه والى استيناف عقد ويستأنفان الرمي ولا يبنيان على الرمي المتقدم وعلى الجواز بضد ذلك كله مسألة إذا عقد النضال وشرطا صفة موضع الغرض في انخفاضه وارتفاعه أو صفة محل الإصابة في الشن أو الدايرة أو صفة الإصابة من قرع أو خسق وشرعا في الرمي على هذا الشرط ثم غرما على تغييره ليكون المنخفض من الغرض مرتفعا أو تكون الإصابة في الشن مجعولة في الدايرة أو تكون الإصابة قرعا فيصير خسقا فان التمس أحدهما ذلك وامتنع الأخر قدم قول الممتنع ان قلنا باللزوم وان قلنا بالجواز قدم قول الطالب في دفع العقد لا فيما طلب وان اجتمعتا على ذلك وقلنا بالجواز صح من غير فسخ وان قلنا بلزومه فاقسامه ثلاثة آ ما يصح ولا يحتاجان إلى فسخ عقد وتجديد اخر وهو نقل الهدف من خفض إلى دفع لان اغفال ذكره في العقد لا يبطله فيرفعان الهدف بالعقد المتقدم ب ما لا يصح الا بفسخ العقد وهو نقل الإصابة من الشن إلى الدايرة لان اغفال ذكره في العقد يبطله فصار من لوازمه ج ما اختلف فيه وهو نقل الإصابة من القرع إلى الخسق هل يحتاجان فيه إلى فسخ العقد واستيناف غيره قولان الصحة بغير فسخ الحاقا بمحل الغرض وعدمها إلا بعد الفسخ الحاقا بمحل الإصابة من الغرض مسألة عقد النضال إما ان يعقد على رشق واحد يمكن رمي جميعه في يوم واحد فيجب توالي رميه أجمع من غير تفريغ وأحوالهما فيه ثلاثة آ ان يعقداه معجلا فيلزم رمي جميعه في يوم عقده ولا يجوز لأحدهما تأخيره الا من عذر يمنع من الرمي كمرض أو مطر أو ريح وشبهه فان أخراه عن يومهما عن تراض لم يبطل العقد على القولين ب ان يعقداه مؤجلا في يوم معين فيصح عندنا لان العمل فيه مضمون في الذمة ولان عقده أوسع حكما مما عداه وهو أحد قولي الشافعية والثاني البطلان لأنه عقد على عين شرط فيه تأخير القبض فعلى الأول يكون يوم الاجل هو المستحق فيه الرمي لا يقدم قبله ولا يؤخر بعده فان أراد أحدهما تقديمه أو تأخيره من غير فسخ جاز على القولين معا ولو بدر أحدهما فرمى قبل حلول الأجل لم يحتسب له بصوابه ولا عليه بخطائه لأنه رمى لم يتضمنه العقد ج ان يعقداه مطلقا لا يشترط فيه حلول ولا تأجيل فيقتضي اطلاقه الحلول لان الاجل في العقد لا يثبت الا بشرط وان عقداه على ارشاق كثيرة لا يمكن رمي جميعها في يوم واحد كمائة رشق فاقسامه ثلاثة آ ان يشترطا فيه ما يمكن وهو ان يجعلا في كل يوم رمى ارشاق معلومة بتسع اليوم لرميها فيه غير ارهاق فهذا جايز ويختص كل يوم برمى ما شرط فيه وليس هذا بتأجيل يخرج على وجهي الشافعية وانما هو تقدير الرمي في زمانه فصح عندهم وجها واحدا ب ان يشترطا ما يمتنع بان يضيق الزمان عنه فيبطل العقد ج ان يكون العقد مطلقا لا يشترطان فيه تقدير الرمي فيلزم فيه ان يرميا في كل يوم ما يتسع له بحسب طول النهار وقصره ولا يلزم الرمي في الليل لخروجه عن معهود العمل إلى الاستراحة ولا يلزم الارهاق في رمي النهار ويكون ابتداؤه بعد طلوع الشمس وانتهاؤه قبل غروبها ويمسكان عنه للراحة بعد التعب والأكل والشرب والطهارة والصلاة وعادة الرماة يختلف في مواصلة الترامي لان فيهم من يكثر اصابته إذا أوصل لقوة يديه وشدة ساعديه ومنهم من نقل اصابته إذا أوصل لضعف يديه ولين ساعديه فإذا عدل بهما عن المواصلة والفتور إلى حال معتدلة اعتدل رميهما وتكافيا فان عرض مانع من الرمي كطروء ريح وشبههما اخر إلى زواله فان انكسر قوس أحدهما أو لان أو انقطع وتراه أو أعوج سهمه كان له الابدال ان الآلة لا يتعين ويجوز ابدالها مع صحتها فمع تغيرها أولي لكن يجوز تأخير الرمي لابدالها إذا اعتلت ولا يجوز تأخيره لابدالها إذا لم تتغير مسألة قد بينا جواز رمي الأحزاب فإذا كان كل واحد من الحزبين ثلاثة واستقرت البداية بالرمي لاحد الحزبين إما بالشرط أو قرعة فأحوالهما ثلاثة آ ان يشترطا فيه إذا رمي واحد من هذا الحزب رمى واحد من الحزب الأخر ثم إذا رمى الثاني يرمي ثان من الحزب الأخر وإذا رمى الثالث من هذا الحزب يرمي الثالث من الأخر وهو جايز بل هو الأولى لأنه أقرب إلى التكافي ب ان يشترطا ان يتقدم رماة الحزب الأولى فيرموا جميعا ثم تتلوهم رماة الحزب الثاني فيرموا جميعا وهذا جايز أيضا عملا بالشرط وان تفاضلا فيه لأجل الشرط ج ان يطلق العقد من غير شرط فالواجب إذا رمي واحدا من الحزب الأول رمى بعده ثان من الحزب الأخر ليتقابل رماة الحزبين ولا يتقدم الجميع على الجميع لان مطلق العقد يوجب التساوي وان استقر فيه التقدم لأنه للضرورة وإذا أغفل ذكر التقدم أقرع وإذا أغفل ذكر الترتيب في واحد بعد واحد لم يقرع بل يناط ذلك باختيار الزعيم (فان أطاعوه) أصحابه فذاك والا قدم قول الزعيم إن كان هو المخرج وقول أصحابه ان كانوا هم المخرجين للمال فان اتفقوا حملوا عليه والا أقرع بينهم تم الجزء الثاني عشر من التذكرة الفقهاء على يد مصنفه حسن بن المطهر بالحلة خامس شوال سنة خمس عشرة وسبعمائة ويتلوه الجزء الثالث عشر بتوفيق الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي المقصد العاشر في الغصب وفيه فصول الأول المهية الغصب اخذ مال الغير على جهة التعدي وقيل الاستقلال باثبات اليد على مال الغير عدوانا وقيل الاستيلاء على مال الغير وهو أعم من الأولين وقيل الاستيلاء على مال الغير بغير حق ولا حاجة إلى التقييد بالعدوان بل يثبت الغصب وحكمه من غير عدوان كما لو أودع ثوبا عند انسان ثم جاء اخذ ثوبا للمستودع على ظن أنه ثوبه أو لبسه المستودع على ظن أنه ثوبه وهذا أعم من الأوايل وقال بعض الشافعية كل مضمون على مسكه فهو مغصوب حتى أن المقبوض بالشراء الفاسد والوديعة إذا تعدى فيها المستودع والرهن إذا تعدى فيه المرتهن مغصوب وليس بمشهور بل المشهور ما تقدم مسألة الغصب حرام بالعقل والنقل إما العقل فلان الضرورة قاضية بقبح الظلم والعدوان والغصب نوع منه هذا عند المعتزلة والأشاعرة لم يثبتوا حكما عقليا ولا أثبتوا الحسن والقبح العقليين بل كل واقع من الله تعالى فهو حسن فلزمهم كون الكفر والظلم وجميع الفواحش حسنة لأنه لا فاعل عندهم إلا الله تعالى واما النقل فالقران والسنة المتواترة والاجماع إما الكتاب فقوله تعالى ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم وقال تعالى ان الله لا يحب المعتدين وقال تعالى ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالاثم وأنتم تعلمون وقال تعالى والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما والسرقة نوع من الغصب واما السنة فما رواه العامة عن جابر ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال في خطبة يوم النحر دماؤكم وأموالكم حرام كحرمة يومكم هذا من شهركم هذا وعن سعيد بن زيد
(٣٧٣)