الباقر (ع) من اقرض رجلا ورقا فلا يشترط الا مثلها وان جوزي أجود منها فليقبل ولا يأخذ أحد منكم ركوب دابة أو عارية متاع يشترطه من أجل قرض ورقه. مسألة: ولا فرق بين ان يكون مال القرض ربويا أو غير ربوي في تحريم الزيادة مع الشرط وعدمه مع غيره لما تقدم من أنه قرض جر منفعة بشرط فكان حراما وهو قول جماعة من الشافعية وقال بعضهم ان ما لا يجري فيه الربا تجور فيه الزيادة كما يجوز ان يبيع حيوانا بحيوانين والفرق ان ما فيه الربا يجوز ان يبيع بعضه ببعض وإن كان أحدهما أكثر صفة كبيع جيد الجوهر برديه والصحيح بالمكسر وإن كان ذلك لا يجوز في القرض. مسألة: مال القرض إن كان مثليا وجب رد مثله اجماعا فان تعذر المثل وجب رد قيمته عند المطالبة وان لم يكن مثليا فإن كان مما ينضبط بالوصف وهو ما يصح السلف فيه كالحيوان والثياب فالأقرب انه يضمنه بمثله من حيث الصورة لان النبي استقرض بكرا ورد بازلا والبكر الفتى من الإبل والبازل الذي تم له ثمان سنين وروي انه صلى الله عليه وآله استقرض بكرا فامر برد مثله وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم انه يعتبر في القرض بقيمته لأنه لا مثل له فإذا ضمنه ضمنه بقيمته كالاتلاف والفرق ان القيمة أحضر فامر به وليس كذلك القرض فان طريقه الرفق فسومح فيه ولهذا يجوز فيه النسية وإن كان ربويا ولا يجوز ذلك في البيع ولا في ايجاب القيمة في الاتلاف واما ما لا يضبط بالوصف كالجواهر والقسي وما لا يجوز السلف فيه تثبت فيه قيمته وهو أحد قولي الشافعية والثاني انه لا يجوز قرض مثل هذا لأنه لا مثل له فان قلنا إن ما لا مثل له يضمن بالقيمة وكذا ما لا يضبط بالوصف فالاعتبار بالقيمة يوم القبض لأنه وقت تملك المقترض (القرض) وهو أحد قولي الشافعية وفي الأخر انه يملك بالتصرف فيعتبر قيمته يوم القبض أيضا على أحد الوجهين وعلى الثاني بالأكثر من يوم القبض إلى يوم التصرف وقال بعض الشافعية بالأكثر من يوم القبض إلى يوم التلف فان اختلفا في القيمة قدم قول المستقرض مع يمينه لأنه غارم. البحث الثاني: في أركان القرض: أركان القرض ثلاثة الأول الصيغة الصادرة من جايز التصرف ويعتبر فيه أهلية التبرع لان القرض تبرع ولهذا لا يقرض الولي مال الطفل الا لضرورة وكذلك لا يجوز شرط الاجل لان المتبرع ينبغي ان يكون بالخيار في تبرعه وانما يلزم الاجل في المعاوضات والايجاب لابد منه وهو أن يقول أقرضتك وأسلفتك أو خذ هذا بمثله أو خذه واصرفه فيما شئت ورد مثله أو ملكتك على أن ترد بدله ولو اقتصر على قوله ملكتك ولم يسبق وعد القرض كان هبة فان اختلفا في ذكر البدل قدم قول المقترض لأصالة عدم الذكر إما لو اتفقا على عدم الذكر واختلفا في القصد قدم قول صاحب المال لأنه اعرف بلفظه والأصل عصمة ماله وعدم التبرع ووجوب الرد على الآخذ بقوله (ع) على اليد ما أخذت حتى تؤدي ويحتمل تقديم دعوى الهبة قضية للظاهر من أن التمليك من غير عوض هبة واما القبول فالأقرب انه شرط أيضا لان الأصل عصمة مال الغير وافتقار النقل فيما فيه الايجاب إلى القبول كالبيع والهبة وساير التملكات وهو أصح وجهي الشافعية والثاني انه لا يشترط لان القرض إباحة اتلاف على سبيل الضمان فلا يستدعي القبول ولا بد من صدوره من أهله كالايجاب الا ان القبول قد يكون قولا وقد يكون فعلا. مسألة: لا يلزم اشتراط الاجل في الدين الحال فلو أجل الحال لم يتأجل وكان له المطالبة به في الحال سواء كان الدين ثمنا أو قرضا أو اجارة أو غير ذلك وبه قال الشافعي لان التأجيل زيادة بعد العقد فلا يلحق به كما لا يلحق به في حق الشفيع ولأنه حط بعد استقرار العقد فلا يلحق به كحط الكل ولان الأصل عدم اللزوم إذ قوله قد أجلت ليس بعقد ناقل فيبقى على حكم الأصل وقال أبو حنيفة إن كان ثمنا يثبت فيه التأجيل والزيادة والنقصان ويلحق بالعقد الا ان يحط الكل فلا يلحق بالعقد ويكون ابراء وكذا في الأجرة والصداق وعوض الخلع فاما القرض وبدل التلف فلا يثبت فيه وقال مالك يثبت الاجل في الجميع لقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم ولان المتعاقدين يملكان التصرف في هذا العقد بالإقالة والامضاء فملكا فيه الزيادة والنقصان كما لو كانا في زمن الخيار أو المجلس ولا دلالة في الخبر إذ لا يدل على الوجوب بحمل على الاستحباب بالأصل ولا يشبه هذا الإقالة لان هذا لا يجوز ان يكون فسخا للأول وابتدأ عقد لأنه لم يوجد منه لفظ الفسخ ولا التمليك واما زمان الخيار فكذلك أيضا لان الملك قد انتقل إلى المشترى عندنا فلا يثبت الزيادة وعند الشيخ ان العقد لم يستقر فيجوز منه ما لا يجوز بعد استقراره كما يجوز فيه قبض رأس مال السلم وعوض الصرف وعلى مذهب مالك ان هذا الحق يثبت حالا والتأجيل تطوع من جهته ووعد فلا يلزم الوفاء به كما لو اعاره داره سنة كان له الرجوع قال مالك يثبت الاجل في القرض ابتداء وانتهاء إما ابتداء فبأن يقرضه مؤجلا واما انتهاء فبأن يقرضه حالا ثم يؤجله. الركن الثاني المال: مسألة: الأموال إما من ذوات الأمثال أو من ذوات القيم فالأول يجوز اقراضه اجماعا واما الثاني فإن كان مما يجوز السلم فيه جاز اقراضه أيضا وان لم يكن مما يجوز السلم فيه فقولان تقدما وهل يجوز اقراض الجواري إما عندنا فنعم وهو أحد قولي الشافعي للأصل ولأنه يجوز اقراض العبيد فكذا الجواري ولأنه يجوز السلف فيها فجاز قرضها كالعبيد وبه قال المزني وداود وأظهرهما عندهم المنع لنهي السلف عن اقراض الولايد ولأنه لا يستبيح الوطئ بالقرض لأنه ملك ضعيف لا يمنعه من ردها على المقرض ولا يمنع المقرض من اخذها منه ومثل ذلك لا يستباح به الوطي كما لا يستبيح المشترى الوطي في مدة خيار البايع ولأنه لا يمكنه ردها بعد الوطئ فيكون في معنى الإعارة للوطي وذلك غير جايز وإذا ثبت انه لا يحل وطؤها لم يصح القرض لان أحدا لا يفرق بينهما ولان الملك إذا لم يستبح منه الوطي لم يصح لأنه من المنافع المقصودة به بخلاف ما إذا كانت محرمة عليه فاشتراها لان الوطئ محرم من جهة الشرع وهنا التمليك لا يستباح به فهو بمنزلة العقد الفاسد وفي هذا انفصال عن السلم والعبد ولا يلزم المكاتب إذا اشترى أمة ونهى السلف ليس حجة ويمنع عدم استباحة الوطي والرد من المقترض لا يوجب ضعف ملكه ويمنع عدم منع المقرض من استرداد العين لان القرض عندنا يملك بالقبض وامكان الإعادة بعد الوطي لا يوجب مماثلتها للإعارة قال بعض الشافعية القولان مبنيان على الخلاف في أن القرض بم يملك وفي كيفية البناء طريقان قال قائلون ان قلنا يملك بالقبض جاز اقراضها والا فلا لما في اثبات اليد من غير مالك من خوف الوقوع في الوطي وقال بعضهم انا ان قلنا يملك بالقبض لم يجز اقراضها أيضا لأنه إذا ملكها فربما يطأها ثم يستردها المقرض فيكون ذلك في صورة إعارة الجواري للوطي وان قلنا لا يملك بالقبض فيجوز لأنه إذا لم يملكها لم يطأها. تذنيب:
الخلاف المذكور انما هو في الجارية التي يحل للمستقرض وطؤها إما المحرمة بنسب أو رضاع أو مصاهرة فلا خلاف في جواز اقراضها منه إذا ثبت هذا فإذا اقترض من ينعتق عليه انعتق بالقبض لأنه حالة الملك. مسألة: يجوز قرض الحيوان عند علمائنا وبه قال الشافعي للأصل ولان النبي صلى الله عليه وآله اقترض بكرا ورد بازلا ولأنه يثبت في الذمة بعقد السلم فجاز ان يثبت في الذمة بعقد القرض كالمكيل والموزون وقال أبو حنيفة لا يجوز القرض الا فيما له مثل من الأموال كالمكيل والموزون لان مالا مثل له لا يجوز قرضه كالجواهر والإماء ويمنع حكم الأصل على ما تقدم ولان عند أبي حنيفة لو أتلف ثوبا ثبت في ذمة المتلف مثله ولهذا جوز الصلح عنه على أكثر من قيمة التلف ولو سلمنا الحكم في الجواهر ولأنه لا يثبت في الذمة سلما بخلاف المتنازع ولو سلمنا المنع في الأمة فلان القرض ملك ضعيف فلا يباح به الوطئ فلا يصح الملك على أن الحق عندنا منع الحكم في الأصل. مسألة: يجوز اقراض الخبز عند علمائنا وهو أحد قولي الشافعية وبه قال أبو يوسف ومحمد وأحمد بن حنبل للحاجة العامة إليه واطباق الناس عليه ولان الصباح بن سيابة سأل الصادق (ع) انا نستقرض الخبز من الجيران فيه أصغر أو أكبر فقال (ع) نحن نستقرض الجوز الستين والسبعين عددا فيكون